قطف الزيتون: موسم للتشبث بالأرض وتعزيز الأواصر الاجتماعية

ينتظر الفلاحون في بلادنا موسم قطف الزيتون كل عام، بفارغ الصبر، إذ يرافقه عمل جدي تجتمع فيه الأُسر والعائلات وتعمل كخلايا نحل مستمتعة بجني ثمار تعبها وكدها في حراثة الأراضي والاعتناء بأشجار الزيتون على مدار أيام العام.

قطف الزيتون: موسم للتشبث بالأرض وتعزيز الأواصر الاجتماعية

معصرة زيتون في طمرة (تصوير "عرب 48")

ينتظر الفلاحون في بلادنا موسم قطف الزيتون كل عام، بفارغ الصبر، إذ يرافقه عمل جدي تجتمع فيه الأُسر والعائلات وتعمل كخلايا نحل مستمتعة بجني ثمار تعبها وكدها في حراثة الأراضي والاعتناء بأشجار الزيتون على مدار أيام العام.

وتبقى لشجرة الزيتون في البلاد رمزية خاصة لما تشكل عروقها الصامدة والموغلة في غابر الزمان وجذورها الضاربة في وجدان الأرض وضمير الأجيال، إلى جانب نكهتها الخاصة، معاني الصمود والثبات والبقاء في أرض الوطن ومن شواهده الراسخة.

ويشهد موسم قطف الزيتون هذا العام محصولا وفيرا، نسبيا، وهو أفضل من الموسم السابق، حسبما قال المزارعون.

كرم زيتون في الجليل (تصوير "عرب 48")

تواصل مع الأرض

اعتبر فخري عواد من مدينة طمرة، في حديثه لـ"عرب 48"، أن "الأهم في موسم قطف الزيتون التواصل مع الأرض ومع هذه الشجرة المباركة، والحفاظ على العلاقة مع الأرض، خاصة أن هذا الجيل لم يعد يعير الاهتمام للقيم الوطنية وهو منشغل في أعماله واهتماماته".

فخري عواد

وأضاف: "أنتظر هذا الموسم كل سنة بتلهف، وعلى الرغم من أن المحصول هذا العام متوسط بعض الشيء، لكنه أفضل من العام الماضي. إلى جانب ذلك، وربما هذا الأهم، الفرصة مواتية لجمع العائلة والالتقاء مع الناس في كروم الزيتون والمعاصر. هذه اللقاءات توطد وتعزز العلاقات الأسرية والاجتماعية، فنحن نجتمع مع العشرات ونتبادل أطراف الحديث ونتناول الطعام على طاولة واحدة، في أجواء رائعة تعيدنا لأيام زمان الجميلة".

وختم عواد بالقول، إن "هذا العمل ليس بهدف الربح المادي لأنه وبحساب بسيط لو ذهبت إلى عملك الاعتيادي فإن المردود المادي أفضل من العمل في قطف الزيتون، لكن الأهم من الربح المادي هو ما يعزز الارتباط بما تبقى من أرض والحفاظ على هذه الشجرة المباركة".

أجواء أسرية

واستعرض المزارع إبراهيم رشدي من قرية عبلين أهمية هذا الموسم ومعانيه، وقال لـ"عرب 48": "أملك أربعة دونمات مزروعة بأشجار الزيتون، وأعتبر موسم قطف الزيتون من المناسبات التي تحمل نكهة خاصة من السعادة، إذ تجمعني هذه الشجرة مع الأبناء والأخوة والأصدقاء في أجواء طيبة نفتقدها اليوم بسبب مشاغل الناس وحركة الحياة السريعة، لأن الجميع منهمك بمشاغله وهمومه، مع تراجع العلاقات الأسرية والاجتماعية".

وأكد أن "هذا الموسم فرصة ومناسبة لاستعادة الأجواء الأسرية والاجتماعية الإيجابية. حين نلتقي مع الأصدقاء في المعصرة مثلا نشعر كم نحن بحاجة لاستعادة هذه العلاقات المفقودة، بعيدا عن ضجيج الحياة اليومية".

إبراهيم رشدي

وعن اهتمام الجيل الشاب بهذه الشجرة، قال رشدي إنه "للأسف، نرى أحيانا إهمال أشجار الزيتون وعدم العناية بالكروم بعد وفاة أصحابها، وهذا محزن لأن تعب وكد الآباء والأجداد الذين أورثونا هذه الأرض جدير بالحفاظ عليه لا أن نضيعه بأيدينا".

تسليم الراية

وقال صاحب معصرة زيتون في طمرة، وحيد أبو رومي، لـ"عرب 48" إن "أسعار زيت الزيتون في هذا الموسم متغيرة وهذا يتعلق من جهة بكمية المحصول والإنتاج الذي يحدد السعر ومن جهة ثانية فإن هناك تجار زيت مزيف ومغشوش ما يؤثر على الأسعار. نحن نحذر من هؤلاء التجار الذين يتلاعبون بنوعية الزيت في استخدام مواد غير صحية لتغيير لون الزيت".

معصرة زيتون في طمرة (تصوير "عرب 48")

واعتبر أن "الموسم هذا العام أفضل من العام الماضي. الأجواء رائعة إذ يجتمع الجميع كما في الأعراس التقليدية وتسود الألفة والسعادة خلال جني ثمرة تعبهم، لكن يحزنني عدم اهتمام بعض الأبناء بعد رحيل الآباء والأجداد بالأرض وكروم الزيتون".

وختم أبو رومي بالقول، إن "الزيتونة شجرة مباركة وأرضنا مقدسة ولهما قيمة خاصة، وعلينا التمسك بهذه القيم والمعاني ونقل الراية للأجيال الصاعدة".

 

التعليقات