تمييز صارخ: 0.4‎%‎ فقط من مدخولات الأرنونا للسلطات المحلية العربية

يُستدلُ من معطيات مركز أبحاث الكنيست أن حصة السلطات المحلية العربية من مجمل مدخولات ضريبة المسقفات (الأرنونا) التي تدفعها الحكومة للسلطات المحلية هي 7.6 مليون شيكل فقط من أصل 1.7 مليارد شيكل سنويًا، أي ما نسبته 0.4‎%‎ فقط.

تمييز صارخ: 0.4‎%‎ فقط من مدخولات الأرنونا للسلطات المحلية العربية

من مدينة قلنسوة، للتوضيح (أرشيفية - أ ف ب)

يُستدلُ من معطيات مركز أبحاث الكنيست أن حصة السلطات المحلية العربية من مجمل مدخولات ضريبة المسقفات (الأرنونا) التي تدفعها الحكومة للسلطات المحلية هي 7.6 مليون شيكل فقط من أصل 1.7 مليارد شيكل سنويًا، أي ما نسبته 0.4‎%‎ فقط.

وتُعري هذه المعطيات سياسات التمييز التي تنتهجها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، لإفقار المجتمع العربي وإبقائه تحت أدنى مقومات النهوض الاقتصادي، وتكريس البلدة العربية كمكان للمبيت فقط، دون مقومات تجارية واقتصادية، وحرمانها من استمرار دور بعض مدنها التاريخي كحواضر يقصدها سكان القرى المحيطة، وبموجب هذه السياسات بنت الحكومة على مدار العقود الماضية مكاتبها وشركاتها الاقتصادية ومؤسساتها المختلفة في المدن اليهودية، وبذلك حوّلتها لعنوان لمن يقصد خدماتها.

وخير شاهد على هذه السياسة التمييزية الممنهجة، كبرى المدن العربية في البلاد، الناصرة، إذ حُرمت من هذه المكاتب والمؤسسات، وحظيت مدينة (نوف هجليل) التي أقيمت على أرض الناصرة والقرى العربية المجاورة بدعم حكومي كبير، إذ أقامت الحكومة فيها مجمع لمكاتب الوزارات والمؤسسات الحكومية في منطقة الشمال، لتشكل مركزا بديلا عن الناصرة.

وتبين أن الصندوق المعد لتقليص الفجوات بين البلدات الضعيفة والبلدات الغنية اقتصاديا، لا تحصل السلطات المحلية العربية منه سوى على 14.1% أي حتى دون نسبة العرب من النسبة العامة في البلاد، وتحصل السلطات المحلية العربية على 41.9% من ميزانيات هبة الموازنة التي تمنح للسلطات المحلية التي تعاني من عجز ولا تقوى بالحفاظ على موازنة عامة (بلدات ضعيفة الموارد الاقتصادية).

وأظهر البحث أن معايير الحصول على ميزانيات من صندوق تقليص الفجوات البالغ قدره 500 مليون شيكل في السنة الواحدة، والذي أقيم عام 2017، غير منصفة، إذ منح الصندوق البلدات اليهودية أفضلية للحصول على الميزانيات بصورة بنيوية غير قابلة للجسر، وتشكل المعايير التي تلائم البلدات اليهودية ما نسبته 54%، فمثلا تمنح نقاطا بنسبة 5% للبلدات التي تستوعب مهاجرين من أثيوبيا، وكذلك تمنح نقاطا بنسبة 12% للهجرة الداخلية، و8% لبلدات دون عجز جار، عدا عن معطيات أخرى متعلقة بنسب جباية عالية، بنسبة 20%، وتتناسب هذه المعايير مع البلدات اليهودية بشكل متعمد، وهي معدة جذريا بهذه الطريقة.

النائب د. يوسف جبارين

وقال النائب عن القائمة المشتركة، د. يوسف جبارين، لـ"عرب 48" إن "القضية قضية سياسات حكومية. الفكرة الأساسية التي تقف من وراء إقامة صندوق تقليص الفجوات هي تقليص الفجوات بين السلطات المحلية الضعيفة (العربية بمجملها) والسلطات المحلية الغنية، ولذلك كان من المتوقع أن يخصص قسم كبير من الميزانيات للبلدات العربية، خاصة وأنها تتعرض لتمييز تاريخي ضدها في مدخولات ضريبة المسقفات (الأرنونا) التي تدفعها الحكومة للسلطات المحلية، ومن الواضح أان العوامل السياسية كان لها دور لتمنع تطبيق معايير موضوعية ليستفيد العرب من هذا الصندوق، ولذلك يحصل العرب على ما نسبته 14.1% فقط من هذا الصندوق".

وأضاف أنه "طرحنا الموضوع في لجنة الداخلية، وطلبت بحث هذا الموضوع تحديدا، والحديث يدور حاليا عن مدة خمس سنوات وفقا لهذه المعايير (لغاية 2022)، وبعد ذلك يمكن إحداث تغيير. الآن، يجب أن يتركز المجهود لتغيير هذه المعايير، وهذا ممكن، وسيتابع قانونيا بالذات أمام تصريح الوزارة بتغيير المعايير، والحجة واضحة بأن البلدات التي تقلصت منها ما نسبته 40% من مدخولات ضريبة المسقفات (الأرنونا) التي تدفعها الحكومة للسلطات المحلية لا تتخلى عن هذه المدخولات".

وأشار إلى أن "الحديث ليس عن ضرائب أرنونا فقط، فالدولة تمارس تمييزا مضاعفا ضد السلطات المحلية العربية، من ناحية يحرمون من مكاتب وشركات حكومية، ومن ناحية أخرى فإن مدخولات ضريبة المسقفات (الأرنونا) التي تدفعها الحكومة للسلطات المحلية يكون فقط للبلدات اليهودية التي تتعزز وتقوى. القضية ليست مدخولات فقط، فعندما تحتضن بلدة مكاتب وشركات حكومية يعني ذلك أماكن عمل جديدة ومساهمة في خدمات أفضل متاحة للسكان، وتصبح البلدة مقصدا للبلدات المحيطة، وعلى سبيل المثال أم الفحم بحجمها مع القرى المحيطة، لاستصدار بطاقة هوية عليهم السفر للعفولة لهذا الغرض، رغم الموافقة على إقامة مكتب داخلية منذ عامين في أم الفحم".

وختم جبارين بالقول إن "هاذ التمييز يكرس أيضا في أكثر من 100 شركة حكومية، إذ تستوعب أقل من 2.5% فقط من الأيدي العاملة العربية، فالفقر الذي يعاني منه المجتمع العربي نتيجة لسياسة تراكمية متعاقبة، ومؤخرا، على سبيل المثال تضررت الناصرة من خسارة قطاع السياحة بسبب جائحة كورونا، وبينما حصلت طبرية وإيلات على خطط دعم اقتصادي لم توفر الحكومة ذلك للناصرة حتى اليوم، فالتغيير على الأقل سيكون في صندوق تقليص الفجوات، وأنا متفائل من زيادة الميزانيات من هذا الصندوق، وهذا لن يتم بدون متابعة برلمانية وقضائية ونضال شعبي، ولا شيء يتغير في الوزارات بدون هذه العوامل".

تمييز ووعودات

وفي هذا السياق، قال رئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية ورئيس مجلس عارة- عرعرة المحلي، المحامي مضر يونس، لـ"عرب 48" إن "عملية التمييز واضحة في كل المعايير، سواء كانت في هبات الموازنة أو مدخولات ضريبة المسقفات (الأرنونا) التي تدفعها الحكومة للسلطات المحلية وصندوق تقليص الفجوات. ورغم اعتراف وزارة الداخلية بالإجحاف ضد السلطات العربية، لم تفعل ما هو مطلوب لتصحيح التمييز، فعندما نتوجه لوزارة المالية تدعي أنها خصصت الموارد اللازمة ويجب تغيير المعايير في وزارة الداخلية لإعادة التوزيع بشكل عادل، ولدى التوجه لوزارة الداخلية تدعي الوزارة أن الموارد المالية قليلة، وأنه إذا أعدنا صياغة المعايير فهناك أضرارا ستقع على سلطات محلية يهودية ضعيفة، والحل هو زيادة الموارد، ونتيجة لضغطنا حصلنا على وعد من وزارة الداخلية لتغييرات في معادلة هبات الموازنة حتى تنفيذ هذا الأمر بشكل عادل ومعايير صحيحة تحصل بموجبها السلطات المحلية العربية على ما تستحق".

المحامي مضر يونس

وعن التمييز في مدخولات ضريبة المسقفات (الأرنونا) التي تدفعها الحكومة للسلطات المحلية، قال يونس إنه "من الواضح أنها تتركز فقط في السلطات المحلية اليهودية والمناطق الصناعية، وهو ما يوجب عملية تصحيح ستجابه بمعارضة السلطات المحلية اليهودية، وهذا التصحيح عالق في وزارة الداخلية ولم ينفذ بعد. وكذلك الأمر فيما يتعلق بصندوق سد الفجوات فقد قطعت وعودات وحتى رصدت أموال، ولكنها لم تصل للمجتمع العربي، لغاية الآن. التمييز مستمر، وبالرغم من اعتراف وزارة الداخلية والحكومة بهذا التمييز لم يرفع التمييز حتى يومنا هذا. هناك وعودات وجلسات دائمة ونفذّت بعض التوصيات، ولكن كثير منها لم ينفذ بعد".

وختم رئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية بالقول: "لن تكتفي اللجنة القطرية بهذه الوعودات، وسنواصل النضال وقد نلجأ للمحكمة العليا، ولكننا في ظل أزمة صحية في هذه الأيام، ومع ذلك سنواصل مطالبتنا ولن نتنازل عن حقنا. السلطات المحلية العربية تطالب بفتح مكاتب حكومية في قرانا ومدننا لما في ذلك من إتاحة خدمات وتعزيز بلداتنا واقتصادها، وبذلك أيضا تعزز سلطاتنا ماليا من مدخولات ضرائب المسقفات (الأرنونا)".

نقاشات

وقال المستشار الاقتصادي للجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية والمحاسب علاء غنطوس، لـ"عرب 48" إن "التقرير المشار إليه في معهد أبحاث الكنيست بمعظمه يستند إلى معطيات كنا قد عملنا عليها في اللجنة القطرية".

المستشار الاقتصادي علاء غنطوس

وأكد أنه "هناك نقاش مع الحكومة حول صندوق تقليص، وسنعقد جلسة مع وزارة الداخلية في العاشر من آب/ أغسطس، ونأمل أن نحقق فيها تقدما معينا، علما أن هذه المعايير هي معايير وزارية في الداخلية، ولكن حتى الآن لا يمكن التصريح قبل أن نحقق تقدما حقيقيا في هذا الجانب".

التعليقات