وادي النعم: اعتراف منقوص وصمود رغم انعدام الخدمات

قالت الطالبة، هديل أبو شلوف، لـ"عرب 48": "أجد صعوبة حقيقة بالوصول إلى كلية 'سبير' التي أتعلم فيها، حيث أضطر للاستيقاظ مبكرًا جدًا لأمشي مسافة 40 دقيقة من داخل القرية لغاية الشارع الرئيس".

وادي النعم: اعتراف منقوص وصمود رغم انعدام الخدمات

مساكن في وادي النعم بالنقب (تصوير "عرب 48")

تقع وادي النعم التي اعترفت بها السلطات الإسرائيلية، قبل عامين، جنوب غرب بلدة شقيب السلام، ملاصقة للمنطقة الصناعية الكيماوية "رمات حوفاف"، وتعتبر القرية التجمع السكاني منقوص الخدمات الأكبر في النقب، جنوبي البلاد، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 15،000 نسمة، معظمهم من أبناء العائلات التي تمّ ترحيلها إبّان الحكم العسكري من مناطق مختلفة في النقب وتركيزها في وادي النعم داخل منطقة السياج في العام 1953.

عاش سكان قرية وادي النعم خلال أكثر من 60 عامًا، دون تخطيط وأي إمكانية تطوير وتوسّع مدنية، في ظل انعدام خدمات أساسية كالمياه والكهرباء والبنى التحتية وشبكة صرف صحي، وفي ظروف معيشية صعبة جدا، وسيطر الفقر المدقع على شرائح واسعة من الأهالي الذين تصدوا لمخططات الترحيل وهدم منازلهم وإتلاف محاصيلهم الزراعية. 

مسار نضالي

خاض الأهالي مسارا نضاليا امتد عقودا من أجل انتزاع الاعتراف بقريتهم وتعريف حدودها.

وقال أهالي القرية إن الاعتراف الشكلي لم يحقق المطلب الأساسي وهو الاعتراف بها كقرية زراعية، وتوفير حلول تخطيطية مناسبة تفي باحتياجات جميع السكان والأجيال المقبلة، بعد أن حاولت السلطات على مدار أعوام طويلة ضم سكان وادي النعم إلى قرية شقيب السلام القريبة، وما زالت تضيق على سكان البلدة حتى بعد انتزاع الاعتراف بقريتهم، وتحرمهم من الخدمات الأساسية بالإضافة إلى هدم المنازل والملاحقات السياسية.

يوسف الزيادين

وعن الوضع الحالي لوادي النعم ومعاناة الأهالي، قال عضو اللجنة المحلية بالقرية، يوسف الزيادين، لـ"عرب 48" إن "أهالي قرية وادي النعم تعرضوا لأشد أنواع الملاحقة على مدار سنوات بسبب نضالهم من أجل تحصيل حقهم في الكرامة على أراضيهم. وضعت ما تسمى 'سلطة تطوير النقب' مخطط اقتلاع القرية ونقل أهاليها إلى شقيب السلام هدفًا مقدسًا أمامها ووقفت في وجه انتزاع الاعتراف بالقرية لعقود، ومارست سياسات انتقامية منها هدم المنازل أسبوعيا ودوريا، وإتلاف المحاصيل الزراعية وحرماننا من الخدمات الأساسية". 

وأضاف: "نشتري المياه من شركة 'مكوروت' الإسرائيلية بشكل مباشر بأضعاف ثمنها، ونقوم بتوفير الكهرباء عن طريق ألواح الطاقة الشمسية والمولدات. وفي قرية وادي النعم 3 مدارس تستعمل المولدات الكهربائية بالرغم من وجود محطة كهرباء قريبة. وخطوط الضغط العالي للكهرباء تمر من فوق مدارسنا ما يؤثر على صحة أبنائنا كما أن إحدى المدارس ما زالت تستعمل الخزانات المتنقلة لجلب المياه، بالإضافة إلى مشكلة النفايات الجدية التي لا مكان لأخذها من القرية والتي تسببت وتتسبب بمكاره صحية وتلوثات بيئية وانتشار الحشرات والقوارض والأفاعي قرب المدارس". 

وختم الزيادين بالقول إن "الاعتراف بقرية وادي النعم جاء متأخرًا وبعد نضال شعبي وقضائي استمر لعقود، لم يغير شيئًا في الواقع الحياتي للأهالي، ولكنه وقف عائقًا في وجه مخططات ما تسمى 'سلطة تطوير النقب' الهادفة إلى تهجيرنا لحارة في بلدة شقيب السلام وجاء رغمًا عن أنفهم، وأهالي وادي النعم واعون للمخططات المحاكة ضدهم ومنها مخطط 'رمات بيكع' الرامي إلى مصادرة الأرض وتهديد حياة السكان ووضعنا في مرمى النار والصناعات الكيماوية من جديد كما فعلوا سابقًا عبر مصانع 'رمات حوفاف'. في شهر أيلول/ سبتمبر من العام الماضي أعاد انفجار كيميائي في مصانع 'ناؤوت حوفاف' البعيدة عن قرية وادي النعم أقل من 5 كيلومترات خطر التلوث الذي عانى منه أهالي وادي النعم لعشرات السنوات وتسبب في معاناة صحية مستمرة للعديد من الأهالي لغاية اليوم، كما أثر بشكل كبير على جودة الحياة في القرية".

جلال أبو بنية

تلوث وأضرار

وعن قضية التلوث في وادي النعم، قال الناشط المجتمعي، جلال أبو بنية لـ"عرب 48": "أعتبر التلوث سياسة ممنهجة استخدمتها السلطات لعقود بهدف دفع أهالي وادي النعم إلى الرحيل. كانت النفايات الكيماوية والسامة تلقى من مصانع 'ناؤوت حوفاف' في حيز قرية وادي النعم على مدار عشرات الأعوام، بالإضافة لانبعاث الروائح الكريهة والغازات السامة التي لا تزال لغاية اليوم، ومخلفات شركة الكهرباء القريبة التي تؤذي الصغار والكبار في القرية ". 

وأضاف أن "أهالي وادي النعم احتجوا مرارا على قتلهم بالمواد السامة حتى تم وضع أدوات تصفية وحماية من المواد السامة الأساسية في المصانع، ولكن هذا جاء بعد إصابة العديد من المواطنين بأضرار صحية وأمراض صعبة منها السرطان وحالات إجهاض بين النساء في القرية". 

وختم أبو بنية بالقول إن "عددا من المتعاقدين يقومون بإحضار شاحنات محملة بنفايات المصانع وتفريغها في وديان ومسطح وادي النعم. نعاني من الروائح والتلوث بسببها ولا عنوان لنا لنتوجه إليه لحل هذه الأزمة، لكن أهالي وادي النعم يعلمون جيدًا أن النضال لن ينتهي حتى ضمان تحصيل الحياة الكريمة على كل الأصعدة والاعتراف الكامل بمطالبهم وحقهم في الحياة كما غيرهم وبنفس درجة الرفاه". 

معاناة الطلاب

ويشكل البعد الجغرافي لقرية وادي النعم عن مدينة بئر السبع والمدن الرئيسية التي يضطر الأهالي للسفر إليها لتلقي الخدمات مشكلة حقيقية للعديد من الشرائح ومنها الطلاب الأكاديميون، وعنهم قالت الطالبة، هديل أبو شلوف، لـ"عرب 48": "أجد صعوبة حقيقة بالوصول إلى كلية 'سبير' التي أتعلم فيها، حيث أضطر للاستيقاظ مبكرًا جدًا لأمشي مسافة 40 دقيقة من داخل القرية لغاية الشارع الرئيس إذا لم يكن هناك سيارات، ومن ثم أنتظر الحافلات التي ليست لها مواعيد محددة وملزمة ودائمًا ما تتأخر الحافلات القادمة من البلدات اليهودية وقد لا تقف لتقلنا، وخلال السنة التعليمية الماضية لم أستطع اللحاق بأي من الدروس الجامعية الصباحية التي تبدأ الساعة 8:30 بسبب هذه العوامل". 

وأنهت أبو شلوف بالقول إنه "فيما يتعلق بالانتهاء من الدروس والعودة إلى القرية في الليل لا توجد إضاءة للشوارع أو القرية وهو أمر مخيف جدًا، فبعض الحيوانات والأفاعي تنتشر في المنطقة ودائمًا ما يكون الخروج من وادي النعم والعودة إليها رحلة صعبة".

 

التعليقات