"عين الدالية" في أم الفحم.. عصية على هدم المنازل ومصادرة الأراضي

بعد عقدين من المعاناة وملاحقة شبح الهدم والمصادرة لعائلة عبد الغني وأراضي منطقة "عين الدالية" التابعة لمدينة أم الفحم، جرى الإعلان (بقرار قضائي) عن تحويل قسم من أراضي المنطقة المذكورة إلى منطقة بناء بعدما

منطقة "عين الدالية" في أم الفحم (عرب 48)

بعد عقدين من المعاناة وملاحقة شبح الهدم والمصادرة لعائلة عبد الغني وأراضي منطقة "عين الدالية" التابعة لمدينة أم الفحم، جرى الإعلان (بقرار قضائي) عن تحويل قسم من أراضي المنطقة المذكورة إلى منطقة بناء بعدما كانت مهددة بالمصادرة من قبل السلطات الإسرائيلية بذريعة أن المنطقة عبارة عن "ممر بيئي ومناطق زراعية".

وفي أعقاب ذلك، أزيل شبح الهدم عن المنازل التي كانت مهددة بالهدم، ومن ضمنها منزل عائلة عبد الغني التي خاضت نضالا قضائيا وشعبيا منذ العام 2003، الأمر الذي سيمكّن المئات من أصحاب الأراضي وبلدية أم الفحم من بناء وحدات سكنية للأزواج الشابة تقدر بنحو 500 وحدة سكنية.

منزل عائلة عبد الغني (عرب 48)

وتبلغ مساحة منطقة "عين الدالية" نحو 200 دونم، من بينها 105 دونمات شملها قرار التحويل من أراض زراعية إلى بناء التي ستتسع إلى 463 وحدة سكنية على مساحة 64 دونم منها القائم وأيضًا التي سيتم بناؤها على أن يشمل كل دونم 8 وحدات سكنية، فيما سيتم تخصيص 11 دونما للمناطق التجارية والسياحية بالإضافة إلى دونم ونصف للمؤسسات العامة ومثله للمناطق العامة، كما جرى تخصيص 22 دونم للشوارع.

وفي سياق متصل، قدمت بلدية أم الفحم مجموعة من الخرائط للجان التنظيم، وبهذا منعت أوامر الهدم التي قدمت لها خرائط تفصيلية، وهذا ما حصل في منطقة "عين الدالية" بعد تقديم الخرائط والمصادقة عليها.

وتشمل الخرائط أحياء مدينة أم الفحم في عدة مناطق، من بينها خارطة منطقة عين الوسطى والتي تقدر مساحتها بألف دونم، خارطة الحريقة والإغبارية حتى منطقة إسكندر بمساحة 900 دونم، خارطة إسكندر والمنطقة المحيطة بمساحة 650 دونم، منطقة عراق الشباب الكبرى التي صودق عليها في البداية بمساحة 1700 دونم وهي عبارة عن منطقة سكنية من عراق الشباب وحتى عين خالد.

ومن بين الخرائط أيضًا، خارطة منطقة عين الشعرة، خارطة جبل أبو فاعور في المدينة، خارطة منطقة حي البيار التي تقدر بـ450 دونم، خارطة لمنطقة حي المعلقة بنحو 120 دونما، خارطة لمنطقة وادي ملحم وسويسة (250 دونم)، بالإضافة إلى الخرائط التي سيتم إيداعها خلال الفترة القادمة، والتي تشمل منطقة عين جرار والعرايش وربزة كيوان، جميعها في خارطة واحدة وأيضا خارطة عين إبراهيم التي تصل إلى 700 دونم ومنطقة الظهر وقحاوش والعيون التي تصل إلى 1000 دونم، وعين الدالية التي تصل إلى 105 دونمات، حيث صودق عليها مؤخرا.

ومما يذكر أن مساحة نفوذ أم الفحم تصل إلى 26300 دونم، إذ قدمت البلدية طلبا، مؤخرا، لإضافة 7 آلاف دونم، فيما لم تتلق مصادقة عليه حتى كتابة هذه السطور.

انتصار على المؤسسات والجمعيات العنصرية

ومن جانبه، قال المحامي الموّكل بالدفاع عن عائلة عبد الغني، محمود خالد النجيب، لـ"عرب 48"، إن "تحويل منطقة عين الدالية من منطقة زراعية إلى منطقة بناء هو انتصار على المؤسسات والجمعيات العنصرية ومن بينها المسماة ’رغافيم’ التي كان يرأسها عضو الكنيست، بتسلئيل سموتريتش، والذي كان يعمل كل ما بوسعه من أجل مصادرة وعدم منزل عائلة عبد الغني، لكن بعد الإنجاز الذي حققناه بالتكاتف والتعاضد الشعبي والحقوقي والمؤسساتي نقول إن الأمل موجود وليس هناك مستحيل".

المحامي محمود خالد النجيب

وأضاف أنه "بات واضحا أن بإمكان أي شخص العمل على ترخيص بيته ومنطقته لكن الأهم هو العمل والمثابرة والإصرار والوحدة، إذ أن الوحدة والعمل الجماعي الذي كان من قبل بلدية أم الفحم بإداراتها الحالية والسابقة واللجنة الشعبية في منطقة وادي عارة بالإضافة إلى لجنة التنظيم المحلية والنواب العرب ورؤساء السلطات المحلية العربية إلى جانب الضغط الإعلامي والتيارات السياسية والشبابية الوطنية والشعبية ومهندس العائلة الذي عمل بكل جهد، أخرج قضية عائلة عبد الغني ومنطقة عين الدالية إلى النور بعد انتظار وصبر ومثابرة".

وتطرق النجيب إلى الوضع القضائي القائم حاليا، بالقول إن "النيابة العامة لم تقدم أي طلب لتمديد أوامر الهدم وذلك بعد انتهاء المدة الزمنية لتجميد أوامر الهدم لعائلة عبد الغني، وهذا يعود إلى التخطيط الذي يتقدم ويتطور بشكل كبير وسريع في منطقة عين الدالية خصوصًا وأم الفحم عموما".

مئات الوحدات السكنية

وأكد أن "تحويل منطقة عين الدالية من زراعية إلى بناء هو إنجاز حقيقي، وهذا يعود بالفائدة على المئات من الأزواج الشابة من أم الفحم، لأن ذلك أتاح أمامهم استصدار التراخيص اللازمة ومن ثم البناء في المنطقة".

وأوضح أن "منطقة عين الدالية وعائلة عبد الغني مرتا بثلاث مسارات متوازية، من حيث تنظيم وترتيب خارطة مدينة أم الفحم الهيكلية العامة والتي بموجبها منحت التغطية لمنطقة عين الدالية ومناطق أخرى في المدينة، عدا عن الخارطة الخاصة في المنطقة نفسها وهذا تطلب منا بذل طاقات كبيرة".

3 مسارات مختلفة

وتابع أن "لمنطقة عين الدالية قدمت ثلاث خرائط مفصّلة حتى وصلنا إلى الخارطة النهائية والتي جرى المصادقة عليها بقرار من المحكمة، إذ أنه في البداية جرى رفضها وبعد تقديم الالتماس جرت المصادقة على الخارطة بقرار قضائي، أضف إلى ذلك المسار الثالث المركب والمعقد وهو الجنائي والذي بسببه جرى تجميد أوامر الهدم".

الطريق المؤدية إلى منطقة "عين الدالية" (عرب 48)

وأكمل أن "ملف عين الدالية وعائلة عبد الغني كان كبيرا ومعقدا، إذ أنه جرى تقديم طلبات قضائية للمحكمة في مدينتي الخضيرة وحيفا، علمًا أن الملف تضمن لائحتي اتهام وليس واحدة وهذا عاد بالفائدة على طاقم الدفاع، بالإضافة إلى ذلك الالتماسات القضائية التي جرى تقديمها ضد اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء والاستئنافات الكثيرة التي قدمت للمحكمة المركزية وأيضًا المحكمة العليا، ورغم كل ذلك لم نرفع الراية البيضاء وحاربنا حتى وصلنا إلى هذا الإنجاز الحقيقي".

قضية كبيرة وشائكة

وبيّن النجيب، أن "المسار القضائي تمحور حول التخطيط لكل منطقة عين الدالية، ومن دون هذا المسار كان من الصعب جدا أن نصل إلى ما وصلنا إليه، وبموازاة ذلك كان هناك مسارا تخطيطيا من قبل البلدية ولجان التنظيم المحلية، وبفضل كل الجهود التي بذلت تمكنا من تحويل المنطقة من زراعية إلى بناء".

وختم بالقول إن "قضية عائلة عبد الغني ومنطقة عين الدالية، شهدت تدخلا مباشرا من قبل سياسيين وعلى رأسهم عضو الكنيست المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، وأيضًا إيرز كامينتس المسؤول عن قانون ’كامينتس’، بالإضافة إلى جهات أخرى لكن في نهاية المطاف وبعد مثابرة وصلنا إلى ما نريد بفعل تظافر الجهود والعمل والمشترك والمتواصل، وفي هذه القضية هناك الكثير من الأمور التي من الممكن الحديث عنها باعتبار أنها قضية كبيرة وشائكة وتبعث بالأمل لمجتمعنا العربي".

20 عاما من الرفض

وبدوره، ذكر القائم بأعمال رئيس بلدية أم الفحم، المهندس زكي إغبارية، لـ"عرب 48"، أن "الجديد في منطقة عين الدالية هو تحويلها إلى منطقة بناء بعد أكثر من 20 عاما من الرفض من قبل اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء في لواء حيفا وإصرار لجان التخطيط أن تكون المنطقة ممرا بيئيا ما يؤدي إلى قطع التواصل بين نفوذ أم الفحم ونفوذ منطقة طلعة عارة، الأمر الذي كان من الممكن أن يمنع الامتداد البشري في المنطقة، بالإضافة إلى منع المواطنين من البناء فيها بسبب تصنيفها ممرا بيئيا حسب لجان التخطيط اللوائية".

المهندس زكي إغبارية (عرب 48)

وحول النضال الشعبي على مدار السنوات الماضية، قال إن "قضية منزل عائلة عبد الغني ومنطقة عين الدالية شهدت العديد من الوقفات الشعبية بالإضافة إلى متابعتها من الجوانب القضائية والسياسية، وذلك لمنع أو تأجيل أوامر الهدم التي هددت مبان في المنطقة، وفي أعقاب ذلك قدمت الخرائط بالتنسيق مع البلدية وذلك لتحقيق الهدف وهو منع الهدم في تلك المنطقة".

وأضاف أن "المصادقة على الخارطة مؤخرا سيتيح الفرصة لتحويل الأراضي من زراعية إلى بناء، وهذه بشرى لأهالي المدينة عموما وأهالي عين الدالية خصوصًا الذين لطالما انتظروا ذلك منذ سنوات طويلة".

وحول منع أوامر الهدم، قال إغبارية إن "هذا الجانب يعود إلى طاقم الدفاع وقرارات المحاكم، لكن المصادقة على تحويل المنطقة من زراعية إلى بناء وإخراج التخطيط إلى النور يمنع أوامر الهدم في المنطقة وخلال مدة زمنية ستحصل المناطق التي صودق عليها على تراخيص للبناء، وهذا يبعث الأمل لبلداتنا العربية ومناطق مختلفة في أم الفحم أن تتحول الأراضي من زراعية إلى بناء".

إصدار تراخيص البناء

وحول ما إذا كان القرار يشمل عين الدالية بأكملها أو أجزاء منها، رد بالقول إن "القرار ينص على أقسام من منطقة عين الدالية وليست جميعها، لكن وجب التنويه أن التراخيص والبناء لا يمكن إصدارها إلى حين إصدار التخطيط الذي يسمح إعادة التوحيد والتقسيم لهذه المنطقة، والتي ستبادر إليها البلدية مع لجنة التنظيم حتى يتسنى لأصحاب الأراضي إصدار التراخيص".

منظر عام لأم الفحم (عرب 48)

وعن المناطق المجاورة التي شملها القرار، بيّن إغبارية أن "القرار ينص على منطقة عين الدالية بالتحديد، وخصوصًا أن المنطقة كانت مهددة بالمصادرة لذلك اقتصرت الخارطة على عين الدالية، لكن البلدية تعمل على سد الفجوات في الأحياء والمناطق الأخرى غير المصادق عليها كالمنطقة التي تقع بين منطقة سويسة ووادي ملحم في المدينة، حيث يعمل طاقم على خرائط لهذه المناطق وغيرها".

وأنهى إغبارية حديثه بالقول إن "القرار يبعث بالأمل من دون شك، ونحن بصدد تغطية كل فجوات التخطيط في مناطق أم الفحم حتى يتمكن المواطنين من إصدار التراخيص وشبك البيوت بالكهرباء، ومن دون شك هذه التراخيص تعود بالفائدة الاقتصادية على البلدية من جانب الميزانيات وتطوير المؤسسات العامة وليس فقط البناء، إنما المرافق العامة كالترفيهية والرياضية والمدرسية وهذا يساهم في تطوّر المدينة خلال السنوات القادمة".

التعليقات