تعدد الزوجات وتزويج الطفلات: معركة على وجه المجتمع

اعترضت المؤسسات النسوية على توصيات التقرير التي تسمح بالمس بحقوق النساء، وطالبت بعدم إقرار أي خطة تشرعن إيذاء المرأة ومكانتها وكرامتها في ظل القانون ما يسيء للمجتمع بأكمله ويعطل نضالا طويلا قادته ضد تعدد الزوجات منذ أعوام.

تعدد الزوجات وتزويج الطفلات: معركة على وجه المجتمع

(توضيحية)

*تشكيك بجدية السلطات الإسرائيلية في مكافحة الظاهرة
*جمعيات نسوية تنتقد عدم مشاركة أي نائب عربي في جلسة النقاش حول تعدد الزوجات


يعتبرُ القانون الدولي تعدد الزوجات ظاهرة تميّز ضد النساء، وتشكل انتهاكا أساسيا لحقوق الإنسان، إضافة للمس بحقوق النساء.

ويُستدل من تقرير قدّمه طاقم يضم ممثلين عن الوزارات الإسرائيلية، قبل عدة أسابيع، يشمل توصيات ومعطيات جديدة تنشرُ، لأوّل مرّة، بهدف "بلورة" خطة عمل لمواجهة تعدد الزوجات، بموجب قرار الحكومة الإسرائيلية الذي صدر في كانون الثاني/ يناير 2017، بمبادرة وزيرة القضاء المعروفة بمواقفها العنصرية تجاه العرب، أيليت شاكيد، أن "6200 عائلة متعددة الزوجات تعيش في مناطق مختلفة من البلاد، بما فيها هضبة الجولان ومدينة القدس المحتلتين"، وأن "75% من الرجال متعددي الزوجات قد تزوجوا من امرأة ثانية فقط".

ولا يثق المجتمع العربي بالرواية الإسرائيلية، ويشكك بجدية هدف السلطات في منع تعدد الزوجات وتزويج الطفلات، وخصوصا في منطقة النقب.

وبدورها، تواصل لجنة العمل للمساواة في قضايا الأحوال الشخصية العمل على مكافحة ظاهرة "تعدد الزوجات وتزويج الطفلات" في المجتمع العربي.

وفي هذا الشأن، شاركت مركزة لجنة العمل للمساواة في قضايا الأحوال الشخصية، آية زيناتي، ومديرات جمعيات "نساء ضد العنف"، "معًا" من النقب وجمعية "نعم- نساء عربيّات في المركز" مطلع الأسبوع الماضي، في جلسة اللجنة البرلمانية لرفع من مكانة المرأة برئاسة النائبة عايدة توما- سليمان، حيث تداولت التقرير الوزاري المفصل الذي نشر، مؤخرا، حول ظاهرة تعدد الزوجات، إلى جانب ممثلي كل من المحاكم الشرعية، وزارات القضاء، الاقتصاد، الرفاه الاجتماعي، التربية والتعليم، الصناعة، جمعيات نسوية، ناشطات حقوقيات نقباويات وغيرها.

وقالت اللجنة من خلال ورقة موقف طرحتها زيناتي، في مداخلتها إن "الجمعيات النسوية ترفض توصيات التقرير المتعلقة بتصاريح الزواج المزمع منحها في 'حالات خاصة'، كما ذكر في البند 84 كالمرض المزمن، العقم، وفاة الزوج وتزويج المرأة بسلفها (أخ الزوج)".

وأضافت أن "سياسة تشريع تعدد الزواج كلها مهينة للمرأة وتحفز وتعزز الظاهرة ولا تحد منها، والأهم من ذلك أنها تحط من قيمة المرأة ككيان قائم لتلد وتهدم الزوجة والأولاد ويمكن المساس بكرامتها إذا لم تستطع أداء إحدى الوظائف تلك. كما أن التوصيات المتعلقة بتعليم اللغة العبرية من أطر الطفولة المبكرة لا علاقة لها بتعدد الزوجات أو عدم تشجيع الشباب البدو من الانتساب لمعاهد التعليم العالي في مؤسسات الضفة الأكاديمية لأن هذه الظاهرة تشكل 'تهديدا استراتجيا' على مستوى النقب وتشجع تعدد الزوجات! وفي هذا التقرير شاهدنا كيف تتمثل الفوقية الإسرائيلية على المواطنين الفلسطينيين في النقب وبشكل عام، حيث يقر البحث أن إصلاح الأوضاع بالنقب من الممكن فقط في حالة 'تأسرل' النقب ليخرج إلى المجتمع الإسرائيلي 'المتنور' من الظلمات التي يعيش فيها، وهذا أخطر ما جاء في التقرير بنظر الجمعيات النسوية العاملة في الائتلاف".

وأكدت زيناتي أنه "بالإضافة للمآخذ والمخاطر التي أشرنا إليها في ورقة الموقف، تنوه لجنة الأحوال بأن بعض التوصيات المتعلقة بمستحقات التأمين، التعليم والعمل، التي ذكرت في التقرير الوزاري مهمة لكل فئات المجتمع وليس فقط للمجتمع البدوي في النقب وأن اختبار جدية التوصيات يتمثل بالميزانيات المقرة التي خصصت لها الخطط التي وضعت لتطبيقها على أرض الواقع، فقد عهدنا هذا النوع من التوصيات سابقا وكيف آلت إليها الأمور فيما بعد".

وقالت الناشطة في جمعية "معا" بالنقب، صفاء شحادة، إن "مشكلتنا مع ممثلي وزارة التربية والتعليم الذين يمنعون أي نشاط توعوي في المدارس ضد الظاهرة، بحجة أننا جمعيات نسوية، وكأن النسوية باتت كلمة ذم وشتم. والآن يوصون بالاهتمام بقضايا التعليم لمكافحة الظاهرة، ونحن نتساءل من الذي سيقوم بتنفيذ هذه البرامج في المدارس؟ مؤسسات حكومية، يهودية أم دينية؟".

وقالت مديرة جمعية نساء ضد العنف، نائلة عوّاد، إنه "لا يمكن الفصل بين حقوق النساء وحقوق الإنسان. فإن النساء في القرى غير المعترف بها، وهناك تنتشر الظاهرة أكثر، لا يتمتعن بالحقوق الأساسية من السكن والتعليم والمواصلات الكهرباء والماء. فهناك خط واضح يفصل بين سياسة الدولة لتهويد النقب وتشريد أهله إلى وضع النساء الفلسطينيات بالنقب".

وطالبت بمشاركة النساء في التخطيط والتوصيات المتعلقة بالتمكين الاقتصادي والتوجيه المهني.

وانتقدت جمعية نعم- نساء عربيّات في المركز، سماح سلايمة، عدم مشاركة أي نائب عربي في النقاش المهم، باعتبار أن القضية هي نسوية وليست مجتمعية، وأن جدول الأعمال "الذكوري" لا يشكل قضايا مثل قضية تعدد الزوجات.

كما "شكرت" اللجنة الوزارية على تقديم خطة مفصلة لتعزيز القيادات المحليه القبائلية التي ترتكز أساسا على العرف والعادات أكثر من النصوص الدينية والشرائع.

وقالت سلايمة إن "هناك فرق بين رؤساء القبائل والعشائر ومرجعيتهم وبين المحاكم الشرعية ودورها في تنظيم المجتمع. فكيف لرجل متعدد الزوجات أن يكون مستشارا إعلاميا لوزارة العدل وشارك في إعداد التقرير؟ وما شكل التوصيات التي أدلى بها؟ ومع الأهمية البالغة التي وردت في التقرير حول موضوع تشغيل النساء وتعزيز مكانتهن الاقتصادية فهناك تساؤلات كبيرة عن أنواع الشركات والمبادرات الاقتصادية التي تنوي الحكومة تمويلها مثل الخدمات التليفونية والمطابخ الجماهيرية التي تُبقي المرأة البدوية تحت خط الفقر مع أدنى الأجور وترقى برجال الأعمال عاليا بتمويل حكومي على حساب دافع الضرائب من عامة الشعب".

واعترضت المؤسسات النسوية في لجنة الأحوال على توصيات التقرير التي تسمح بالمس بحقوق النساء، وطالبت بعدم إقرار أي خطة تشرعن إيذاء المرأة والحط من مكانتها وكرامتها في ظل القانون مما يسيء للمجتمع بأكمله ويعطل نضالا طويلا قادته المؤسسات النسوية ولجنة الأحوال منذ سنوات للحد من آفة تعدد الزوجات.

وأكدت اللجنة أنها تعمل حاليا على وضع "خطة لمناهضة ظاهرة تعدد الزوجات وتزويج الطفلات" من خلال مشروع قُطري بتمويل الاتحاد الأوروبي تشارك فيه 4 جمعيات وهي: نساء ضد العنف في الناصرة ، جمعية السوار في حيفا، جمعية نعم في المركز، ومعا في النقب، وذلك إيمانا منها أن "التغيير المجتمعي يأتي من الداخل والعمل المستمر في مجالات التوعية والتربية إلى جانب تحدي سياسات الحكومة الحاليّة وسابقاتها".

وشددت لجنة العمل للمساواة في قضايا الأحوال الشخصية والتي تضم ناشطات وحقوقيات، وجمعيات: نساء ضد العنف، كيان- تنظيم نسوي، السوار- حركة نسوية عربية، منتدى الجنسانية- المنتدى العربي لجنسانية الفرد والأسرة، معًا- جمعيات عربية نسائية في النقب، نعم- نساء عربيات في المركز، جمعية الزهراء للنهوض بمكانة المرأة، ومركز الطفولة- مؤسسة حضانات الناصرة، على أهمية مواصلة النضال في سبيل منع تعدد الزوجات وتزويج الطفلات العربيات.

التعليقات