31/10/2010 - 11:02

الملاذ الأخير للحوار الفلسطيني.. والعربي!../ نزار السهلي*

الملاذ الأخير للحوار الفلسطيني.. والعربي!../ نزار السهلي*
يستاء الفلسطينيون والعرب مع كل جولة حوار ينبثق معها موعد جديد لاستئناف جولة أخرى من الحوار الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس وباقي الفصائل التي اتفقت أن تكون القاهرة حاضنة لكل الجولات برعاية مدير مخابراتها السيد عمر سليمان. ومع تأجيل استئناف الحوار مطلع تموز المقبل ونية الرئيس عباس تشكيل حكومة جديدة خلال أيام لم تبلغ النتائج المرجوة من الحوار فلسطينياً وعربياً سوى إشاعة أجواء التفاؤل أثناء انعقادها ومن ثم التأجيل لموعد آخر للاتفاق على النقاط الخلافية. وما بين الموعدين تكون هناك جولات من التراشق المحزن والمخزي للاتهامات التي تزيد من عمق الأزمة المستفحلة في الساحة الفلسطينية وما ينعكس عليها من تطورات الأجندة على الأرض إسرائيلياً بفعل استمرار العدوان الشامل الذي تمارسه دولة الاحتلال على شعب المتحاورين، وانعكاس التجاذبات السياسية العربية والإقليمية على ساحة الصراع مما شكل استياء واضحا في الشارع الفلسطيني والعربي وانعدام الأمل بالقرب من التوصل لاتفاق يحمي المشروع "الوطني" الفلسطيني وإنقاذه من عدوان الاستيطان وضياع القدس وإقامة جدران العزل والحصار، عدا عن العدوان اليومي على كل مقومات ومقدرات الشعب ومؤامرة شطب حق اللاجئين في العودة وإبقاء سياسة الابرتهايد العنصرية التي تمارسها إسرائيل بعدوانية ووحشية يشهد عليها العالم كل صباح ومساء.

من البداهة القول إن الانقسام في الساحة الفلسطينية الذي طال أمده جعل من قضية الشعب الفلسطيني عرضة لمزيد من العدوان وإطلاق يد الاحتلال بحرية تامة نتيجة غياب وحدة المجابهة لآلة العدوان ولمزيد من فرض الإملاءات التي تسهم في تعميق الانقسام وتكريسه، ليصار من بعده دخول قضية الشعب الفلسطيني إلى ساحة المزايدة السياسية بعيدا عن الخط الواضح الذي ارتضاه الشعب الفلسطيني طريقا لمواجهة مصيره مع الاحتلال ومشاريعه التي نجحت إلى حد بعيد في فرض الرؤية الإسرائيلية لسقف التوقعات التي يسيل اللعاب لها من بعض الفلسطينيين والعرب بانتظار ما يقدمه الأمريكي والإسرائيلي وما يقدمونه له ثمنا لحالة الشرذمة والضياع والانقسام فلسطينيا وعربيا بالقبول بأي ثمن يفرضه الراعي الأمريكي والمحتل الإسرائيلي.

والسؤال المطروح بقوة على الساحة الفلسطينية والعربية هو: هل غياب الوحدة والهدف من ساحة العمل الفلسطيني والعربي بات أمراً واقعاً إلى غير رجعة؟ وسيتم التعاطي معه إسرائيلياً وعربياً لتكريس واقعة ضياع "المشروع الوطني الفلسطيني" الذي حمله الفلسطينيون سلاحا في وجه كل الأخطار والتحديات التي رافقت مسيرة نضالهم التاريخي، ليكون ملاذهم الأخير ترقب نجاح حوارات ساخنة لأهداف بعيدة عن تطلعاتهم وفقدان الوحدة الوطنية إلى غير رجعة أيضاً، واستمرار الانقسام العربي خلف متاهة المصالحات لاختلاف الأجندة ووضوح أجندة الاحتلال التي تمزق كيان هلامي سماه الفلسطينيون إما حكومة أو سلطة أو مشروع دولة.

نجتهد في أن يقبل الأمريكي والإسرائيلي أن يسمي هذا "الكيان الهلامي" دولة تحت سقف الاحتلال في مشروع حل الدولتين، وبات واقع الحال يفرض جزرا وكانتونات محاصرة وبعض الأراضي المعزولة عن باقي الجغرافيا الفلسطينية الممزقة والمخترقة بكتل الاستيطان التي تعمل دولة الاحتلال على بناء تواصل جغرافي مع الكتل الاستيطانية مع مصادرة المزيد مما تبقى من الأرض الفلسطينية حيث يتوهم البعض بإنشاء كيان فلسطيني بحجم الدولة والسلطة والحكومة. وأيا تكن التسمية المحببة طالما هي في الواقع لا تعدو كونها معسكرات عزل عنصرية تمارس على أرضها أبشع الجرائم. فيما نحن نخطو بخطوات الهروب إلى الأمام في البحث عن مفردات التسمية لهلام السلطة المقزز.

ومع التجربة المستقاة من سنوات التفاوض الفلسطيني والعربي مع الإسرائيلي والأمريكي بكل الإدارات الأمريكية والحكومات الإسرائيلية لا زلنا نلاحق الوهم تلو الوهم وراء سراب الجمهوريين والديمقراطيين والعمل والليكود واليمين المتطرف و"اليسار المعتدل" ومشاريع السلام متناسين ما يحصل على الأرض من فظاعات أعمت بصيرة السياسي والمقاوم إن ظن أن جل ما يطرحه الإسرائيلي والأمريكي سيصب في مصلحة الكينونة العربية والفلسطينية بعد واحد وستين عاما من تاريخ النكبة المتواصلة.

حري بنا التوقف عند هذه المشاريع المنصوبة أمامنا والإنصات لنبض الشارع الفلسطيني والعربي بعيدا عن ملهاة السياسة المرسومة وعقمها الذي لم ينجب سوى الخيبات المتلاحقة بتبديد الوقت والأرض، ونحن نشاهد العدوان والدمار والحصار والتجويع والتهويد ومخاطر التهجير المتواصلة بانتزاع وطرد السكان ومحاولات انتزاع الاعتراف بيهودية الدولة التي تخبئ ورائها ما أصبح واضحاً نكبة جديدة للفلسطينيين وضياع القدس بسرعة، وضخامة الاستيطان فيها، واستمرار العدوان. وكلها مؤشرات تقتضي أن يكون الملاذ الأول والأخير للسياسي الفلسطيني والعربي مواطنه الذي يحزن صباح مساء من ضياع أرضه وحقوقه أمام عدوان لا يفرق بين انتماء وآخر طالما كان الهدف هو إحكام السيطرة على ما تبقى من أرض وهواء.

التعليقات