انقطاع الكهرباء.. أزمة تتفاقم في بلدات عربية

لا يزال عدد من البلدات العربية يعاني من انقطاع التيار الكهربائي في بعض الأحياء والحارات، مثل أم الفحم، وكفر كنا، ومجد الكروم، والبعنة، وغيرها، بعد أن ساد الظلام الدامس مساحات واسعة في منطقة النقب خلال الأسابيع الماضية.

انقطاع الكهرباء.. أزمة تتفاقم في بلدات عربية

منازل دون كهرباء في البعنة (عرب 48)

لا يزال عدد من البلدات العربية يعاني من انقطاع التيار الكهربائي في بعض الأحياء والحارات، مثل أم الفحم، وكفر كنا، ومجد الكروم، والبعنة، وغيرها، بعد أن ساد الظلام الدامس مساحات واسعة في منطقة النقب خلال الأسابيع الماضية، في ظل المنخفض الجوي الذي اصطحب معه الأمطار الغزيرة والبرد القارس، وترك الآلاف من المواطنين العرب يعانون من جراء انقطاع الكهرباء عن أحياء كاملة في رهط، وشقيب السلام، وتل السبع، وعرعرة، وكسيفة، وحورة، وبلدات أخرى، ما جعل سكان النقب يرون أن ما يحدث هو عقاب جماعي بسبب "أحداث النقب" الأخيرة، والتصدي لاجتياح أراضي الأطرش وتشجيرها.

في بلدة مجد الكروم الجليلية، لا تزال أحياء تغرق في الظلام في الليل والنهار، منذ حوالي الشهر، فتشريع النوافذ في ساعات النهار غير ممكن بسبب المطر والبرد الشديد، وفي الليل يضطر سكان هذه الأحياء لاستخدام وسائل التدفئة غير الآمنة كالفحم والحطب، والجلوس في ركن دافئ يقيهم البرد القارس.

مجد الكروم: خمسة أحياء بلا كهرباء

وقال رئيس مجلس محلي مجد الكروم، سليم صليبي، لـ"عرب 48" إن "انقطاع التيار الكهربائي في بعض أحياء القرية يستمر لمدة عشر ساعات وأكثر من ذلك يوميا، والحديث عن أربعة أو خمسة أحياء في البلدة تضم مئات البيوت".

وأضاف أن "شركة الكهرباء تدّعي بأن مدّ الكهرباء غير القانوني، من عدّاد كهرباء واحد، ووصله مع عدة شقق سكنية هو السبب الرئيسي لانقطاع التيار الكهربائي. وتزعم بأن هذا التصرف يضاعف الجهد على خطوط الكهرباء ولا تعود الشبكة تحتمل الجهد المضاعف فتحدث الانقطاعات".

كفر كنا.. معاناة بسبب انقطاع الكهرباء (عرب 48)

وأكد صليبي أن "مجد الكروم عانت قبل حوالي سنتين من مشكلة مشابهة وانقطاع متواصل للكهرباء، وحينها قالت شركة الكهرباء إنها ستقوم بمعالجة الموضوع بشكل جذري من خلال زيادة عدد محوّلات الكهرباء، وقد قامت حينها بزيادة سبعة محولات جديدة"، لكنه يتساءل "لماذا أضافت الشركة سبعة محولات فقط وليس 20 محوّلا لتفادي العودة إلى ذات المشكلة؟".

وأوضح أنه "لدينا شعور بأن بعض الانقطاعات تتم بمبادرة شركة الكهرباء وليست نتيجة خلل، من أجل تخفيف الضغط على شبكة الكهرباء، وهي بالتالي تختار فصل الكهرباء عن بلداتنا العربية دون سواها". والدليل على ذلك، قال صليبي إن "هناك أحياء لا توجد فيها خطوط غير قانونية ومع ذلك يحدث فيها انقطاع للتيار الكهربائي لفترات طويلة".

صليبي: دعوى قضائية تمثيلية ضد شركة الكهرباء

سليم صليبي (عرب 48)

وأكد رئيس مجلس محلي مجد الكروم أنه "أعتزم التوجه إلى المحكمة بدعوى قضائية تمثيلية لمقاضاة شركة الكهرباء، والمطالبة بتعويضات عن الأضرار التي لحقت بالمواطنين، وخاصة المعلمين والطلاب الذين يسكنون في هذه الأحياء ولم يتمكنوا من استخدام الحواسيب، طيلة هذه الفترة، والمرضى الذين بحاجة لأجهزة طبية تعمل بواسطة الكهرباء وغيرهم".

وختم صليبي بالقول إنه "أرفض ادعاءات شركة الكهرباء، كان بإمكانها توفير الحلول للمشكلة التي تعاني منها البلدة، اليوم، قبل سنتين".

كفر كنا: تركوا بيوتهم الى الفنادق بسبب انقطاع الكهرباء

في كفر كنا لا تزال العديد من الأحياء تعاني انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة بشكل يومي، وحتى أن بعض البيوت لم تر النور ولو لساعة واحدة منذ ثلاثة أيام متواصلة الأمر الذي اضطر بعض من سكان هذه الأحياء لمغادرة بيوتهم للسكن في الفنادق على نفقتهم الخاصة. هذا ما قالته أم ناصر مريد، وهي أم لطفلة من ذوي الاحتياجات الخاصة، عانت الأمرّين خلال هذه الفترة التي شهدت انقطاعا متكررا للتيار الكهربائي في الحي الذي تسكن فيه.

وأكدت مريد لـ"عرب 48" أن "جيراني الذين عانوا خلال الأيام الثلاثة الأخيرة من انقطاع متواصل للتيار الكهربائي غادروا منزلهم وتوجهوا لأحد الفنادق في منطقة الشمال ولم يعودوا حتى اللحظة، بسبب الانقطاع المستمر للكهرباء، وهناك أحياء أخرى تعاني من انقطاع يومي للتيار الكهربائي بشكل جزئي، وهناك بعض البيوت ينقطع فيها التيار الكهربائي عن أجزاء من البيت بينما تصل الكهرباء لأجزاء أخرى فيه".

وأضافت أنه "حدث انقطاع للتيار الكهربائي إبان العاصفة والبرد الشديد، وأنا أم لطفلة تعاني من إعاقة جسدية، لكنها تعي ما يدور حولها وهي تصر على أنها لا تريد الظلام، وبالمقابل لا تستطيع أن تستوعب ما معنى العطل الكهربائي. ووسط معاناة ابنتي كنت أحاول الاتصال مع شركة الكهرباء وكنت أنتظر أكثر من ساعة وربع الساعة حتى يأتي الرد، ثم يقولون إن الانقطاع سيستمر حتى ساعات الليل وربما حتى الصباح".

وأشارت إلى أنه "حين نفد صبري كتبت مدونة على صفحتي في شبكة التواصل الاجتماعي 'فيسبوك' قلت فيها إنه في وقت الانتخابات المحلية تكون هناك لجان لمتابعة سير الانتخابات والكل يعمل كخلية النحل، فلماذا لا تكون هناك لجنة تضم شخصا واحدا على الأقل من المجلس المحلي يتابع الموضوع مع شركة الكهرباء ويقوم بتحديثنا بكل مستجد أو كل طارئ؟".

انقطاع الكهرباء يتكرر في بلدات عربية (عرب 48)

وحمّلـ مريد شركة الكهرباء مسؤولية انقطاع التيار الكهربائي، متهمة الشركة بـ"التقصير حينما يكون العطل في بلدة عربية، وعدم معالجة الأمر بشكل جذري، والدليل هو أن شركة الكهرباء وصلت للبلدة وقامت بتصليح المنشأة عالية الجهد التي أصابها العطل، وعلى الرغم من ذلك فإن انقطاع التيار الكهربائي بين متقطع ودائم لا زال في بعض الأحياء".

وختمت بالقول إنه "لو كنت مكان الجيران الذين تركوا بيوتهم بسبب الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي لقاضيت شركة الكهرباء في المحاكم، فهناك بيوت تعاني انقطاع التيار منذ ستة أيام وأخرى منذ ثلاثة أيام، وهذا أمر لا يقبله عاقل".

انقطاع الكهرباء في الأيام الأشد بردا

ووصفت مواطنة من كفر كنا، الوضع في القرية بأنه سيئ للغاية نتيجة انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة. وقالت إنه "نسكن في حي مسجد عمر بن الخطاب، وهو الحي الأكثر تضررا والأكثر معاناة من انقطاع التيار الكهربائي، وفيه بيوت لم تصلها الكهرباء منذ أيام".

وقالت إن "يوم الأربعاء الماضي كان بداية العاصفة، إذ عانينا من انقطاع التيار الكهربائي لمدة 12 ساعة متواصلة، بسبب عطل، ثم أعقبتها انقطاعات متقطعة كانت تحدث أحيانا في أجزاء من البيت، ولكن في أحد الأيام حين كان الانقطاع كليا، اضطررنا لاستخدام التدفئة غير الآمنة وأشعلنا منقل الفحم بسبب شدّة البرودة، وهي خطوة نعي مخاطرها ولا نريدها، لكن الحاجة استدعت ذلك".

ويعاني عز الدين عباس، منذ أسبوع، من انقطاع التيار الكهربائي، وقال لـ"عرب 48" إنه "سئمنا العيش دون كهرباء، وما علاقتي أنا بالذين يربطون بيوتهم بشبكة الكهرباء بشكل غير قانوني، وهل مطلوب مني الإبلاغ عنهم أم أن هذه مسؤولية شركة الكهرباء التي ينبغي لها أن تحدد مراكز الضغط والجهد العالي الذي يهدد الشبكة، ومن الذي يتحمّل مسؤولية معاناتي هذه؟".

عباس: لو كان الانقطاع في بلدة يهودية لكان الحل سريعا

وقال عباس إن "الكثيرين من أهالي البلدة عانوا في هذه الفترة، الأمر الذي لم يكن ليحدث في بلدة يهودية، وأسرعت الشركة لحل المشكلة، لكن شركة الكهرباء تجد في ظاهرة مد الخطوط لعدة بيوت بشكل غير قانوني ذريعة لها، وتلقي بالمسؤولية على المواطنين، لكن هذا ليس ذنب المواطن الذي يدفع ثمن الكهرباء بانتظام ولا يخالف القانون".

وأكد عباس أنه مريض وخضع لعملية قلب مفتوح، حديثا، ولا يغادر منزله، ولا يستطيع تحمّل البرد دون وسائل تدفئة ملائمة، وأشار إلى أن أحد أقاربه يسكن بجواره في نفس الحي خضع، مؤخرا، لعملية زرع كبد ورئتين، ويحتاج وسائل عناية خاصة، "تخيّل أي وضع لا يطاق نحن فيه".

وقال رئيس مجلس محلي كفر كنا، عز الدين أمارة، لـ"عرب 48" إن "انقطاع التيار الكهربائي جاء نتيجة الجهد العالي والضغط على شبكة الكهرباء، منجراء استخدام المواطنين لوسائل التدفئة المختلفة نظرا للطقس البارد والعاصفة التي اجتاحت البلاد الأسبوع الماضي، لكن آثار ومخلفات هذا الانقطاع لا زالت تعاني منها أحياء عدة".

وأضاف أنه "كنت على تواصل مستمر مع شركة الكهرباء، ومارست الضغط على الشركة، وكنت أرافق عمال الشركة وهم يصلحون العطل، وحتى في بيتي كان هناك انقطاع للتيار الكهربائي لبضع ساعات".

أمارة: المشكلة في طريقها إلى الحل

وأكد أمارة أن "المشكلة لم تحل في كل الأحياء، وأن سكان المنطقة التي يقع فيها جامع عمر بن الخطاب والبيوت المجاورة له لا تزال لديهم مشكلة، وهناك حاجة لتخطيط وزيادة قوّة شبكة الكهرباء هناك لتلبي الحاجة. ننتظر وصول عمال شركة الكهرباء إلى هناك، ونأمل أن تحل المشكلة جذريا".

عز الدين أمارة

ونفى أمارة أن يكون انقطاع التيار الكهربائي متعمّد من قبل شركة الكهرباء لتخفيف الضغط عن الشبكة، وقال إنه "حين كنت أهاتف المسؤولين في شركة الكهرباء، كنت أسمع في الخلفية عن انقطاع في التيار الكهربائي في تل أبيب وهرتسليا ومناطق في المركز، وأرفض الحديث عن استهداف كفر كنا دون سواها من البلدات. نحن نعرف أين العطل وأسبابه ونعرف مئات البيوت التي ربطت بالكهرباء دون الحصول على 'نموذج 4' وهذا ما زاد من الضغط على الشبكة، وهذا حقيقة وليس افتراء أو ذريعة. والمشكلة كما قلت لك في طريقها إلى الحل".

تعقيب شركة الكهرباء

وعقّبت الناطقة باسم شركة الكهرباء، إيريس بن شاحل، لـ"عرب 48" بالقول، إنّ "الشركة لا ترفض الدخول إلى أية بلد عربي. طالما هناك تخوف من العنف فإن الشركة تدخل بمرافقة الشرطة والأمن، إذ أنه حتى يوم الأحد لم يكن الأمر متاحا في النقب بسبب التشجير، وتطلّب الأمر تصريحًا من الشرطة، ولم نتلق أي رفض، إذ تم تصليح كافة مشاكل الكهرباء في الوقت. البلدات البدوية تعاني من مشاكل في تزويد الكهرباء بسبب الضغط المضاعف في استهلاك الكهرباء بسبب التوصيلات غير المعترف بها للكهرباء".

وأضافت أنّ "عمّال شركة الكهرباء يواجهون هذه الإشكالية بشكل يومي. كما أنّه بسبب استهلاك الكهرباء بشكل أكبر جرّاء حالة الطقس، تنار شبكة الكهرباء عدّة مرات متتالية ما يتسبب بأضرار كبيرة للبنى التحتية. عمال شركة الكهرباء يتواجدون دائما في البلدات العربية، وأحيانا يضطرون للعودة إلى نفس المكان لحل المشكلة كلما عادت لنفسها. بهذا، فالزبائن المتصلون بالكهرباء بشكل قانوني يعانون من انقطاع الكهرباء لهذه الأسباب الآنفة ما يعيق على شركة الكهرباء تزويد الخدمة الأنجع".

التعليقات