انعدام الأمان: ازدياد جرائم قتل النساء في يافا واللد والرملة

يبدو أن جرائم قتل النساء التي تقترف في الآونة الأخيرة باتت وكأنها طبيعية! فهي لا تهز المجتمع ولا تخرجه إلى الشوارع ليصرخ ضد العنف والجريمة، ويبقى صامتا، والصمت على الجرائم أيضا جريمة.

انعدام الأمان: ازدياد جرائم قتل النساء في يافا واللد والرملة

يبدو أن جرائم قتل النساء التي تقترف في الآونة الأخيرة باتت وكأنها طبيعية! فهي لا تهز المجتمع ولا تخرجه إلى الشوارع ليصرخ ضد العنف والجريمة، ويبقى صامتا، والصمت على الجرائم أيضا جريمة.  

وتشكل جرائم قتل النساء خطرا يهدد المجتمع العربي، ويصيبه بالتفكك وانعدام الأمان، في ظل تقاعس الشرطة وتخاذلها في محاربة العنف والجريمة.

عُثر في يوم الجمعة الماضي، على جثة بدت عليها علامات عنف، تعود لامرأة عربية من يافا، تدعى فتحية فخر (30 عاما).

وبحسب الشرطة فإن هناك شبهات لجريمة قتل، وعليه فقد نقلت الجثة إلى معهد التشريح القضائي لمعرفة أسباب الوفاة.

وأصدرت محكمة الصلح في بيتح تكفا، أمر حظر نشر ساري المفعول حتى العشرين من تموز/ يوليو الجاري، بعد أن تقدمت الشرطة بطلب حظر النشر حول أي من تفاصيل التحقيقات وكذلك بينات هوية المشتبه بهم.

تغيير الواقع

رأت الناشطة النسوية ومديرة مدرسة يافا الديمقراطية، ميري قبطي، أنّ ازدياد جرائم القتل ظاهرة خطيرة ومؤسفة جدا، وقالت لـ'عرب 48' إنه 'يصعُب على مجتمعنا استيعابها ومعرفة الأسباب التي تدفع أي إنسان، رجل أو امرأة إلى ارتكاب جريمة قتل ضد أفراد مجتمعنا'.

ميري قبطي

وأضافت قبطي أن 'أي خطأ صغير قد يتراكم في العائلة ويجعل أبناء مجتمعنا يفكرون أولا وقبل كل شيء بالانتقام من خلال ممارسة العنف، إذ يعتقد القاتل أنّ العنف هو الحل، فقد اعتاد كثيرون من قبله على اللجوء عند حدوث المشاكل إلى التفكير الخاطئ الذي يوصل لاستنتاجات خاطئة وتتكرر ممارسة العنف وتتسع رقعة الجرائم في مجتمعنا، دون تفكير، بل إنّ هناك مَن يُغلق باب التفكير تمامًا، ليستبدل التفكير بالأخطاء ثم تزداد وتستفحل'.

وعن كيفية تغيير واقعنا من خلال التربية، أوضحت قبطي أن 'أصعب قضية يمرّ بها مجتمعنا في الفترة الأخيرة هي سعي الرجال إلى السيطرة مِن قبل المجتمع الذكوري، إذ يُقرر الرجل أخذ القانون بيده، وهذا التصرف مرفوض في قضية اجتماعية أخلاقية تربوية، تلزمنا جميعًا كمربين ومسؤولين عن تربية أبناء مجتمعنا بالتدخُل، رغم أنّ للشرطة دور فرض قوانين عقاب شديدة، كي يعرف المجتمع أنّ هناك جريمة ارتُكبت ويجب معاقبة فاعلها'.

وأكدت أنه 'يجب أن يكون التغيير في مجتمعنا بشكل جذري، فهناك مَن يتحمل مسؤولية التربية، وهناك مَن يتحمل سوء أعماله، وعلى المعلم أن يكون نموذجًا بناءً يستفيد منه الكبار والصغار، ويجب أن يتم احترام الإنسان لأخيه الإنسان، وفي حال ارتكب أحدنا خطأ معينا فيجب ألا نعطي شرعية للمخطئ بل يجب محاسبة الكبير والصغير، وإلا فإنّنا سنفقد السيطرة على أبنائنا، خاصةً أنّه على الكبير احترام الصغير دون اعتماد السيطرة التي قد تُساهم في تجريد الطفل مِن مشاعره الإنسانية وجعله يتبع الخطأ'.

وأشارت قبطي إلى أنه 'على المربين اعتماد أسلوب الحوار والتفاهم وإعطاء الطفل الفرصة ليتعلم، ويستفيد من أخطائه، وإذا ما تصرف بشكلٍ عنيف، فلأنه لا يعرف ماذا عليه فعله، فتجده يذهب إلى العنف ليعبر عن نفسه، فبعض المربين لم يصلوا إلى تعليم أسلوب الحوار للأطفال، ما يجعل الفتى في سن 18 عامًا تحت الرقابة، وإذ به يتحرر فكريًا من الحكم الأبوي، ويلجأ كما تصرف والده معه إلى ممارسة أساليب غير مناسبة'.

بين نمط الحياة التقليدي والحداثة

سماح سلايمة إغبارية

وقالت قبطي إنّ 'أهالي اللد، الرملة ويافا يعيشون نمط الحياة العربية التقليدي، لكن في فترةٍ معينة لمس العرب في هذه المدن أنّهم عزلوا عن واقعهم الذي لا يُشبههم، وبسبب خوف كثيرين من الحداثة والعولمة تعود بهم الأفكار القديمة غير الصحيحة، خوفًا من أن نتغير، لذا تجدنا نتمسك بأشياء غير منطقية، ولا نملك في المجتمع مراكز تطورنا وتساهِم في تقدمنا، إذ لا نزال متقوقعين خوفًا من التقدم والحرية والتحرر بسبب تأثير المجموعات اليهودية، لنجد أنفسنا نتراوح بين المبادئ والأخلاقيات والبحث عن الحرية'.

واكتفت الناشطة النسوية، سماح سلايمة إغبارية، بالقول لـ'عرب 48' إنّ 'التفاصيل المتعلقّة بالمرحومة فتحية فخر لا تزال غير مكتملة، وسيتم الكشف عن تفاصيل أخرى، فور لقاء الأهل في يافا، للاطلاع على التفاصيل الكاملة'.

تجدر الإشارة إلى أن المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني شهد في الآونة الأخيرة تصاعدا في جرائم قتل النساء، وتشير الإحصائيات إلى مقتل 7 نساء عربيات منذ مطلع العام الجاري 2017.

التعليقات