شعب: متحف التراث الشعبي نافذة على التاريخ والهوية

تأسس متحف التراث الشعبي "من زمان كان" في العام 2013، في قرية شعب الجليلية بمبادرة المربي د. عيسى أحمد حجاج، الذي اهتم على مدار سنوات طويلة باقتناء لوحات تراثية أثريّة هامة، تركها الأجداد خلفهم ورحلوا.

شعب: متحف التراث الشعبي نافذة على التاريخ والهوية

متحف التراث الشعبي في شعب (عرب 48)

تأسس متحف التراث الشعبي 'من زمان كان' في العام 2013، في قرية شعب الجليلية بمبادرة المربي د. عيسى أحمد حجاج، الذي اهتم على مدار سنوات طويلة باقتناء لوحات تراثية أثريّة هامة، تركها الأجداد خلفهم ورحلوا.

ويقدِّم المتحف مشاهد عن مختلف أوجه الحياة في القرية العربية الفلسطينية القديمة، ويتضمن مجموعات مثيرة للاهتمام من مقتنيات العرب البدو، كالمجوهرات والآلات الموسيقية والأسلحة ومجالس عربية أعيد بناؤها. ويحتفظ د. حجاج بعدد كبير من القطع الثمينة، التي يرجع تاريخ بعضها إلى القرن التاسع عشر.

يهتم مسؤول المتحف بتعريف الزوار على كل قطعة أثريّة موجودة في المتحف. ويُقسّم المتحف إلى ثلاثة أقسام: قسم الآثار، قسم الإثنوغرافيا وقسم الهدايا التذكارية.

وعن أهداف إنشاء المتحف، قال د. عيسى حجاج لـ'عرب 48' إنّ 'الهدف الأساس من وراء إقامة المتحف، الحفاظ على تراثنا وخوفًا عليه من الاندثار وأيضا تعريف الزائرين على تاريخ قُرانا الحضاري والثقافي، من خلال هذه المقتنيات التي استقرت في المتحف، لتأكيد قدرة الإنسان على مواجهة تحديات الطبيعة وتفاعل المجتمع المحلي مع البيئة المحيطة به'.

كيف جُمعت مقتنيات المتحف؟

د. حجاج: بعض المقتنيات جمعت من خلال التبرع أو الشراء، وتمّ ترتيب المقتنيات الموجودة في المتحف بناءً على تنوُع أنماط الحياة الاجتماعية والاقتصادية في منطقة الجليل، حيثُ قُسم المتحف إلى زوايا، تمثِّل حياة البادية وحياة المدينة والقرية والفروق بينهما. وللقهوة الشعبية مكانٌ خاص عند صاحب المتحف ولدى زواره أيضا، وهناك ركنٌ للقش والأعشاب الطبية وأدوات الزينة والملابس الشعبية. اهتممت من خلال نشاطاتي في عالم التراث على تعميق المعرفة بتراث القرية وحضارتها وأهمية تنمية الحس الوطني لدى الزائرين والطلاب، وأرغب بإقامة المعارض التراثية المتنقلة داخل وخارجها.

كيف يتم بناء جسور التعاون الثقافي والفكري؟

د. حجاج: يأتي تعزيز جسور التعاون الثقافي والفكري من خلال التعاون مع الدوائر والمؤسسات التعليمية ذات الاهتمام المشترك. من ليس له ماضٍ ليس له حاضر أيضا ولا مستقبل ومن نسي ماضيه تاه. ويأتي هذا الاهتمام العميق بالتراث الفلسطيني، لأنّ أجدادنا اهتموا به وتناقلوه عبر الأجيال، كما أنّ للتراث رائحة طيّبة تعيدنا إلى الماضي البعيد، وتجعل الصغار والكبار ينتشون بروح العزة والفخر، ليأتي دورنا بتعزيز ذاكرتنا بالماضي مما تركه لنا أباؤنا وأجدادنا من حكايات جميلة، هذا العالم الجميل الذي غاب كثيرون من أحبتنا عنه لا يزال واقعًا ملموسًا وحاضرًا، وهويةً للفلسطيني الذي حافظ على ممتلكاته وأرضه وصان إرثه ولم يبِع ما تركه لنا أباؤنا وأجدادنا من حياةٍ جميلة وعادات وتقاليد باقية.

تراثنا حياتنا

هذا ما يؤمن به د. عيسى حجاج، فهو يتمسك بمقولة أنّ 'تراثنا هو حياتنا، وقصصنا وطرائفنا ومعيشتنا'.

وطالب الجميع من خلال موقع 'عرب 48' بالحفاظ على أي تراث يمتلكونه، فهو 'جزء لا يتجزأ من حياة الفلسطيني في هذه البلاد، تراثنا فلسطيني يجب أن نعتز به ونحافظ عليه من التشويه والسرقة ونسبه لغيرنا من الشعوب'.

ماذا تفعل من أجل تعزيز التراث للأجيال الجديدة؟

د. حجاج: أولاً، أنا أقوم بجولات على المدارس، وألتقي بالمدراء، وهم أصدقائي، أقوم بشرح الفكرة وآخذ معي ألبوم صور لفعاليات الأطفال وأعرض الفعاليات التي يقوم بها الأطفال، أحدثهم عن أهمية هذا المشروع، وأدعو المدير وطاقم المعلمين لزيارة المتحف، بهدف الاطلاع وجلب الطلاب، وهذه إحدى الوسائل التي استخدمها وهي ناجحة، إذ إنّ المدراء اليوم يرغبون باطلاع الأطفال على أمور لم يروها من قبل، فالتعليم والرحلات ليست فقط رحلة سباحة أو سير في مسارات مشي، لكن التراث حسب رأيي أهم شيء لتعزيز الهوية وزيادة الوعي، ومن أجل تعزيز حب الطفل لتراث جده وجدته.

هل تجد صعوبة عند إحضار أداة جديدة تعرِف الأجيال الناشئة عليها؟

د. حجاج: أعتز أنّ هذا المشروع هو حياتي، ولديّ 3 آلاف قطعة معظمها مقتنيات من أماكن مختلفة، وبعضها أيضًا وصلتني كهدايا للاحتفاظ بها وكي لا تندثر، ونحضِر الألبوم الكامل لجميع القطع مع الأسماء، ومن أين أحضرتها ومَن تبرع بها، ويحق لهم ذكر أسمائهم.

وجدت صعوبة كبيرة في البداية، لأنّ بلادنا فقيرة جدًا بالتراث حيث لا يعي الناس أهمية مقتنياتهم القديمة فيتخلصون منها أو يهملونها.
أحتفظ اليوم بمقتنيات أثرية وتراثية جمعتها من قرى الضفة الغربية الصغيرة، التي تستعملها حتى يومنا هذا، قسم منها في سورية وقسم من غزة، فتراث بلاد الشام كله تراث واحد.

يسعدني أن الزائرين يسألون عن بعض الأسماء، مثل الجاروشة، هذه الأمور لا يمكن أن ينساها أطفالنا خاصة، ونسمح لهم باستخدامها كي نقرب من عالم تراث شعبنا وتاريخه العريق.

التعليقات