سخنين: تراجع الحركة الاقتصادية ودعوات لمواجهة الأزمة

أعرب أصحاب محال تجارية في مدينة سخنين عن خشيتهم من تفاقم الأوضاع التجارية والاقتصادية ووصولها إلى حد إغلاق محالهم، وعزوا التراجع التجاري والاقتصادي إلى تداعيات جائحة كورونا المتواصلة.

سخنين: تراجع الحركة الاقتصادية ودعوات لمواجهة الأزمة

محال تجارية على امتداد الشارع الرئيسي الداخلي لسخنين

شكّل تراجع الحركة التجارية والاقتصادية في مدينة سخنين خلافا لما كانت عليه في السنوات السابقة، خشية وقلق أصحاب محال تجارية من تفاقم الأوضاع إن لم يتم العمل على تنشيط الحركة التجارية وتطوير البنى التحتية الاقتصادية.

وبهذا الصدد، حاور "عرب 48" عددا من أصحاب المحال التجارية في سخنين، حول تراجع الحركة التجارية وسبل معالجة هذه الأزمة التي باتت تشكل مصدر قلق بالنسبة لهم.

وأشار مدير مجمع "مول سخنين" التجاري، باسم بشير، في حديث لـ"عرب 48"، إلى أن "هناك تراجعا كبيرا بالحركة التجارية قد يصل إلى 50% كما هو في سائر البلدات بالمجتمع العربي".

باسم بشير

وبينّ أن "هذا التراجع لم نشهده منذ قرابة العقدين وهو أمر مقلق للغاية، وهناك خشية حقيقية بأن يتفاقم هذا الوضع إلى أزمة حقيقية تهدد بإغلاق الكثير من المحال التجارية والمرافق الاقتصادية وليس فقط المجمعات".

وعزا بشير أسباب الركود إلى جائحة كورونا، قائلا إن "الأزمة الاقتصادية ألقت بظلالها على كل مناحي الحياة منذ ذلك الحين وهي مستمرة دون حلول، وفي حال تفاقمت الأزمة فإن محالا تجارية كثيرة ستغلق أبوابها وسيتم تسريح أعداد كبيرة جدا من العاملين إلى سوق البطالة".

وأضاف "نحن لدينا 400 عامل من مختلف البلدات المجاورة ومثلهم الآلاف من العمال في محال أخرى، وإن أغلقت هذه المرافق ماذا سيكون مصير هؤلاء العمال في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية؟".

ودعا بشير الجهات المعنية والمسؤولة إلى متابعة الأمور والضغط على الوزارات من أجل إيجاد الحلول، كما ناشد المواطنين العرب بدعم الاقتصاد المحلي والتسوق من البلدات العربية بدلا من المدن البعيدة وخارج البلاد، وخصوصًا أن لدينا بضاعة لا تقل جودة عن الأخرى ولا تختلف من حيث الأسعار.

إياد خلايلة

وقال الناشط والمحامي، إياد خلايلة، لـ"عرب 48"، إنه "بعد فترة ازدهار على المستوى التجاري والاقتصادي لسخنين دام عدة سنوات بفعل مكانتها الجغرافية وامتداد الشارع الرئيسي على طول المدينة، نشهد اليوم تراجعا تجاريا واقتصاديا بالسنوات الأخيرة، ويعود ذلك إلى تراجع الحالة الاقتصادية في البلاد عامة وفي المجتمع العربي على وجه الخصوص".

وتابع أن "هذا الانكماش برز في العام 2020 مع انتشار جائحة كورونا وإغلاق محال تجارية وضعف القدرة الشرائية عند المواطنين بسبب الغلاء وارتفاع الأسعار بشكل حاد ليس فقط بما يخص السلع الشرائية مثل الملابس والأثاث التي هي عماد الاقتصاد في سخنين إنما مختلف محتويات السوق، بالإضافة إلى انعدام الاستقرار الأمن في المدينة بسبب جرائم إطلاق النار على المحال التجارية".

ولفت إلى أن هناك عامل إضافي هو المنافسة الحادة بين المحال التجارية، إذ هناك الكثير من المحال التي تتنافس فيما بينها على نفس العدد من الزبائن. ناهيك عن ضعف البنية التحتية الصناعية في سخنين بسبب انعدام منطقة صناعية متطورة، إذ أن المنطقة الصناعية مهملة وهي تقتصر على ورش الخدمات مثل ورشات تصليح السيارات أو الأعمال الحرفية التقليدية مثل النجارة، والحدادة والألمنيوم والزجاج.

وأبدى صاحب مطعم وقاعة "شاذلي"، وسام خلايلة، لـ"عرب 48"، قلقه من تراجع الحركة التجارية والاقتصادية قائلا إنه "في السنوات العشر الماضية وأكثر شهدنا نهوضا اقتصاديا وتطورا لافتا في زمن قياسي واستقطاب مستثمرين من خارج المدينة، وأعتقد أن ذلك يعود إلى أن سخنين تشكل خطا وممرا رئيسيا للبلدات والمدن في الشمال إلى جانب إقامة كلية سخنين والمجمع التجاري ’سخنين مول’ وكذلك استاد الدوحة والمنطقة الصناعية والكثير من المؤسسات والمرافق، الأمر الذي كان يجلب مئات وآلاف الزائرين والزبائن للمدينة من كافة أرجاء البلاد".

وسام خلايلة

وأضاف "في الآونة الأخيرة نشهد تراجعا كبيرا وملحوظا في الحركة التجارية والاقتصادية، ما ينذر فيما لو استمر هذا التراجع إلى أزمة قد تلحق أضرارا كبيرة للكثير من المرافق والمحال التجارية واقتصاد المدينة عموما".

وختم خلايلة بالقول "على المهتمين والاختصاصيين والمسؤولين إلى جانب البلدية على أكثر من مستوى من أجل استعادة الحيوية للمنطقة الصناعية من خلال توسعتها وتحسين شروط الاستثمار وتشجيع وجلب مستثمرين إلى جانب كافة المرافق والمؤسسات التي ذكرناها، والعمل على تطوير الخدمات والبنى التحتية، كما أعتقد أن العمل الجاد لإقامة مؤسسات جديدة على المستوى التعليمي والصحي مثل إقامة مستشفى وجامعة سيشكل أيضا لجانب الأهمية الصحية والتعليمية رافدا اقتصاديا هاما للمدينة".

ورأى الاختصاصي والمحاضر في الاقتصاد، د. سامي ميعاري، في حديث لـ"عرب 48"، أن "هذا التراجع ناتج عن متغيرات عامة وإن ما يحدث في سخنين وسائر البلدات العربية نتج عن التغيرات الاقتصادية الدولية والمحلية في البلاد وتحديدا التضخم المالي الذي قلص المشتريات في العديد من المرافق الاقتصادية وخصوصا في مجال المبيعات والخدمات التي تشكل ركيزة الاقتصاد بالمجتمع العربي وخصوصا المدن الاقتصادية".

د. سامي ميعاري

وأوضح "في سخنين حدث تغيير وتطور اقتصادي كبير خلال العقدين الأخيرين، حيث كان نابعا بالأساس من زيادة العائلات وانتقالها من الطبقة الدنيا إلى الطبقة الوسطى، سيما وأن أزمة كورونا أحدثت تغييرا كبيرا وتراجعا في نسبة العائلات المنتمية للطبقة الوسطى وهذا الأمر زاد الطين بلة".

وأنهى ميعاري بالقول إن "المشكلة المركزية في سخنين تتمحور حول أمرين اللذين سيكونان محورين فاصلين، الأول هو عدم توفر أهم مورد اقتصادي للتنمية البشرية والاقتصادية المستدامة وهو الأرض، إذ أن شح الأرض بسبب سياسة المؤسسة وارتفاع أسعارها بشكل فلكي سيحدث تراجعا عند عائلات الطبقة الوسطى والعزوف عن السكن في سخنين، ناهيك عما قد تنتجه هذه المشكلة من عنف وتبعات أخرى، أما المحور الآخر فهو تدخل مؤسسات صهيونية تحت مسميات وشخصيات عربية لشفط الموارد المالية المخصصة لسخنين من قبل الدولة".

التعليقات