17/11/2018 - 16:38

شحادة: سنحافظ على المشتركة ولن نسمح بالعربدة والاستقواء والاستعلاء

حكومة نتنياهو استنفدت مداها واستقالة ليبرمان تحصيل حاصل * الانتخابات القادمة لن تأت بتغييرات جدية في الخارطة السياسية الإسرائيلية * الحديث عن خيبة أمل من المشتركة مبالغ فيه ولا أتوقع تراجعا في نسبة التصويت

شحادة: سنحافظ على المشتركة ولن نسمح بالعربدة والاستقواء والاستعلاء

* حكومة نتنياهو استنفدت مداها واستقالة ليبرمان تحصيل حاصل
* الانتخابات القادمة لن تأت بتغييرات جدية في الخارطة السياسية الإسرائيلية

* الحديث عن خيبة أمل من المشتركة مبالغ فيه ولا أتوقع تراجعا في نسبة التصويت
* لا تغيير في التركيبة والتمثيل لأنهما ما زالا يعكسان القوة الفعلية للأحزاب على الأرض


أحدثت استقالة وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، تصدعا في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، مع اقتراب نهاية ولاية حكومة نتنياهو الرابعة، وعجلت موعد الانتخابات البرلمانية التي ستجري، كما يتوقع، في شهر آذار/مارس المقبل.

وكانت استقالة وزير الأمن الإسرائيلي الأكثر تطرفا قد وقعت تحت وطأة صواريخ المقاومة الفلسطينية في غزة، بغض النظر عما إذا كانت احتجاجا على تكبيل يديه من قبل رئيس حكومته الذي اختار التوصل إلى وقف لإطلاق النار، أم مناورة سياسية انتخابية أراد من خلالها الخروج بماء الوجه بعد سنتين ونصف لم يحقق خلالهما أي إنجاز أمني يذكر، رغم تهديداته وجعجعاته قبل وخلال توليه منصب وزير الأمن.

وتتنافس الأحزاب الإسرائيلية، وخاصة الواقعة في ناحية يمين الخارطة السياسية، فيما بينها على المواقف الأكثر تطرفا تجاه الفلسطينيين، ومدى استعداد كل منها لتوجيه ضربات مميتة لهم، مقاومين ومدنيين، لعلمهم أن تلك "البطولات" هي أكثر ما يجلب لهم أصواتا في صناديق الاقتراع.

هذا التنافس هو ما يفسر الحرب الكلامية التي دارت عشية وخلال جولة القتال الأخيرة مع غزة، بين جناحي اليمين المتطرف الديني بقيادة نفتالي بينيت، والعلماني بقيادة ليبرمان، وكذلك مطالبة بينيت بحقيبة الأمن بعد استقالة ليبرمان. وهو ما يفسر أيضا صمت أحزاب "اليسار- الوسط" ومزايدتها على نتنياهو، واتهامه بالعجز أمام صواريخ المقاومة.

حول تناقضات الساحة الإسرائيلية الداخلية وعلاقتها بالصراع الإسرائيلي- الفلسطيني وتداعيات استقالة ليبرمان والانتخابات القريبة واصطفافاتها، وعن موقع الأحزاب العربية ومستقبل القائمة المشتركة وتركيبتها الداخلية كان هذا الحوار مع د. إمطانس شحادة، الباحث في الشأن الإسرائيلي وأمين عام التجمع الوطني الديمقراطي:

عرب 48: بات من الواضح أن استقالة ليبرمان التي زعزعت الائتلاف الحكومي وحققت هدفها المعلن، بإجراء انتخابات مبكرة يجري الحديث أنها ستكون في آذار/ مارس المقبل؟

شحادة: أولا من المفيد أن نوضح، وقد أشرت لذلك في دراسة نشرت بعد انتخابات 2009، أن المنافسة على رئاسة الحكومة في إسرائيل باتت تنحصر داخل ما يسمى بمعسكر اليمين، بعد أن كانت على مدى عقود بين معسكر اليمين ومعسكر اليسار- الوسط.

من هنا فإن المنافسة داخل أحزاب معسكر اليمين باتت أكثر حدة، وخاصة بين تلك التي ترى أنها تمتلك مقومات المنافسة الحالية أو المستقبلية على رئاسة الحكومة، ومن يريد أن يتنافس داخل المعسكر يجب أن يتميز عن الحكومة وعن رئيسها، وهذا ما فعله ليبرمان، وهذا ما يقوم به بينيت عندما يزايد على ليبرمان ونتنياهو معا.

ويرى كل من ليبرمان وبينيت أنه يمتلك مقومات المنافسة المستقبلية على رئاسة الحكومة، فليبرمان أراد حقيبة الأمن كخشبة يقفز منها إلى رئاسة الحكومة وفشل، كما يبدو، وبينيت ما زال يسعى إلى الخشبة ذاتها للوصول إلى الهدف ذاته.

خطوة ليبرمان كانت ضربة لنتنياهو في الخاصرة الرخوة (القضية الأمنية)، واستقالته مؤشر على أن الحكومة الحالية استنفدت مدتها، بعد أربع سنوات كانت خلالها جميع مركباتها حريصة على تثبيتها وصيانتها من خلال التأكيد على المشتركات بين أحزابها لأن المصلحة تتطلب ذلك، وعندما اقترب موعد الانتخابات صارت هناك حاجة لتفكيك الائتلاف، وإبراز الاختلافات والخلافات للاستفادة منها انتخابيا قدر الإمكان.

عرب 48: الساحة السياسية العامة والسياسية الحزبية تشهد شبه غياب للمعارضة، فخلال جولة القتال الأخيرة مع غزة صمت أقطابها، بل وزايدوا على نتنياهو واتهموه بالعجز أمام حماس (تصريحات يائير لبيد وتسيبي لفني)، وفي المستوى المحلي نرى تمحور النقاش بين أحزاب الائتلاف في معسكر اليمين؟

شحادة: من الواضح أن هناك إجماعا إسرائيليا حول القضايا الأساسية المتعلقة بالقضية الفلسطينية وطابع الدولة والنظام الاقتصادي. بالنسبة للقضية الفلسطينية هناك توافق على رفض العودة لحدود 67 وعدم إزالة المستوطنات وعدم الانسحاب من شرقي القدس وعدم عودة اللاجئين، وبالنسبة للدولة هناك توافق على الدولة اليهودية الصهيونية، وبالنسبة للنظام الاقتصادي هناك توافق على النظام الرأسمالي النيوليبرالي.

من جانب آخر، فإنهم في الممارسة العملية لا يختلفون في التعامل العسكري مع المقاومة الفلسطينية والعربية. زعيمة المعارضة تسيبي لفني كانت شريكة في ممارسة مثل هذا الإجرام، وكذلك عمير بيرتس وغيره من أقطاب حزب العمل.

هذا التوافق في المواقف وفي الممارسة مسح الفروق التي كانت قائمة، حتى ولو شكليا بين معسكر اليمين ومعسكر اليسار الوسط الذي أخذ يفقد مبرر وجوده، مخليا الساحة للمنافسة داخل معسكر اليمين ذاته، وهي منافسة شخصية على رئاسة الحكومة داخل حزب الليكود أو بين مركبات معسكر اليمين ذاته كما أسلفنا.

عرب 48: ولكن حماس خرجت منتصرة من هذه الجولة؟

شحادة: في المستوى العسكري نعم، لكن في المستوى السياسي هناك خشية من أن إسرائيل تجر حماس إلى لعبة قد تؤدي إلى ترسيخ الانقسام الجغرافي والسياسي بين الضفة والقطاع، لعبة خلق مشروعين وكيانين فلسطينيين هشين وضعيفين ومتناقضين.

إسرائيل تجيد اللعب على التناقضات الفلسطينية الداخلية بين غزة والضفة، وبين فتح وحماس، وبالتالي لن يخرج أي طرف رابحا من هذه اللعبة سوى إسرائيل، بينما سيخسر الفلسطينيون مشروعهم الوطني.

وهذا الوضع يؤثر على الفلسطينيين في الداخل حيث يصير الاعتدال مطلوبا، اعتدال فارغ من أي مشروع بل ينطوي على القبول بالمشروع الصهيوني. فماذا يعني الاعتدال والمساواة من دون مشروع متحد للمشروع الصهيوني بالقيم والممفاهيم؟ مشروع متحد لأن المشروع يواجه بمشروع بديل وليس بتعديلات داخل المشروع، ولكن حتى قانون القومية لم يقنع البعض بطرح مشروع بديل.

مظاهرة ضد "قانون القومية" في تل أبيب

عرب 48: ولكن أنتم موجودون في القائمة المشتركة ذات السقف المنخفض بنظر العديد، والتي ظهرت مربكة، إن لم نقل عاجزة، في التصدي لقانون القومية؟

شحادة: لا سقف مشتركا للقائمة المشتركة، هناك انفراد بالمواقف، والتجمع يتنازل حفاظا على الوحدة، لأن القائمة المشتركة مشروعنا، فقد سبق أن توصلنا إلى تفاهمات مع الحركة الإسلامية عشية انتخابات 2015، ولكن فضلنا أن تكون الجبهة أيضا، ودفعنا ثمنا لها أكثر مما تستحقه لكي تكون في القائمة المشتركة، لأننا نؤمن بوجوب قيام قائمة عربية مشتركة.

واليوم نحن نرى بأن القائمة المشتركة كمشروع ضرورة يجب تعزيزها، ولا نتعامل معها كمنصة لزيادة تمثيلنا البرلماني فقط، ولكن إذا كانت الحالة السياسية ستضعف يجب أن نسأل إلى أين نحن ماضون، وما هو مشروعنا؟ فالقضية ليست قضية خدمات ولا قضية إنجازات فقط. وأعتقد أن الأحزاب السياسية ناضجة كفاية لمعرفة ما إذا كانت النتيجة تخدم المشروع الوطني الفلسطيني أم لا.

عرب 48: نستطيع القول إن القائمة المشتركة فشلت في امتحان إسقاط مشروع القومية والتصدي له؟

شحادة: لا، القائمة المشتركة لم تقف عاجزة، بل عملت ما في إمكانها عمله، ربما كان التوقيت مهما، وكان يجب العمل ضد القانون ولأجل إسقاطه قبل المصادقة عليه، ولكن القائمة المشتركة عملت ما بوسعها في المستويات الجماهيرية والدولية للتصدي للقانون وفضح عنصريته.

عرب 48: في الانتخابات المحلية أيضا لم تسجل القائمة المشتركة أي حضور، علما أن الانتخابات ميزت بغياب السياسة وتراجع الأحزاب؟

شحادة: على العكس، الأحزاب في هذه الانتخابات عادت أكثر من السابق للسلطات المحلية، أما بالنسبة للقائمة المشتركة فما كان بالإمكان التوصل لاتفاق بين جميع مركباتها في مختلف البلدات، ولذلك كان تغييبها خيارا عقلانيا.

عرب 48: انتخابات الكنيست أصبحت على الأبواب، هل ستستمرون بالقائمة المشتركة؟ وهل تتوقع تغييرات بتركيبتها؟

شحادة: أولا في السياسة لا شيء مضمونا مئة في المئة، ولكن النية تتجه لصيانة القائمة المشتركة والحفاظ عليها وتعزيز تمثيلها، ونحن في التجمع نرى في المشتركة، كما أسلفت، جزءا من مشروعنا، ورغم أننا ظلمنا في التمثيل، وظلمنا في التناوب، فقد حافظنا على وجودها، ولن ننتظر مكافأة على ذلك من أحد، ولكن في الوقت نفسه لن نسمح بالعربدة والاستقواء والاستعلاء من أحد.

عرب 48: هل تتوقع تغييرا في توازنات القوى أو دخول مركبات جديدة؟

شحادة: يتوقع أن يكون تغيير في الوجوه، ولكن ليس في المركبات المشكلة للقائمة، كذلك لا أتوقع تغييرا جوهريا في التوازنات التي تحكم مركباتها.

عرب 48: هناك فئات قد تطالب بالانضمام إلى المشتركة على غرار مطالبة الأكاديميين في الانتخابات الماضية، وكذلك هناك من يقول "إن ما كان لن يكون" ويطالب بقلب معادلات التمثيل داخل المشتركة؟

شحادة: الأكاديميون يستطيعون الانخراط عن طريق الأحزاب، هذه هي الطريقة الصحيحة والمتبعة وقد جرى حسم هذا الموضوع منذ الانتخابات الماضية، أما بالنسبة للتمثيل فإنه يعكس الواقع على الأرض، والأحزاب العربية تعرف قوة كل طرف وهو ما تمت مراعاته لدى تركيب القائمة وما سيبقى.

"مخيم الهوية" الذي ينظمه التجمع سنويا

عرب 48: هناك خيبة أمل من أداء المشتركة، وهذا قد ينعكس على نسبة التصويت؟

شحادة: الناخب العربي يعرف عندما ينتخب الأحزاب العربية أنها تذهب إلى المعارضة، ولذلك فهو لا يتوقع منها تغيير قوانين وإحداث انقلابات، ولكن يتوقع منها أن تدافع عن حقوقه وعن هويته، وحماية المجتمع الفلسطيني في الداخل.

نحن نعرف أن هناك إجماعا في الكنيست، ولكن، على الأقل، سيكون هناك أناس يسمعون صوتك ويمثلون مصالحك، ويقولون إن هذه الدولة ليست دولة يهودية، وإن هناك شعبا أصلانيا. أناس يمثلونه أمام المؤسسات الدولية، ويعملون على تنظيم المجتمع الفلسطيني.

أعرف أن الناخب العربي يريد قائمة مشتركة أقوى وأحزابا عربية أقوى في البرلمان، ويريد بعض الإنجازات التي بالإمكان تحقيقها في القضايا اليومية والمعيشية، وهو ما علينا العمل على إنجازه بشكل دائم لنكون عند حسن ظنه.

التعليقات