"الغُزاة": ذريعةٌ للاستيلاء على أراضي النقب وتهويدها

تُصارعُ قرى عربية في منطقة النقب، جنوبي البلاد، منذ عدة أشهر مخططات التحريش على يد الصندوق القومي اليهودي (كيرن كييمت ليسرائيل) واختصاره (ككال)، وهو منظمة صهيونية تأسست في العام 1901 كوسيلة لجمع الأموال من اليهود لشراء الأراضي.

أهالي النقب يتصدون للتحريش والمصادرة (عرب 48)

تُصارعُ عدة قرى عربية في منطقة النقب، جنوبي البلاد، منذ عدة أشهر مخططات التحريش على يد الصندوق القومي اليهودي (كيرن كييمت ليسرائيل) واختصاره (ككال)، وهو منظمة صهيونية تأسست في العام 1901 كوسيلة لجمع الأموال من اليهود لشراء الأراضي في فلسطين إبان العهد العثماني، وإقامة المستعمرات اليهودية، ثم في فلسطين تحت الانتداب البريطاني ولاحقًا إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة لإقامة مستوطنات يهودية.

تقتحم عناصر (ككال) القرى العربية، مسلوبة الاعتراف في النقب، بحماية الشرطة الإسرائيلية، ترافقها آليات وجرافات ثقيلة، لتسوية الأرض بهدف البَدْء بتحريشها دون إنذار سابق للأهالي أو الإعلان عن خطط حكومية تسمح للأهالي بتقديم اعتراضاتهم في لجان التخطيط، حسب المسار القانوني الطبيعي للتعامل مع خطط التنظيم والبناء.

شرح مخاطر مخططات الاقتلاع والتهجير في النقب

حرب معلنة على ملكية العرب للأرض

في البحث عن الأساس القانوني الذي يعتمد عليه الصندوق القومي اليهودي لشرعنة عمله في الأرض العربية، برز بند "الغُزاة"، وهو البند الوحيد في المستندات القانونية الذي يخوّل (ككال) اقتحام أرض معينة وتشجيرها في حال استشعار خطر انتقال ملكية الأرض لـ"غير اليهودي" في مرحلة ما.
وعن بند "الغُزاة" الذي يعتمده الصندوق القومي اليهودي في اقتحام أراضي العرب في النقب ومحاولات الاستيلاء عبر التحريش، قال مدير مكتب "عدالة- المركز القانوني لحماية حقوق الأقلية العربية في إسرائيل" بمنطقة النقب، مروان أبو فريح، لـ"عرب 48" إن "بند ‘الغُزاة’ حجة حسب القانون الإسرائيلي يستخدمها الصندوق القومي اليهودي لتسهيل دخوله إلى المخططات الممنهجة في الأعوام الأخيرة الهادفة لسلب أراضي العرب، وهو مخطط من ضمن مجموعة مخططات ممنهجة للاستيلاء على أراضي النقب، من طريق إقامة سكك حديدية ومصانع عسكرية ومعسكرات للجيش وشارع 6 ومنجم الفوسفات و’رمات بيكاع’ ومخطط ‘الكرفانات’ وغيرها".

جرافات (ككال) تتوقف بعد تصدي أهالي خربة الوطن

وأضاف أن "ما تسمى ‘سلطة أراضي إسرائيل’ تعمل بالتعاون مع الصندوق القومي اليهودي على تحريش أراضي أهالي قرية خربة الوطن، على الرغْم من أن هذه الأراضي تخضع لإجراءات تسجيل الملكية، ومسألة ملكيتها لم تحسم بعد، وأطلق عليها اسم ‘أراضي تسوية’ وهذا معناه أن عملية تحريش أراضي القرية أو ‘التسوية’ فرض حقيقة على أرض الواقع وحرمان الأهالي من حقهم بالتملك، ومصادرة الأرض من أصحابها وتحويلها إلى (ككال) ما ينافي قانون تسوية الأراضي وقانون الغابات".
وأوضح أبو فريح أن "الصندوق القومي اليهودي يستند إلى استخدام ما يسمى بند ‘الغُزاة’ محاولا الاستيلاء على الأراضي، بما معناه أن العرب البدو غُزاة، ثمّ اعتماد غرس الشجر لاقتلاع البشر. وهذا المخطط يعد عربدة دون أي مرجعية أو صَلاحِيَة قانونية".
ولفت مدير "عدالة" بالنقب إلى أن "أصل البند يعود إلى قيام سلطة أراضي إسرائيل والصندوق القومي اليهودي في السنوات الأخيرة بتشكيل لجنة داخلية مكونة من شخص واحد تسمى ‘لجنة سكوب’ بتوصية من المحكمة العليا نتيجة التماس رقم 8391/15، إذ تقوم هذه اللجنة بتقديم توصياتها ومخططاتها لتحريش عشرات آلاف الأراضي وغرس الأشجار في النقب وفي فلسطين التاريخية، دون المصادقة على المخططات من قبل اللجنة اللوائية أو المركزية للتخطيط والبناء ودون أي مرجعية قانونية، لذا تنفرد بقراراتها للاستيلاء على الأراضي ومصادرتها لفرض حقائق على أرض الواقع، ومن خلال هذا كله تحاول أن تدفع أصحاب الأراضي إلى اللجوء للمحاكم، والنتيجة واضحة وبيّنة".

تحريش المنطقة بين الظحية وأم نميلة شمال رهط

لا إنذارات ولا مفاوضات

يصفُ عدد من العرب في النقب (ككال) بـ"العصابة"، إذ قالوا إنه لا إنذارات مسبقة ولا وسيلة للتفاوض معهم وجُل عملهم يعتمد على فرض الحقائق على الأرض لضرب احتمالات الاعتراف بالملكية العربية، ووضع الحواجز أمام العرب بهدف تسريع عملية الاقتلاع والتهجير.

ولا يعوّل الأهالي على المحاكم الإسرائيلية التي أثبتت تبعيتها المطلقة للأجندة الموحدة لمؤسسات الاقتلاع والتهجير، حسب قولهم، وأن أحد أهداف ممارسات (ككال) دفع العرب في النقب للتوجه إلى المحاكم لاستصدار أوامر تمنعه من العمل في أراضيهم، إذ أنه في تلك المحاكم يخسر المواطنون العرب ملكيتهم لأراضيهم بشكل فعلي.

محاولات تجريف في أراضي خربة الوطن


تدعمُ مؤسسات الدولة عمل الصندوق القومي اليهودي، وتعدُّ "دائرة أراضي إسرائيل" شريكا أساسيا في تهجير العرب من القرى مسلوبة الاعتراف في النقب، وتضع الشرطة الإسرائيلية العقبات أمام نضال العرب من أجل الثبات والبقاء في أراضيهم، وتقدم الحماية لآليات الاقتلاع والتهجير.
علقت عناصر "دائرة أراضي إسرائيل" أمر هدم على خيمة الاعتصام في قرية الأطرش/ الرويس، يوم الثلاثاء، التي تدير نضالًا شعبيًا منذ أكثر من شهر احتجاجًا على بَدْء تحريش جزء من أرض العائلة.

توجه الأهالي إلى الشرطة من أجل استصدار ترخيص لخيمة الاعتصام فصرحت الشرطة، للمرة الأولى، بأنه ليس من صلاحياتها منح ترخيص لخيمة اعتصام وأن على الأهالي التوجه إلى "دائرة أراضي إسرائيل".

الأهالي يتصدون لتحريش أراضيهم

وقال عضو اللجنة المحلية في قرية الرويس، خليل الأطرش، لـ"عرب 48" إن "الأهالي في قرية الرويس يتعرضون لهجمة شرسة من (ككال) والشرطة ودائرة الأراضي، فمنذ اليوم الأول للاعتصام نتلقى تهديدات وملاحقات ومحاولات للاستفراد بالأهالي، ولكن بحمد الله الموقف واحد وموحد. الصندوق القومي اليهودي يحاول منذ اليوم الأول فرض الأمر الواقع وغرس أشجاره بالقوة، ويريدنا أن نتوجه إلى المحكمة. لم نقبل إملاءات هذا الصندوق، ولن نقبل سلب أرضنا".
وختم الأطرش بالقول إنه "بالرغْم من احتجاجنا السلمي في خيمة الاعتصام التي أقمناها في أرضنا قامت ‘دائرة أراضي إسرائيل’ بإلصاق أمر هدم لخيمتنا وتهديدنا بهدمها ومحاسبتنا على ‘البناء غير القانوني’ وأعلمتنا أنه علينا استصدار ترخيص من الشرطة، وعند التوجه إلى الشرطة تعاملت الأخيرة معنا بشكل مستفز وأبلغتنا أن ترخيص خيمة الاعتصام يتم تحصيله من دائرة الأراضي، وهذه محاولة أخرى لضرب نضالنا، وهذا لن يحدث".

لا للتوجه إلى المحاكم

يتوقع أبناء عائلة النباري في قرية خربة الوطن عودة جرافات الهدم في الأيام القريبة، مؤكدين على موقفهم بالمقاطعة التامة للمحاكم الإسرائيلية في قضايا الأرض، وذلك بعد أن ثبُتت تبعيتها الكاملة لأجندة سلب الأرض من العرب في السنوات الأخيرة، حسب ما قالوا.

يرفض الأهالي سياسات (ككال) بشكل مُطلق، والموقف في خربة الوطن كما في معظم نِقَاط الاحتكاك مع مؤسسات الهدم عدم التوجه إلى المحاكم الإسرائيلية، والتصدي للجرافات بالأجساد العارية دفاعا عن الأرض، في هذه المرحلة.

وعن الوضع الحالي في قرية خربة الوطن، قال الناشط محمد النباري لـ"عرب 48" إن "الصندوق القومي اليهودي حاول جس نبض الأهالي باقتحامه للقرية سابقًا، وبعد تصدي أبناء العائلة توجه ودائرة الأراضي لمسار التفاوض مع الأهالي، وللمرة الأولى سمعنا مصطلح الاعتراف مع رفضنا الكامل للتنازل عن أي قسم من الأرض".

مخطط لتحريش 40 ألف دونم أرض في النقب

وأضاف أنه "نتوقع عودة الجرافات، قريبا، لأننا لا نثق بهم ونعرف أساليبهم، وسنكون بالمرصاد لحماية حقنا في أرضنا".

مخططات واستهدافات جديدة

أنهى الصندوق القومي اليهودي، العام الماضي، غرس أشجاره في منطقة شمال رهط بين قريتي الظحية وأم نميلة، المخطط ضمهما إلى منطقة نفوذ مدينة رهط، وكان توجه الأهالي إلى المحكمة بمنزلة سلاح للصندوق يصوب ضدهم، ويخطط الصندوق لتحريش 40.000 دونم من أرض النقب، حديثا، كما كُشف منذ أشهر، وفي إطار عمل الصندوق فإن هذا التحريش يعني في حال تنفيذه المرة الأولى التي تصل فيها أشجار (ككال) إلى ما بعد خط 25 في النقب باتجاه خط 40 في النقب الجنوبي، والخطورة لا تكمن فقط في سلب الأرض، ولكن في بسط نفوذ ما تسمى "الدوريات الخضراء" في المناطق الفاصلة للقرى العربية مسلوبة الاعتراف، وتعني المزيد من المراقبة والقبضة الأمنية على العرب بالنقب، في الرؤية الأيديولوجية للصندوق القومي اليهودي، وهذه الممارسات بادعاء ما يسمى "إنقاذ أراضي إسرائيل من الغُزاة العرب".

التعليقات