الناصرة "مش سالكة": أزمة سير واختناقات مرورية

تبلغ أزمة السير والاختناقات المرورية في مدينة الناصرة، خلال فترة الأعياد، حدودا قصوى لا تحتمل، الأمر الذي ينعكس في تذمر السائقين والركاب الذين تعطلت مشاريعهم وبرامجهم، فالسبت الماضي، مثلا، ظل السائقون قابعين في سياراتهم لساعات طويلة، خاصة أولئك الذين كانوا يقصدون العين

الناصرة

"الناصرة مش سالكة" كانون الأول 2018 (تصوير "عرب 48")

تبلغ أزمة السير والاختناقات المرورية في مدينة الناصرة، خلال فترة الأعياد، حدودا قصوى لا تحتمل، الأمر الذي ينعكس في تذمر السائقين والركاب الذين تعطلت مشاريعهم وبرامجهم، فالسبت الماضي، مثلا، ظل السائقون قابعين في سياراتهم لساعات طويلة، خاصة أولئك الذين كانوا يقصدون منطقة عين العذراء.

وعجت صفحات التواصل الاجتماعي بصور وفيديوهات ساخرة أحيانا، ومؤلمة في أحيان أخرى، فهي بالتالي "أزمة" لا تطاق، ولا يستطيع أولئك بسبب أزمة السير تعيين أي موعد أو لقاء لأنهم لا يعلمون إن كانوا سيصلون أو متى يصلون!

تفاقم أزمة السير

أزمة السير والاختناقات المرورية باتت أبرز "معالم" مدينة الناصرة، وفي يوم السبت الأخير بلغت ذروة جديدة، حيث أصبحت أزمة السير بالمدينة تنعكس بشكل مباشر على مدينة "نتسيرت عيليت" المجاورة التي شهدت كافة مداخلها المترابطة مع الناصرة عند الشارع الالتفافي اختناقات مرورية لم تعرفها هذه المدينة في تاريخها، وقد استغرق وصول سكانها إلى هدفهم ساعات طويلة.

وسادت أوساط السائقين حالة من التذمر، لدرجة أن بعضهم قاموا بركن سياراتهم على جانب الطريق، وفضلوا المشي على الأقدام ثم العودة إلى السيارة في ساعة متأخرة حين تخف حدة الأزمة.

ومن الجدير بالذكر أن بلدية الناصرة والشرطة على علم مسبق بأن المدينة تستقبل عشرات آلاف الوافدين إليها في هذه الفترة من كل عام، وقد أعلنت أنها أتمت استعداداتها، وأنها جاهزة لاستقبال الآلاف، في حين اتضح أن هذه الجاهزية تقتصر فقط على إطفاء بعض إشارات المرور في منطقة عين العذراء، وربما إغلاق بعض الشوارع في محيط هذه المنطقة من قبل الشرطة، وخاصة في الأيام التي تشهد سوقا للميلاد أو مسيرات احتفالية.

وفي مثل هذه الفترة من كل عام، فترة أعياد الميلاد، تصل إلى مدينة البشارة عشرات آلاف السائحين من الداخل والخارج، لمشاهدة الأجواء الاحتفالية وشجرة الميلاد الأكبر في البلاد والشرق والأوسط. هذا الـ"تسونامي" البشري من الوافدين "يُغرق" المدينة بالسيارات ويتسبب باختناقات مرورية يصعب وصفها بالكلام، حين يرى السائق نفسه وسط "بحر" من المركبات المقبلة من جميع الاتجاهات، ويرى اللون الأخضر في الإشارات الضوئية يضيء وينطفئ عشر مرات وهو لا يستطيع أن يتقدم مترا واحدا إلى الأمام، وحتى سيارات الطوارئ، الإسعاف والشرطة، تقف عاجزة حيال هذه الأزمة!

وكانت أزمة السير في الناصرة يوم السبت الأخير، حدث الأسبوع في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عجت الشبكة بالتعليقات الساخرة بمعظمها، ونشر الكثيرون صورا وتعليقات لأشخاص عرضوا صورا لهم وهم يقودون سياراتهم في فترة الشباب، مقابلها عدة صور تظهر وجوههم وقد بدت عليها التجاعيد واكتسى شعرهم الشيب وهم داخل سياراتهم، وكتبوا عليها تعليقات "من مفرق كذا إلى منطقة كذا في الناصرة"!

تخطيط مهني للسر والمواصلات

ومن المفارقات أن في مدينة الناصرة يقع مكتب المهندس ألبير أندريا، وهو واحد من أهم وأبرز المهندسين المتخصصين في تخطيط السير والمواصلات، إلا أن بلدية الناصرة لم تطلب حتى اليوم الاستعانة بخبرته وطاقاته وإبداعاته في هذا المجال، وتكتفي بمحاولة إيجاد حلول تقليدية وبائسة أحيانا لأزمة السير، بينما تستعين بخدماته معظم البلديات من أقصى الشمال إلى الجنوب في البلاد!

المهندس ألبير أندريا

وقال المهندس ألبير أندريا، لـ"عرب 48": "أستطيع أن أفهم أن البلدية تتعامل مع مكاتب تخطيط لديها الخبرة، ولكن ليس لديها كفاءات عالية وتعمل بشكل تقليدي لا تجيد الإبداع في هذا المجال، لكن المشكلة حسب رأيي تكمن في لجان التخطيط التي لو تم تفعيلها بالشكل الصحيح لكانت قد استفادت من خبرة ومهارات أبناء المدينة من المتخصصين. أنا شخصيا كنت على استعداد لتقديم المشورة لو دعيت لهذه اللجان بصفتي ابن المدينة وأستطيع أن أكون عضوا متطوعا في هذه اللجنة".

وحول ما إذا كانت هنالك حلول عينية لأزمة السير التي تحدث في مثل هذه الأيام من كل عام، بسبب الأعياد المجيدة، قال المهندس أندريا إن "أزمة السير والاختناقات التي تحدث كل نهاية أسبوع في الناصرة تستدعي تحضير خطة طوارئ فورية تشمل تخصيص موقفين عامين للمركبات في جنوبي وشمالي المدينة. وفي إطار هذه الخطة تعمل البلدية على إعلان وترويج وتوجيه وإرشاد الوافدين إلى المدينة بالتوجه إلى هذين الموقفين المخصصين لهم ومن ثم تقوم حافلات عامة 'شاتل' تعمل بشكل مكوكي وتصل إلى هذين الموقفين كل ربع ساعة بنقل الزوار والوافدين إلى ثلاث أو أربع محطات مركزية داخل المدينة. وهذا الحل لا يحتاج إلى ميزانيات كبيرة ولا يستغرق وقتا لإنجازه".

وأكد المهندس أندريا أن "شبكة الشوارع في مدينة الناصرة غير قادرة على استيعاب الكم الكبير والمتزايد من المركبات التي تصل إليها نهاية كل أسبوع، والعديد من المدن القديمة في مختلف أنحاء العالم يتبنى فكرة الجولات المكوكية للحافلات العامة التي تنقل الوافدين إلى المراكز الرئيسية للمدينة، ذهابا وإيابا".

وأضاف أن "هذه الحلول تحفظ لسكان المدينة جودة حياتهم وتكفل لهم حرية الحركة، وتقلل من الاختناقات المرورية بنسب عالية، وهي قليلة التكلفة، حيث أنها لا تحتاج إلا لتخصيص مساحات تابعة للبلدية حتى لو كانت ترابية أو مواقف موجودة أصلا مثل موقف 'دودج' أو موقف 'ماعتس' في نتسيرت عيليت قرب فندق 'رمادا' يمكن للبلدية استئجاره ليوم أو يومين في الأسبوع".

وبصفة عينية، قدّم المهندس أندريا نموذجا حيا يمكن لكل مواطن يعيش في الناصرة أن يتخيله، وقال: "يجب أن تكون الحافلات المكوكية مميزة بلون أو شكل خاص بحيث يمكن لكل سائح أن يميزها. هذه الحافلات تنطلق كل ربع ساعة من موقف 'دودج' على سبيل المثال باتجاه شارع مسمار ثم إلى عين العذراء مرورا بدوار الشهداء وسط المدينة، ثم شارع توفيق زياد، والعودة إلى موقف 'دودج'. هذه الدائرة تمكّن السواح من الوصول إلى شجرة الميلاد وكنيسة الروم في منطقة العين، وتمكنهم كذلك من الوصول إلى كنيسة الكاثوليك ومنطقة الكازانوفا والبلدة القديمة دون جهد وعناء ودون إقحام أنفسهم في أزمة سير واختناقات مرورية".

التعليقات