القتل يهزّ باقة وجت ويوحّدهما: اجتماع تشاوري وترقب لوصول جثامين الضحايا

تسود أجواء من الحزن والغضب في قرية جت ومدينة باقة الغربية في منطقة المثلث، غداة ليلة دامية قتل فيها 3 أشخاص في جريمتي إطلاق، في استمرار لموجة العنف المتصاعدة في المجتمع العربي.

القتل يهزّ باقة وجت ويوحّدهما: اجتماع تشاوري وترقب لوصول جثامين الضحايا

الحشود تصل إلى ديوان باقة الغربية ("عرب ٤٨")

تسود أجواء من الحزن والغضب في قرية جت ومدينة باقة الغربية في منطقة المثلث، غداة ليلة دامية قتل فيها 3 أشخاص في جريمتي إطلاق داخل باقة الغربية وعند أحد مداخلها، في استمرار لموجة العنف المتصاعدة في المجتمع العربي.

وحتى هذه اللحظات، لم يُعلن موعد وصول جثامين الضحايا: أمير أبو حسين (25 عامًا) من باقة الغربية، وأحمد (33 عامًا) ومحمّد (41 عامًا) جميل شرقيّة من قرية جت، وهما خالا أمير الذي تعرض لإطلاق النار في محله الواقع وسط باقة الغربية، قبل أن يلحق قريباه بسيارة الإسعاف للاطمئنان على الضحية ويتعرضا لإطلاق النار من قبل مجهولين.

أمير أبو حسين (من اليمين) والشقيقان أحمد ومحمد شرقية

وترغب العائلات في الإسراع إلى دفن أبنائها، وتكثفت الاتصالات مع الجهات المسؤولة في محاولة للضغط من أجل عدم المماطلة في تحريرها من معهد الطب الشرعي في "أبو كبير"، وتسعى إلى إجراء الجنازة خلال اليوم.

وعقد مجلس جت المحلّي وبلديّة باقة الغربيّة، ظهر اليوم، اجتماعًا طارئًا في ديوان باقة الغربية، بمشاركة وفود عن لجنة المتابعة والقائمة المشتركة واللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحليّة، وناشطين وفاعلين اجتماعيين وسياسيين في باقة الغربية وجت.

وفي حديث لـ"عرب ٤٨"، قال عم الضحيتين من جت، الأستاذ شريف شرقية، إن العائلة حتى الآن لا تصدق هول الفاجعة، ولا تصدق أن أحمد ومحمد راحا ضحايا لجريمة قتل، "شابان ليس لهما أية علاقة بعالم العنف والجريمة، لا من قريب ولا من بعيد".

وعن المرحومين روى أنهما كانا مقبلين على الحياة، وقال إن "أحمد كان يحب الطبيعة والحيوانات، وكان يقضي أوقات فراغه في التجول في الجبال والطبيعة، وهو يعمل في مجال الكهرباء ولديه 3 أطفال، رزق بآخرهم قبل أشهر، ومحمد كذلك كان شخصا ناجحا، يعمل كمدير في مجال البناء، ولديه 3 أطفال ورزق بآخرهم قبل 7 أشهر.

وحمل شرقية المسؤولية للمؤسسة، وقال إن "الشرطة لو أرادت لاستطاعت أن تقطع دابر الجريمة خلال فترة قصيرة، كما فعلت في نتانيا، ولكن هي تغذي الجريمة. والمحزن أنها تقيّدنا في كل شيء، إلا في الجريمة تعطينا استقلالية، من سلاح وعمليات قتل".

وفي رسالة إلى أهالي بلده قال شرقية: "على الجميع أن لا يصمت على الجريمة، نحن في بداية الهاوية، مجتمعنا يقدم على الانتحار إذا استمر الأمر كما هو عليه، يجب علينا أن نصحو وأن نتكاتف لنوقف هذا القتل الذي يسلب حياة الأبرياء ويتسبب بالمآسي".

من جانبه، دعا جد ضحية جريمة القتل أمير، الحاج جميل أبو حسين، "الجماهير العربية للخروج إلى الشوارع قبل أن يدخل القتل كل البيوت وتكون الدماء في كل شارع وشارع"، مشددا على أنه "يجب علينا أن نتجمع ونوحد الصفوف والا كان متأخرا".

وعن أمير، روى أبو حسين أنه "كان شابا مميزا، وكان متفوقا في المدرسة ومتعلما، لم يتوقع أحد أن يصل الإجرام إلى هذا الحد، إذا قتل شاب بصفات أمير، فنحن كلنا تحت طائلة القتل".

وفي هذا السياق، أعلنت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، عن مسيرة عند التاسعة من صباح يوم الإثنين المقبل، تحمل الأعلام السوداء من مفترق كفر قرع إلى القدس، على طول شارع رقم 6.

الجريمة بلا عقاب: مقتل 1600 عربي منذ العام 2000

وحملت قيادات المجتمع العربي، الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، مسؤولية استفحال العنف والجريمة بالمجتمع العربي، واتهمت قيادة الشرطة بالتقاعس عن مكافحة العنف والجريمة وفوضى السلاح والتواطؤ مع عصابات الإجرام ومنحها الحصانة لمواصلة سفك الدماء وارتكاب الجرائم في البلدات العربية.

يأتي ذلك فيما وصل عدد ضحايا جرائم القتل في المجتمع العربي منذ العام 2000 حتى اليوم، إلى 1600 قتيل، وسجل العام 2020 الجاري، معدلا قياسيا لجريمة قتل بسقوط أكثر من 100 ضحية، فيما تمتنع الشرطة عن فك رموز الجرائم ليبقى الجناة دون عقاب.

وخلال الجلسة التشاورية، التي شارك فيها العديد من رؤساء السلطات المحلية والنواب العرب عن القائمة المشتركة وأعضاء لجنة المتابعة العليا والنشطاء بالفعاليات الحزبية والشعبية والجماهيرية والقوى الوطنية، تم استعراض البرامج والفعاليات الاحتجاجية التي ستنظم مستقبلا وتنطلق يوم الإثنين المقبل، بمسيرة سيارات من البلدات العربية لتحط في القدس قبالة الكنيست والمكاتب الحكومية.

وتوجه رئيس بلدية باقة الغربية، المربي رائد دقة، إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، وقيادة الشرطة، قائلا: "نتوجه لنتنياهو وقيادة الشرطة لينظروا في عيون ووجه عائلات ضحايا العنف والجريمة في المجتمع العربي، ماذا تقولون وأنتم تتبجحون بأنكم تعملون جاهدين لمكافحة الجريمة في المجتمع العربي؟!".

رئيس بلدية باقة الغربية، المربي رائد دقة ("عرب ٤٨")

ووجه دقة انتقادات شديدة اللهجة إلى قيادة الشرطة والمسؤولين بالحكومة واتهمهم بالترويج للعنف بصمتهم وتقاعسهم، وجر المجتمع العربي إلى حرب أهلية وزرع بذور الفتنة والاقتتال وترك المجتمع العربي وحيدا ليحارب ويقف أمام عصابات الإجرام، بدلا من أن تقوم الشرطة وسلطات إنفاذ القانون بواجبها ومهامها بمكافحة العنف والجريمة.

ودعا رئيس بلدية باقة لعقد اجتماعا تأسيسي يخرج عنه مجلس عربي استشاري يقر خطوات عملية وخطة عمل لمكافحة آفة العنف والجريمة، مؤكدا أن على المجتمع العربي عدم انتظار الشرطة، بل عليه أن يأخذ مصيره بيديه، مشيرا إلى أن كافة الدلائل تؤكد أن مختلف الوزارات الحكومية تهمش العرب وتمتنع عن معالجة ظاهرة الإجرام بالمجتمع العربي بشكل جذري، وسط تقاعس متعمد من قبل الشرطة التي تمتنع عن الردع وفشلت بمكافحة فوضى السلاح وفك رموز جرائم القتل.

وأضاف دقة أنه "لقد حان الوقت لنعمل على إخراج عصابات الجريمة من البلدات العربية مهما كلفنا الأمر. وللأسف الشديد تجد بالمجتمع العربي من يتملق ويداهن ويجامل ويتعامل مع هذه العصابات التي بات العديد من عناصرها يتقدمون محافل الإصلاح، لذا علينا أن نكون بوقفة رجل واحد أمام العصابات وحاملي السلاح".

من جانبه، دعا رئيس اللجنة الشعبية في باقة الغربية، الشيخ خيري إسكندر، إلى تفعيل برنامج نضالي طويل الأمد ونقل الاحتجاجات والاعتصامات إلى كبرى المدن الإسرائيلية وممارسة الضغوطات على الحكومة للقيام بخطوات عملية لمكافحة العنف والجريمة بالمجتمع العربي من خلال خطوات عملية وليس خططا حكومية لا تحمل بمضمونها إلا الشعارات.

وأوضح إسكندر أن المجتمع العربي يعيش منذ العام 2000 بحالة من الانفلات وانعدام الأمن والأمان للمواطن، حيث قتل خلال عقدين من الزمن 1600 عربي بجرائم عنف وسلاح وطعن، وهذه الإحصائيات الدموية من أعلى الإحصائيات في العالم.

وأكد رئيس اللجنة الشعبية في باقة العربية أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تتحمل مسؤولية ما يحصل في المجتمع العربي، كونها اعتمدت إستراتيجية السكوت والصمت عن الجريمة، والعنف، والفساد، والقتل في البلدات العربية، الأمر الذي يؤكد أنهم يقفون وراء هذه الجرائم ويغذون بصمتهم العنف والجريمة بين المواطنين العرب.

ذات الموقف عبر عنه رئيس مجلس جت المحلي، المربي خالد غرة، الذي أكد أن الشرطة هي جزء من المشكلة وليست الحل، لافتا إلى أن المجتمع العربي تقع عليه مسؤولية أيضا، وأوضح أن جميع مركبات المجتمع تقع عليها مسؤولية ولديها تقصير في مكافحة آفة العنف ومظاهر الجريمة.

رئيس مجلس جت المحلي، المربي خالد غرة ("عرب ٤٨")

وحذر رئيس مجلس جت من تداعيات وتفاقم العنف والجريمة بحال استمر نهج القصور، داعيا إلى تدارك الأمور من خلال القيام بخطوات عملية ذات طابع جدي واستمرارية الفعاليات والبرامج التوعوية والتثقيفية للنشء بكل قرية ومدينة عربية لوقف غول وشبح الإجرام.

وأوضح غرة أن "الأوضاع ما عادت تحتمل، فالعنف يتهدد كل بيت عربي والمواطن بات رهينة لمظاهر الجريمة"، متهما نهج نتنياهو بالتشجيع على العنف والجريمة والفوضى وتغييب سيادة القانون، قائلا: "عندما يرى المواطن العادي رئيس الحكومة يعتمد سياسة إحراق الأخضر واليابس للبقاء في منصبه، فإن ذلك يشجع المواطن لارتكاب المخالفات والعنف بغياب الرادع، خصوصا وأن من يقف على رأس الهرم يتصرف وكأنه فوق القانون".

وطالب رئيس مجلس جت المتابعة والمشتركة واللجنة القطرية للرؤساء بالدفع نحو تقديم طلبا للكنيست وللحكومة الإسرائيلية من أجل إقامة لجنة تحقيق رسمية حيال استفحال العنف والجريمة الذي بات يهدد النسيج المجتمعي والعائلي، لافتا إلى أن رب الأسرة بات يخشى أن يخرج ولده إلى الشارع ويعود إليه جثة هامدة.

بدوره، أوضح رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية محمد بركة، أن المؤسسة الإسرائيلية بكافة أذرعها تمنح الحصانة لعصابات الإجرام لتمارس سفك الدماء والعنف والقتل في البلدات العربية، واتهم جهاز الشرطة بالتواطؤ بالصمت ومنح الحصانة لعصابات الإجرام ولتجار السلاح وتجنبهم الملاحقة والعقاب.

واستدرك بركة قائلا إن "النهج الشرطة هذا لا يعفينا كمجتمع من قيادات وأحزاب ونواب ورؤساء سلطات محلية وعائلات من المسؤولية، علما بأن جميع فعاليات التسامح والحوار ونبذ العنف والتثقيف والتوعية التي نقوم بها، لا يمكن أن تصمد لوحدها قبالة من يروج للعنف ومن يخرق القوانين خصوصا وأنهم يحصلون على الدعم والحصانة وسط تواطؤ حكومي رسمي".

وحمل رئيس لجنة المتابعة، الحكومة الإسرائيلية، مسؤولية استفحال العنف والجريمة بالمجتمع العربي، قائلا إن "كل نقطة دماء تسفك بالمجتمع العربي يتحمل مسؤوليتها ليس فقط من يضغط على الزناد، وإنما أيضا الشرطة والحكومة الإسرائيلية التي تستعرض بين الحين والآخر خططا ما هي إلا مجرد حبر على ورق وفي جل مضمونها تدفع نحو تجنيد وانخراط الشبان العرب بالخدمة بسلك الشرطة تحت ذريعة مكافحة العنف والجريمة بالبلدات العربية".

ودعا بركة المجتمع العربي إلى رص الصفوف والوحدة والعمل باستمرارية حتى اجتثاث العنف والجريمة، قائلا إن "المجتمع العربي يتواجد بخندق واحد لمكافحة العنف، لكن هناك من يحاول إشعال حرب داخلية لتفكيك المجتمع وإبعاده عن قضاياه الحارقة قبالة المؤسسة الإسرائيلية، وفي الخندق الثاني تتواجد عصابات الإجرام وتجار السلاح الذي يحظون بحصانة من مختلف أذرع المؤسسة الإسرائيلية التي تهدف لتفكيكنا والنيل منا كمجتمع".

رئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية، مضر يونس ("عرب ٤٨")

واتفق رئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، المحامي مضر يونس، مع طرح بركة، وقال إن "العنف بات يتهدد الجميع بمن فيهم رؤساء الحكم المحلي العربي، حيث تظهر المعطيات الرسمية أن 15 رئيس سلطة محلية عربية يتواجدون بدائرة الاستهداف والتهديد من قبل عصابات الإجرام، إذا بات المواطن العربي ببلده يفقد الأمن والأمان ويعيش بخوف من هواجس العنف والجريمة".

ولمواجهة هذا الواقع الذي وصفه يونس بالكارثي والمأساوي، اقترح رئيس اللجنة القطرية بأن تبادر كل سلطة محلية عربية برصد ميزانيات من الميزانية العادية توظف من أجل تفعيل برامج توعوية وتثقيفية تحت الحوار والتسامح ونبذ العنف، على أن تكون هذه الفعاليات من المرحلة الابتدائية وذلك بغية إنقاذ النشء والأجيال الشابة وإبعادها عن دائرة خطر العنف المستقبلي الذي يتهدد المجتمع.

وأوضح يونس أنه لا يمكن فصل العنف والجريمة عن الأوضاع الاجتماعية، والاقتصادية، والتربوية، والتعليمية ومعدلات الفقر والبطالة وأزمة السكن وانعدام مسطحات الأراضي والمساكن للأزواج الشابة، وهي سياسات التمييز والعنصرية التي تنتهجها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تجاه المجتمع العربي وتشكل بيئة ودفيئة للعنف ومظاهر الجريمة.

التعليقات