المجتمع العربي: انهيار قطاع السياحة في ظل جائحة كورونا

يعتبر قطاع السياحة من القطاعات الأكثر تضررا في ظل اتساع دائرة انتشار فيروس كورونا المستجد وتداعياته الخطيرة على مختلف جوانب حياة الناس، السلوكية والنفسية والاقتصادية والاجتماعية.

المجتمع العربي: انهيار قطاع السياحة في ظل جائحة كورونا

ساحة سياحية في فيينا (Pixabay)

يعتبر قطاع السياحة من القطاعات الأكثر تضررا في ظل اتساع دائرة انتشار فيروس كورونا المستجد وتداعياته الخطيرة على مختلف جوانب حياة الناس، السلوكية والنفسية والاقتصادية والاجتماعية.

ينشغل الكثير من وكلاء السياحة العرب في البحث عن مخرج لهذه الأزمة التي عصفت بهم، كغيرهم من أصحاب المهن المختلفة، دون أن يلوح بالأفق ما يخفف عنهم، ويزداد القلق بين العاملين في هذا القطاع.

وحول الآثار الوخيمة لجائحة كورونا على قطاع السياحة، أجرى "عرب 48" هذا اللقاء مع عدد من وكلاء السياحة في المجتمع العربي.

تذمر وقلق

أعرب صاحب مكتب سياحة في مدينة عرابة، موسى نصار، عن تذمره وقلقه مما ستؤول إليه الأمور، في ظل تداعيات كورونا.

وقال نصار لـ"عرب 48": "صحيح أن جائحة كورونا ألقت بظلالها وألحقت أضرارا بالغة على مختلف حياة الناس وقطاعات العمل، لكن نرى كوكلاء سياحة أن قطاع السياحة هو الأكثر تضررا، وذلك بسبب الشلل الكامل في عملنا، إذ أننا منذ ظهور هذه الأزمة تعطل عملنا بالكامل، وقطاع السياحة هو أول وأكثر من تضرر وآخر من يتعافى".

موسى نصار

وأضاف أن "حركة الطيران متوقفة، والناس تلتزم بالمصروفات الأساسية، وبطبيعة الحال بسبب انتشار المرض لا يفكر أحد برحلات ترفيه ونقاهة، إلى جانب ما يعيشه الناس من خشية وقلق، وبالتالي فإن مدخولتنا هي صفر مقابل الاستمرار بدفع المصروفات كأجرة محل ودفع رواتب محاسبين ومصاريف أخرى".

وأكد أن "هذا يعني تراكم الديون، دون أن نتمكن من الالتزام وإرجاع الأموال للناس ممن حجزوا للسفر قبل الجائحة، وهذا له آثار اقتصادية واجتماعية ومعنوية دون أن تظهر أي نهاية للأزمة أو أي حلول بالأفق. وبتقديري هذا القطاع لن يتعافى قبل خمس سنوات على أقل تقدير، لأن هذا طال الاقتصاد العالمي برمته، وهناك أيضا لدى الناس أولويات وأساسيات حياتية قبل السفر والرحلات، ناهيك عن البطالة التي تزايدت بشكل كبير".

وختم نصار بالقول إن "السفر أصبح أمر ثانويا مقابل الاحتياجات الأساسية التي تقلق الناس. أنا شخصيا أتكلف شهريا قرابة 15 ألف شيكل مدفوعات، وهناك من الناس من اشترى بطاقة سفر ولم يسافر بسبب الجائحة وتوقف الطيران، وشركة الطيران لن تعيد ثمن التذاكر للزبائن. صحيح أن المحكمة أقرت يوم 20 آذار/ مارس الماضي أنه على شركة الطيران أن تعيد أثمان البطاقات للزبائن، لكن وارد أن تقول شركة الطيران إنه لا يوجد لدينا الإمكانية لنعيد هذه المبالغ، وفعلا فإنه لغاية الآن لم تعد شركة الطيران أي مدفوعات للزبائن، وهناك شركات قد تعلن إفلاسها عالميا، مما يضعنا كمسؤولين أمام الزبائن، وهذا ضغط مالي ومعنوي إضافي خاصة وأن تعافي هذا القطاع لن يكون قريبا".

القروض الحكومية ليست الحل

وشدد صاحب مكتب سياحة في مدينة سخنين، محمد خلايلة، هو الآخر على ما يعاني منه قطاع السياحة وانسداد الأفق للخروج من الأزمة.

وقال خلايلة، لـ"عرب 48" إن "الأزمة تكمن أيضا في أن ضرب هذا القطاع جاء في أوج موسم السياحة، أي في فترة الأعياد والعطلة الصيفية والمعسكرات الشبابية، وعلى سبيل المثال تم هذا الشهر إلغاء رحلة سفر إلى لندن لـ35 طالبا كانوا سيشاركوا في معسكر للشباب، وهذا الإلغاء سبّب إشكاليات وأعباء، وهناك شركات طيران لا تعيد مدفوعات هذه الحجوزات مما يسبب لنا مشاكل وإحراجات وضغوطات أمام زبائننا، لأن الناس لا تقبل ولا تتفهم هذا الأمر، وكل يريد حقه".

وأضاف أن "الخسائر كبيرة، وتقدر بمئات آلاف الشواكل، فهناك مصروفات كبيرة دون أدنى مدخولات، وهذا سيشكل لاحقا تراكمات وأزمة قد تقود البعض لإعلان الإفلاس، فحسب التقديرات سيطول أمد هذه الأزمة إلى أن تعود للحالة الطبيعية، وحتى إن عادت لطبيعتها بعد سنوات فإن ترميم هذا الوضع سيستغرق أيضا فترات طويلة".

وختم خلايلة بالقول إنه "لا أعتقد أن أي أحد منا يستطيع أن يصمد أمام هذه الحالة. القروض بكفالة حكومية ليست الحل الجذري وليست الحل بالمدى القريب بقدر ما هي مسكن، لأننا سنلتزم مع البنوك، وهذا الالتزام ليس بالأمر السهل عندما تتوقف المدخولات ولا نملك القدرة على الالتزام بتسديد القروض البنكية، وبالتالي أرى أننا أكثر القطاعات التي تضررت، فالكثير من المرافق الاقتصادية قد تعود لحالتها تدريجيا، ولكن قطاع السياحة ليس هناك أفق لاستعادة الوضع قريبا. لقد باشرنا، مؤخرا، بتشكيل نقابة لوكلاء السياحة، ومن خلالها سنتوجه للحكومة من أجل تقديم رزمة مطالبنا ولتوفير حل لهذه الأزمة".

وضع كارثي

واستعرض صاحب مكتب سياحة في قرية كابول، غازي شحادة، ملامح الأزمة بوصفها "كارثة".

وقال شحادة، لـ"عرب 48"، إن "وكلاء السياحة يواجهون مصاعب كثيرة لا مكان لذكرها هنا بطبيعة الحال، لكن بعد جائحة كورونا أصبح و الوضع كارثيا، وستكون هناك مضاعفات قاسية جدا بعد زوال الكورونا".

غازي شحادة

وأضاف أن "أزمة كورونا ستتسبب بإغلاق مكاتب سياحية، فخلال شهرين فقط تعرضنا لخسائر كبيرة جدا لأنه خلال فترة إغلاق المكاتب عليك أن تدفع مقابل إيجار المكتب والضرائب والكهرباء والهواتف والطيران والفنادق والحسابات وغيرها. ونحن نعتمد على مبيعات موسمي الربيع والصيف وبالأساس السياحة العربية، ومع افتقادنا لذلك فإن الخسارة ستكون كبيرة جدا".

وانتقد الدعم الحكومي الشحيح لمكاتب السياحة، وقال إنه "مثل أي دعم للمصالح المستقلة الأخرى، وهو دعم مضحك، فقد حصلنا من الدولة على مبلغ 6 آلاف شيكل هذا الشهر، وفي الشهر المقبل سنحصل على 10 آلاف شيكل، وطبعا لم تحصل كل المكاتب على هذا المبلغ لأن هناك معايير خاصة كي تحصل على هذا الاستحقاق. وبالتالي بعد تجاوز هذه الأزمة سيكون هناك عالم جديد يختلف كليا عما كان في الماضي، لأن المكاتب الكبيرة وشركات الطيران ستتعامل مع المكاتب السياحية عند العرب بشكل أصعب وأشد، وطبعا ستوقف الامتيازات التي كانت تحصل عليها المكاتب سابقا، وذلك خوفا من عدم الدفع أو حتى من عدم تسديد الأقساط المتراكمة للشركات. بعض المكاتب مدينة بمبالغ كبيرة لشركات كانت تنتظر تسديدها هذا الموسم. زد على ذلك أن السياحة ستكون في أسفل سلم أولويات المواطن العربي بعد الأزمة الاقتصادية الحادة، وعليه فإن الوضع سيزداد صعوبة جدا في قطاع السياحة".

التعليقات