ضائقة المزارعين العرب في ظل الحرب: خسائر فادحة وإهمال مستمر

تتزايد التحديات التي يواجهها المزارعون العرب في البلاد، وخصوصا في حالات الطوارئ عموما، واستمرار الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة خصوصا، منذ 42 يوما على التوالي.

ضائقة المزارعين العرب في ظل الحرب: خسائر فادحة وإهمال مستمر

المزارع ناشل ذياب من طمرة (عرب 48)

يواجه المزارعون في البلاد عموما، وفي المجتمع العربي خصوصا، تحدياتٍ كثيرة في مجال الزراعة وتربية الحيوانات، وذلك منذ اندلاع الحرب على غزة.

وتكمن أبرز هذه التحديات في غياب الأيدي العاملة من الحقول الزراعية، إذ يُمنع خروج العمال الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة للعمل في البلاد، كذلك مع هروب العمال الأجانب من البلاد خوفا من الحرب، الأمر الذي يتهدد السوق في نقص حاد بالمنتوجات الزراعية، مما قد يتسبب في استمرار الغلاء ورفع الأسعار.

"عرب 48" التقى المزارع ناشل ذياب من مدينة طمرة، والذي يمتلك دفيئة لزراعة الخضروات في سهل طمرة، والذي تحدث عن وضع المزارع في المجتمع العربي في ظل التحديات التي يواجهها بسبب الحرب على غزة.

وقال ذياب إن "المزارع العربي يواجه تحديات دائمة، ولكنها تتضاعف في حالات الطوارئ، على سبيل المثال خلال فترة انتشار فيروس كورونا، والآن الحالة الطارئة المتعلقة بالحرب لا يجد المزارعون أية دعم، حتى لو توجهنا للحصول على دعم من وزارة الزراعة لا ننجح بذلك بسبب الشروط المستعصية التي تفرضها الوزارة على المزارعين".

وتطرق إلى أبرز التحديات التي تواجه المزارعين العرب بسبب الحرب، قائلا إنه "منذ 42 يوما ومع اندلاع الحرب على غزة ازدادت الخسائر والصعوبات علينا، فعدا عن فقدان الأيدي العاملة الأجنبية، والتي كنا نعتمد عليها للعمل في الدفيئات الزراعية عندنا، وقد تسبب الأمر بتعطيل العمل وفساد النباتات، كذلك عدم وصول التجار في الأسبوعين الأولين من الحرب خاصة للمناطق الزراعية لشراء المنتوجات، اضطررنا والعديد من المزارعين برمي كميات كبيرة من الخضار. وأقدر الخسائر بأنها كبيرة جدا عند المزارعين".

وحذّر مدير جمعية "السعادة" للمزارعين في منطقة باقة الغربية، وعضو إدارة مجلس النباتات، إبراهيم مواسي، من تفاقم الصعوبات على كاهل المزارعين العرب في ظل الحرب على غزة.

وقال مواسي لـ"عرب 48" إنه "أصبحنا نحن المزارعين رهائن للحرب مع غياب الأيدي العاملة، فالزراعة لا تحتمل تأجيل العمل في الحقول حتى ترتيب قضية غياب الأيدي العاملة".

وأوضح أن "الأراضي الزراعية في المجتمع العربي، في الجليل والمثلث والنقب، ساهمت في توفير منتوج زراعي حتى سنوات السبعينات بنسبة 70%. أما اليوم فالزراعة في المجتمع العربي تنتتج نحو 15% فقط، ونحن نتحدث عن زراعة الخضروات والفواكه، والحمضيات والزيتون، والتربية الحيوانية. أضف إلى ذلك أن الأراضي الزراعية في المجتمع العربي تضم قرابة 7 آلاف دفيئة، ومليونين و800 ألف شجرة زيتون، كلها تضرر بسبب الحرب".

المزارع إبراهيم مواسي من باقة الغربية

وأضاف مدير جمعية "السعادة" للمزارعين أن "المزارع العربي في البلاد يواجه تحديات دائمة، أبرزها تكمن في انعدام الأراضي الزراعية، وذلك في ظل مصادرة الأراضي لتنفيذ مشاريع خاصة بالدولة، من شق شوارع وغيرها، أو تخصيص الأراضي الزراعية التابعة للعرب وتحويلها لمناطق عسكرية كما حصل في النقب، والروحة، وسخنين".

وأشار إلى أنه "ورثت أرضي من والدي، إلا أنه تم مصادرة جزء من أرضي لمشاريع حكومية يطلق عليها اسم (مشاريع وطنية)، لكن هذا لم يقلل من قيمة ارتباطي وحبي للأرض والزراعة، وحافظت على عملي في الزراعة فيما تبقى من أرض لدي. عامل إضافي تسبب بإضعاف فرع الزراعة في المجتمع العربي يعود إلى تقسيم الأراضي بسبب عامل الوراثة، مما قلل من فرص استخدام الأراضي كمساحات واسعة، لأجل تنفيذ مشاريع زراعية التي تتطلب مساحات كبيرة. التحدي الثالث يكمن في حاجة المواطن العربي لأراض مخصصة للسكن، فنجد بأن تطوير القرية العربية من حيث المسكن يأتي على حساب الرقعة الزراعية التي أيضا تستخدم لتطوير المناطق الصناعية في البلدات العربية، في حين أن المزارعين اليهود يطورون المساكن على حساب أراضي الدولة".

وقارن مواسي بين حال المزارع العربي مع المزارع اليهودي بالقول إنه "ليس بإمكاننا كمزارعين عرب منافسة المزارعين اليهود، ذلك أن الزراعة في المجتمع اليهودي منظمة في إطار (كيبوتسات) غالبا، وفرصة الحصول على دعم من وزارة الزراعة بسبب إمكانية تحقيق الشروط المطلوبة عندهم أكبر مقارنة مع تعثر المزارع العربي عن تحقيقها لأنها مرتبطة بظروف تتعلق بالأرض نفسها ومساحتها، وعوامل لا تلائم الأراضي الزراعية في المجتمع العربي".

وأكد مواسي أن "أسعار الخضار ستتضاعف خلال الشهرين المقبلين، وذلك بسبب الشح في توفر أشتال للنباتات، والنقص في المنتوجات، كذلك يوجد إهمال من قبل الوزارات في الدولة بحق المزارعين، وتعتمد الدولة على استيراد الخضار من خارج البلاد. وقد حذرنا كثيرا وزارتي المالية والزراعة بعدم الاعتماد على الاستيراد في توفير المنتوجات الزراعية، لأنه قد تقع مشاكل سياسية بين إسرائيل والدولة التي تصدر خضار وفواكه لها، على سبيل المثال الوضع المتأزم الآن بسبب الحرب على غزة بين تركيا وإسرائيل".

وأوصى مواسي، في ختام حديثه، الأهالي بأهمية تذويت حب الأرض والعمل بها، قائلا إنه "ولدت في الأرض، وقضيت حياتي أعمل بها، مما وطد علاقتي بأرضي، وعلى الرغم من عدم امتلاكنا كمزارعين لقدرات الاستثمار بأرضنا، إلا أنني أتوجه لجيل الشباب باستمرارية العمل في الأرض كموروث ثقافي، بل على الأهل تذويت حب الأرض والزراعة كمصدر رزق لهم، حتى لو كان مصدرا ثانويا، ولكن علينا عدم هجر الأرض والزراعة، ويمكن استخدام أساليب زراعية حديثة لا تحتاج لمساحات أراض أكبر".

التعليقات