أبو الأسيل عاصلة.. عشق الأرض والزيتون

داهش عكري: "أبناء مدينة عرابة ومنطقة البطوف يعرفون المناضل حسن عاصلة (أبو الأسيل) منذ زمن بعيد، إذ نشط في العمل الوطني مبكرا".

أبو الأسيل عاصلة.. عشق الأرض والزيتون

الشهيد أسيل ووالده حسن عاصلة

رحل عنا، أول من أمس الإثنين، المناضل العنيد والأسير المحرر ووالد الشهيد أسيل، حسن عبد القادر عاصلة، عن عمر ناهز 74 عاما.

وقال الأسير المحرر، داهش عكري، أحد رفاق المرحوم حسن عاصلة، لـ"عرب 48" إن "أبناء مدينة عرابة ومنطقة البطوف يعرفون المناضل حسن عاصلة (أبو الأسيل) منذ زمن بعيد، إذ نشط في العمل الوطني مبكرا، وشكل رحمه الله مع مجموعة أطلق عليها في حينه 'الجبهة الحمراء' والتي ضمت المناضلين داهد تركي، ودان فيرد، وأودي أديب، ورامي ليفني، وشوقي خطيب من دير حنا، وهذه الشخصيات كانت معروفة بدعمها لحق الشعب الفلسطيني بالتحرر، وتم إلقاء القبض على أفراد المجموعة وبينهم أبو الأسيل، وحكم عليهم بالحبس لمدد تراوحت بين 4 و12 عاما، وحكم على الفقيد عاصلة يومها بالحبس لمدة 5 أعوام، وخلال هذه الفترة تعرف على المناضلة جميلة عاصلة (وجيهة نعامنة)، وبعد أن تحرر من السجن، تزوج منها وسكنا في حيفا، ورزقا بأربعة أبناء، هم أسيل، وبراء، ونردين، وسوار، ولم يتوقف نشاط أبو الأسيل الوطني، فنشط في صفوف حركة أبناء البلد على مدار سنوات، وبعد تأسيس التجمع الوطني الديمقراطي، كان أول رفيق مسجل في عضويته، ونشط في العمل البلدي المحلي في عرابة، وشارك في قوائم بلدية ضمن الحكم المحلي".

أبو الأسيل يقطف ثمار الزيتون

وأكد عكري أنه "في الأيام الأخيرة وقبل الانتخابات كان لي الكثير من الحديث مع المرحوم حسن عاصلة، وقال إنني على استعداد لأن أرافقكم إلى أي مكان تريدون أثناء الحملة الانتخابية للتجمع الوطني الديمقراطي، وتوفي رحمه الله وهو يقطف الزيتون في أرضه إثر إصابته بنوبة قلبية".

استشهاد أسيل

في الأيام الأولى لانتفاضة القدس والأقصى عام 2000، شارك الشاب أسيل عاصلة الابن البكر لحسن عاصلة، مع الشباب في عرابة بالاحتجاجات التي اندلعت في كافة البلدات العربية في أعقاب اقتحام أريئيل شارون للمسجد الأقصى المبارك، واستشهد أسيل برصاصات القناصة من مسافة قريبة، يوم 2 تشرين الأول/ أكتوبر 2000، ومنذ الاستشهاد لم يتوقف والد الشهيد عن المطالبة بمحاكمة قتلة نجله والنظام الذي وقف من ورائهم، كما واصل أبو الأسيل في عمله الدؤوب لتخليد ذكرى شهداء هبة القدس والأقصى، وترسيخ فكرة تعليم الأجيال عن تضحيات شعبنا وخاصة الشهداء في الذاكرة الجمعية للشعب الفلسطيني.

رفض التعويض

لعل من أبرز محطات نضال عائلة أبو الأسيل كانت عندما توصلت الدولة لاتفاق مع عائلات شهداء هبة القدس والأقصى بالتعويض عن قتل الشرطة الإسرائيلية لأبنائهم، إلا أن عائلة حسن عاصلة ومعها والدة عمر عكاوي رفضوا بشكل قاطع التعويض، وواصلوا مشوار نضالهم لمحاكمة القاتل وفضح سياسات الدولة تجاه مواطنيها العرب، وبذل الفقيد جهودا جبارة وأنفق من ماله مبالغ طائلة لتمويل الاحتجاجات حتى يوم وفاته.

أبو الأسيل والقيادة السياسية

شهد العام 2012 توترا بين عائلات الشهداء وبين قيادات عربية محلية وقُطرية، إذ طالبت عائلات الشهداء القيادات بالوفاء للشهداء وتخليد ذكراهم كما ينبغي، ومن بين الالتزامات إطلاق أسماء الشهداء على مرافق وشوارع مركزية في البلدات العربية. وقال الراحل أبو الأسيل، يوم 1 تشرين الأول/ أكتوبر 2012، لـ"عرب 48" إنه "يريحني ألا تزور قيادة المجتمع العربي ضريح ابني الشهيد لأن قيادة المجتمع العربي لم تف بعهد الشهداء ولم تخلد ذكراهم كما قُرر وكما يجب. فإذا كان الشهداء قد غابوا عن الذاكرة والقلب ولا مكان لهم بيننا فهم ليسوا بحاجة لأكاليلهم وورودهم"

أبو الأسيل وزوجته

وفي مقابلة أخرى، قبيل إحياء الذكرى هبة القدس والأقصى في عام 2010، قال أبو الأسيل إنه "لا يمكن أن نغفر لقتلة الشهداء، فالغضب لا يقتصر على شخص المجرم الذي أطلق النار وإنما على النظام الإسرائيلي الذي يعادينا نحن العرب الفلسطينيين".

وأذكر أنه في لقاء أجريته مع العائلة، قال لزوجته التي طالبت المجتمع الفلسطيني بالتفاعل مع قضايا الشهداء بشكل أكبر، "لا يمكنك أن تطالبي مجتمعا كاملا بأن يحمل قضية شهيد أو شهداء بالقدر الذي نحمله نحن ذوي الشهداء، ومن الطبيعي أنها قضيتنا في المقام الأول، ولكن من المهم أن يكون للشهداء الحيز في الذاكرة الجماعية لشعبنا".

تميز الفقيد حسن عاصلة بمواقفه الوطنية الأصيلة، وتشبثه بالمبادئ والثوابت، وحبه للأرض والوطن، وعشقه للزيتون الذي احتضنه في حياته ويوم وفاته.

التعليقات