النفايات في قرى النقب: تلوث بيئي وتجاهل سلطوي

يعاني سكان 35 قرية عربية مسلوبة الاعتراف إسرائيليا، من الإهمال وانعدام الخدمات والملاحقة والترهيب المستمر وهدم المنازل من قبل السلطات الإسرائيلية.

النفايات في قرى النقب: تلوث بيئي وتجاهل سلطوي

حرق النفايات يتسبب بأضرار بيئية بالنقب (تصوير "عرب 48")

يعاني سكان 35 قرية عربية مسلوبة الاعتراف إسرائيليا، من الإهمال وانعدام الخدمات والملاحقة والترهيب المستمر وهدم المنازل من قبل السلطات الإسرائيلية.
وفي ظل واقع المعاناة المستمر يبقى أكثر ما يميز القرى مسلوبة الاعتراف في النقب، نقص الخدمات الأساسية في البعض وانعدامها بشكل كامل في غالبيتها.
وتمنع السلطات الإسرائيلية المسؤولة عن التنظيم والبناء في النقب العرب من الحصول على خدمات الكهرباء، ويعتبر توفير مياه الشرب أشد معاناة لهم، حيث يضطر أهالي القرى العربية مسلوبة الاعتراف من الشراء بشكل مباشر من شركة المياه بأسعار مضاعفة، وتوفير طرق نقل المياه على نفقتهم الخاصة.

ليس توفير احتياجات الحياة اليومية هو المعاناة الوحيدة لعرب النقب، في القرى مسلوبة الاعتراف وقرى مجلسي القيصوم وأبو بسمة الإقليميين التي تم الاعتراف بها بعد العام 2000 دون تغيير في الحالة الخدماتية للقرى، وبقيت هذه القرى عالقة في المعاناة الحياتية ونشأت أوضاع غير إنسانية فيها بحكم المصاعب الحياتية على الأهالي واضطرار المواطن العربي للمعاركة على عدة جبهات لتوفير القوت ولقمة العيش وحماية العائلة من مصاعب الحياة اليومية.

ولا تكتفي إسرائيل بمنع الاحتياجات الأساسية عن عرب النقب، بل تصدر للعالم رواية كاذبة، عن التطوير في القرى العربية وتوفير الخدمات والتحسين المستمر لجودة الحياة فيها.
وفي بحث أجراه "عرب 48" تتناقض معطيات إسرائيلية تم تقديمها للجنة الاقتصاد والمساواة الاجتماعية في الاتحاد الأوروبي حول التطوير في النقب، مع الواقع الحياتي في القرى العربية المخططة ومسلوبة الاعتراف في النقب.
ويبدو النموذج الأكثر قربًا لشرح الكذب في الرواية الإسرائيلية هو قضية تصريف النفايات في القرى مسلوبة الاعتراف وقرى القيصوم وواحة الصحراء، إذ ادعت السلطات الإسرائيلية استثماراها 40 مليون شيقل  من خلال "خطة التطوير الخماسية للنقب"، في تطوير بنية تحتية لتصريف النفايات والتخلص من التلوث البيئي في قرى النقب بين الأعوام 2013 و2017.  

ورد تقرير مدني شارك فيه مركز "عدالة" القانوني لحقوق الأقلية العربية في النقب ومنتدى التعايش، على ادعاءات السلطات الإسرائيلية بأن الخطة الخماسية لتطوير النقب ما هي إلا أداة لفرض التهجير القسري، ويصب معظم التمويل والمقدر بمبلغ 1.25 مليار شيكل في سياق تطوير آليات فرض القانون في النقب، وتعزيز البلدات الاستيطانية اليهودية والمنشآت العسكرية وتطويرها في النقب، كما تستثني الخطة الخماسية القرى العربية مسلوبة الاعتراف من مساعي التخطيط والتطوير، بشكل شبه كامل.

رواية زائفة

ويرى العرب في النقب أن رواية التطوير زائفة وأن السلطات تستثني قرى النقب بشكل كامل، بل وتحاربها بالميزانيات التي تدعي تخصيصها لتطوير النقب.

جلال أبو بنية

وقال عضو اللجنة الشعبية في قرية وادي النعم والناشط السياسي، جلال أبو بنية، لـ"عرب 48" حول رواية السلطات في تطوير بنى التخلص من النفايات في القرى: "حسب رأيي إن رواية الدولة غير معقولة وتضيء لدينا ضوءا أحمر. تقوم إسرائيل بملاحقة عرب النقب وتنظم المخططات التهجيرية لقرى كاملة، وفقط منذ أيام قليلة تم الإعلان عن مخطط لتهجير 36 ألف مواطن من عرب النقب من بيوتهم، وإذا كانت الدولة تدعي التطوير في الخارج فهي تقوم بالتهجير في الداخل وتخصيص الميزانيات لجمع القمامة غير معقول في حين أن الميزانيات الوحيدة التي نراها هي في تغيير وتطور آليات الهدم وسيارات الشرطة". وأضاف: "ليس التخلص من النفايات في القرى مسلوبة الاعتراف هو أهم القضايا لوجود قضايا أشد صعوبة وبسبب شبح الهدم الذي يلاحق كل عربي، ولكن النفايات هي أزمة حقيقية تتنكر لها الدولة، ففي حين قد تصل نفايات المصانع الكيماوية إلى قرانا العربية تبقى الطريقة الوحيدة للتخلص من النفايات لدينا هي الحرق الذي يسبب التلوث والمشاكل الصحية بدون بديل آخر".  

محمد أبو قويدر

وعن معاناة أهالي قرية الزرنوق مسلوبة الاعتراف من النفايات، قال الناشط السياسي، محمد أبو قويدر، لـ"عرب 48" إن "لنفايات أزمة حقيقية في قرية الزرنوق، وأكبر مثال على ذلك هو وادي الزرنوق التاريخي الذي سميت القرية على اسمه، والذي تحول إلى مكب للنفايات حيث يقوم متعاقدون بإلقاء النفايات فيه بالإضافة إلى الأهالي الذين لا يملكون العديد من الخيارات لتصريف النفايات".

حرق النفايات

وقال أبو قويدر إن "موضوع النفايات في شكله الحالي هو ضرر كبير لحياتنا، قد تتم مخالفة المواطنين لإلقاء النفايات في أماكن بعيدة عن سكنهم، وهو أسلوب يسبب ضررًا بيئيًا بطبيعة الحال، والوسيلة الأخرى لتصريف النفايات هي الحرق، وهي أداة تؤثر على جودة الحياة بشكل مباشر، وفي بعض الليالي لا نستطيع النوم بسبب الدخان والرائحة ما يؤثر علينا وعلى أطفالنا بأشكال صعبة".

وحول ادعاء السلطات استثمار 40 مليون شيكل، أكد أبو قويدر: "لم نر أي استثمار ولم يتغير أي شيء على قرية الزرنوق منذ سنوات، والحال يزداد سوءا".

طالب العمور

وعن منطقة النقب الغربي، قال الناشط السياسي، طالب العمور، من قرية السرة مسلوبة الاعتراف لـ"عرب 48" إن "الطريقة الوحيدة للتخلص من النفايات في قرية السرة هي دفنها، فقد قمنا بحفر بئر في قرية السرة مخصص لطمر النفايات، وهي الطريقة الوحيدة للتخلص من القمامة بسبب خطورة حرقها والتلوث والأضرار البيئية التي تنعكس سلبا على الأطفال، ويعتبر تكوين الحفر لدفن النفايات خطيرا أيضًا لإمكانية سقوط الأطفال فيها أو إصابتهم بسببها".

وأضاف أنه "إذا اقترب أحد إلى الشارع الرئيسي بنية التخلص من النفايات واكتشفت السلطات أمره فإنه يتعرض لمخالفات باهظة ومساءلة قانونية رغم عدم وجود أي بديل، والتطوير الوحيد الذي نراه في منطقتنا وفي قرية السرة هو التوحش في أوامر الهدم واستفزازات السلطات للمواطنين".

 

التعليقات