04/12/2022 - 11:36

توزير بن غفير وسموتريتش: "تأديب العربي" لتجرئه على "السيادة اليهودية"

تقبل إسرائيل على مرحلة جديدة خطيرة نحو الفاشية واستهداف المجتمع العربي في البلاد والفلسطينيين في الضفة الغربية.

توزير بن غفير وسموتريتش:

سموتريتش وبن غفير (Getty Images)

تخوض إسرائيل مرحلة سياسية أشد خطورة على المواطنين العرب في البلاد، بعد اتفاقيات ائتلافية أبرمها حزب "الليكود" ورئيسه المقبل للحكومة، بنيامين نتنياهو، مع حزب "عوتسما يهوديت" برئاسة إيتمار بن عفير، وحزب "الصهيونية الدينية" برئاسة بتسلئيل سموتريتش، وتوليهما وأعضاء من حزبيهما وزارات سيادية مؤثرة، مع منح بن غنفير وزارة الأمن القومي بصلاحيات واسعة، من بينها أيضا تبعية وحدات "حرس الحدود" في الضفة الغربية المحتلة لوزارته، وشرعنة المستوطنات.

ووفقا لتقديرات محللين سياسيين فإن المرحلة المقبلة ستشهد سباقا خطيرا بين أقطاب الأحزاب اليمينية المتطرفة، وخصوصا حول سن قوانين فاشية وممارسات للتضييق على المواطنين العرب في البلاد، وسلب أراضي الفلسطينيين وتوسيع البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية.

وقال مدير مركز مدى الكرمل، د. مهند مصطفى، لـ"عرب 48" إن "طلب بن غفير وزارة الأمن الداخلي، والتي سيطلق عليها وزارة الأمن القومي، لأنه صعد شعبيا على ظهر مسألة الأمن الشخصي. كان الفلسطينيون في إسرائيل في مركز حملة بن غفير، طارحا خطاب 'فرض السيادة' على النقب والجليل، وهو خطاب شعبوي بامتياز، فليس هناك سيادة سوى سيادة إسرائيل، ولم يكن أحد يتحدث عن السيادة عندما انحصرت الجريمة والعنف في البلدات العربية، ولكنها عندما بدأت تدخل البلدات اليهودية أصبح الحديث عن فقدان السيادة، وبدأ التحريض على المجتمع العربي. وتدخل أحداث أيار/ مايو 2021 ضمن خطاب الأمن الشخصي الذي ركب عليه بن غفير، واعدا الجمهور بـ'تأديب العرب' الذين تجرؤوا على 'السيد اليهودي' و'السيادة اليهودية'. خاطب بن غفير المشاعر المكبوتة في المجتمع الإسرائيلي التي تتعامل بفوقية تجاه الفلسطينيين وتريد من يعبر عن هذه الفوقية بدون لياقة سياسية، لذلك فمشروع بن غفير سيكون إعطاء الشعور بالفوقية لليهود من خلال 'تأديب' من يتحداها، سواء بأعمال احتجاج سياسية كما كان في أيار، وحتى بتصرفات جنائية التي يتم تأطيرها قوميا. لذلك أدرك بن غفير أن الوزارة التي يستطيع من خلالها تنفيذ هذا البرنامج هو الأمن الداخلي، وطالب بأن تكون السلطة على 'حرس الحدود' تابعة له كجزء من هذه الرؤية. علاوة على ذلك فإن الصلاحيات التي لديه في وزارة الأمن القومي تمنحه القوة في تغيير الأمر الواقع في المسجد الأقصى بشكل تدريجي ومنع الاحتجاجات السياسية وقمعها بمزيد من القوة، والسماح بتشكيل مليشيات يهودية في البلدات اليهودية بحجة الحفاظ على الأمن الشخصي، والتي ستكون ذراعا تنكيلية بالعرب بسبب الدعم الذي ستحصل عليه من الوزير الجديد".

مهند مصطفى

وأضاف أن "بن غفير هو جزء من تحول عالمي بفوز وصعود اليمين المتطرف الشعبوي، وأهمها كراهية الآخر في ظل صعود العولمة والاقتصاد الليبرالي الذي مكّن مجموعات مهمشة من التقدم في السلم الاجتماعي الاقتصادي والسياسي وتحدي 'الأسياد'. والعرب في إسرائيل في نظر بن غفير تحدوا أسيادهم، وحتى العنف والجريمة لا يتم التعامل معها على أنها آفة اجتماعية، بل كتحد قومي للسيادة اليهودية وتحدي الأسياد، فكيف يتجرأ المجرمون العرب على دخول البلدات اليهودية، ولو بقيت حدود الجريمة في البلدات العربية لما تحدث أحد عن فرض السيادة اليهودية، وهذه قمة العنصرية ونزع إنسانية الإنسان العربي. وعد بن غفير جمهور اليمين وغيرهم أن 'يخبط على رؤوس العرب' وظل يخبط علينا كلاميا خلال حملة الانتخابات، ويأمل جمهوره أن يخبط على رؤوسنا عمليا بعد تعيينه وزيرا، لذلك صوتوا له".

وختم مصطفى بالقول إن "صعود بن غفير ليس له علاقة بالمشروع الاستيطاني في الضفة الغربية ولا بالفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة. التصويت لبن غفير له علاقة بصعود مكانة العرب في إسرائيل، الذين بنظر جمهوره يستأنفون على الفوقية اليهودية و'السيد' اليهودي، فجلبوا سيدا يهوديا جديدا وعدهم بأن يعيد العرب لمكانتهم الطبيعية أمام أسيادهم. ولكنه سيفشل ويضعف بعدها، لأن العرب لن يكونوا عبيدا واليهود لن يكونوا أسيادا عليهما".

وقال أستاذ التاريخ في جامعة حيفا، بروفيسور محمود يزبك، لـ"عرب 48" إن "هذا الائتلاف الجديد عمليا سيعتمد على قوى يمينية فاشية وفي واقع الأمر هو وجه إسرائيل الذي حاولت الحكومات السابقة بكل الطرق إخفائه تحت الطاولة. هذا التيار اليميني الفاشي قوي جدا ولا تستطيع أي حكومة يمينية إخفاءه بعد كما فعلت حتى الآن، لذا نحن أمام مرحلة سياسية جديدة في إسرائيل. السياسة التي ستطبقها هذه الحكومة نتيجة للائتلاف مع بن غفير وسموتريتش وغيرهما من لا يقل أهمية عنهما من حيث المواقف قد تغير بشكل كامل الواقع الإسرائيلي في المنطقة، وأهمها أن حكومة نتنياهو ستخضع لإملاءات من قبل هذه القوى وخاصة في الضفة الغربية. لا أعتقد أننا مقبلون على ضم مناطق في الضفة الغربية، ولكن عملية الاستيطان ستتوسع، وكذلك تخصيص ميزانيات أكبر للاستيطان".

محمود يزبك

وتابع أنه "على الصعيد الإسرائيلي الداخلي ستتولى هذه الأحزاب وزارات سيادية هامة، مثل التربية والتعليم، والسؤال كيف سيتعامل المجتمع الإسرائيلي المدعي للديمقراطية حينما يرى قوى تريد هدم ما تبقى من الديمقراطية الإسرائيلية إن كان شيئا منها قد تبقى وتجعله تحت سيطرة قوى فاشية كانت هامشا وأصبحت قوى مركزية تريد السيطرة على مفاتيح هامة في المجتمع الإسرائيلي. أعتقد أننا سنشهد صراعا كبيرا على هذه الخلفية".

وختم يزبك بالقول إنه "فيما يتعلق بتأثير ذلك على المجتمع الفلسطيني في الداخل، وإن كنا نتوقع التأثير السلبي، فلقد عايشنا ذلك في الماضي وواجهنا وزراء أمثال ليبرمان وغيره و'قانون كامينتس' و'قانون القومية'. لذلك أرى أننا سنتجاوز هذه المرحلة بدون تأثير كبير على واقع حياتنا، ولن نشهد أصعب مما سبق ومررنا به حتى اليوم وخاصة تأثير قانون القومية الذي جعلنا مواطنين من الدرجة الثانية".

ويرى الباحث والمحلل السياسي، صالح لطفي، أن "تولي بن غفير وزارة الأمن الداخلي ذات الحساسية المُفرطة برسم تماسها اليومي معنا كفلسطينيين في كل أماكن تواجدنا على أرضنا المُباركة الممتدة من البحر إلى النهر وتحويلها إلى اسم جديد، وزارة الأمن القومي، وما يرشح من معلومات تشي بتمكينه من عديد الملفات ذات الصلة بالوزارة كمسؤوليته المباشرة عن كتائب 'حرس الحدود' في الضفة الغربية وحديثه المتواصل عن تنزيل القانون وفرض النظام والحكم في الجليل والمثلث والنقب ومدننا الساحلية فضلا عن دعاويه الصريحة بطرد عوائل فلسطينية، ورفع أعداد الشرطة وحرس الحدود في داخلنا الفلسطيني، وما تحدث عنه في سياق دعوته الانتخابية وما بعدها من سن للقوانين تخصنا كفلسطينيين وتسريع سلسلة من القوانين تُلاحق فلذات أكبادنا هي جزء من قناعاته الرامية إلى إخلاء البلاد من العرب واليهود اليساريين حتى سنة 2048 وهذا السقف الزمني هو جزءٌ من رؤية توراتية. هذا دون أن أتطرق إلى البلدة القديمة والمسجد الأقصى وفرض السلطة مباشرة".

وقال لطفي لـ"عرب 48" إنه "عمليا لن يكون بن غفير مختلفا كثيرا عن سابقيه، وكما كُسر ليبرمان في وزارة الأمن سيكسر بن غفير في وزارته، وزارة الأمن القومي".

صالح لطفي

وأضاف أنه "ثمة حاجة لوضع مخطط شامل ومدروس وخلق عمل مشترك فلسطينيا هدفه كسر شوكته السياسية والمعنوية والنفسية وملاحقته قضائيا عالميا. أمامنا فرصة ثمينة لتعرية المجتمع الإسرائيلي اليميني الفاشي، واستثمار هذه اللحظة لإعادة بنائنا الداخلي على كافة الصُعُد لمواجهة مثل هذه الشخصية بما تحمله من أفكار ومن معه من أتباع، وضمن التحولات الجارية في المجتمع الإسرائيلي ستكون الحاجة ماسة إلى أقل خلاق يُجَمع شتاتنا السياسي ويوجه البوصلة ويستثمر القدرات والطاقات لتمكيننا وجوديا ومعنويا ونفسيا".

وأكد أن "بن غفير ظاهرة تحدث هزات في مجتمع أوراقه باتت تتساقط منذ العشرية الراهنة ومعامل التخلية تعمل فيه ليل نهار. المهم ثباتنا وموقفنا الذي لا يخضع للمساومات. إذا مضى بن غفير بسياساته التي يعلن عنها صباح مساء سيصطدم مع الكل الفلسطيني، وسيكون الاصطدام مدويا وهائلا، وسيترك آثاره على فلسطين التاريخية، وتوقعاتي أن معادلات قد تتغير بفعل ذات الأحداث وتداعياتها".

وختم لطفي بالقول إن "بن غفير وما يمثله من سياسات و'أخلاق' سياسية وحصوله مع سموتريتش على 14 مقعدا، برسم فاشيتهم وعصريتهم، يتموا الحلقة الحضارية باستواء الظلم والفجور إيذانا بانتهاء ظلمهم".

التعليقات