الحي المنسي بالناصرة: إهمال وانعدام خدمات

يعتبر حي الروم في الناصرة أحد أقدم أحياء المدينة، وفي مرحلة ما في قديم الزمان كان واحدا من أرقى الأحياء، إلا أن هذا الحي أهمل منذ عشرات السنين وعانى طيلة فترة إدارة البلدية السابقة برئاسة رامز جرايسي،

الحي المنسي بالناصرة: إهمال وانعدام خدمات

حي الروم بالناصرة، شباط 2019 (تصوير "عرب 48")

يعتبر حي الروم في الناصرة أحد أقدم أحياء المدينة، وفي مرحلة ما في قديم الزمان كان واحدا من أرقى الأحياء، إلا أن هذا الحي أهمل منذ عشرات السنين وعانى طيلة فترة إدارة البلدية السابقة برئاسة رامز جرايسي، من الإهمال والتهميش لسبب بسيط ألا وهو أن الرئيس يسكن في هذا الحي. ولكي لا يقال بأن الرئيس يهتم في المحيط الذي يسكن به ويهمل الأحياء الأخرى فلم يشهد الحي أي مشروع تطوير على الإطلاق رغم النواقص الجمة التي يعاني منها.

ولا يزال الحي مهملا وتنقصه كافة الخدمات في فترة الرئيس الحالي، علي سلام، وذلك لأن الحي محسوب على رئيس البلدية السابق، رامز جرايسي، وهو بمثابة المعقل الأكبر لجبهة الناصرة الديمقراطية في كل انتخابات بلدية، ولذلك فإنه محروم من الخدمات!

انعدام الخدمات

أهالي الحي يدعون أنهم لا يحصلون على أي خدمات من البلدية سوى جمع النفايات بشكل يومي ومنتظم. أما النواقص فلا تعد ولا تحصى، وتبدأ في البنية التحتية التي لم تشهد أي تغيير أو تحسين منذ عشرات السنين، أو في عدم توفر مواقف منظمة للسيارات، ظروف الشوارع السيئة والضيقة والمنحدرات الخطرة التي تشكل عائقا أمام السائقين من سكان الحي وخارجه، فالسائح أو الزائر لمدينة الناصرة، أو لمنطقة عين العذراء تحديدا، من منطقة حيفا والشمال مستعينا بتطبيق "وايز" أو "غوغل مابس" لا بد له من المرور عبر حي الروم ومنحدراته الخطيرة التي لا يعرف مثيلا لها في أي بلدة أخرى. وعدد الوافدين إلى المدينة بالمئات ولربما بالآلاف في نهاية الأسبوع مما يتسبب بأزمة سير خانقة لسكان الحي والمارين منه.

أما في مناسبات الأعياد المجيدة خاصة لدى أبناء طائفة الروم الأرثوذكس، وفي فترة سوق الميلاد، فإن الحي يغلق تماما ويصبح سكانه سجناء بيوتهم، وإذا كانوا خارج بيوتهم فإنهم يصلون إليها بعرض بطاقات هوياتهم أمام الشرطة التي تغلق كل منافذ الحي، ولا تسمح إلا للسكان بالدخول إليه، في حين لا يكون بإمكانهم الخروج منه حتى في حالات الطوارئ، وذلك نظرا لأن كنيسة البشارة للروم تقع في وسط هذا الحي، وفي ساحاتها ومحيطها تقام البرامج والفعاليات الدينية والفنية المتعلقة بالأعياد.

أزمة ومعاناة

وقال أحد سكان الحي لموقع "عرب 48" إنه "إذا كان ضيق الشوارع وأزمة السير وأزمة المواقف تجعل الحي بوضع صعب، فإن المعاناة الأشد خطورة تكمن في قيام بعض الناس باتخاذ زاوية من الحي (محاذية لجدار مقبرة الروم) وتحويلها إلى مجمع كبير للنفايات، وحين تتراكم هذه النفايات بشكل كبير يأتي شخص مجهول ويشعل النار في النفايات، وترتفع ألسنة اللهب في المكان أحيانا لتلتهم أشجار المقبرة وأسلاك الكهرباء الممتدة فوقها الأمر الذي يستدعي تدخل طواقم الإطفاء للسيطرة على الحريق، وهذا الأمر تكرر عشرات المرات دون أن تتخذ أية خطوة من أية جهة لوضع حد لهذا الخطر".

وقال مواطن آخر من سكان الحي، إن "أزمات حي الروم لا تنتهي ومن كان يعتقد بأن هذا الحي كان مفضلا لدى البلدية السابقة أو يعطى أفضلية لدى إدارة البلدية الحالية فهو واهم تماما، وأنا أدعوه ليشاهد بأم عينه مياه الصرف الصحي وهي تجري على عرض شوارع الحي، أو أن يتوجه إلى المسؤولين في قسم الطوارئ في البلدية واتحاد المياه للسؤال عن عدد الشكاوى التي تتم معالجتها أسبوعيا، بسبب تدفق مياه المجاري في منحدر 'أم إيلي' والمنحدر الموازي له المجاور للمدرسة الإنجيلية".  

تنظيم حركة السير            

معظم الذين تحدثوا لموقع "عرب 48" من سكان الحي رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب شخصية، لكنهم قالوا إن كل ما يجري الحديث عنه واضح للعيان، وأكدوا أنهم لم يشاهدوا رئيس البلدية في هذا الحي منذ سنوات رغم قربه من بناية البلدية قبل انتقالها إلى المبنى الجديد. أضف إلى ذلك فإن كل المشاريع التي نفذتها البلدية في السنوات الأخيرة غُيّب منها حي الروم، ولم يشهد الحي أي مشروع يذكر باستثناء مشروع تنظيم السير عن طريق طلاء الأرصفة باللونين الأبيض والأحمر، وتطبيق نظام تحرير المخالفات، الأمر الذي قوبل بمعارضة شديدة من قبل إدارات بعض المؤسسات الكائنة في الحي ومعظمها تابعة لطائفة الروم الأرثوذكس، لكن رغم المعارضة فقد تم تطبيق نظام حركة السير على الرغم من عدم توفر مواقف مجانية لروّاد هذه المؤسسات والعاملين فيها. 

وتطرق سكان حي الروم مشكلة أخرى، هي انقطاع التيار الكهربائي في الشوارع لأسباب يجهلونها، وقالوا إنه بين الحين والآخر يحدث انقطاع عن أعمدة الإضاءة، ووسط الظلام الدامس قد ينفذ مخالفو القانون أعمالا جنائية وسرقات تحت جنح الظلام.

أما عن المشاريع المستقبلية التي أعلنت عنها البلدية في السنوات الخمس المقبلة، فقال أهالي حي الروم إنها تستثني وتتجاهل حي الروم بشكل مطلق، حيث لا يوجد أي تخطيط لمشروع في الحي، وعلى الرغم من الحاجة الماسة للأرصفة والبنى التحتية ومواقف السيارات وشبكة المجاري والتخلص من المكاره البيئية، فإن عين البلدية على تعزيز مكانة الأحياء المهمشة، وهذا جيد، لكن ليس على حساب تهميش الأحياء المنسية أصلا!

وقال أحد سكان الحي لموقع "عرب 48" إنه "بادرت قبل سنوات مع أهالي الحي لتشكيل لجنة للحي من أجل العمل معا، وبمبادرة ذاتية أيضا عملنا للتخلص من المكاره البيئية وتنظيف الحي وتحويل هذه المكاره إلى أحواض زهور وترسيم مواقف السيارات، إلا أن المبادرة كانت محدودة جدا، وقمنا بعمل تطوعي محدود في الحي، ولكنه لم يتكرر".

وأضاف: "أرى أن مثل هذه المبادرة قد تسهم ولو بالقليل في تحسين ظروف الحي، لكن المعظم فضلوا بأن تعمل هذه اللجنة بالتنسيق مع البلدية، لكي تقوم البلدية بمساندة اللجنة، إلا أن المشروع توقف عند هذه الفكرة، ولم تخرج إلى حيز التنفيذ بسبب انصراف كل شخص إلى أعماله، وغياب المبادرين الذين هم على استعداد للتضحية بالوقت والجهد من أجل تطوير الحي".

بلدية الناصرة: لا تعقيب

وتوجه مراسل "عرب 48" إلى رئيس بلدية الناصرة وحاول التحدث، مرارا وتكرارا، للحصول على تعقيب منه، بعد أن قال مساعد الرئيس والناطق بلسان بلدية الناصرة، سالم شرارة، إنه "ليست لدي أجوبة، وأفضل التوجه مباشرة لرئيس البلدية".

وسنقوم في "عرب 48" بنشر تعقيب رئيس بلدية الناصرة، علي سلام، إذا ما وصلنا لاحقا. 

      

التعليقات