قتل النساء: جرائم لم يعُد بالإمكان السكوت عنها

من غير المعقول أن تستمر السلطات في تجاهل الوضع القائم في اللد والرملة حيث تُقتل النساء العربيات دون أن تكون لهن حماية حقيقية أو برامج لمعالجة قضاياهن وأن تستمر وزارة التعليم بالتقصير في إدخال برامج توعويّة للمدارس.

قتل النساء: جرائم لم يعُد بالإمكان السكوت عنها

مظاهرة في اللد ضد قتل النساء (5.4.2017)

استهجنت الناشطة النسويّة سماح سلايمة- إغبارية، التعليقات التي نُشرت على صفحات الفيسبوك، بُعيد المظاهرة التي جرت مساء أول من أمس، الأربعاء، وشارك فيها عدد من النواب العرب، وناشطات من اللد والرملة ومناطق مختلفة، وعبّرت النساء عن رفضهن للعنف والقتل الذي تتعرّض له النساء بصورة يوميّة.

وانتقدت سلايمة في حديثها لـ'عرب 48' تطرُق البعض إلى عدد الرجال الذي لم يتجاوز الثمانية الذين شاركوا في تظاهرة دعم النساء التي جرت في اللد، وأكدت أنّ 'عدد المشاركين كان جيدا نسبيًا، نظرًا إلى سنواتٍ مضت، لم نكُن نحنُ النساء نرى أيُ رجُلٍ من أبناء شعبنا يُشارك في هذه التظاهرات ويدعم النساء في نضالهن وضرورة وقف شلال الدماء النازف في كافة القرى والمدن العربية'.

وأضافت سلايمة أنه 'من غير المعقول أن تستمر السلطات في تجاهل الوضع القائم في اللد والرملة حيث تُقتل النساء العربيات دون أن تكون لهن حماية حقيقية أو برامج لمعالجة قضاياهن وأن تستمر وزارة التعليم بالتقصير في إدخال برامج توعويّة للمدارس. قضية قتل النساء لم ولن تنتهِ حتى يأخُذ كل مسؤولٍ ومسؤولة دورهم في النضال لإحقاق حقوق النساء ودعمهن ومؤازرتهن لرفع الوعي والتأكيد على أنّ مصطلح 'شرف العائلة' مصطلحٌ أزيل من قاموس كثيرين من أبناء شعبنا، خاصةً أنه بات واضحًا أنّ قتل النساء ليس له علاقة بتاتًا بما أسماه البعض 'شرف العائلة'، بل إنّ مرتكبي الجرائم يتسلحون بمصطلح بائس، ليُزيل آثار جرائمه'.

صرخة من الأعماق

وقال الناشطة إيمان هواري من عكا، لـ'عرب 48'، إنه 'لا يوجد شرف للعنف ولا للجريمة، فالقتل هو جريمة بشعة تستوجِب العقاب القانوني ولا تحتمل الشعارات والتأتأة! يجب الكف عن الترويج وتقبُل المفهوم أنّ هذا النوع من العنف هو 'مميّز اجتماعي' للمجتمع العربي! فالعنف هو آفة متفشية بكل المجتمعات، ولكن لا يمكن الاختلاف بكيفية معالجته وتطبيق القانون. لا ذريعة عقائدية، اجتماعيّة ودينيّة تعطي الشرعية لهذا السلوك المُنافي للأعراف الإنسانية، إنه انتهاك سافر لأبسط الحقوق، حق الحياة للإنسان بشكلٍ عام والنساء بشكلٍ خاص! ولا تكفي الشعارات الرنّانة والخطابات المتكررة، صمت المجتمع والسّلطات المختصة بات أمرًا مخزيًا'.

ورأت أنه 'يجب التصدي لهذه الظاهرة من خلال العمل أسوةً بمبدأ 'صِفر صبر وتسامح' ضد كل مظاهر العنف والقتل من خلال تشكيل لجان محليّة مكوّنة من رجال دين، سياسيين، وممثلي الجمهور بالأحياء والبلدات العربية، حيثُ تقوم بتجنيد وحشد الجماهير ضد هذه الظاهرة من خلال محاضرات التوعية والإرشاد في المدارس والأطر التربوية والإجتماعية، ولجان كهذه من واجبها المطالبة بتنفيذ القانون بحذافيره ضد المُجرمين واستبعاد ومعاقبة كل شخص يدعم ظواهر العنف، الاعتداء والتحريض ضد أي كائن بالمجتمع، كافة والفتيات والنساء بشكلٍ خاص! وكل مَن يمّت بصلة أو علاقة مباشرة لمرتكبي هذه الجرائم! وعلى السلطات القانونية والتنفيذية المسؤولة عن تطبيق القانون وتصعيد الخطوات وفرض العقوبات وتنفيذها لكون رادعة!'.

وأضافت هواري أن 'العنف ضد النساء، مع كل أسف، هو 'صراع أزلي' بدافع وباء السيطرة والهيمنة الذكورية! كما أنّ الخوف من التغيير وتطوّر مكانة المرأة الاجتماعية، المهنية والعائلية هو ما يدفع هذا المجتمع إلى مقصلة الهاوية، بدلاً من تقبُّل عجلة التقدم والتطور ودعم النساء، يقوم بفعل عكسي للترهيب بهدف ردع نساء أخريات من المحاولة لفك قيود الحصار بحُجة اختراق وانتهاك طوق العادات والتقاليد الذكوريّة المقيِّدة!'.

مطلوب وضع برامج تنفيذيّة

وقالت د. راوية بربارة من كفر ياسيف، لـ'عرب 48'، إن 'ظاهرة قتل النساء دائرة من دوائر العنف التي تكبر وتتسع وتتداخل في بعضها البعض، فكلما فُتحت دائرة تجد أنّ دائرة العنف تتّسع ولا يُمكن إغلاقها. أن تُقتل امرأة مهما كان السبب يعني أنك مجتمع فاقد للرجولة، لا يمكن للرجل الحقيقي أن يؤذي امرأة أو أن يقتلها، لأنّ الرجولة تحتِّم أن يحبّها ويحميها ويدلّلها، والظاهر أنّ الكثير من القيم فقدناها في مجتمعنا أهمّها الرجولة، فأنا أعتبرها قيمة لأنها تعني الاتّساع والصبر والتحمُّل والتسامُح والمحبّة'.

وتساءلت د. بربارة، 'أين مجتمعنا من كل هذا؟ كيف أصبحنا فجأة، وبشكلٍ سريع، مجتمعا آيلا للسقوط؟ كيف نسمح لأنفسنا أن نعتدي على أمّنا وأختنا وزوجتنا وابنتنا وحبيبتنا؟ أليست هذه هي المرأة التي نعتدي عليها؟ ومن أعطى أي مخلوق على وجه الأرض شرعيّة الاعتداء على غيره مهما كان السبب؟!'.

ودعت إلى إعادة النظر في التربية الأسرية، وقالت إنه 'يجب إعادة النظر في تربيتنا في البيوت، وفيما نعلمه لأولادنا من قيم، وعلى الجميع التجند لمنع الجريمة القادمة، بينهم خطيب الجامع والخلوة والكاهن والمعلم والقاضي والمربي والأب، يجب أن يوجّهوا الجميع نحو القيم والتربية للقيم، وعلى القانون أن يأخذ مجراه وألاّ يفلت الجاني بفعلته. وأن يكون العقاب في قتل المستضعَف عقابًا وخيمًا. وعلى الجمعيات المناهضة للعنف وضع برامج تنفيذيّة حاليّة'.

ضعف المجتمع

وقالت الناشطة حياة بلحة أبو شميس من يافا، لـ'عرب 48'، إنّ 'قتل النساء والقتل بصورة عامة، قضية تدل على العنف وهي علامة لضعف المجتمع لدينا عامة والمجتمع الذكوري خاصةً، وجميع التسميات التي يحاولون تشويهها باسم المرأة وشرف العائلة ومصطلحات اخترعت ولم تذكر بأي دين، هذه أيضًا علامة على ضعف المجتمع الذي يدعم الرجال ويقويهم على النساء دون قاعدة إنسانيّة، اجتماعيّة ودينيّة، والشيء الثاني أنه لا جدال أنّ المشكلة لدينا نحنُ كمجتمع في تربيتنا، فهنا نلمس الصورة الخاطئة والتي يجب أن تتغيّر تجاه الإنسان كإنسان، والمرأة خاصةً، هذا التغيير يحتاج لسيرورة طويلة لتقديم توعية، والحل يكون بعدم تقاعُس الشرطة في كل ما يتعلق بقتل النساء، كما نرى اليوم، أنّ النساء تُقتل دون رادع يمنع الجريمة القادمة'.

وشددت أبو شميس على قضية التربية، وقالت إنه 'صحيح أنّ هناك تقاعس من قبل الشرطة، لكن أيضًا تربيتا على أساس 'تربية ذكورية' تعطي حقوقا للذكر على حساب الأنثى، ومنذ الصغر يعلِمون الذكر أنه مسؤول عن شقيقته، 'شوف أختك' وهذه مفاهيم خاطئة'.

التعليقات