بسبب العنف... 40% من أفراد المجتمع العربي يشعرون بعدم الأمان

كشف مسح أجرته كل من "جمعية الجليل" للبحوث والخدمات الصحية، ومركز "ركاز" للبحوث الاجتماعية التطبيقية، أن 40% من الأفراد في المجتمع العربي، يشعرون بعدم الأمان أثناء التجول في بلداتهم في ساعات المساء بسبب العنف

بسبب العنف...  40% من أفراد المجتمع العربي يشعرون بعدم الأمان

من وقفة احتجاجية عقِب جريمة قتل الفتاة يارا أيوب من قرية الجش

كشف مسح أجرته كل من "جمعية الجليل" للبحوث والخدمات الصحية، ومركز "ركاز" للبحوث الاجتماعية التطبيقية، وعُرِضَت نتائجه في مؤتمر "في مهب العنف"، الذي أُقيم اليوم الأربعاء، في الناصرة، بمشاركة عدد كبير من الباحثين الأكاديميين، ونواب عرب وناشطين اجتماعيين وسياسيين؛ أن 40% من الأفراد في المجتمع العربي، يشعرون بعدم الأمان أثناء التجول في بلداتهم في ساعات المساء بسبب العنف والجرائم.

وشمل المسح 2040 أسرة عربية في البلاد، منها 1020 أسرة من الشمال حيث يقطن أكبر عدد من المواطنين العرب، بالإضافة إلى 360 أسرة من منطقة حيفا، و360 أسرة من منطقة الجنوب، و300 أسرة من منطقة المركز.

وحمّل 75% من المستطلعة آراؤهم، السلطات الإسرائيلية، مسؤولية انتشار العنف في البلدات العربية، وفق المسح الذي أكد أن ارتفاع العنف لا يرتبط بالفقر فقط، بل بمجموعة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية، منها الانتماء الأسري والتعصب الذكوري، وشرعنة العنف ضد النساء، ووضع السكن والبنية التحتية وغيرها.

وشاهد 67% حالات عنف في السنة الأخيرة، الأمر الذي انعكس على رضا أفراد المجتمع عن دور الأحزاب العربية ولجنة المتابعة، إذ اعتبر ثلاثة أرباع المجتمع أن الأحزاب العربية ولجنة المتابعة لا تعمل كفاية في قضية العنف، وفق المسح.

وكشف المسح أنّ أكثر من 100 ألف أسرة تعرضت لحالة عنف في العام الأخير، بالإضافة إلى 170 ألف حالة اعتداء على الأفراد من جيل 18 فما فوق،

وبيّن أن 10% من الذكور الذين شاركوا في المسح، قالوا إنهم تعاطوا المخدرات في السنة الأخيرة، وهذه النسبة تعني بالأرقام نحو 40 ألف شخص استعملوا المخدرات، في حين أن 8% من المستطلعين قالوا إنهم استخدموا السلاح مرة واحدة على الأقل في السنة الأخيرة، أي ما يعادل 35 ألف شخص كانت لهم تجربة في استعمال السلاح.

ورصد المسح الجوانب المختلفة لظاهرة العنف في المجتمع الفلسطيني في إسرائيل، من وجهة نظر الجمهور، وفحص مواضيع تتعلق بمدى انتشار العنف على أنواعه؛ الجسدي، والكلامي، والنفسي، والاجتماعي، والاقتصادي، والجنسي سواء بالممارسة (التعرض له) أو بالمشاهدة.

وتطرق المسح إلى جودة حياة الفرد ومدى سعادته ورضاه، والانتماء الأسري والعلاقات في المجتمع، ومدى الالتزام الديني، والمواقف والآراء حول العنف واستخدامه كوسيلة للتربية، ومدى انتشار الآفات الاجتماعية الأخرى كاستعمال المخدرات والكحول، والسلاح غير المرخص، والخاوة، ومنظمات الإجرام وعلاقتها بانتشار العنف، وأخيرا دور المؤسسة والفرد في تحمل المسؤولية لمنع ومكافحة وعلاج ظواهر العنف.

ومن بين المعطيات المثيرة التي كشف عنها المسح أن نحو 40% من الأفراد يشعرون بعدم الأمان أثناء التجول في بلداتهم في ساعات المساء، بواقع 30% من الذكور و47% من الإناث.

أما بالنسبة لما يتعلق بجودة الحياة، فقد صرح 81% من الأفراد المشاركين في المسح، أنهم راضون عن حياتهم (سعداء) بينما تنخفض هذه النسبة إلى 66% في منطقة المركز، في حين يتضح أن سكان البلدات العربية راضون عن حياتهم بنسبة 82%، أكثر من سكان المدن المختلطة التي بلغت نسبةُ الراضين عن حياتهم فيها 70%.

عن المؤتمر

وفي وقت سابق اليوم، عُقد في مدينة الناصرة، مؤتمر "في مهب العنف"، بمبادرة "جمعية الجليل" للبحوث والخدمات الصحية، ومركز "ركاز" للبحوث الاجتماعية التطبيقية، وقد عرض في المؤتمر مسح شامل للعنف في المجتمع العربي في البلاد، قدم ملخص نتائجه كل من المدير العام لجمعية الجليل، أحمد الشيخ محمد، وممثلان نابا عن مركز "ركاز"، وهما سوسن رزق مرجية، ود. محمد خطيب.

وشارك في افتتاحية المؤتمر، رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، محمد بركة، ورئيسة الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، د. علا عوض، وعضو الهيئة الإدارية في جمعية الجليل، د. روزلاند دعيم، والمدير العام السابق لجمعية الجليل، بكر عواودة.

وفي كلماتهم الترحيبية، أثنى المتحدثون الأربعة على الجهد الذي بذلته جمعية الجليل ومركز ركاز، في إجراء المسح الشامل للعنف في المجتمع العربي، من خلال استطلاع عينة واسعة من الأسر العربية من مختلف المناطق ومحاولة وضع الإصبع على الجرح النازف لأسباب تفشي مظاهر العنف في المجتمع الفلسطيني في الداخل، بشكل غير مسبوق ومثير للقلق.

وأكد على ضرورة التعاون والاستفادة من هذا المسح من أجل بناء خطة إستراتيجية لمكافحة العنف، وضرورة تقديم الدعم والمساندة للجهتين اللتين أخرجتا هذا العمل إلى الحيز العام بحيث ان بإمكان الجمهور الواسع الاطلاع على المسح واستثمار الكم الهائل من المعطيات وتسخيرها لخدمة المجتمع.

وتخلل المؤتمر ورشات نقاش حول المسؤولية الفردية والجماعية ودور المؤسسة في تحمل المسؤولية، وآراء ومواقف من العنف والأمان وجودة الحياة في ظل العنف، أدارتها كل من إيمان القاسم سليمان، وشرف حسان، وسماح سلايمة.

واختتم المؤتمر بورشة تلخيص شارك فيها مضر يونس رئيس اللجنة القطرية، وبروفيسور مروان دويري والنائبتان هبة يزبك وعايدة توما - سليمان ورجل الصلح والرئيس الأسبق لمجلس عرابة المحلي، أحمد الجربوني، وأدار الورشة بروفيسور أسعد غانم.

وتحدث بروفيسور دويري عن أن العنف اليوم يأخذ شكلا جديدا عن العنف التقليدي الذي عرفه المجتمع في الماضي، وأنه عنف منفلت لا يمكن تشخيصه أو التعامل معه على أنه مرض يحتاج إلى علاج وإنما هو عارض لعدة أمراض تأخذ أشكالا مختلفة وتحتاج إلى تشخيص وتحليل وعلاج مختلف لكل واحدة من حالات العنف، وقال بروفيسور دويري إنه لو أراد كل مسؤول من موقعه محاربة العنف بقرار حازم فإن مدير المدرسة ورئيس السلطة المحلية يستطيعان خفض نسبة العنف لو أرادوا ذلك.

أما النائبة توما – سليمان، فقالت إن الجميع ضد العنف على مستوى التصريح لكن عند المحك تبدأ تتكشف الحقيقة، وهنالك فرق بين التصريح وبين الفعل والممارسة، ففي البداية كلهم طيبون!! ودعت إلى ضرورة الفصل بين العنف المجتمعي وبين الجريمة المنظمة كما دعت إلى فرط الرابط الاجتماعي مع عصابات الجريمة فـ"هم ليسوا منا ونحن لسنا منهم".

وتحدث الجربوني عن دور لجان الصلح في معالجة الجريمة والعنف، واستعرض العديد من الحالات التي شارك فيها ونجح في حقن الدماء، ووجه انتقادا إلى لجان الصلح من عائلات الإجرام التي تفرض الصلح بالقوة، مدعيا أن هذا الأمر غير سليم.

من جانبها دعت النائبة هبة يزبك إلى ضرورة استثمار هذه الأبحاث والمسوح المهمة، وأثنت على الجهد الذي بذله معدو هذا المسح الذي من شأنه أن يقدم صورة واضحة من أجل بناء توجهات عامة ووضع خطط في المستقبل. وتطرقت يزبك إلى المعطيات المذهلة التي تشير إلى أن 40% من المواطنين يخافون التجول في بلداتهم التي ينبغي أن تكون المصدر الأول للأمان لهؤلاء المواطنين وأن ثلث العائلات العربية تعرضت للعنف بشكل أو بآخر خلال السنة الأخيرة، وأن 50% من الأفراد يخشون أن يقعوا ضحية للعنف والجريمة.

جانب من المؤتمر (تصوير: "عرب 48")

وقالت إن العنف المجتمعي وعصابات الإجرام جعلت 52% من المواطنين، يضعون العنف في مقدمة القضايا التي تؤرقهم، بحيث تراجعت القضايا المهمة كالمسكن والفقر والتربية والتعليم وغيرها. وقالت يزبك: "ربما نحتاج إلى التوجه للمؤسسات الدولية ضد الشرطة، لعدم قيامها بواجبها، نحن نحتاج إلى حماية من شرطة لا تحمينا"، واصفة سلوك الشرطة بعدم جمع الأسلحة وعدم الكشف عن مرتكبي الجرائم بأنه عنف شرطوي.

وفي الختام، تحدث مضر يونس قائلا إن هذه المشكلة المتجذرة داهمتنا ونحن غير جاهزين، طلاب ينهون المرحلة الثانوية ويدخلون مباشرة إلى مجال الجريمة من أجل الكسب المالي"، وأضاف أن المجتمع العربي لا يعرض بديلا ولا يملك خطة ولا يدري كيف يتعامل مع الشرطة وما الذي يريده منها، وقال إن لجنة المتابعة اليوم، ترسم خطة للعمل أعدها 159 متخصصا ومهنيا تعمل في 14 محورا ومن شأنها أن تجعل المجتمع العربي يقدم إجابات للأسئلة المطروحة.

التعليقات