متعافون من كورونا: الأزمة كشفت الوجه الطيب لمجتمعنا العربي

بينما ينشط العالم لوقف انتشار فيروس كورونا، يسعى المتعافون من الفيروس إلى تقديم النصائح بالالتزام بالتعليمات الصحية، وباتخاذ نهج للشفاء لما قد يلحق بالمصاب وعائلته من آلام ومعاناة نفسية وجسدية إثر إصابته بالعدوى، ويبعث المتعافون رسائل أمل في مسار العلاج.

متعافون من كورونا: الأزمة كشفت الوجه الطيب لمجتمعنا العربي

نادية أبو الحوف ومحمد حجازي (عرب 48)

فيما ينشط العالم لوقف انتشار فيروس كورونا، يسعى المتعافون من الفيروس إلى تقديم النصائح بالالتزام بالتعليمات الصحية، وباتخاذ نهج للشفاء لما قد يلحق بالمصاب وعائلته من آلام ومعاناة نفسية وجسدية إثر إصابته بالعدوى، ويبعث المتعافون رسائل أمل في مسار العلاج.

قالت نادية توفيق أبو الحوف (55 عاما) من قرية دير حنا لـ"عرب 48": "كشفت جائحة كورونا الخير بين أبناء مجتمعنا العربي، إذ أنه خلال مكوثي للعلاج في مستشفى رمبام وفندق الحجر الصحي في نهريا، عبر أمامي أشخاص بثوب ملائكة الرحمة، إنهم كُثر وبينهم أفراد الطاقم الطبي في المستشفى، جميعهم من مجتمعنا العربي، عبروا حياتي وتركوا علامات فارقة كبيرة، شعرت بدفء العائلة الذي يكون المريض بأمس الحاجة إليه، عائلتي البعيدة القريبة عبر الهاتف، وعائلتي القريبة في المستشفى".

أصيبت أبو الحوف وجميع أفراد أسرتها، الأبناء والأحفاد وبينهم ابنها العريس وعروسته، إذ أحيت العائلة حفل زفاف مختصر في نيسان/ أبريل 2020 اقتصر فقط على حضور الأم والأخوات لتفادي أي إصابة بكورونا.

الالتزام بالتعليمات

وأضافت أبو الحوف أن "أبنائي شددوا على الالتزام بالتعليمات لأنني أعاني بعض المشاكل الصحية، فرفضوا إحياء حفل زفاف بعدد كبير من المدعوين حفاظا على سلامتي خاصة، ولعدم تعرضي لأية احتمال للإصابة بكورونا، ووجدت في حجر منزلي بالرغم من عدم إصابتي بالفيروس، إلا أنني أصبت خلال إجراء فحوص طبية".

وأكدت أن "كورونا سرقت من عمري شهرين، قضيتهم بين قسم العلاج المكثف في رمبام، ومستشفى الجليل الغربي في نهريا وفندق للحجر والراحة النفسية بعد التعافي من الفيروس. كانت مرحلة قاسية في حياتي، كنت أبكي شوقا لأرى أمي. رأيت الناس تموت أمام عيني، امرأة من طمرة تدهورت صحتها خلال 24 ساعة، كانت تنام على السرير بجانبي وتعاملت معها كأنها أمي، وكانت صدمتي كبيرة عندما بدأت تفارق الحياة ولا يوجد أي أحد من حولها، والمشهد مؤثر جدا وأنت ترى أولادها وأحفادها يبكون في الخارج، حُرموا حتى من قبلة الوداع، دون لمسة يد تمنحهم الطُمَأنينة حتى في ساعات الفِرَاقَ".

الخير في المجتمع

وتحدثت أبو الحوف بأمل بالرغْم من الدموع التي ذرفتها: "ما لمسته من خير من أهل مجتمعنا خلال مدّة العلاج جعلني أشكر كورونا لأتيقن من صدق قول النبي صلى الله عليه وسلم (الخير في وفي أمتي إلى يوم القيامة). نعم، لقد لمست الخير في أبناء شعبي، ولا أعلم إن كانت صدفة، ولكن جميع العاملين في أقسام كورونا هم من العرب، أذكر منهم الطبيب رائد محاميد، وغيره الكثيرين الذين منحوني الدعم لأرفض تدهور صحتي وسوء حالتي الصحية، فبفضلهم تمسكت بالحياة وقررت بأنني سأخرج من المستشفى بإرادتي وثقتي بالله، عدا المصابين الذين احتضنوني في فندق الحجر الصحي بعد الشفاء من الفيروس، إذ ودعوني بالغناء والتصفيق تعبيرا عن فرحهم بشفائي من كورونا، ليوصلوني محملة بالورود إلى عائلتي على بوابة الفندق".

وبعثت أبو الحوف في طيات حديثها الدعم لمصابي كورونا وعائلاتهم بأن المساندة والدعم هي أهم علاج للفيروس القاتل، وأكدت أن "عائلتي لم تفارقني في التواصل 24 ساعة، دعمهم كان رفيق دربي في العلاج، لهذا لا تيأسوا، ولتعلموا بأن حقنة الأمل غير مكلفة لنحقن بها أحبائنا".

وختمت أبو الحوف بالقول إنه "بالرغْم من شفائي من الفيروس إلا أن معاناتي لم تنته بعد الشفاء، فها أنا عدت للمستشفى لأمكث أسبوعا كاملا من جديد بسبب آلام في الرأس والعيون، وعدم المقدرة على النوم، عدا ضيق التنفس، لكني على ثقة بأن الله سيخرجنا وينجي جميع المصابين من هذا الوباء، وعند وصولي للبيت أول شيء قمت به الصلاة على أرض بيتي وخفت كثيرا ألا أعود لعائلتي".

شعور بالقلق

ووصف محمد خالد حجازي (32 عاما) من مدينة طمرة، لحظة تلقي نتيجة فحص كورونا، إذ انتابه شعور بالقلق خوفا من إمكانيته نقله الفيروس لأحبائه خاصة وأن والديه كبيرين في السن، أو لزملائه في العمل.

وقال حجازي لـ"عرب 48": "لا أعرف كيف أصبت بالعدوى، لكني شعرت بأعراض بسيطة مثل تغير في الصوت، وقررت المكوث في حجر صحي بعيدا عن أهلي لحماية الجميع. كان الحجر الصحي بمنزلة حبس منزلي لمدة 14 يوما".

وأضاف أن "تعامل بعض الناس معي بشفقة وحالة من الخوف مني، وبعد شفائي شعرت بأنني منبوذ، على الرغْم من أن البحوث تؤكد أن المتعافين من الفيروس أصبحت مناعتهم أقوى".

وختم حجازي بالقول إنه "علينا التعامل مع المناسبات جميعا بالحذر وفقط بإرسال رسائل تهنئة أو تعزية، فالأعراس نقلت العدوى للكثيرين في طمرة. مضى الأمر والحمد لله أنا بخير فقد اتخذت ثلاثة أمور أساسية خلال مدّة العلاج، الرياضة لأنها تنشط الدورة الدموية، والضحك ومشاهدة برامج كوميدية للراحة النفسية، والتواصل الدائم مع أحبتي لأستمد الأمل من كلماتهم الطيبة".

التعليقات