أنا رمضان أبو رجال العربي... ولست "ستيفن هوكينج الإسرائيلي"

أدخل قرية شقيب السلام، وهي إحدى القرى السبع، التي خططتها الدولة لعرب النقب، في محاولة منها للقضاء على قضية القرى غير المعترف بها، وإبعاد الناس عن أراضيهم الأصلية.

أنا رمضان أبو رجال العربي... ولست "ستيفن هوكينج الإسرائيلي"

ليس هناك أقسى من الانتظار، لا سيما بعد اشتعال الفضول في النفس، وهذا ما حدث معي.

أدخل قرية شقيب السلام، وهي إحدى القرى السبع، التي خططتها الدولة لعرب النقب، في محاولة منها للقضاء على قضية القرى غير المعترف بها، وإبعاد الناس عن أراضيهم الأصلية.

تشتهر شقيب السلام، بحياتها الاقتصادية النابضة في المحال التجارية والصناعية المنتشرة على جانبي الطريق، بالإضافة إلى مقاهيها الفاخرة، التي تجذب الشباب، من مناطق النقب كافة، للاسترخاء وقضاء الوقت.

على جانب الطريق، من الجهة اليمنى، مشهد لقطيع من الجمال التي ترعى تحت شمس أربعينية، وعلى اليسار ثلاث دراجات نارية، وسيارة دفع رباعي تدخل إلى البلدة، والتي يغطي هديرها كلّ الأصوات الأخرى.

يسيطر الشباب على المشهد في البلدة، وذلك بسبب أنّهم 'الشريحة الكبرى' في شقيب السلام، كما عرفت البلدة بحالات العنف والجريمة والاقتتال الفردي والعائلي، وهذه إحدى الأشياء، التي عززتها سياسات الاحتلال في النقب، وذلك من خلال الضغط على السكان ودمجهم في بلدات غير مناسبة، من حيث النمط الحياتي والمساحة وفرص العمل أو الخدمات.

أنا في طريقي لمقابلة الشاب، رمضان أبو رجال، ابن قرية 'السر'، غير المعترف بها في النقب، الموجودة على بعد حوالي 100 متر من سجن بئر السبع الكبير، حيث عرف السكان القاطنون في هذه المنطقة، باسم 'عرب السجن'.

ينتمي رمضان أبو رجال، لقبيلة 'الترابين' التاريخية، والتي هجرت أجزاء كبيرة منها مع أحداث النكبة، حيث يتواجدون اليوم، في قطاع غزة والأردن وسيناء، وغيرها من شتات الأرض.

قد يكون انتقال أبو رجال للعيش في شقيب السلام بعمر التسع سنوات، قد ساعده على عيش حياة أكثر طبيعية، بسبب حالته الخاصة.

ولد رمضان مصابًا بمرض ضمور العضلات، وهو أحد الأمراض الوراثية التي تصيب الأعصاب، والتي تصيب الحبل الشوكي، وتسمى الحالة بـ'ضمور العضلات الشوكي'، ويسبب هذا المرض، ارتخاء شديدا في العضلات، مع ضمور عضلات الأطراف، وضعف عام في العضلات المتحكمة بالتنفس والبلع وغير ذلك، وعدم القدرة على التحكم بها، والذي يسبب للمريض مشاكل في التنفس والبلع والإخراج.

داخل صالون واسع، وفي بيت جميل ومتواضع، كان يجلس أبو رجال، على كرسي متحرك، استقبلني مبتسما بشوشا، في حين وقف ثلاثة شبّان آخرين لمصافحتي، وأجريت المقابلة الآتية:

من هو رمضان أبو رجال؟

أنا رمضان أبو رجال، ولدت في قرية 'السر' غير المعترف بها عام 1983، وعشت فيها حتى انتقلت مع العائلة في جيل 9 سنوات إلى بلدة شقيب السلام، أنهيت دراستي الثانوية في المدرسة الشاملة شقيب السلام، وعندما أنهيت تعليمي للمرحلة الثانوية، العام 2001 عن عمر 18 عاماً، انتقلت إلى جامعة 'بن غوريون' بئر السبع، وبدأت تعليمي الأكاديمي للقب الأول في موضوع 'الهندسة النووية'، وبعد إنهائي للقب الأول، أكملت تعليمي مباشرة حتى حصلت على اللقب الثاني أيضاً في الموضوع نفسه.

ما الصعوبات التي واجهتها؟

في نهاية اللقب الثاني عام 2008، أصابتني حالة مرضية مضاعفة، حيث كنت محتاجا إلى تركيب 'أنبوب تنفس' وذلك لضمور عضلات الرئتين لدي، وعدم قدرتها على التحرك، بسبب هذه الحالة اضطررت للبقاء في المنزل لمُدة أربع سنوات، والتي لم أكن خلالها قادرًا على الحركة.

كانت فترة صعبة على مسيرتي الأكاديمية، كنت أعلم أنه لدي الكثير لأنجزه ولم أرد خسارة أي يوم، وفي عام 2010 عدت إلى 'الأكاديميا'، حيث قررت استكمال دراستي، ولكنني من جهة أخرى، قررت تغيير موضوعي الأكاديمي، فقمت بعدة دورات استكمال ثم تخصصت في موضوع 'phisco chemical hydrodynamic'.

أكملت دراستي في هذا المجال، وتخرجت الأسبوع الماضي من جامعة 'بن غوريون'، حاملا الدكتوراة، حيث كان موضوع الرسالة، 'electro diffusion of ions'.

نشرت أربع مقالات أكاديمية في صحف علمية عالميّة، وأخذت صدى واسعا حينها.

ما الدافع والمحفز لكل هذه الإنجازات؟

بعد إنهائي للمرحلة الثانوية، لم أفكّر كثيرًا، لسلوك المسار الأكاديمي، إذ أردت أن أثبت لنفسي، مقدار قوّتي التي أعلمها جيدا، ومن جهة أخرى، ان أثبت للناس، أنّه لا ينقصني أيّ شيء.

أستطيع إنجاز الكثير، أستطيع التفوق، والصبو نحم قمم عالية لم أصلها بعد، أنا لا أرى أنّ هناك سببًا، يمكن أن يمنع تحقيق الأهداف، في حال وجود الإرادة.

العائلة والأصدقاء؟

منذ الطفولة، وحتى المرحلة الثانوية، لم أشعر يومًا بالوحدة، لقد أحاطتني العائلة بالحبّ، كما التفّ أصدقائي حولي، حتى خلال المرحلة الثانوية، كانت هناك مساحات دافئة وحميمة، فيها من التقدير والأخوة والاحترام.

المجتمع النقباوي... هل احتضن رمضان أبو رجال؟

أنا سعيد جدًا لأنّني ولدت في النقب، إنّ أكثر من أحبّ في مجتمعنا العربي هو النقب، وعلى الرغم من حدوث بعض المشاكل أحيانا هنا وهناك.

روابطنا الاجتماعية بإمكانها توفير بيئة حاضنة وداعمة لأبناء المجتمع وأفراده، وعند سماعي لأعداد الأطباء والمهندسين والممرضين وأصحاب الألقاب الجامعيّة المختلفة، ممن ينهون تعليمهم كلّ سنة في جامعات البلاد والعالم.

في حال مدت الأيادي إلى شبابنا، هو قادر على الإبداع والابتكار والإنجاز والتفوّق.

رسالتك إلى الشباب العربي؟

التعليم رسالة سامية، ويمكن القول، إنّها الطريقة الوحيدة لبناء المجتمعات السليمة، وتحسينها وتقويمها، وكلّ إنجاز فردي، هو مساهمة لبناء مجتمع أفضل، ودورنا معًا، هو الوصول إلى أفضل واقع من الممكن تحقيقه.

رمضان أبو رجال ما بعد الحصول على شهادة الدكتوراه ما هي الآفاق؟

أنا لا أرى أن شهادة الدكتوراه هي تلك المرحلة الكبيرة، أنا أرى أنها فقط بداية، لدي العديد من الخطط وآفاقي عالية جداً، أنا واثق من قدرتي على الوصول لها، وقد أتتني عدة عروض أكاديمية جيدة للاستمرار حتى الآن.

ما رأيك بالتسمية التي شاركتها صحيفة 'يديعوت احرونوت ' إنك 'ستيفن هوكينج الإسرائيلي'

أنا ضد هذه التسمية، هذه التسمية لا تعني لي الكثير، فهنا ليس واضحاً، هل سبب المقاربة إنتاجي العلمي، أم الحالة المرضيّة... ولكن على كلّ الأحوال... أنا رمضان أبو رجال العربي.

التعليقات