توسيع صلاحيات الشرطة: مسّ بحقوق الفلسطينيّ وملاحقته تحت غطاء حقّه في الحياة

يفرض التوسيع غير المسبوق لصلاحيات أجهزة الأمن الإسرائيلية، وعلى رأسها الشرطة، في مناطق 48، حالة قلقٍ متنامية لدى المجتمع العربيّ، ولدى حقوقيين يشدّدون على أنّ الإجراءات المُتّخذة في هذا السياق، تشكّل مسًّا صارخا بحقوق الأفراد التي باتت مشاعا لأجهزة الأمن

توسيع صلاحيات الشرطة: مسّ بحقوق الفلسطينيّ وملاحقته تحت غطاء حقّه في الحياة

عناصر الشرطة تنفذ حملة اعتقالات في كفر كنا (تصوير: الشرطة)

يفرض التوسيع غير المسبوق لصلاحيات أجهزة الأمن الإسرائيلية، وعلى رأسها الشرطة، حالة قلقٍ متنامية لدى المجتمع العربيّ، ولدى حقوقيين يشدّدون على أنّ الإجراءات المُتّخذة في هذا السياق، تشكّل مسًّا صارخا بحقوق الأفراد التي باتت مشاعا لأجهزة الأمن المختلفة.

وصادقت الحكومة الإسرائيلية الأحد الماضي، على توسيع صلاحيات الشرطة في إجراء عمليات تفتيش من دون أمر صادر عن محكمة، بذريعة مكافحة الجريمة في المجتمع العربي. وقال رئيس الحكومة، نفتالي بينيت، حينها إنه "يوجد دعم كامل، فنحن نفقد الدولة"، على حدّ تعبيره. وفي المقابل، شدّد مركز "عدالة" الحقوقيّ، على أن "اقتراح القانون عنصري وغير قانوني كونه يستهدف فقط العرب في البلاد".

كما ذكر تقرير إسرائيلي، نُشر في العاشر من الشهر الجاري، أن جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) سيشكل فريقا لفحص مدى انخراط الجهاز في مكافحة الجريمة في المجتمع العربي، ونوعية الجرائم الجنائية التي يسمح للشاباك معالجتها بموجب القانون، بالإضافة إلى التداخل بين عمل الشاباك والشرطة في هذا الإطار.

وقال المحامي في المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية، عدي منصور في حديث مع "عرب 48": "الحديث عن اقتراحات قوانين جديدة، القانون المركزي فيه توسيعٌ لصلاحيات الشرطة في تفتيش المنازل بدون أمر محكمة".

المحامي عدي منصور

وأضاف: "هناك قوانين أخرى مثل تغيير الحد الأدنى من العقاب لقضايا السلاح"، مشيرا إلى أنّ "ما يتم الحديث عنه هو زيادة الصلاحية، أي إجراء تفتيش بدون أمر قضائي، علما بأنّ القانون حاليا يمنح الشرطة في حالات محدّدة، صلاحية التفتيش بدون أمر قضائي في حالات مثل ملاحقة مشتبَه، أو دخول منزل باستدعاء أحد أفراد الساكنين فيه، أو في حال ارتُكبت مخالفة، أو احتمال أن تُرتَكب".

وذكر منصور أنّ "الخطورة في التوسيع (توسيع صلاحيات الشرطة) أن الشرطة يمكنها بموجب المقترَح، أن تفتش منزلا، حتى بمجرد اشتباه بوجود غرض (أداة أو سلاح) استُخدم في جريمة خطيرة (عقوبة فوق 10 سنوات) حتى وإن كانت الجريمة قد وقعت في وقت سابق جدا، يمكنها التفتيش دون لزوم (توفُّر/ استصدار) أمر قضائي"، مشدّدا على أن "الإشكال القانوني هو انتقال كل موضوع التفتيش بدون إذن، ليشمل جانب الأدلة، وليس لمنع وقوع جريمة".

وقال إنّ "الذريعة هي الفاعليّة، أي أنهم (الشرطة الإسرائيلية) يريدون الحصول على مواد تحقيق بسرعة، ويسهل عمل الشرطة في هذه القضايا، بادعاء أن المجتمع الفلسطيني في الداخل لا يتعاون"، مضيفا: "فمثلا، إذا كان شرطيّ متواجدا في مكان معيّن، ويريد أخذ كاميرات منزل، يمكنه بموجب اقتراح القانون فعل ذلك دون حاجة لأمر قضائي، أو أي دليل آخر، وهذه صلاحيات بدون أي كوابح، وإذا أزيلت الكوابح... سنبقى بدون أي رقابة على جهاز الشرطة".

وتابع منصور: "نحن نعي أنّ هذه الصلاحيات، سيتم استخدامها لأهداف أخرى ومنها مراقبة المجتمع الفلسطيني في الداخل، والدخول لمنازل أبنائه بدون إذن، فالخطورة أكبر بكثير من الحاجة لمحاربة الجريمة، التي لا تحتاج إلى توسيع صلاحيات، وإنما استخدام للصلاحيات الممنوحة، فالشرطة الإسرائيلية لديها صلاحيات أوسع بكثير، من كثير من أجهزة الشرطة في العالم، والتعامل مع الجريمة في المجتمع الفلسطيني كحالة طوارئ؛ هدفه في نهاية المطاف، (سنّ) قوانين مثل هذه لزيادة جارفة للصلاحيات، تحت غطاء مكافحة الجريمة".

وردًّا على سؤال حول حقيقة ارتكاب عناصر الشرطة خروقات على أرض الواقع، حتّى قبل توسيع صلاحياتها، قال منصور، إنّ "هذا صحيح، ولكن على الأقل، يوفِّر أمرٌ قضائي في نهاية المطاف نوعا من المرجعية القانونية، ويقول إن القاضي قد اطّلع على المواد الأولية فيشكل مرجعية قانونية، ويشكل كابحا بسيطا، رغم علمنا بأن الشرطة تحصُل على ما تريد، بل حتى إنها تحصّل صلاحيات مساوية للصلاحيات الممنوحة للشاباك".

وأضاف: "ما نلاحظه أنه يتم اتخاذ قرارات سريعة، ولها إسقاطات صعبة جدا، وطريق الرجوع منها صعب جدا، تحت غطاء محاربة الجريمة، واستغلال الظروف الصعبة والقاهرة الموجودة في المجتمع الفلسطيني من الجريمة وشرعنه ملاحقة الفلسطيني، والمسّ بحقوقه تحت غطاء حقّه في الحياة".

توضيحية (تصوير: الجيش الإسرائيلي)

وقال منصور، إنّ "التعامل من قِبل الدولة (السلطات الإسرائيلية) مع المجتمع الفلسطينيّ في الداخل، هو تعامُل استعماري كولونياليّ بمفهوم العلاقة مع المواطِن"، مشددا على أنها "ليست علاقة مواطَنة طبيعية تتعامل فيها مع جهاز شرطة لحماية الفرد".

وذكر أن "هذا جهاز (الشرطة) يعمل بمعظم أيامه على ملاحقة الفلسطيني، وحريته في التعبير والتنقُّل، وجميع حقوقه، وهو نفسه الذي يأتي (بزعم أنه جاء) ليدافع عن حق الفلسطيني في الحياة".

وأضاف أنه "في نظام ديمقراطي، لا يمكن سنّ مثل هذه القوانين، ولكن التعامل مع المؤسسة (الإسرائيلية) ليس طبيعيا، وإنما مواطَنة كولونيالية في نظام يدّعي الديمقراطية، ويمارس نظاما ديمقراطيا محددا في التعامل مع المجتمع اليهودي".

التعليقات