تفاقم إصابات كورونا في المجتمع العربي.. أسبابها وتداعياتها

حذرت رئيسة اللجنة لمتابعة القضايا الصحية المنبثقة عن لجنة المتابعة، بروفيسور نهاية داوود، خلال حديثها لـ"عرب 48" من تداعيات الموجة الخامسة لفيروس كورونا على المجتمع العربي، خصوصًا فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي ومؤسسات التربية والتعليم.

تفاقم إصابات كورونا في المجتمع العربي.. أسبابها وتداعياتها

تطعيم ضد فيروس كورونا في البلاد (أ ب)

حذرت رئيسة اللجنة لمتابعة القضايا الصحية المنبثقة عن لجنة المتابعة، بروفيسور نهاية داوود، خلال حديثها لـ"عرب 48" من تداعيات الموجة الخامسة لفيروس كورونا على المجتمع العربي، خصوصًا في ما يتعلق بالوضع الاقتصادي ومؤسسات التربية والتعليم.

وأرجعت داوود أسباب تفاقم فيروس كورونا في المجتمع العربي إلى إهمال السلطات المعنية وخصوصًا وزارة الصحة، كما أن هناك جزءًا من المسؤولية يتحمله المجتمع الذي يحاول أن يحمي نفسه مع عدم وجود ضوابط منتظمة، في حين أن السلطات تقوم بإرسال رسائل مفادها بأنه يجب عليكم حماية أنفسكم وأن تقوموا بعمل ما يلزم لتحقيق هذه الحماية، لكن هذه الرسائل لا طائل منها مع عدم وجود ثقة بين السلطات والمواطنين العرب.

وفي أعقاب ذلك، تسيطر مخالفة التعليمات على الوضع وتخلف آثارا سلبية عميقة، وهذه القراءة جزء من رؤية لجنة المتابعة للقضايا الصحية من قبل أشخاص مهنيين ذوي خبرة في مجال الصحة، إذ جرى اقتراح تأسيس هذه اللجنة نظرًا لوجود عدة قضايا جماعية صحية متفاقمة بخصوص المواطنين العرب؛ حسب ما ورد على لسان بروفيسور داوود.

"عنصرية منقطعة النظير ضد العرب في مجال الصحة"

وعن جهود اللجنة الصحية في المجتمع العربي الرامية للاهتمام بالقضايا الصحية في المجتمع العربي ذكرت لـ"عرب 48" أن "اللجنة عملت في بداية تأسيسها على ترخيص المهن الطبية، وفي مرحلة انتشار فيروس كورونا وخصوصا في سنتها الأولى بأعمال كبيرة، إذ أن الهدف من تأسيسها كان العمل على معالجة القضايا الصحية للمواطنين العرب، وعلى تقليص الفجوات الصحية في ظل تفشي موجة العنصرية في البلاد".

وأشارت إلى أن "تعامل السلطات مع تفشي فيروس كورونا شابه عنصرية منقطعة النظير ولذلك خلق هذا الأمر فجوات كبيرة والتي سنعمل على تقليصها من خلال عمل هذه اللجنة، كما سنعمل على تطوير الخدمات الصحية في المجتمع العربي وتطوير وتنظيم عمل الطواقم الصحية ورفد القطاع الصحي بتخصصات مناسبة وملائمة للمجتمع العربي بشكل أكبر، بالإضافة إلى العمل على تطوير وتحسين التعاون مع مؤسسات المجتمع المدني والوزارات والأطر المهنية الأخرى والمجالس المحلية بغية تحسين الواقع الصحي في المجتمع العربي".

بروفيسور نهاية داوود

ورأت أن "مجمل هذه الطرق التي سنعمل عليها وآليات العمل ومنهاجياتها ستعتمد في المقام الأول على المرافعة والتأثير على السياسات المتعلقة بهذا القطاع، وهذا يتطلب تكاتفا إلى جانب رص الصفوف والتنظيم من قبل أعضاء اللجنة. ولا ننسى أن التوعية والتثقيف والإعلام في شبكات التواصل الاجتماعي مهمة جدا في تحقيق هذه الأهداف التي رسمناها، فمثلا لدينا عينية تتعلق بالفجوات ووضع مقاييس خاصة للصحة في المجتمع العربي وتطوير مقاييس خاصة بالمجتمع والتي ستساعد بالضرورة على تقليص الفجوات الصحية بين المجتمع العربي واليهودي".

"غياب العرب عن أماكن صنع القرار لوزارة الصحة"

وطرحت بروفيسور داوود قضية النقص في تمثيل العرب المهنيين في السلطة المركزية لوزارة الصحة وهو قليل للغاية، ولفتت إلى أن "نسبة المهنيين العرب في وزارة الصحة لا تتعدى الـ1% ونسبة الأطباء العرب أكثر بقليل من 20% أما الصيادلة فيشكلون ما نسبته 40% في حين أن نسبة الممرضين العرب تشكل حوالي الـ30%. وهناك مشكلة جذرية، فالمسؤول عن وضع خطة الصحة في المجتمع العربي، خطة 522 والتي من خلالها سيتم تطوير برامج الصحة للمجتمع العربي، ليس عربيا رغم أن لدينا ما نحتاج من أخصائيين ومهنيين، وهذا يعود إلى عدم وجود ثقة بين وزارة الصحة والمجتمع العربي والعكس صحيح".

وتابعت "على الرغم من أنه من المفترض أن يكون هناك عدالة في جهاز الصحة، وأن تقدم الخدمات الصحية بشكل متساوٍ لجميع المواطنين، إلا أننا نلاحظ عدم وجود عرب في مراكز صنع القرار في المراكز الصحية التابعة لوزارة الصحة، في مكان هذا لصنع القرارات، عكس الجهاز التعليمي الذي يزخر بصانعي القرار العرب. أرى أن كورونا سترافقنا لمدة زمنية طويلة رغم وجود حديث بأن الفيروس يقترب من نهايته، إلا أنني أعتقد أننا سنتعايش معه لعدة سنوات قادمة، ومن الممكن ألا يتلاشى عن الوجود حاله في ذلك حال الإنفلونزا".

"خطة إشفاء اقتصادية للمجتمع العربي جراء وباء كورونا"

وعن تأثير وباء كورونا على الوضع الصحي، تطرقت بالقول إلى أن "الوضع الصحي في المجتمع العربي يؤثر على الوضع الاقتصادي ليس فقط فيما يخص فيروس كورونا، وهذا الوضع يؤثر على الاقتصاد المنزلي، فعندما يكون هناك أمراضا مزمنة مثل أمراض السكري والقلب والسرطان أو حتى الأمراض النفسية، فالمصابون بها لا يستطيعون العمل باستمرار، وهذا الوضع الصحي يشكل عبئا كبيرا على الاقتصاد في المجتمع العربي فالعدوى زاد انتشارها وزاد معها العبء الصحي في المجتمع العربي ورغم أننا ننفق الكثير على موضوع الصحة إلا أننا في المقابل لا نتلقى مساعدة ملائمة من الجهات الصحية المسؤولة حيث تكون الخدمات الصحية أقل منها في المجتمع العربي عن المجتمع اليهودي، إذ أن المواطن العربي يضطر للسفر إلى منطقة ثانية لتلقي العلاج ولربما تكون بعيدة زمنيا عن مكان إقامته مدة ساعة أو ساعتين".

وأوضحت أن "اللجنة تعمل على تحصيل الحقوق الصحية للمواطن العربي الفلسطيني في البلاد، لأن الصحة حق أساسي ونحن كمواطنين في هذه الدولة ندفع ضرائب ومن المفروض أن يعمل قانون الصحة العام على المساواة إلا أنه لا يُطبق بشكل عادل ما يزيد من الفجوات الموجودة بين المجتمعين العربي واليهودي".

"وزارة الصحة لا تنشر المعطيات حول كورونا في المجتمع العربي"

وتطرقت داوود إلى مشكلة النقص في تزويد المعطيات الصحية المتعلقة بالمجتمع العربي بالقول، إن "هناك مشكلة أخرى تتمثل في أن وزارة الصحة لا تقوم بنشر كل المعطيات، حيث أن عملية جمع المعطيات محصورة بيد المسؤولين عن صناديق المرضى وهي التي تتحكم بالوضع الصحي وتقوم بتقديم الخدمات الصحية على أهوائها في حين يقتصر دور وزارة الصحة على المراقبة، وبذلك لا يمكننا معرفة إحصائيات دقيقة حول عدد الأطباء، والأخصائيين النفسيين وغيرهم من الكوادر العاملة في المجال الصحي، وهذا الأمر مهم في السياقات الصحية حيث لا يمكننا وضع خطط صحية للمجتمع العربي بمعزل عن هذه الإحصائيات. من ناحية أخرى فالمعطيات يجب ألا تتعلق فقط بالإقلاع عن التدخين واستهلاك السكر وغير ذلك من الأمور على الرغم من أهميتها، بل يجب أن تشمل المعطيات كل ما يتعلق بالقطاع الصحي".

"كلما زادت نسبة التعليم كلما تحسن الوضع الصحي"

ونددت داوود بسياسة الدولة على المستوى الصحي لتصفها بأنها سياسات إهمال وعنصرية، وقالت إنه "فيما لو تحدثنا عن التربية والتعليم وما تأثير كورونا والوضع الصحي العام عليها نرى أن الأبحاث التعليمية لها علاقة بالوضع الصحي فكلما زادت نسبة التعليم كلما تحسن الوضع الصحي. أيضا ً فيما يخص العمل إذا كان الشخص يعمل أو لا يعمل، فلهذا الأمر تأثيره على المسار الصحي".

وتابعت "بخصوص الوضع الاقتصادي والاجتماعي فهو مرتبط بسياسات الدولة تجاه مواطنيها، ومن المعروف بأن سياسات الدولة هي سياسات إهمال وعنصرية على مستوى كبير ومنذ زمن طويل، ما أدى إلى تراجع الوضع الاقتصادي في المجتمع العربي وترك أثره على المستوى الصحي، فالوضع الصحي منذ 50 سنة كان في حال أفضل منه اليوم، ويمكن ملاحظة ازدياد أمراض القلب والسرطان والسكر والسمنة المفرطة. ورغم التراجع الصحي في المجتمع العربي فإنه لا توجد في المقابل خطوات ملموسة تقوم بها المؤسسة لإصلاح هذا الوضع المتردي".

"نسبة تقديم اللقاحات في المجتمع العربي أقل بكثير من نسبتها في المجتمع اليهودي"

وأعربت داوود عن استيائها جراء الخلل والإهمال الدائمين من قبل السلطات المسؤولة في المجال الصحي، بالقول إن "منظمة الصحة العالمية طلبت الانتظار فيما يتعلق بتخفيف القيود على الإجراءات الصحية اللازمة للحد من انتشار فيروس كورونا حتى تتضح الصورة ونعرف إلى أين ستتجه الأمور، في ظل ازدياد المخاوف من ظهور طفرات جديدة، فبعض البلدان لديها نسبة تطعيم قليلة، في حين أن منظمة الصحة العالمية تتحدث عن التوزيع العادل للقاحات وإتاحتها وإقناع الأشخاص بتلقيها وهذا ما يجب على وزارة الصحة والمؤسسات العمل عليه. وبالنسبة لتقديم اللقاحات لأفراد المجتمع العربي فإنها أقل بكثير من نسبتها لدى المجتمع اليهودي، كما أن المعلومات العلمية المتعلقة بفيروس كورونا تنشر بالعبرية ولا تنشر بالعربية، وأحيانا تتأخر ترجمتها أو تصل الترجمة بطريقة خاطئة، وقد تكون غير ملائمة للثقافة العربية، وقد يلفها الغموض، هذا الخلل والإهمال موجود دائما لأننا غير موجودين في مراكز صنع القرار".

وختمت بروفيسور داوود حديثها بالقول إن "علاج كورونا لم يكن مهنيا في المجتمع العربي، بل إنه علاج سطحي كمثل نقص الأقنعة الواقية، أو إيجاد مراكز للفحوصات، وعليه يجب إيجاد علاج جذري للمشكلة وتأهيل أخصائيين ومهنيين ووزارة الصحة لم تأخذ الأمر على محمل الجد أو تأخذه بعين الاعتبار. كما أن التعامل مع العرب في مختلف الوزارات الإسرائيلية بشكل فوقي وكأننا أمام حكم عسكري يسوده القمع. أيضا هناك سياسات قطرية استخدمت وباء كورونا لمصالح سياسية خاصة، كالحجر الصحي الذي لا داعي له ولا تزال مستمرة، رغم أنني أتوقع إلغاء الحجر الصحي في الأسبوع القادم، ويمكن القول إن هذه القرارات هي قرارات سياسية أكثر منها مهنية وواقعية".

التعليقات