كورونا في رهط: غياب الزبائن عن المحال التجارية يعمّقُ الأزمة الاقتصادية

أثّر استمرار فرض التقييدات على عمل المحال التجارية في البلاد سلبا بسبب أزمة جائحة كورونا، وبدا واضحا غياب الزبائن عن المشهد التجاري لغاية اليوم.

كورونا في رهط: غياب الزبائن عن المحال التجارية يعمّقُ الأزمة الاقتصادية

المنطقة الصناعية القديمة في برهط (عرب 48)

أثّر استمرار فرض التقييدات على عمل المحال التجارية في البلاد سلبا بسبب أزمة جائحة كورونا، وبدا واضحا غياب الزبائن عن المشهد التجاري لغاية اليوم.

والمحال التجارية كغيرها في المجالات الأخرى تعاني أزمة اقتصادية خانقة إثر انخفاض معدلات الحركة الشرائية، وقد اضطر بعض أصحابها لإغلاقها والبحث عن عمل آخر أو المكوث في سوق البطالة دون حل يلوح في الأفق.

تُعدُّ مدينة رهط كُبرى البلدات العربية في النقب، جنوبي البلاد، مركزا لحركة تجارية واسعة في معظم أيام السنة، كونها المدينة العربية الوحيدة في المنطقة التي فيها شبكات تجارية كبيرة ومحال متوسطة وصغيرة توفر المنتوجات والخدمات لأهالي رهط وشرائح واسعة من المواطنين العرب في النقب.

المنطقة الصناعية الجديدة في رهط شبه خالية

لا تتوقف الحركة التجارية في المدينة أبدًا، لكن قد تضعف أو تتعزز مع اختلاف الظروف العامة والمحيطة، ومنذ بَدْء انتشار فيروس كورونا، في آذار/ مارس 2020، أغلقت محال تجارية أبوابها، وافتتحت محال جديدة بالرغْم من المخاطرة وتوصية معظم أصحاب الشأن بعدم المغامرة في هذه المرحلة.

توجد منطقتان صناعيتان في المدينة، الأولى "عيدان هنيغف" المشتركة بين رهط وبلدة "لهافيم" والمقامة على أراضي رهط، تشغلها بالدرجة الكبرى المصانع الضخمة وشبكات كبيرة، حسب الأهالي، تعود لأصحاب رأس المال، والحركة التجارية فيها غير نشطة وحجم العمل والإنتاج أصبح أقل بكثير بحكم الوضع الذي فرضته الجائحة.

العمال يعانون التقليصات

قامت المصانع القليلة في المدينة بعدة تقليصات منذ بدء الأزمة، وتختلف نسبة استقطاب المصانع المختلفة للعمال العرب، بالرغم من أن أحد أهداف نقل مصنع "سودا ستريم" من مستوطنة في منطقة الضفة الغربية إلى رهط كان فرصة لجلب شباب عرب للعمل، إلا أن ذلك لم يحصل، إذ إن عدد العمال من المدينة ليس كبيرا، والعمال بالرغْم من قلة عددهم تضرروا أيضًا، في هذه المرحلة.

سليمان النصاصرة

وقال العامل في مصنع "سودا ستريم" برهط، مصري أبو العسل، لـ"عرب 48" إن "أكبر المشكلات التي يواجهها العمال الذين بقوا في أعمالهم بعد تسريح العديد من العمال بسبب الأزمة هي تقليص إنتاجية المصانع ثم تقليص ساعات العمل، فلا يجد العامل ورديات عمل كافية والعديد من العمال بحاجة لها".

يختلف الأمر مع المنطقة الصناعية الأخرى، القديمة، في رهط ومعظمها محالها صغيرة أو ورشات ومصانع متواضعة عملت فيها عائلات من المدينة معظم حياتها، لا يحتمل الأهالي فيها إيقاف عملهم، والتعايش مع الجائحة أصبح ضرورة لضيق العيش والديون وسداد الإيجارات المرتفعة في المدينة.

ضعف القدرة الشرائية

تشعر بالضغط في أطراف رهط، لقمة العيش تحاصر الأهالي ولا سبيل للتوقف عن العمل دون مساعدات حكومية لأصحاب المصالح في ظل الأزمة. هم وحدهم في مواجهة الضائقة وسياسات الإغلاق المعلنة بهدف الحد من انتشار العدوى، ويتفق الجميع أن القدرة الشرائية للأهالي ضعفت وأصبحت أقل بكثير منذ ما قبل الأزمة.

هاني أبو زايد

وأكد صاحب محل دهانات في رهط، سليمان النصاصرة، على ضعف قدرة الناس على الشراء ما أثر بالشكل الأكبر على المحال التجارية.

وقال النصاصرة لـ"عرب 48" إن "الوضع سيئ، إذ تتكدس البضائع في المحال لوقت طويل. الناس في قلق من استمرار الوضع الحالي ولا تريد المخاطرة. لربما معظم العائلات في المدينة تعتمد على التجارة كمصدر رزق جزئي أو كامل لهم، ولا توجد مساعدات من الدولة أو أي جسم آخر لتوفير الحل".

المنطقة الصناعية الجديدة في رهط

وأضاف أن "البعض يضطر إلى التوجه للحصول على القروض البنكية من أجل استمرار المحال التجارية، ولهذا الأمر تداعيات خطيرة في المستقبل".

مقاه في أزمة

أكثر من 30 مقهى وملتقى للشباب ظاهرة للعين في شوارع رهط، انتشرت في الأعوام الأخيرة وتحولت لعنوان للشباب في النقب بهدف الراحة واللقاء. كانت المقاهي وجهة نشيطة وفعالة في المدينة، لكن أصحاب المقاهي للمرة الأولى يشكون من أزمة حقيقية ووضع اقتصادي صعب.

مقاه مغلقة في رهط

وقال صاحب مقهى "ليالي إسطنبول" في رهط، هاني أبو زايد، لـ"عرب 48" إن "الإغلاق مستمر منذ أشهر، وكسب العيش لأصحاب المقاهي في هذه المرحلة أمر في غاية الصعوبة".

وأضاف أن "السلطات لا ترى بنا أصحاب حق لكسب لقمة العيش، بل تفضل إغلاق محالنا دون محاولة لتوفير حل أو سماع صوتنا ووجهة نظرنا. نعلم جيدًا خطورة جائحة كورونا وجدية الوضع الراهن فقد ذاقت رهط الأمرين بسبب كورونا، ولكن لدينا العديد من الأدوات للحفاظ على السلامة العامة دون إيقاف عملنا بشكل كامل".

ورش صناعية تضررت بسبب أزمة كورونا

وأكد أن "المقاهي ليست مجرد مكان لقضاء الوقت فهي كغيرها من المحال مصدر دخل لعائلات عديدة. لدي في المحل 6 عمال وهم متزوجون ولهم أبناء يتصلون بي كل يوم لمعرفة موعد العودة إلى العمل، إضافة إلى وصول زبائن يوميًا من معظم قرى النقب لزيارة المقهى وهو مغلق في وجههم. وأشير إلى أن بناء هذا المكان تطلب جهدا جبارا ومبلغا ماديا كبيرا، واستمرار هذا الوضع يهدد بخسارته، اليوم".

الورش تنتظر التسهيلات للعودة إلى العمل بانتظام

وختم أبو زايد بالقول إنه "أغلقنا المحل في شهر رمضان، ومن ثم خلال الإغلاق بسبب كورونا، وفي كل مدّة نتلقى إخطارات بالإغلاق. الإغلاق مستمر منذ أسابيع وأعلمونا باستمراره أسابيع أخرى. نرى ألا توجد حاجة للإغلاق الكامل للمحال في حال توفر إجراءات السلامة، فالمحال الكبيرة تستطيع تقسيم أعداد الزبائن والحد من تواجدهم. لم نسمع حتى اليوم عن انتشار العدوى في مقهى، وللأسف انتشار كورونا سببه الأعراس والشبكات التجارية الكبيرة. سياسة الإغلاق غير مهنية ولا ترانا بالمرة".

التعليقات