الناصرة: يوم دراسي حول قضايا الأحوال الشخصية والنضال النسوي

عقد اليوم، السبت، يوما دراسيا تحت عنوان "الجندر، الدين والدولة: قضايا الأحوال الشخصية والنضال النسوي الفلسطيني" في فندق "ليجاسي" بمدينة الناصرة، بمبادرة من مركز "مدى الكرمل" وبالتعاون مع لجنة العمل للمساواة و"كيان" تنظيم نسائي.

الناصرة: يوم دراسي حول قضايا الأحوال الشخصية والنضال النسوي

من اليوم الدراسي في الناصرة، اليوم (عرب 48)

عقد اليوم، السبت، يوما دراسيا تحت عنوان "الجندر، الدين والدولة: قضايا الأحوال الشخصية والنضال النسوي الفلسطيني" في فندق "ليجاسي" بمدينة الناصرة، بمبادرة من مركز "مدى الكرمل" وبالتعاون مع لجنة العمل للمساواة و"كيان" تنظيم نسائي.

وافتتحت رئيس الهيئة الإدارية لمدى الكرمل، بروفيسور نادرة شلهوب كيفوركيان، اليوم الدراسي بالترحيب بالحضور وتطرقت إلى النضال النسوي واستثمار الجهود في ظل نظام قمعي، معتبرة أن النضال النسوي قضية سياسية بالدرجة الأولى لذلك من غير الواضح في هذه الحالة أي خطاب يمكن للنساء أن تتبناه؛ هل هو الخطاب الليبرالي أم الخطاب النقدي أم الخطاب الذي تتبناه النساء اليوم في قضايا الأحوال الشخصية وهو النضال اللولبي للخروج من الدوائر المغلقة والفخاخ التي تنصب لهن على مستوى الجندر والدين والدولة.


وأضافت "كيف ينعكس هذا النضال على المشاهد المختلفة لو نظرنا إلى قضية تعدد الزوجات أو القضايا الاجتماعية الأخرى، ودور الهوية الفلسطينية في قراءة الأحوال الشخصية"؛ وتطرقت إلى موضوع الرقابة وهل تخضع المحاكم الدينية للرقابة الحكومية ومن يراقب وكيف يراقب ومن تخدم هذه الرقابة، وتساءلت كيف يمكن للهوية الفلسطينية أن تعزز الصراعات والمعضلات وتنشئ تحالفات وتفاهمات بين رجال الدين والمؤسسات؟ واستندت إلى كتاب بروفيسور ميخائيل كريني "فخ التعددية: الدين والدولة والعرب الفلسطينيون في إسرائيل" الذي يقدم صورة جلية عن النضال النسوي ومن خلاله يمكن النظر إلى دور الدولة والسلطة ونتذكر أن الهدف هو السيطرة والقوة وبسط النفوذ من خلال الأحوال الشخصية، لذلك فإن النضال النسوي يتطلب تشخيصا سليما ودراسات جدية وتفكيك القوة وبناء أساليب توثيقية وثوابت للعودة إلى السؤال الأساس عن نوعية النضال الذي تخوضه النساء وما إذا كانت أدوات السيد قادرة أن تفكك بيت السيد.

بروفيسور نادرة شلهوب كيفوركيان

وناقشت الجلسة الأولى لليوم الدراسي كتاب "فخ التعددية: الدين والدولة والعرب الفلسطينيون في إسرائيل"، وهو من تأليف بروفيسور ميخائيل كرينّي الذي كان حاضرا في اليوم الدراسي.

وفي الجلسة الأولى التي تولت رئاستها الإعلامية، مقبولة نصار، تحدثت عضو لجنة العمال للمساواة في قضايا الأحوال الشخصية، المحامية نسرين عليمي، قائلة إن "الكتاب هو ثمرة 20 سنة بحثية. أذكر اليوم الذي زرت فيه مكتب بروفيسور ميخائيل كرينّي وبدأنا نتحدث عن نظام الملل الذي يقسم المواطنين في إسرائيل إلى ملل تحتكم في قضايا الأحوال الشخصية كل حسب ديانته، وميخائيل رأى بأن هذا النظام يسوّق وكأنه رمز للتعددية أو على أنه إنجاز، إلا أن ميخائيل ينظر إلى موضوع الدين والدولة في الإطار اليهودي ويرى كيف أن نقاش الدين والدولة في إسرائيل يتمخض فقط عن الدين اليهودي، بينما حين ننظر إلى الأقلية الإسلامية في إسرائيل فإنه يصبح غير واضح وليس جزء من المشهد القائم".

وكان المدير العام لمركز "مدى الكرمل"، د. مهند مصطفى، ثاني المتحدثين في الجلسة الأولى، وقال إن "الكتاب ينطلق من محاولة نقد مقاربة التعددية الثقافية في السياق الإسرائيلي، يفعل الكاتب بروفيسور كرينّي ذلك من موضعة نفسه في المنظومة الليبرالية منطلقا منها في نقده للتعددية الثقافية النظرية وفي السياق الإسرائيلي كحالة دراسية طارحا مسألة الدين والدولة في إسرائيل".

د. مهند مصطفى

وتطرق د. مصطفى إلى مسألتين في الكتاب وناقش كل منهما على حدة. المقولة الأولى هي أن التوق والشغف للاعتراف بالثقافة ومأسستها ضمن منظومة حقوقية ودستورية من خلال التعددية الثقافية حدثت من خلال التضحية بقيم ليبرالية تتعلق بحقوق الفرد، والتضحية بقيمة المساواة المواطنين كأفراد، والمساواة هي جوهر النظرية الديمقراطية، وقال إن هذا يمكن اعتباره فخ التعددية الثقافية فيما يتعلق بالمفهوم الليبرالي.

أما المقولة الثانية، تتعلق بسؤال الدين والدولة الذي ليس للمجموعة الفلسطينية في إسرائيل دورا فيه حيث أن التسويات في هذه المسألة تتم داخل مجموعات الأغلبية وتهميش الأقلية الفلسطينية، وقال إن إسرائيل تبنت نظام الملل العثماني ووسعته مستخدمة إياه لبناء واقع مزيف من التعددية الثقافية يستند إلى نوع من الاستقلالية الثقافية وتحديدا الدينية، معتبرا أن نظام الملل العثماني كان أكثر تقدما وتطورا من نظام الملل في إسرائيل.

وفي مداخلة لها عبر تطبيق "زووم"، سلطت المحاضرة في قسم العلاقات الدولية والقانون في جامعة "أنطونيو دي نيريخا" بمدريد في إسبانيا، د. سونيا بولس، الضوء على أن الكاتب نجح من خلال الكتاب في تفكيك الصورة الليبرالية الإسرائيلية، مشيرة إلى أن الغرب حتى وإن انتقد سياسات الاحتلال والتمييز الإسرائيلية فإنهم يرون فيها مساحة من الحريات الشخصية والمساواة الجندرية والحقوق الاجتماعية، فهذا هو الاعتقاد السائد والكتاب جاء ليفكك هذه الصورة.

وتابعت أن الكتاب يكشف عن عدة قوانين تتعلق بالزواج والطلاق وهي تثبت مدى الإجحاف اللاحق بالنساء الفلسطينيات في الداخل، وتقليص حرية النساء في المحاكم الدينية من خلال قوانين سنت قبل أكثر من 100 عام مثل "بيت الطاعة" وغيرها، وأكدت أنه لا يمكن استخدام تعبير "التعددية الثقافية" لوصف الحالة في دولة إسرائيل، مشيرة إلى أن هنالك ضرورة لاستيفاء عدد من الشروط من أجل تسمية التعددية الثقافية.

وعقب مؤلف الكتاب، بروفيسور ميخائيل كرينّي، على المداخلتين بالقول إن المنظومة الأمثل لتحسين الوضع القائم هي "لا إكراه في الدين" وينبغي أن تتاح حرية الاختيار بين الدين والعلمانية لكل مواطن، مضيفا أن "هذا ما أؤمن به أنا، ولكن هل هو جائز في واقعنا السياسي؟ الجواب هو لا، فلا نستطيع إلغاء المحاكم الدينية ولا نستطيع تجاهل الملل الموجودة، ويبقى السؤال ما العمل؟".

بروفيسور ميخائيل كرينّي

وذكر أن "الحل يمكن أن يكون من خلال استحداث نماذج من الدول والأنظمة العربية، تماما كل تبنى الدروز في البلاد نموذج الأحوال الشخصية السائد في لبنان، والقانون هناك متطور نسبيا فبالنسبة لتعدد الزوجات يمكن تبني قانون "الخلع" المعمول به في مصر مثلا، هو ليس النموذج الأفضل لكنه أكثر تطورا من الوضعية القائمة اليوم".

وفي الجلسة الثانية لليوم الدراسية التي ترأستها مديرة "كيان" تنظيم نسائي، رفاه عنبتاوي، شاركت د. عرين هواري في تقديم صول من رسالة الدكتوراة وواقع النساء في الشرق الأوساط ومقارنته بوضع المرأة العربية، واصفة وضع المرأة في هذه المنطقة بأنه ليس بالسهل، وتحدثت عن النضال النسائي المحلي المستمر منذ أكثر من 20 عاما، والذي يشبه النحت في الصخر حين يحاول تغيير أو تعديل القوانين في المحاكم الدينية.

د. عرين هواري

وتحدثت المحامية، ألحان نحاس داهود، التي تعمل في "كيان" وتواكب عمل الجمعية في المحاكم الدينية، وتمثل النساء في هذه المحاكم مشيرة إلى أن المحاكم الشرعية حققت قفزة نوعية من الناحية النظامية ونشر قراراتها على الملأ، حتى وإن كانت ما زالت ذكرية إلا أن وجوه القضاة تغيرت.

المحامية ألحان نحاس داهود

وأضافت الباحثة وطالبة الدكتوراة وزميلة الأبحاث في كلية القانون بالجامعة العبرية، بانة الشغري، إلى محور رسالة دكتوراة الباحثة عرين هواري، وهو أنّ "النضال النسوي للفلسطينيات في البلاد في قضايا الأحوال الشخصية محكوم ليس فقط بسياق استعماري، إنما بالذكورية الفلسطينية الداخلية وبيهودية إسرائيل"، عاملين أولهما الخلافات الدينية الداخلية اليهوديّة؛ وثانيهما "كون الدين اليهودي هو الحيّز العام فهو يحكم حيّزنا الديني الموجود في الحيّز الخاص".

وأوردت الشغري مثالا هو كيف أن ما منع النساء العربيات من أن يصرن قاضيات شرعيات في المحاكم الإسرائيليّة قبل العام 2015، هو ليس الدين الإسلامي، إنما النقاش الديني اليهودي الداخلي، خوفًا من أن يؤثر نجاح قاضيات شرعيات عربيات عليه.

المحامية بانة الشغري

وتولت إدارة الجلسة الثالثة والأخيرة مديرة مؤسسة نساء ضد العنف، نائلة عواد، التي أكدت في مداخلتها أن ائتلاف جمعيات نسوية مستمر في النضال منذ أكثر من 26 عاما، من خلال لجنة العمل للمساواة وأن ما يوحده هو أنه نضال نسائي وأنه لو لم يكن كذلك لما استمر طيلة هذه المدة.

وقالت إن النساء الفلسطينيات ساهمن في رفع مستوى الخطاب لتعديل قوانين الأحوال الشخصية ونجح إلى حد ما في قضية الزواج المبكر، إلا أن هذا النضال لا زال يصطدم مع التيارات الأصولية والدولة العنصرية.

وشاركت في نقاش الجلسة الختامية لليوم الدراسي كل من النائبة عايدة توما سليمان والنائبة السابقة حنين زعبي وبروفيسور ميخائيل كرينّي، قبل أن تقوم رفاه عنبتاوي ونسرين عليمي بتلخيص جلسات اليوم الدراسي.

نائلة عواد

التعليقات