أصيب برصاص جندي قبل سنوات: "معاناة مستمرة والجيش الإسرائيلي يناقض نفسه"

بعد إصابة عازم بدقائق قليلة أعلن الجيش أنه أطلق النار على مركبة حاولت دهس جنود تواجدوا على حاجز "عناب"، وبعد التحقيق في القضية والاطلاع على الأدلة تراجع الجيش عن زعمه بأن يكون ما حدث عملية دهس

أصيب برصاص جندي قبل سنوات:

الشاب فارس عازم من الطيبة (عرب 48)

استذكر الشاب فارس عازم من مدينة الطيبة واقعة إصابته برصاص الجيش الإسرائيلي قبل 3 سنوات ونصف حينما كان على حاجز قرب مدينة طولكرم في الضفة الغربية، حيث لا يزال يعيش معاناة لا تنقطع وقضيته معلقة، وخصوصًا أن الجيش الإسرائيلي يرفض تحمل مسؤولية إصابته.

وتدور قضية عازم في أروقة المحاكم بعد إصرار الجيش الإسرائيلي على أن إطلاق النار وقع بزعم شعور الجنود بالخطر على حياتهم، فيما يرفض طاقم الدفاع عن عازم روايات الجيش ووصفوها بـ"المتضاربة".


وأثرت إصابة عازم على حياته اليومية إذ بات لا يستطيع صعود الدرج في منزله ولا العمل كما كان سابقا، فمع كل درجة يشعر بإرهاق حتى الشعور وكأنه مصاب بالشلل، فيما لا تزال الرصاصة التي أصابته تستقر في جسده بمنطقة الرئة، وبحسب الأطباء فإن إزالتها تشكل خطرا على حياته.

ضبابية في التحقيق

وتعود الحادثة إلى يوم 15 تموز/يوليو 2019 حينما اتجه الشاب فارس عازم كعادته إلى مدينة طولكرم في الضفة الغربية، وعلى مدخل بلدة عناب نصب الجيش الإسرائيلي حاجزا على مسافة قريبة من طولكرم، إذ وقف الجنود وهم يشهرون أسلحتهم تجاه المارين بالمركبات، حينها أوقفوا عدة مركبات وسمحوا لأخرى بالمرور، وعند وصول فارس إلى الحاجز بمركبته سمع صوت إطلاق نار وأصيب برصاصة لم ترحمه المعاناة.

وحتى الآن، لم يعترف الجيش الإسرائيلي بالتسبب بإصابة عازم، علمًا أنه تكبد مبالغ العلاج الذي تلقاه في المستشفى التي قدرت بنحو 63 ألف شيكل، فيما لم يتلق أي تعويض مالي عن الفترة التي تعطل فيها عن العمل، سيما وأنه المعيل الوحيد لعائلة مكونة من زوجة و5 أولاد.

بعد إصابة عازم بدقائق قليلة أعلن الجيش أنه أطلق النار على مركبة حاولت دهس جنود تواجدوا على حاجز "عناب"، وبعد التحقيق في القضية والاطلاع على الأدلة تراجع الجيش عن زعمه بأن يكون ما حدث عملية دهس على خلفية قومية، وادعى أنه أصيب "على خلفية نزاع عائلي"، فيما اعترف جندي خلال المحكمة الاخيرة للشهادات أنه هو من أطلق الرصاص على عازم.

وسرد عازم تفاصيل إصابته في حديث لـ"عرب 48"، بالقول إن "أحد الجنود الذي أطلق الرصاص تجاهي اعترف أمام المحكمة ولم يتراجع عن شهادته، إذ قال إن إطلاقه للنار كان وفق تعليمات الجيش بعد شعوره بالخطر آنذاك، وأكد أنه أطلق النار الأمر الذي يكذب رواية الجيش منذ البداية".

روايات متضاربة

وعلى الرغم من قلق الجيش بالاعتراف بإطلاق النار صوب عازم والروايات المتضاربة للجيش وجنوده الذين تواجدوا في المكان، إلا أن الجيش الإسرائيلي لا يزال يصر على عدم تحمل المسؤولية بإطلاق النار على عازم، زاعما أن عازم شكل خطرا على الجنود.

ووصف عازم شهادة الجنود في جلسة محكمة الصلح بالقدس قبل 3 أسابيع، بالقول إن "الجنود كانوا فيها كالأصنام ووجوههم تتلوّن، إذ لم تتوافق جميع الشهادات التي سردها الجنود مع أي شهادة أخرى، ولا حتى مع شهادة الضابط الذي كان مسؤولا عنهم، والأمر الأهم أن الشهادات التي وردت في المحكمة على لسان الجنود لا تتوافق مع التقرير والتحقيق الأولي الذي صدر عن الجيش".

وعرض الجيش خلال الإفادات والأدلة في المحكمة شريطا مصورا ادعى فيه أن عازم شكل خطرا على الجنود، فيما نفى المحامي عدي أبو عبيد الموكل بالدفاع عن عازم ذلك، مؤكدا في حديث لـ"عرب 48" أن "الشريط المصور لا يظهر أي تفاصيل تدعم ادعاء الجيش، حتى أن القاضي لم يقتنع بالشريط بحسب ما لمسناه في الجلسة، إذ طلب من الجيش أن يبين الخطورة التي ترتبت على الجنود من خلال الشريط، سيما وأن الشريط كان مقتطعا وليس كاملا ومن زاوية واحدة فقط دون إظهار كل الحقيقة".

عداد الموتى

وأظهرت الصور التي التقطت من مركبة عازم بعد إطلاق الرصاص عليها، أن الرصاص اخترق القسم العلوي منها، فيما ادعى الجندي الذي أطلق الرصاص أنه أطلق النار على عجلات المركبة بهدف إيقافها، وتطرق عازم بالقول إلى أن "معجزة وقعت بعد أن أطلقت 6 رصاصات على الأقل نحوي ولم تصبني إلا واحدة آنذاك، وكدت أن أكون في عداد الموتى وحتى الآن لا أصدق كيف استطعت أن أقود المركبة لمسافة نحو كيلومتر وأنا مصاب".

وأشار إلى أنه "وصلت إلى مرحلة كان الدم يخرج من فمي ويدخل جسدي مرة أخرى، لم أستطع التنفس وشعرت بالاختناق الشديد، إذ رأيت الموت أمامي ولا أدري كيف نقلت إلى المستشفى وكيف أجريت لي العملية حيث كنت فاقدا للوعي حينها".

واستذكر عازم التفاصيل بالقول إنه "كان قادما من مدينة الطيبة حيث يسكن متجها إلى طولكرم لزيارة والده وأقربائه الذين يسكنون هناك، وعند وصوله كان حاجزا عسكريا على مدخل قرية عناب لتفقد المركبات الداخلة، حينها كانت مركبة أمامي ورأيت الجندي يلوح بيده بالاستمرار بالسير، وكنت مشغلا للموسيقى والمكيف ومغلقا للشبابيك، ولم أسمع مناداة الجيش لي إلا بعد نحو 50 إلى 80 مترا من الحاجز باتجاه قرية عناب، وحينما أردت الوقوف والرجوع إلى الوراء لاحظت أصواتهم وانهالت علي الرصاصات، ومن اللحظة الأولى شعرت أنني أصبت بإحداها".

قرار الحكم

وينتظر عازم قرار الحكم من محكمة الصلح في القدس في الدعوى التي رفعها ضد الجيش الإسرائيلي بسبب التسبب له بإصابة وعجز، وخصوصًا بعد انتهاء شهادات الجنود والضباط الذين كانوا في المكان وقت إطلاق النار، حيث من المقرر أن يصدر الحكم خلال الشهرين المقبلين وفيه ستقرر المحكمة إذا وقع إطلاق النار بدافع الاستهتار ومن دون الحاجة من قبل الجنود، وأن عازم لم يشكل خطرا عليهم.

وختم عازم بالقول إن "ملاحقة الجيش لم تأت بسبب تعويضات مالية أريدها، إنما أريد محاسبة الجنود الذين غيروا حياتي إلى الأسوأ، وألا يتحول إطلاق النار من قبل الجنود إلى أمر عادي، إذ يجب أن نقف عند حقنا وعدم التنازل عنه".

التعليقات