دمج النساء العربيات في سوق العمل: تحديات ومعوقات 

كشفت دراسة بحثية أعدها طاقم المنتدى الاقتصادي العربي العقبات والعراقيل أمام مشاركه النساء العربيات في سوق العمل الإسرائيلي، وتناولت الدراسة العوامل الكامنة خلف المعدل المتدني لمشاركة النساء العربيات في سوق العمل، مقارنة بالنساء اليهوديات.

دمج النساء العربيات في سوق العمل: تحديات ومعوقات 

إقبال واسع للفتيات العربيات على التعليم الجامعي (عرب 48)

*معدل المشاركة للنساء العربيات في سوق العمل 37%

*3 من كل 4 نساء عربيات خارج سوق العمل مقارنة بامرأة واحدة فقط من كل 4 نساء يهوديات

*النساء العربيات أكثر عرضة للتقاعد قبل سن 55 من النساء اليهوديات بنسبة 16.8%

*تجاوز التحصيل التعليمي الجامعي والأكاديمي للمرأة العربية 15.63% في العام 2016


كشفت دراسة بحثية أعدها طاقم المنتدى الاقتصادي العربي العقبات والعراقيل أمام مشاركه النساء العربيات في سوق العمل الإسرائيلي، وتناولت الدراسة العوامل الكامنة خلف المعدل المتدني لمشاركة النساء العربيات في سوق العمل، مقارنة بالنساء اليهوديات، وذلك مع أنّ التحصيل التعليم العالي عند هذه الشريحة، واعتمدت الدراسة على مصادر بيانات جديدة لتحديد العوامل المختلفة التي توضح الفجوة في الأجور والمدخول بين النساء اليهوديات والعربيات.

وتناولت الدراسة عوامل يمكن أن تفسر المعدلات المنخفضة لانخراط النساء العربيات في سوق العمل، وهي: العوامل الاجتماعية الاقتصادية مثل العمر والدراسة، والعوامل الثقافية مثل التدين عند المرأة- الفرد وأسرتها، والسياسات العامة للحكومة الإسرائيلية مثل سياسات رعاية الأطفال، والمواصلات، والتقاعد المبكر للنساء العربيات من سوق العمل.

ارتفاع معدل التعليم العالي بين النساء العربيات

وأظهرت الدراسة البحثية أن هذه العوامل تؤثر على احتمالات مشاركة النساء العربيات في سوق العمل، ولعل أبرز المحاور التي بحثتها بعمق التقاعد المبكر عند النساء العربيات، إذ كان معدل المشاركة في سوق العمل بين النساء العربيات أقل مما هو بين النساء اليهوديات وبين الرجال العرب.

واعتمدت الدراسة التي أشرف عليها وشرع في إعدادها د. سامي ميعاري، ود. مها صباح كركبي وبروفيسور نبيل خطاب، على بيانات وإحصائيات رسمية حول مسح في سوق العمل الإسرائيلي بين الأعوام 1995 ولغاية 2016، وبيانات المسح الاجتماعي بين الأعوام 2002 ولغاية 2016، إذ تمثلت الخاصية الرئيسة للمسح الاجتماعي في أنه يتضمن معلومات تفصيلية عن العوامل الدينية والثقافية التي قد تؤثر على المشاركة في سوق العمل.

تحسين التحصيل التعليمي للإناث مقارنة بالتحصيل التعليمي للذكور

ووفقا للمعطيات، فإنه في العام 2016 كانت 3 من بين كل 4 نساء عربيات خارج إطار سوق العمل مقارنة بامرأة واحدة فقط من كل 4 نساء يهوديات، وسعت دراسات متعددة البحث وتفسير استمرار هذا المعدل المنخفض في نسبة النشاط الاقتصادي بين النساء العربيات في سوق العمل الإسرائيلي، بالتركيز على المؤثرات الثقافية مثل الدين، والمعايير الجندرية، وأيضا الحيز الجغرافي المنفصل وانعدام المواصلات العامة، والسياسات الحكومية، والتمييز من قبل أرباب العمل على أسس إثنية/ الجنسية أو الدين.

تحولات ومشاركات

شهد المجتمع العربي في البلاد الذي يشكّل 21% من مجموع السكان تغييرا اجتماعيا هائلا في العقود الأخيرة، خاصة الزيادة الملحوظة في التحصيل التعليمي بين النساء، وأدى ذلك إلى جذب المزيد من النساء العربيات إلى سوق العمل، ولكن معدلهن لا يزال منخفضا حتى يومنا هذا مقارنة حتى بالرجال العرب.

عدم توفير الأطر لرعاية الأطفال يعيق انخراط النساء العربيات في سوق العمل

وبحسب البيانات التي نشرتها دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، كان معدل المشاركة للنساء العربيات في سوق العمل بالبلاد (تتراوح أعمارهن بين 25 و54 عاما) حوالي 10% حتى مطلع التسعينيات، عندما بدأ الارتفاع ببطء، ليصل إلى 21% عام 2001، وارتفعت إلى 37% في العامين الأخيرين (2018-2019). وبالمقارنة مع الرجال العرب فإن 67% في سوق العمل.

وبالمقارنة، كان معدل المشاركة في سوق العمل بين النساء اليهوديات والنساء في البلدات المتقدمة مرتفعًا للغاية، إذ أشارت تقديرات حديثة إلى أن 70% من النساء اليهوديات في إسرائيل يشاركن بنشاط في سوق العمل، في حين أن هذه المشاركة تصل إلى 78% بين النساء في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والنساء في أميركا، فيما أشارت المعطيات إلى أن النساء العربيات أكثر عرضة للتقاعد قبل سن 55 من النساء اليهوديات بنسبة 16.8%، بشرط التحصيل التعليمي والمهنة.

التعليم والعمل

يبدو أن معدل المشاركة المنخفض للمرأة العربية في إطار سوق العمل الإسرائيلي أمر غريب بالنظر إلى الزيادة في التحصيل التعليمي بين النساء العربيات، ففي العام 1970 كانت نسبة النساء العربيات في البلاد الحاصلات على تعليم ابتدائي أو ثانوي 38%، وارتفع هذا الرقم إلى 78.27% في العام 2011. وفي عام 2001 حصلت 5.7% من النساء العربيات على التعليم العالي والأكاديمي، وتجاوز التحصيل التعليمي الجامعي والأكاديمي للمرأة العربية 15.63% في العام 2016.

إقبال منقطع النظير للفتيات العربيات على مهنة التدريس

إضافة لذلك، تجاوز التحصيل التعليمي للمرأة العربية مثيله لدى الرجال العرب في البلاد، ففي عام 2016 بلغت نسبة الرجال العرب الذين حصلوا على تعليم عال لفترة أكثر من 16 سنة 13.95%، بينما كانت النسبة 15.66% للمرأة العربية، ولا يزال تحسين التحصيل التعليمي للإناث مقارنة بالتحصيل التعليمي للذكور مستمرا حتى يومنا هذا.

وفي حين أن الدراسات السابقة أظهرت بوضوح أهمية هذا الموضوع فإن مساهمتها في تقديم أجوبة حاسمة لتفسير المعدل المنخفض لمشاركة النساء العربيات في سوق العمل الإسرائيلي يبقى غير كاف ومنحاز إلى حد بعيد.

ويعود ذلك لثلاثة أسباب: الأول أن معظم هذه الدراسات قدمت في البداية تفسيرات ترتكز إلى أدبيات راسخة وذات اعتبار، وثانيا أن معظم هذه الدراسات غير قادرة على أن تفحص الادعاءات ذات الصلة في تأثير الثقافة، وثالثا أن الهم الأول لهذه الدراسات هو شرح لماذا يكون الأكثر احتمال عند النساء العربيات عدم دخولهن سوق العمل، في حين كان ثمة اهتمام أقل لمعرفة سبب اتجاه النساء العربيات إلى ترك سوق العمل بنسب أعلى بكثير مما عند النساء اليهوديات أو بين الرجال العرب.

الجذب والطرد

وخلافا لما تناولته الأدبيات السابقة، تناولت الدراسة البحثية للمنتدى الاقتصادي العربي أربعة عوامل التي من شأنها أن تحدد مشاركة النساء العربيات في سوق العمل، العامل الأول اجتماعي واقتصادي، مثل التحصيل التعليمي، والعامل الثاني المعتقدات الثقافية والمواقف تجاه النساء العاملات خارج المنزل، فمن المرجح أكثر أن تواجه المرأة العربية المعايير والقيود التقليدية، فيما يتعلق بمشاركتها في سوق العمل الرسمي، ولا سيما في العائلات المحافظة والمتدينة. بينما العامل الثالث بنية الأسرة وسياسات رعاية الأطفال، فالنساء اللواتي لديهن عدد كبير من الأطفال في المنزل وإمكانية أقل في الحصول على دعم رعاية الأطفال تتضاءل الاحتمالات للمشاركة في سوق العمل، أما العامل الرابع فهو التقاعد المبكر للمرأة العربية من سوق العمل مقارنة بالنساء اليهوديات، ومن المرجح أنه يؤدي إلى تفاقم التفاوت في معدلات المشاركة في سوق العمل عبر المجموعتين.

ووجدت الدراسة أن العوامل الاجتماعية-الاقتصادية، والدينية- الثقافية، وكذلك العوامل المتعلقة بالسياسة العامة في إسرائيل مهمة في تفسير الفجوة بالمشاركة في سوق العمل بين المجموعتين، إذ اتضح أن النساء العربيات أكثر عرضة للتقاعد مبكرا من النساء اليهوديات.

وأظهرت الدراسة محور الاختلافات في سن التقاعد بين النساء اليهوديات والعربيات، لدى نساء عملن سابقا في مهن عالية المهارة، وذلك في مناقشة العوامل التي تسهل دخول المرأة العربية إلى سوق العمل أي عوامل الجذب، وأيضا استعراض عوامل الطرد التي تتسبب في اعتزال المرأة مبكرا لعملها.

فجوات وإنجازات

وثقت العديد من الدراسات نسبة المشاركة المتدنية للمرأة العربية في سوق العمل الإسرائيلي مع أنّ تحصيلها التعليمي عال، وعلى الرغم من أن متغيرات رأس المال البشري مثل التعليم العالي والحالة الاجتماعية مهمة في تفسير المشاركة في سوق العمل بين النساء العربيات في البلاد، فإن التركيز الوحيد على هذه العوامل لا يكفي لتفسير الفجوة في المشاركة بين المرأة العربية واليهودية.

وأظهرت الدراسة البحثية الاختلاف عبر المجموعات التعليمية في معدل المشاركة في سوق العمل، إذ تكون المشاركة في سوق العمل أعلى بين خريجات الجامعات اللواتي يعملن بشكل رئيس في الوظائف التي تهيمن عليها إناث مثل التدريس والتمريض والرعاية الاجتماعية. وكان معدل توظيف وتشغيل خريجي الجامعات مستقرا عبر الزمن.

70% من النساء اليهوديات يشاركن في سوق العمل الإسرائيلي

ومع ذلك، فإن معدل المشاركة فيسوق العمل بين النساء اللاتي حصلن على تعليم أقل يتزايد ببطء. لذا فإنّ الارتفاع الكلي في معدل المشاركة في سوق العمل للنساء العربيات ينبع بشكل أساسي من مزيج من الإنجازات التعليمية المتزايدة وزيادة التوظيف بين النساء الأقل تعليما.

توظيف وتقاعد

وثقت الدراسة البحثية اختلافين مهمين في مخرجات سوق العمل عبر المجموعتين. أولا، يتضاءل احتمال توظيف المرأة العربية أو مشاركتها في سوق العمل بأكثر من 25% مقارنة بنظيراتها اليهوديات، حتى عند الأخذ بالاعتبار عوامل اجتماعية واقتصادية وثقافية مهمة. ثانيا، من المرجح أن تتقاعد المرأة العربية مبكرا أكثر من نساء اليهوديات.

ووجدت الدراسة أن محور الاختلافات في سن التقاعد بين النساء اليهوديات والعربيات اللواتي عملن سابقا، وهذا يثير القلق إذ أنه حتى إذا كان تسلم مهنة عالية المهارة يوفر بعض الوسائل لتحسين النتائج الاقتصادية، فإن التقاعد المبكر للمرأة العربية التي تنخرط في هذه المهن سيعيق أي تقدم في سد الفجوة الاقتصادية بين النساء اليهوديات والعربيات.

وأشارت النتائج إلى أنه بمجرد تشجيع المشاركة في سوق العمل بين العمال الأصغر سنا، ينبغي اتخاذ تدابير لتأخير تقاعد النساء العربيات، إذ يمكن جني مكاسب المشاركة في سوق العمل طوال دورة الحياة وعبر الأجيال.

متغيرات وخدمات

وفي استعراض ودراسة للعوامل التي يمكن أن تسهم في الاختلافات بالمشاركة في سوق العمل بين النساء اليهوديات والعربيات، يتضح أن العوامل الاجتماعية الاقتصادية، الدينية والثقافية، وكذلك العوامل المتعلقة بالسياسة العامة للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وسياسة التمييز والإقصاء مهمة في تفسير الفجوة بالمشاركة في سوق العمل بين المجموعتين.

المرأة العربية تواجه عراقيل وتحديات مضاعفة

وأشارت هذه النتائج إلى أنه بالإضافة إلى تحسين فرص الوصول المؤسساتية مثل التعليم العالي وعمليات التجنيد للتوظيف والتشغيل، يجب على واضعي السياسات الانتباه أيضا إلى العوامل التكميلية التي قد تسهل تأثيرات مثل هذه المؤسسات.

وعلى سبيل المثال، لفت تأثير الثقافة والدين إلى أن المعايير الثقافية تؤثر على مشاركة المرأة في العمل، حتى عند تكييفها مع المتغيرات الاقتصادية القياسية مثل التحصيل التعليمي، وهذه النتيجة تتوافق مع بحث سابق في سياقات أخرى حول المرأة المسلمة.

وأشارت نتائج بحث المنتدى الاقتصادي العربي إلى أن خدمات رعاية الأطفال ووسائل النقل العام والمواصلات العامة الجيدة، وهي الخدمات التي يجب على الوزارات الحكومية توفيرها في البلدات العربية، يمكن أن تكون وسيلة مهمة لتشجيع مشاركة المرأة العربية في سوق العمل.

التعليقات