21/11/2023 - 23:06

لا تبريرَ لاعتقال القيادات العربية بشأن الحرب على غزة: "محاولة للتأسيس لمرحلة إعادة الحُكم العسكريّ"

بركة: "هذه محاولة من الحكومة والوزير بن غفير، ليؤسِّسوا لمرحلة إعادة الحكم العسكريّ إلى المجتمع العربيّ، بدون الإعلان عن ذلك" || أبو شحادة: "جوّ الإرهاب الذي قاده وفرضه بن غفير، على كل المنظومة القانونية، أصبح يسيطر على القضاة".

لا تبريرَ لاعتقال القيادات العربية بشأن الحرب على غزة:

اعتقال قيادات قبيل الوقفة ضد الحرب بالناصرة، في 9 نوفمبر ("عرب 48")

بعث المدّعي العامّ في النيابة الإسرائيلية، عميت آيسمان، برسالة "توبيخ" لقسم التحقيقات في الشرطة، قال فيها إن اعتقال أعضاء كنيست عرب سابقين في الناصرة، وعلى رأسهم رئيس لجنة المتابعة، محمد بركة، لم يكن له أيّ تبرير، وكان خاطئًا.

تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"

وجاءت هذه الرسالة في أعقاب قيام الشرطة باعتقال عدد من القيادات العربية قبل أسبوعين، قبيل مشاركتهم في وقفة احتجاجية مُندّدة بالحرب على غزة، لكن عناصر الشرطة الذين تواجدوا بأعداد كبيرة في ساحة "عين العذراء" في مدينة الناصرة، وهو الموقع الذي كان من المقرَّر تنظيم الوقفة الاحتجاجية فيه، عمدت إلى اعتقال القيادي في التجمع الوطني الديمقراطي يوسف طاطور، ورئيس الحزب سامي أبو شحادة، والنائب السابقة حنين زعبي، والنائب السابق كذلك د. امطانس شحادة، وعضو لجنة المتابعة محمود مواسي، بينما تم اعتقال رئيس لجنة المتابعة في منطقة "الخانوق" بالناصرة، قبل وصوله إلى موقع تنظيم الوقفة الاحتجاجية.

وفي أعقاب الاعتقال والتحقيق، أفرجت الشرطة عن المعتقلين بشروط مقيّدة، منها الحبس المنزلي، والإبعاد عن الناصرة، وقيود أخرى كمنع أحد المعتقلين من السفر.

وفي استئناف قدّمته المحامية في مركز "عدالة"، ميسانة موراني، إلى محكمة الصلح في الناصرة لإلغاء الشروط المقيدة المفروضة على القياديين العرب، رفضت المحكمة طلبها، وقامت بإجراء تعديل على هذه الشروط من حيث تخفيض عدد أيام الإبعاد المفروضة عليهم.

"كتم أيّ صوت عربيّ يخرج ضدّ الحرب"

وقال بركة في حديث لـ"عرب 48"، في تعقيب على رسالة "التوبيخ" التي بعث بها المدّعي العام إلى قسم التحقيقات في الشرطة، إن "أهميّة توبيخ المدعي العام لمحققي الشرطة على اعتقالات قامت بها بشكل تعسّفي، وتجاوز سلطة القانون، تكمن في أنها تدلّ على أن الشرطة تعمل وفق أوامر سياسية لكتم أي صوت عربي يخرج ضد هذه الحرب".

وأضاف بركة أن "هذه محاولة من الحكومة والوزير (وزير الأمن القومي، إيتمار) بن غفير، ليؤسِّسوا لمرحلة إعادة الحكم العسكريّ إلى المجتمع العربيّ، بدون الإعلان عن ذلك".

وذكر أنه "من ناحية أخرى، فإن توبيخ المدّعي العام آيسمان للشرطة، هو بمثابة رسالة لجهاز القضاء الذي تساوَق مع التُّهم الملفّقة، بحيث اتخذت المحكمة إجراءات تتوافق مع سلوك الشرطة غير القانوني، وأعتقد أن هذه رسالة بالغة الأهمية تفيد بأن بعض القضاة يتصرفون وكأنهم موظفون لدى الشرطة وجهاز المخابرات".

وردًّا على سؤال بشأن ما يمكن فعله اليوم بعد هذه الخطوة، قال بركة: "هذا ما سنختبره في مطالب قانونية سنتقدم بها، وبالأساس بشأن حقّنا في التظاهر، وهذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة".

"جهاز الشرطة ذوّت أوامر وفكر بن غفير"

بدوره، قال رئيس حزب "التجمع"، سامي أبو شحادة، في حديث لـ"عرب 48" إن "السؤال هو لماذا لا يستعيد المدّعي العام، عميت آيسمان، صلاحياته التي حوّلها إلى الشرطة، والذي كان من الواضح ومن المتوقع أن تقوم شرطة بن غفير بتنفيذ سياسته وأوامره؟".

وذكر أن "الخطأ الأول كان تحويل صلاحيات النائب العام في الدولة، وبخاصة في ظروف الحرب إلى محققي الشرطة، فهذا كان خطأ كبيرا، ولن يدفع ثمنه المواطنون الفلسطينيون في إسرائيل فقط، لأن جهاز الشرطة ذوّت أوامر وفكر بن غفير، واعتاد القمع والاضطهاد بدون حسيب ولا رقيب، وسيكون من الصعب أن يتراجع عن هذا الأسلوب، حتى بعد انتهاء الحرب".

وأضاف أبو شحادة أن المدعي العام "هو المسؤول الأول والمباشر على هذا التدهور الكبير، وكان من الأفضل أن يستعيد صلاحياته، وأن يضع أمام جهاز الشرطة طريقة للمحاسبة وللعقاب".

وبشأن دور قضاة المحاكم في الحدّ من هذه السلوكيات التي ينتهجها محقّقو الشرطة، قال أبو شحادة، إن "جوّ الإرهاب الذي قاده وفرضه بن غفير، على كل المنظومة القانونية في دولة إسرائيل، سواء جهاز الشرطة أو قوات الأمن أو النيابة العامة، أو حتى المحاكم، أصبح يسيطر بشكل كبير جدا أيضا على القضاة، ولذلك فإن خطر بن غفير لن يتركنا حتى بعد أن يترك هو منصبه كوزير للأمن القومي".

وأشار إلى أن "هنالك ثقافة جديدة ذوّتتها أجهزة الشرطة والأمن والمحاكم؛ ثقافة مناقضة لكل ما هو إنساني وديمقراطي، وسيستغرق الكثير من الوقت والنضال ضد هذه الثقافة من أجل أن تعود هذه المنظومة إلى خطابها العقلانيّ".

"موقف سياسيّ من قِبل الشرطة هدفه القمع"

من جانبه قال د. امطانس شحادة لـ"عرب 48"، إن "الرسالة التي بعث بها النائب العام لقسم التحقيق في الشرطة، إنما تؤكد بأن موقفنا وأن روايتنا هي الصحيحة والعادلة، وأن التوقيف لم يكن له أيّ مبرّر، سوى أنه موقف سياسيّ من قِبل الشرطة هدفه القمع".

خلال الاعتقالالت في الناصرة في 9 نوفمبر ("عرب 48")

وأضاف أنه "لا يوجد أي مبرّر للخطوات التي اتخذتها الشرطة ضدنا، ولا مبرِّر لاعتقالنا، ولكن الأغرب من ذلك هو قرار المحكمة التي تتماهى مع تصرّفات الشرطة المخالِفة للقانون، ورفضت التصدي لقرار سياسيّ غير مبرَّر اتخذته الشرطة، بل تماشت معه؛ كما أظهرت المحكمة موقفا سياسيا أيضا، ورفضت الدخول في صدام مع الشرطة، ولو أنها ألمحت في قرارها إلى عدم قانونية الاعتقال ليأتي الردّ من النيابة العامة ليقول إننا على حق، وإن الاعتقال جاء للتنكيل بنا ولقمع العمل السياسي والموقف المعارض للحرب لدى المجتمع الفلسطيني في الداخل".

وأعرب شحادة عن "أمله في أن تقوم النيابة العامة بوضع حدّ للاعتقالات التعسّفية، ولجم الشرطة من ترهيب، ومحاولة إخراس كل من يتفوّه ضد الحرب، وضد المؤسسة الأمنية".

"إخراس صوت القانون"

وقال نائب الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، يوسف طاطور، إن "التحريض الذي تتعرض له الجماهير العربية من قبل عناصر متطرفة داخل الحكومة، وأوّلهم الوزير بن غفير، تجعل عناصر الشرطة يُغيّبون ويُخرسون صوت القانون، وبالتالي يأخذون القانون لأيديهم تحت غطاء من الوزراء المحرِّضين".

وأضاف طاطور أن "الغريب في الأمر هو تبنّي سلطة القضاء لرواية الشرطة غير القانونية، وتقوم بملاحقة القيادة السياسية لمجرّد دعوتها لوقف الحرب ووقف القتل، وإخراج الأطفال والمدنيين من دائرة العنف!".

أمر منع من مغادرة البلاد غير محدّد المدّة

وكانت الشرطة قد اعتقلت عضو لجنة المتابعة، محمود مواسي، وفرضت عليه أمر منع مغادرة البلاد دون تحديد فترة زمنية لذلك. وقال مواسي لـ"عرب 48" إنه تمّ خلال الأسبوع الجاري، منعه من دخول المسجد الأقصى، بادعاء أن هنالك أمرا من الشرطة يقضي بعدم دخوله مدينة القدس المحتلّة.

وأضاف مواسي: "نحن لا نعوّل على العدالة في القانون الإسرائيلي، وحتى ما يُسمّى بمحكمة العدل العليا، فهي التي شرعنت هدم البيوت العربية، وصادقت على القوانين المجحفة بحق شعبنا، كقانون القومية و’كامينتس’، ولكن ما قاله المدعي العام في توبيخ الشرطة، لَهُو دليل على أن محققي الشرطة يقومون بأعمال منافية للقانون، كما حدث معي حين تم التحقيق معي، فقد أضاف المحقق بندا يمنعني من السفر إلى الخارج بدون أن يبلغني بهذا الأمر خلال التحقيق، لذلك نحن لا نعوّل على ’عدالة’ الشرطة والمحكمة، وندرس مع طاقم المحامين إمكانية مقاضاة الدولة على إجراءات تعسّفيّة اتُّخذت ضدنا، وهي لا تستند للقانون".

وتابع: "بدل أن تقوم المحكمة بإنصافنا وإدانة الشرطة ومحاسبتها على أفعالها غير القانونية، قامت بمساندة موقف الشرطة، ولذلك فإن هذا دليل آخر على أن الشرطة لم تكن ذات يوم وسيلة لتطبيق القانون لدى العرب، وهي ليست سوى جهاز لقمع وتخويف المواطن العربي عن طريق ترهيب قياداته، ونحن سنبقى بعون الله جزءا من هذا الشعب، وسنظل نقوم بواجبنا ونعمل وفق القانون، فنحن على علم بالظروف التي نعيشها، وستواصل لجنة المتابعة مدعومةً بجماهيرها بالإعلان عن فعاليات ونشاطات تدعو لوقف الحرب".

التعليقات