"لن يتوقف حمام الدم في ورشات العمل ما لم تتوفر آلية الردع"

يُستدل من الإحصائيات المتوفرة أن عدد الذين لقوا مصارعهم في حوادث عمل بالبلاد منذ مطلع العام الجاري 2019 ولغاية اليوم بلغ 18 عاملا، منهم 9 ضحايا عملوا في ورشات بناء. وبلغ عدد المصابين 31 مصابا.

(توضيحية)

تمثل بعض ورشات العمل في البلاد مقصلة موت للعمال، ومن فترة لأخرى تزداد خطورتها، وسط إهمال واستهتار من قبل الحكومة والمؤسسات ذات الصلة.

ويُستدل من الإحصائيات المتوفرة أن عدد الذين لقوا مصارعهم في حوادث عمل بالبلاد منذ مطلع العام الجاري 2019 ولغاية اليوم بلغ 18 عاملا، منهم 9 ضحايا عملوا في ورشات بناء. وبلغ عدد المصابين 31 مصابا، بينهم 7 مصابين وصفت إصاباتهم بأنها خطيرة.

كما تبين أن غالبية ضحايا حوادث العمل من العمال العرب في الداخل ومن الضفة الغربية والعمال الأجانب، والمقلق في الأمر انعدام الوقاية وإجراءات الرقابة الكافية داخل ورشات العمل.

المطلوب توفير الأمان والسلامة للعمال في أماكن العمل

وقال المسؤول في جمعية "عنوان العامل" بالناصرة، المحامي رامي شومر، في حديث لموقع "عرب 48" اليوم، الاثنين، إن "حوادث العمل وفي فرع البناء، على وجه الخصوص، لن تنخفض، وقد تزداد حدة وخطورة، ما دامت السلطات لا تقوم بتطبيق القانون، وفرض عقوبات رادعة وغرامات مالية عالية على المقاولين والمشغلين الذين لا يوفرون السلامة والأمان للعمال".

وأضاف أن "غياب آلية الردع سواء بالإدانة بالمحاكم أو بفرض غرامات باهظة على المشغلين لن يوقف حمام الدم في ورشات العمل".

وأشار شومر إلى أن "حياة العامل، اليوم، لا تساوي بضعة آلاف من الشواقل في المحاكم ولدى المشغلين، وقد آن الأوان لوزارة العمل ومديري السلامة والأمان والشرطة والمحاكم بأن تستخدم صلاحياتها بكل قوة وحزم، لوقف هذه المهزلة التي باتت تحصد أرواح العمال بالجملة".

رامي شومر

وبيّن أنه "منذ مطلع العام قُتل 18 عاملا في أماكن عملهم، نصفهم في مجال البناء، ما يعني أن مخاطر العمل في مجال البناء تعادل سائر المجالات الأخرى، الصناعة والتجارة والزراعة مجتمعة معا. وأن المسبب الرئيس لهذه الحوادث هو السقوط من علو أو عن ارتفاع، وآخر هذه الحوادث كانت خلال اليومين الماضيين حيث قتل الشاب إبراهيم عبدو (19 عاما) من الناصرة، وضامن طاطور (25 عاما)، وأمين بصول (25 عاما) وكلاهما من قرية الرينة".

وأكد شومر أنه "لو كانت هياكل الارتفاع (السقالات) قد نصبت بالشكل الصحيح والسليم والآمن لما كانت هذه الحوادث قد وقعت، لذلك فإن أصابع الاتهام لا بد أن توجه إلى ثلاث جهات رئيسية وهي مديرة السلامة في العمل، والشرطة والمشغل (المقاول)".

المعيار الأوروبي

وردا على سؤال "عرب 48" حول كيفية منع هذه الحوادث، قال شومر إن "جمعية عنوان العامل نجحت، مؤخرا، في إدخال المعيار الأوروبي لبناء هياكل العمل على المرتفعات (السقالات) وهذا المعيار كفيل بمنع السقوط من ارتفاع شاهق، أي أنه يطبق فقط على المباني التي يزيد ارتفاعها عن 6 طوابق، ومعظم الضحايا العمال الذين قتلوا في حوادث العمل هذا العام سقطوا عن ارتفاع أقل من 6 طوابق، بمعنى أنه يتوجب فرض المعيار الأوروبي على ارتفاعات أقل من 6 طوابق أيضا". وأوضح أنه "يجري إدخال هذا المعيار الذي بدأ تطبيقه في مطلع العام الجاري، تدريجيا على كافة ورشات العمل، لكنه لغاية الآن لا يغطي كل ورشات البناء".

سلامة العمال

وتطرق المسؤول في جمعية "عنوان العامل" في حديثه إلى قيام وزارة العمل، مؤخرا، بتشكيل وحدة تحقيق مشتركة بين مديرية السلامة والأمان في العمل وبين الشرطة، وقال إن "هذه الوحدة بدأت تعمل منذ أسابيع قليلة"، معربا عن أمله بأن "تقوم هذه الوحدة بفرض عقوبات رادعة على المقاولين والمشغلين في حال إهمالهم بضمان سلامة العاملين لديهم".

ومن جهة أخرى، طالبت جمعية "عنوان العامل" والجمعيات الأخرى التي تعنى بسلامة العمال بضرورة زيادة عدد المراقبين في ورشات العمل. وقال شومر: "تمت المصادقة في وزارة العمل على توظيف 60 مراقبا بشكل فوري، للتجول بين ورشات العمل، في حين لم يكن عدد المراقبين يتعدى 20 مراقبا، حتى مطلع السنة الحالية، لكن السؤال الذي يثار هنا، لماذا لم يتم تنفيذ هذا القرار على أرض الواقع ولم يتم توظيف هؤلاء المراقبين حتى اللحظة؟ علما بأن عدد ورشات العمل في البلاد يزيد على 100 ألف ورشة، يتوجب على 80 مراقبا الإشراف عليها جميعا!".

 

التعليقات