البعنة: مبادرة شبابية "الناس للناس" في زمن كورونا

تحولت محادثات أصدقاء مقاعد الدراسة الأكاديمية في قرية البعنة الجليلية، على العالم الافتراضي، بشأن سبل الدعم وتعزيز مبادرات التطوع والتكافل الاجتماعي في زمن كورونا، إلى حقيقة على أرض الواقع من خلال حملة "الناس للناس"، الهادفة للتبرع المادي لإغاثة العائلات.

البعنة: مبادرة شبابية

منظر عام لقرية البعنة (عرب 48)

*خليل: تدعيم التكافل الاجتماعي ومساعدة العائلات المتضررة والمصالح التجارية بالقرية في ظل كورونا

*يجب تعميم التجارب والمبادرات الشبابية لتعزيز التكافل الاجتماعي في المجتمع العربي

*حمزة: مشهد كرس روحية العطاء وحالة الانتماء وسخاء التبرع والإغاثة عن بعد ومن وراء الكواليس

*التبرعات المالية وتحويلها لقسائم شرائية لمساعدة العائلات وتدعيم المحلات التجارية وتنشيطها في ظل الركود الاقتصادي


تحولت محادثات أصدقاء مقاعد الدراسة الأكاديمية في قرية البعنة الجليلية، على العالم الافتراضي، بشأن سبل الدعم وتعزيز مبادرات التطوع والتكافل الاجتماعي في زمن كورونا، إلى حقيقة على أرض الواقع من خلال حملة "الناس للناس"، الهادفة إلى التبرع المادي لإغاثة العائلات المحتاجة والمتضررة من جراء فقدان مصدر رزقها، وأيضا لتنشيط الحركة الاقتصادية ودعم المحلات التجارية في القرية.

وأمام مفارقة التباعد الاجتماعي التي فرضتها أزمة كورونا، أتت محادثات العصف الذهني لمجموعة أصدقاء مؤلفة من 12 شابا وشابة من القرية عبر تطبيق "زوم"، إذ حولت حالة الغربة والهواجس من المجهول مع تواصل جائحة كورونا في شهر رمضان، إلى تقارب مجتمعي، من خلال الحملة التطوعية "الناس للناس- حملة آمنة"، الهادفة لجمع التبرعات المالية وتحويلها لقسائم شرائية، إذ حظيت بالتفاف شبابي واجتماعي ودعم وإقبال منقطع النظير من قبل أهالي القرية نحو العمل المجتمعي وبوتقة التكافل.

البعنة: مبادرة شبابية تطوعية لدعم المتضررين من جائحة كورونا

وفتحت حملة "شارك الخير" التي تضمن الأمان الصحي أبواب الخير خلال النشاطات وجمع التبرعات المالية عبر رابط على صفحة الحملة على شبكة التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، إذ يمكن الرابط التفاعلي لكل شخص الدخول والتبرع المالي من خلال الدفع ببطاقات الاعتماد مع الحفاظ على الخصوصية وضمان السرية، وكذلك عبر الناشطين والمتطوعين في الأحياء السكنية، وذلك بغرض الوصول من خلال القسائم الشرائية إلى أكبر شريحة من العائلات المتضررة والمحتاجة للدعم والعون، على أن يقتصر استعمال القسائم الشرائية على المحلات التجارية في القرية.

شكل انتشار فيروس كورونا، اختبارا حقيقيا لمدى الإقبال على التطوع والتبرع ومتانة العلاقات الاجتماعية في التعايش مع الأزمة وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية، وابتكار التدابير تحت وطأة هذه الجائحة بغية تخطي هذه المرحلة، ومواصلة مسار البناء المؤسساتي وتطوير أداء جمعيات العمل المدني المحلي، واستثمار جو الثقة بـ"الناس للناس" الذي يطبع المرحلة الحالية ومن ثم خلال فترة ما بعد كورونا.

تكافل وتكاتف

في ذروة أزمة كورونا وتداعياتها على قرية البعنة التي سجت عشرات الإصابات بالفيروس، وعاشت تجربة الإغلاق الشامل، قال الناطق باسم حملة "الناس للناس- حملة آمنة"، محمد محمود خليل، إنه "ظهرت الكثير من الجوانب الإيجابية المجتمعية، إذ رأينا نحن مجموعة من زملاء الدراسة من الشبان والشابات أنه لزاما علينا أن نقوم بدور ريادي في القرية بكل ما يتعلق بتعزيز التكافل الاجتماعي، عبر التكاتف والتصرف بمسؤولية، لتحسين وتحصين العائلات المتضررة من جراء جائحة كورونا".

بدأت المبادرة، حسبما أكد خليل لـ"عرب 48" من خلال مناقشات للأصدقاء عبر تطبيق "زوم" حول كيفية المساهمة في مشاركة الخير وتدعيم التكافل الاجتماعي ومساعدة العائلات المتضررة والمصالح التجارية بالقرية، في ظل الإغلاق، إذ طرحت فكرة جمع التبرعات المالية وتحويلها لقسائم شرائية وتوزيعها على العائلات المحتاجة وتمكين استعمالها وشراء المستلزمات والاحتياجات والمواد التموينية والغذائية من المتاجر في القرية.

وأوضح الناطق باسم حملة "الناس للناس" أنه مع خروج الحملة لحيز التنفيذ لاقت إقبالا لدى أهالي القرية الذين أبدوا استعدادهم للتطوع والتبرع، وانخرط في صفوف الحملة عشرات المتطوعين، وسرعان مع تجاوب سكان القرية مع نداء التبرعات المالية التي أتت بسخاء من الأهالي، وذلك على الرغم من الحجر الصحي المنزلي وتوقف الأعمال، وذلك لقناعة سكان القرية بضرورة التطوع وتقديم والدعم والمساعدات ويد العون لمن يحتاجها من العائلات وأصحاب المحلات التجارية.

تجارب ومبادرات

وأشار خليل إلى أن إمكانيات التبرع تكون من خلال الرابط على صفحة الحملة على شبكة التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، إذ بإمكان أي شخص التبرع بأي مبلغ عبر مختلف بطاقات الائتمان مع ضمان السرية وتوفير مختلف معايير الحماية والخصوصية، كما يمكن التوجه للمتطوعين ولناشطي من مختلف الحارات والأحياء السكنية في القرية وتقديم العون والتبرع المالي.

وفيما يتعلق بعمل الدائرة الجغرافية لحملة "الناس للناس" التي هي مستقلة وغير منتمية لأي إطار حزبي أو حركي، أكد خليل أنها تشمل جميع الأحياء السكنية، مبينا أن الحملة انضم إليها العشرات من الناشطين والمتطوعين والمتطوعات وطلاب الجامعات الذين أبدوا استعدادهم للعمل والنشاط من أجل تعزيز التكافل الاجتماعي عبر القسائم الشرائية، فيما يتم استنساخ التجربة مستقبلا لإقامة صندوق لدعم الطلاب الجامعيين.

"الناس للناس": متطوعون في كل حارة وحي

ويولي خليل أهمية قصوى لتعميم التجارب والمبادرات الشبابية لتعزيز التكافل الاجتماعي في المجتمع العربي، على أن تكون أزمة كورونا وتداعياتها وعلى الرغم من الترسبات والآثار السلبية اقتصاديا واجتماعيا التي أحدثتها، رافعة لتطوير الأفكار التطوعية وبناء المشاريع الخيرية في مختلف مجالات الحياتية.

التطوع والعطاء

على درب التطوع والعطاء ومسيرة الخير، انطلقت الطالبة الجامعية، حلا حمزة، مع رفاق دربها الأكاديمي في حملة "الناس للناس"، إذ عادت أسوة بالطالبات والطلاب الجامعيين إلى مسقط رأسها، لكنها أبت مع العديد من الشبان والشابات ألا أن تكون شريكة وفعالة في التطوع والإغاثة قي زمن كورونا، وراودها السؤال كيف يمكن مساعدة أهالي القرية؟ لتأتي فكرة التبرعات المالية وتحويلها لقسائم شرائية لمساعدة العائلات وتدعيم المحلات التجارية وتنشيطها في ظل الركود الاقتصادي.

وخلال أيام، قالت حمزة لـ"عرب 48"، توسعت دائرة العمل ونشاط الحملة التي جاءت بالتنسيق والتعاون مع جمعية "شغف" التطوعية، إذ انضم لمسيرة الحملة عشرات المتطوعين والناشطين من مختلف الأحياء السكنية في القرية، وحظيت المبادرة بتفاعل المئات من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي في مشهد كرس روح العطاء وحالة الانتماء وسخاء التبرع والإغاثة عن بعد، ومن وراء الكواليس، دون التقاط الصور لهذا العمل الإنساني والاجتماعي الذي يؤسس لمشاريع وأفكار مستقبلية من خلال التعاون والتشبيك مع مجموعة أصدقاء "الناس للناس".

وفي أثر التكافل الاجتماعي اقتصاديا، قالت حمزة، إن الحاجة لدعم العائلات المتضررة والشلل التجاري في ظل كورونا حفز الكثير من المبادرات والمشاريع في القرية، لكن حملة "الناس للناس" تميزت على أنها حملة غير تقليدية من خلال التفكير خارج الصندوق لتتبلور الفكرة افتراضيا عبر "زوم" وتتفاعل عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ولتتحول إلى واقع يلامس أهالي البعنة.

وأوضحت الطالبة حمزة أن حملة "الناس للناس" بمثابة أول مشروع خيري مستقل يتم تنفيذه بالقرية من قبل مجموعة الأصدقاء، وذلك بالتعاون مع جمعية "شغف"، لكنها أكدت أن جميع الناشطين والشركاء بالحملة لديهم تجارب سابقة وغنية بالتطوع والعطاء، موضحة أن التفاعل مع الحملة والإقبال عليها والتبرع السخي، يعكس التعطش لمثل هذه المبادرات والاستعداد للعمل والانخراط بالمشاريع الهادفة للتدعيم والتطوير المجتمعي في البعنة، على أن تكون حملة "الناس للناس" فاتحة للمزيد من المشاريع المستقبلية.

التعليقات