01/01/2019 - 09:50

شلحت: لإسرائيل قوة أكبر لفرض إملاءاتها على "صفقة القرن" بعد الانتخابات

اعتبر الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشؤون الإسرائيلية، أنطوان شلحت، أن أولى نتائج تقديم الانتخابات الإسرائيلية إلى تاريخ 9 نيسان/ إبريل المُقبل، إرجاء طرح "صفقة القرن" الأميركية بما يحول دون تفكيك ما تحتوي عليه واتخاذ موقف منه.

شلحت: لإسرائيل قوة أكبر لفرض إملاءاتها على

أنطوان شلحت

اعتبر الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشؤون الإسرائيلية، أنطوان شلحت، أن أولى نتائج تقديم الانتخابات الإسرائيلية إلى تاريخ 9 نيسان/ إبريل المُقبل، إرجاء طرح "صفقة القرن" الأميركية بما يحول دون تفكيك ما تحتوي عليه واتخاذ موقف منه، وأنه بعد الانتخابات ستكون لدى إسرائيل قوة أكبر لفرض ما تعتقد بوجوب فرضه على هذه الصفقة، إذا ما افترضنا أنها ستُطرح أصلًا.

"عرب 48": هل تتوقع أن تكون هناك تغييرات جذرية في المشهد السياسي الإسرائيلي في الانتخابات القادمة، وتحديدا في قوة اليمين؟ وهل الصراعات الحالية داخل معسكر اليمين، يمكن أن تضعفه لصالح قوى المعارضة، مثل "المعسكر الصهيوني"، و"ييش عتيد"، وغيرهما؟

شلحت: لا أتوقع تغييرات جذرية، فقوة اليمين الإسرائيلي من الناحية السياسية في صعود منذ عقود طويلة، حتى في أوساط الأحزاب التي لا تحسب نفسها على اليمين في الظاهر، لكن ممارساتها العملية تتماشى مع سياسة اليمين. ولا تنحصر القضية في الأحزاب بل تتعدّاها إلى المجتمع الإسرائيلي الذي يتبنى أكثر فأكثر مواقف يمينية وعنصرية، وهذا ينطبق على قوى المعارضة الحالية مثل "المعسكر الصهيوني" و"ييش عتيد" وقوى المعارضة المقبلة، التي تخاصم نتنياهو، مثل الحزبين الجديدين للعسكريين في الاحتياط، بيني غانتس وموشيه يعلون. سأكرّر هنا ما سبق أن قلته في مقال نشرته أخيرًا وفحواه أن ما يُعرف باسم "اليسار الصهيوني" ما عاد قائمًا منذ سنوات، على الأقل منذ أن عبرت إسرائيل، عام 2005، "انقلابًا سياسيًا" ترتب، من ضمن أشياء أخرى، على خطة "فك الارتباط" عن قطاع غزة التي طرحها رئيس الحكومة السابق، أريئيل شارون، واصطاد سياسيًا من خلالها ليس أطرافًا خارجية فحسب، إنما أطرافًا إسرائيلية، لم يكن حزب العمل الوحيد بينها من خانة أحزاب اليسار تحديدًا. وثمة من يعتقد أن هذه "اليسار" اختفى من الواجهة في إثر اذدنابه الكامل لخطة شارون السالفة، بموازاة هروبه من استحقاقات تحديد البحث حول هويته.

"عرب 48": هل سيكون الصراع مع الفلسطينيين مُهمَّشا في برامج الأحزاب كلها، كما كان الأمر في الانتخابات السابقة، أم تتوقع سلوكا مختلفا؟ وإذا حظي الصراع والحلول باهتمام أكبر، ما هو مضمون هذا الاهتمام، وهل سنشهد اختلافا أوسع مما شهدنا حتى الآن، في مقاربة الحلول؟

شلحت: أظن ذلك، إلا إذا حدثت زلزلة كبيرة يقف الفلسطينيون وفصائلهم من ورائها، وهذا التهميش غير مرتبط بجوهر العلاقة الثنائية الراهنة فقط، بل بتطورات إقليمية ودولية أيضا، تسببت وما تزال بتراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية عربيًا وعالميًا. على مستوى الحلول لا شيء جديدًا في جدول الأعمال حاليًا، باستثناء كلمات وشائعات عن "صفقة القرن" الأميركية، ومناشدة دول أوروبية لأميركا أن تتضمن "حل الدولتين"، الذي بات مشكوكًا في إمكان تنفيذه عمليًا. وكان من أولى نتائج تبكير الانتخابات الإسرائيلية إرجاء طرح تلك "الصفقة" بما يحول دون تفكيك ما تحتوي عليه واتخاذ موقف منه، وبرأيي بعد الانتخابات ستكون لدى إسرائيل قوة أكبر لفرض ما تعتقد بوجوب فرضه على هذه الصفقة، إذا ما افترضنا أنها ستُطرح أصلًا. 

"عرب 48": ماذا ينتظر القائمة المشتركة من سيناريوهات؟ كيف سيتعامل معها اليمين كإطار وحدوي، من ناحية؟ ومن ناحية ثانية؛ هل ستجد نفس القدر من الالتفاف حولها، كالذي شهدناه في الانتخابات السابقة؟

شلحت: ربما يكون السيناريو الأفضل هو استمرار القائمة المشتركة، رفقة برنامج لتجنيد التفاف شعبي أكبر من حولها. وما يجب أن نطالب أحزابنا به الآن، على أعتاب الانتخابات، هو أن يُقدّم كل منها لنا، نحن الناخبين، رؤيته لفكرة القائمة المشتركة وللدور المعوّل عليها ولما قامت به حتى الآن، ولا يقل أهمية عن ذلك تلخيص التجربة "المتراكمة" ونقاط القوة ونقاط الضعف. بهذه الطريقة قد تترسّخ القائمة كنتاج جدل عام وتبادل آراء واجتهادات، وليست كمجرّد اتفاق بين الأحزاب لتقاسم "كعكة الكنيست"، أمّا كيف سيتعامل معها اليمين، فجوابي أن ذلك يبقى مرهونًا بكيفية تعامُل القائمة المشتركة مع نفسها، وأعتقد أن المعنى مفهوم.

"عرب 48": هل ما زالت المشاركة في انتخابات الكنيست ذات معنى بعد كل هذا التغول والعدوانية الصادرة عن نظام الأبارتهايد؟ ألا تعتقد أن الارتهان لها ما عاد يؤتي ثمارا، بل بات يلحق أضرارًا أخلاقية، وإفسادًا للعمل السياسي، وتعطيلًا خطرًا لعملية التفكير في بدائل شعبية وسياسية ناجعة؟

شلحت: دعني أجيّر تساؤلك لطرح تساؤل أبعد مدى، يتعين الإجابة عنه بجهود مشتركة: هل كانت تلك المشاركة ذات معنى قبل هذا التغوّل والعدوانية؟. كنت سأتفق معك بـ"أن الارتهان لانتخابات الكنيست ما عاد يؤتي ثمارًا، بل بات يلحق أضرارًا أخلاقية، وإفسادًا للعمل السياسي، وتعطيلًا خطرًا لعملية التفكير في بدائل شعبية وسياسية ناجعة"، لو أنك أضفت كلمة "فقط" لعبارة "الارتهان لانتخابات الكنيست"، لتصبح "الارتهان لانتخابات الكنيست فقط"، لا سيما وأن قوى حزبية في "المشتركة" ظهرت إلى الوجود على خلفية رفض مثل هذا الارتهان فقط، وسرعان ما وقعت في حبائله، وهي تتحمّل المسؤولية عن هذا المآل. إن انتخابات الكنيست هي فصل واحد في الصراع الذي نخوضه وفي الأدوات اللازمة لإدارته، والتي لن تنتف الحاجة إليها بعد. ومع ذلك لا بُدّ من القول إنه قد لا يكون الفصل الأكثر أهمية، حتى لا أقول إنه الفصل الأقل أهمية، ولا أدري متى استحال إلى الفصل الواحد والوحيد. هنا تجب المراجعة، وهي مطلب مطروح منذ سنوات، ويجب عدم التخلّي عنه، والانتخابات مناسبة لإعادته إلى مكانة الصدارة درءًا لأي موسمية.

التعليقات