المجتمع العربي: "الخطة الحكومية لا تفي بالمطلوب لمكافحة العنف والجريمة"

ارتفع عدد ضحايا جرائم القتل في المجتمع العربي بالبلاد، منذ مطلع العام ولغاية اليوم، إلى 60 قتيلا، وذلك في أعقاب الجريمة التي ارتكبت في حيفا وسقط ضحيتها أنس سليماني (41 عاما) من حي الحليصة بالمدينة، فجر اليوم الثلاثاء.

المجتمع العربي:

من مظاهرة مجد الكروم ضد العنف والجريمة (أرشيف عرب 48)

ارتفع عدد ضحايا جرائم القتل في المجتمع العربي بالبلاد، منذ مطلع العام ولغاية اليوم، إلى 60 قتيلا، وذلك في أعقاب الجريمة التي ارتكبت في حيفا وسقط ضحيتها أنس سليماني (41 عاما) من حي الحليصة بالمدينة، فجر اليوم الثلاثاء.

وقال مُركّز لجنة مواجهة العنف والجريمة في اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، محمود ناجي نصار، إن "شلال الدم والواقع المأساوي الذي يعيشه المجتمع العربي، والذي نرى نتيجته في عدد جرائم القتل، لكنه في الواقع لا ينحصر على عدد الجرائم رغم أهميته، وإنما حجم ظاهرة العنف هو أكبر من ذلك بكثير، فيوميا هناك حوادث إطلاق نار وإحراق سيارات وسرقة ونهب في البلدات العربية، وهي بالتالي تؤدي إلى إصابات وجرحى وعداء وخصام والعديد من المشاكل الأخرى، ولم نعد قادرين على تتبع الأحداث واستيعاب الواقع الذي نعيشه، وبالتالي ينبغي علينا توجيه ضربة قاضية وحازمة من قبلنا كمجتمع، كرد فعل على الذي يحدث في البلدات العربية، وبالمقابل رد فعل قوي من قبل الحكومة. ما يصعّب على النضال الشعبي - الجماهيري والخروج إلى الشوارع والمفارق هو وباء كورونا، فقد شبعنا من الشعارات ومن الحديث عن خطط، وآن الأوان لهذه الحكومة أن تبدأ بالعمل. للحقيقة نشاهد بعض التحرك ومداهمة عصابة إجرام هنا وهناك في الفترة الأخيرة، ولكن هذا لا يكفي".

محمود نصار

"عرب 48": هل تعتقد أن لدى الشرطة والمؤسسات الرسمية نية حقيقية لمكافحة العنف والجريمة في المجتمع العربي، وهل تعتقد أنها قادرة على ذلك؟

نصار: لا أستطيع أن أقول نعم ملء فمي، خاصة أننا في السنوات الأخيرة سمعنا العديد من التصريحات من قبل الحكومة ومن قبل منتخبي الجمهور. لا شك أن مكافحة الجريمة والعنف، وخاصة الجريمة المنظمة تحتاج إلى قرار سياسي، ونحن لا نرى الجدّية والحزم في القرار السياسي. هناك حديث عن خطط وميزانيات، لكن القضية ليست قضية ميزانيات فقط، ومن يعتقد أن الميزانيات وحدها قادرة على حل مشاكل العنف والجريمة في المجتمع العربي فهو مخطئ. في الحكومة الجديد نلمس تعاملا أكثر جدّية من قبل بعض أعضاء الائتلاف الحكومي بهذا الموضوع، لكن ما نلمسه ليس كافيا، ويجب أن يبدأ القرار من مكتب رئيس الحكومة، وأن ينسحب على الحكومة ككل لوضع هذا الموضوع في مقدمة سلّم أولويات الحكومة. حتى قضية تخصيص مبلغ 2.4 مليار شيكل لخمس سنوات لا زال قيد البحث وقيد التفصيل، مع أن الحديث عن الخطة كان منذ سنوات طويلة، وشكّلنا طواقم العمل ووضعنا المطالب وحددنا احتياجات المجتمع العربي، والأمور باتت واضحة، ويجب فقط اتخاذ القرار السياسي، والذي ما زال فيه تأتأة سواء من قبل الحكومة السابقة أو الحكومة الحالية. والحكومة في هذا الموضوع تحديدا لا تحتاج إلى الـ100 يوم التي تحتاجها كل حكومة جديدة لتنظيم عملها، فالموضوع مطروح على طاولة البحث طوال الوقت ولا يحتاج إلا إلى قرار سياسي خال من التأتأة والتردد. وهذا يدفعنا إلى تنظيم أنفسنا كمجتمع مقابل أي حكومة كانت. والمطلوب، اليوم، عمل على أرض الواقع في جمع السلاح، وتفكيك الجرائم التي 80% منها لم يكشف عن مرتكبيها وملاحقتهم.

"عرب 48": كيف ستستثمر هذه الميزانيات؟

نصار: هناك حديث، في الخطة الجديدة، عن تمويل جسمين كبيرين في الشرطة بالتعاون مع سلطة الضرائب ووزارة القضاء، تكون مهمتهما الأساسية ملاحقة عصابات الجريمة المنظمة وتجميد أموالها، بمعنى أن القرار هو على مستوى عام ولم نطّلع حتى الآن على التفاصيل. نذكر أنه كان هناك قرارا بإقامة وحدة "سيف". أين هي هذه الوحدة؟ منذ عهد الحكومة السابقة اتخذ القرار بشأن هذه الوحدة. مطلبنا واضح أن تتخذ القرارات دون تأتأة وأن تكون على مستوى رئيس الحكومة، وبعدها ندخل في التفاصيل. نحن كلجنة قطرية وكرؤساء سلطات محلية ومجتمع مدني نعرف ما الذي نريده ونستطيع أن نحدد ماهية المشاكل التي يعاني منها مجتمعنا، نعرف ألمنا ووجعنا، لكن العلاج المطروح من الحكومة فيه الكثير من التردد والتقليل من الميزانيات.

"عرب 48": صرحت بأن الميزانية بدأت تتقلص حتى قبل الإعلان عن جوهر الخطة، ما حجم هذا التقليص؟

نصار: من المقرر أن ندخل في تفاصيل الخطة، حتى تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، والقضية ليست قضية مائة مليون شيكل اختزلت من هنا أو حوّلت إلى هناك، وإنما إذا كان هذا هو التوجه فلربما تواجه هذه الخطة مستقبلا ضغوطات من قبل مجموعات أو أحزاب في الكنيست، نتيجة حدوث عجز في وزارة معينة وخوفنا أن يبدأ التقليص من ميزانية هذه الخطة. لذلك فإن شغلنا الشاغل، الآن، مقابل الحكومة هو أن نضمن هذا المبلغ 2.4 مليار شيكل لخمس سنوات كبداية، لأن مواجهة العنف والجريمة المتراكمة على مدى عشرات السنين لن تحل ببضع ملايين من الشواكل هنا وهناك.

"عرب 48": كيف ستقسم هذه الميزانيات بين الوزارات ذات الشأن؟

نصار: الحصة الكبيرة ستكون لوزارة الأمن الداخلي ومقدارها 1.5 مليار شيكل، وهذا لا يعني أننا سنعزز محطات الشرطة باستيعاب 1200 عنصر جديد، فالقضية ليست قضية محطات للشرطة في البلدات العربية. هذا ما قلناه طوال الوقت. هناك بلدات فيها محطات للشرطة والعنف والجريمة متفاقمة فيها. المسألة الأهم تكمن في جدّية ونجاعة عمل الشرطة، وفي تعامل الشرطة مع المواطن العربي كمواطن متساوي الحقوق. اليوم في فترة كورونا تجد الشرطة تجند وتوجه كل مواردها لمرتكبي المخالفات المتعلقة بعدم الوقاية من الوباء، وأنا لا أقلل من أهمية ذلك، لكن وباء العنف أشد فتكا في المجتمع العربي، وإذا كان لدى الشرطة القدرة والعزم على توجيه القوى البشرية لمعالجة موضوع معيّن، فعليها أن توجه هذه الطاقات والموارد ضد الجريمة المنظمة، وضد مطلقي النار في البلدات العربية، وضد عصابات الخاوة والابتزاز، وضد من يهدد رئيس سلطة محلية ومنتخب جمهور.

"عرب 48": ماذا تشمل الخطة لمكافحة العنف والجريمة، وعلى أي مستويات ستعمل؟

نصار: المرجعية الأساسية للخطة كانت مستند السياسات الذي أقره طاقم المديرين العامين، وتم اتخاذ قرار حكومي بشأنه، يوم 1 آذار/ مارس 2021، وهناك حديث عن مستويين، الأول يعمل على مستوى الجريمة المنظمة والحديث عن عصابات ومنظمات الإجرام والخاوة والابتزاز والتجارة بالسلاح بالإضافة إلى الجريمة الاقتصادية التي سيخصص لها جانب كبير على هذا المستوى. أما المستوى الثاني فسيعالج ويناقش أسباب العنف والتربية والتعليم وقضايا الشباب. لكن ما حدث، للأسف، هو منح الحصة الأكبر لوزارة الأمن الداخلي 1.5 مليار، مقابل 900 مليون شيكل لوزارات التعليم والرفاه والتشغيل والشباب وغيره. ما نريده وسنظل نضغط من أجل تعزيز البرامج لجيل الطفولة وجيل الشباب في خطر، ممن ينهون المرحلة الثانوية ولا يتوجهون إلى التعليم العالي، فقد يجدون مكانا لهم كجنود في عصابات الإجرام. فالقضية ليست قضية أبنية ومنشآت بقدر ما هي توعية وتثقيف واستثمار في الإنسان وتعزيز الطواقم المهنية في المدارس، وخاصة المدارس الحمراء التي نسب العنف فيها أعلى من غيرها، ولجنة متابعة قضايا التعليم العربي تعرف هذه المدارس، وهي موجودة في الصورة. كما نريد حصة من هذه الميزانية لتعزيز الانتماء والهوية ومعرفة حقوق المواطن العربي كونه جزء من الأقلية في هذه البلاد، ويجب التعامل مع هذه الأقلية بالتساوي وأن تحصل على حقها دون توسّل، من أجل تكوين شخصية الطالب بحيث لا تجعله متخبطا بين كونه مواطنا متساوي الحقوق وبين مواطن يناضل من أجل المساواة. أمر آخر نعمل عليه بالشراكة والتنسيق مع جمعية "نساء ضد العنف" على تحقيق مطالب الجمعية، فلا يعقل أن يكون في كل مدينة من المدن اليهودية مكان تلجأ إليه المرأة في حال تعرضها للعنف أو للخطر، بينما في المجتمع العربي من الشمال إلى الجنوب لا يوجد سوى مركز أو اثنين ونحن 20% من مواطني الدولة. يجب أن يكون عدد الملاجئ للنساء يتناسب مع حجم الظاهرة في المجتمع العربي.

التعليقات