خشم زنة: مخططات تهجير واقتلاع للأحياء وأضرحة الأموات

يقضي مخطط تهجير القرية المقترح من قبل ما تسمى "سلطة تطوير النقب" بنقل سكان خشم زنة إلى منطقة تقع ضمن نفوذ مخطط منطقة الصناعات الأمنية الإسرائيلية "رمات بيكع".

خشم زنة: مخططات تهجير واقتلاع للأحياء وأضرحة الأموات

مقبرة خشم زنة بالنقب (تصوير "عرب 48")

تقع قرية خشم زنة على جانب شارع 25 في النقب، جنوبي البلاد، وهي جزء من المنطقة ذات التركيز الأكبر للقرى التي سلبتها السلطات الإسرائيلية الاعتراف.

تنعدم الخدمات الحياتية الأساسية لسكان القرية البالغ عددهم ما يزيد عن 3 آلاف نسمة. والقرية قائمة منذ ما قبل عام النكبة 1948 وقبل إقامة إسرائيل، فيها عدة مرافق تاريخية هامة منها بئر مياه أغلقت من قبل السلطات الإسرائيلية، وبعض المساكن القديمة والكهوف المنحوتة لتخزين المحاصيل.

أصل الحكاية

وتعود تسمية القرية، وفق الرواية الشعبية، إلى امرأة صالحة تدعى زانة مدفونة في ثرى خشم زنة، وبسبب الموقع الجغرافي للقرية على تلة تشبه أنف المرأة أطلق عليها اسم خشم زنة.

وذكرت خشم زنة بشكل واضح في الوثائق البريطانية الخاصة بالنقب، وهي موجودة أيضًا في الخرائط العثمانية التي سبقتها، غير أن القرية مهددة بالاقتلاع والترحيل بشكل كامل من قبل السلطات الإسرائيلية، بهدف تهويد المكان.

مخطط اقتلاع وتهجير

ويقضي مخطط تهجير القرية المقترح من قبل ما تسمى "سلطة تطوير النقب" بنقل سكان خشم زنة إلى منطقة تقع ضمن نفوذ مخطط منطقة الصناعات الأمنية الإسرائيلية "رمات بيكع" ما يهدد السكان في حال التهجير بالتعرض لخطر التدريبات العسكرية للجيش الإسرائيلي والصناعات الكيماوية.

على رأس التلة الأولى في مدخل خشم زنة تقع مقبرة القرية التاريخية، يزيد عمرها عن مئات الأعوام.

وقال ابن القرية، د. كايد العثامين، لـ"عرب 48" إن "مقبرة خشم زنة التاريخية تتعرض لمحاولات الاستيلاء عليها من قبل شركة المياه القُطرية ‘مكوروت’ منذ العام 1999 بحجة بناء صهريج مياه كبير في مكانها، رغم فراغ مساحات شاسعة مجاورة لمنطقة المقبرة. وتدعي الشركة عدم وجود أضرحة بالمقبرة ما عدا قبور جديدة، وأنه في حال ثبُت وجود قبور فيها فهي ستوفر معدات هندسية لنقل القبور إلى مقبرة أخرى الأمر الذي يرفضه الأهالي بشكل تام".

وعن محاولات الشركة بناء خزان مياه فوق مقبرة خشم زنة والمعركة التي يديرها أهالي القرية ضد المخطط منذ أعوام، قال د. العثامين، إن "مقبرة خشم زنة من أقدم المرافق الموجودة في قريتنا التاريخية، وهي قائمة منذ مئات السنوات، كما احتوت على مزار تاريخي عمره غير معروف. وكانت هذه المقبرة بالإضافة إلى مقبرة بئر السبع لعرب النقب في منطقتنا، وآخر المدفونين في مقبرة خشم زنة هما سالم النباري في العام 1977 وعمي إبراهيم العثامين في العام 1992".

وأضاف أنه "في العام 2015 قمنا بحملة لترميم وترتيب المقبرة وفوجئنا باقتحام موظفي شركة المياه وإلصاقهم أوامر مفادها التنكر لوجود المقبرة هنا، وتأمرنا بإخلاء المنطقة لأن الشركة حصلت على كل التصاريح اللازمة لبناء خزان مياه. كل هذا حدث منذ العام 2000 دون إشراك الأهالي وإعلامهم بأي شيء. وفي أعقاب الخلاف مع شركة المياه ورفضنا إخلاء قبور آبائنا توجه إلينا مندوب ما تسمى ‘سلطة تطوير النقب’ وعرض علينا نقل القبور إلى مقبرة أخرى وبدعم حكومي وأدوات هندسية من شركة المياه القطرية، رفضنا العرض وقلنا إن المقبرة موجودة هنا من قبل إقامة إسرائيل ما أغضبهم جميعا".

د. كايد العثامين (تصوير (عرب 48")

وأشار ابن خشم زنة إلى أنه "في العام 2015 تم التحريض علينا في صحيفة إسرائيلية، ووصفنا بالمخربين والادعاء بأننا وضعنا الحجارة، وندعي وجود مقبرة لطلب التعويضات فتوجهنا إلى الصحيفة عدة مرات، ولكن لم يجب أحد من طرفها".

وعن محاولات الاستيلاء على أرض المقبرة، قال العثامين إن "شركة المياه وما تسمى ‘سلطة تطوير النقب’ زعمتا في مرحلة معينة بأن قاضيًا في المحكمة الشرعية في بئر السبع صرح لهما بعدم وجود مقبرة تاريخية في خشم زنة، ونحن تابعنا هذا الادعاء حتى ألغته المحكمة الشرعية القطرية، وتبين أنه ادعاء كاذب، وأصدرت المحكمة بيانًا يحذر الجهات المختلفة من الادعاءات الكاذبة على لسانها، وفي نفس الوقت قمنا بتوفير شهادات من كبار في السن شهدوا مراسيم دفن في المقبرة التاريخية وعاصروها".

وختم العثامين بالقول إنه "في شهر شباط/ فبراير من العام الحالي تواصل معنا مندوب عما تسمى ‘سلطة تطوير النقب’ وقال إن شركة المياه تريد أن تبدأ العمل، ورغم كل الإثباتات السابقة لم يقتنعوا بوجود أضرحة في مقبرة خشم زنة، وقالوا إنه إذا وجدت قبور فعلينا نقلها من المقبرة وشركة المياه ستوفر لنا المعدات اللازمة، ونحن أجبنا من جديد بأننا لا نقبل هذا التوجه، ولن نجرف قبور أجدادنا. نحن نملك أرضا على جبال خشم زنة ومستعدون للتنازل عن قسيمة أرض أخرى لبناء خزانهم ولا نريد تعويضات بل نريد أن يبقى أجدادنا في قبورهم".

نشاطات نضالية

وقال النائب السابق في الكنيست الإسرائيلي ومركّز لجنة التوجيه العليا لعرب النقب، سعيد الخرومي، لـ "عرب 48" عن النضال الشعبي والخطوات المستقبلية لمنع تجريف مقبرة خشم زنة، إن "المؤسسات الإسرائيلية تتعامل مع أهالي قرية خشم زنة، مسلوبة الاعتراف، بشكل مجحف ولا تقبل روايتهم الحقيقية والتاريخية".

سعيد الخرومي

وأكد أن "السلطات تحاول استغلال كل الثغرات لتنفيذ مخططاتها، وهذا التوجه غير مقبول".

وختم الخرومي بالقول إن "الفترة المقبلة ستشهد نشاطات احتجاجية وتوجها إلى المحاكم لمنع تجريف المقبرة التاريخية".

 

التعليقات