31/10/2010 - 11:02

قمة شرم الشيخ والوهم المتبدد../ مصطفى ابراهيم*

قمة شرم الشيخ والوهم المتبدد../ مصطفى ابراهيم*
الخامس والعشرون من حزيران/ يونيو 2007، الذكرى السنوية الأولى لأسر الجندي الإسرائيلي، جلعاد شاليت، موعد انعقاد القمة الرباعية في شرم الشيخ، التي جمعت الرئيس المصري، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والرئيس محمود عباس، ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، وذلك للتباحث في الواقع الجديد الذي فرضته حماس بالقوة العسكرية في غزة، ولمناقشة دعم عباس، و حكومة إنفاذ حالة الطوارئ في رام الله.

لم يتوقع أي من القادة المجتمعين أن تبث كتائب القسام على موقعها على الشبكة العنكبوتية، قبل ساعات من انعقاد القمة رسالة صوتية مسجلة بصوت الجندي الاسرائيلي، وانصراف وسائل الإعلام خاصة الإسرائيلية منها عن تغطية اجتماعات القمة والتركيز على الرسالة الصوتية. عامُ مضى على اعتقال شاليط كما ذكر هو في الرسالة الصوتية المسجلة. دفع الفلسطينيون ثمنا غاليا مقابل أسر شاليت، عام شهد ولا يزال على القسوة والعنف الدموي الاسرائيلي، قتل المئات من المدنيين، وتدمير مئات المنازل وتجريف آلاف الدونمات الزراعية، إغلاق مستمر للمعابر ومنع حرية الحركة، وغيرها من الانتهاكات الجسيمة بحق الفلسطينيين.

أولمرت خلال القمة قال إنه سيطرح على الحكومة إطلاق سراح 250 أسيراً فلسطينياً، وستتم مناقشة ذلك في الحكومة، ممن لم ينفذوا عمليات قتل فيها إسرائيليون، وسيعمل على تحسين المستوى المعيشي لسكان الضفة الغربية، التي تعاني كما غزة من الحصار والحواجز والجدار، واستمرار الاحتلال. خاب أمل أولمرت الذي لم يتوقع أن تقوم حركة حماس ببث الرسالة، و من تصريحات الرئيس مبارك من أنه لا بديل للفلسطينيين عن الحوار.

اختلفت وجهات النظر لدى العديد من المحللين و الصحافيين الإسرائيليين حول الهدف من بث الرسالة الصوتية من قبل حماس، وفي هذا التوقيت بالذات، إلا أن غالبيتهم أكدوا أن ذلك بشارة جيدة لعائلته من أنه حي. ورغم أن بعضهم شكك في صحة ما ورد في الرسالة الصوتية، إلا أنهم أكدوا أن حماس استطاعت إرسال عدة رسائل للعديد من الجهات في مقدمها الحكومة الإسرائيلية والوسيط المصري، الذي انقطع عن الوساطة منذ حوالي شهرين.

بعض المحللين قالوا إن شاليت قرأ نص الرسالة التي كتبتها له كتائب القسام وتم إدخال بعض الكلمات العربية في النص مثل "المجاهدين" وكذلك كلمة "معتقل"، وقالها بالعبرية بدل أسير، تشير إلى أن حماس تتعامل مع نفسها كحكومة أمام الحكومة الإسرائيلية.

وعن الأسباب التي دفعت حماس لبث الرسالة الصوتية لشاليت فإن حماس بعد سيطرتها العسكرية على غزة تمر بأزمة كبيرة، وأنها من خلال بث الرسالة الصوتية تريد إرسال عدة رسائل لجهات عديدة وهي:

أولاً: مصر وعلى رغم الموقف الذي اتخذته من الاعتراف بحكومة سلام فياض في رام الله، فإن حماس تدرك أهمية الدور المصري ليس كوسيط في عملية التفاوض مع الجانب الاسرائيلي، بل أهميته في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، وتريد أن تقول لمصر نحن مستعدون لمواصلة المفاوضات والتوسط في إتمام صفقة الإفراج عن شاليت، وكذلك الحديث مع المصريين والاعتراف بهم في غزة.

ثانياً: لجهات عدة في العالم، وعلى رغم ما حدث في غزة نحن لا نزال نملك الشرعية التي أوصلتنا لسدة الحكم، ولا نزال نملك الكثير من الأوراق، مثل الإفراج عن الصحافي البريطاني المختطف ألان جونستون، وغيرها من الأوراق.

ثالثاً: للإسرائيليين من خلال التركيز على "دغدغة" مشاعر وعواطف عائلات الجنود الأسرى، الذين اعتبروا سماع صوت شاليت بشارة جيدة من أنه بخير وبصحة جيدة، رغم قوله إنه بحاجة للعلاج في المستشفى وأن صحته تتدهور، لذلك سنرى قريباً ضغطاً جماهيرياً من قبل العائلات والمتضامنين معها على الحكومة لإطلاق سراحه مقابل إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين، لأنه لا بديل عن المفاوضات مع حماس حول ذلك.

رابعاً: للفلسطينيين الذين دفعوا ثمناً غالياً من دمائهم وممتلكاتهم وحياتهم مقابل اسر شاليت، وكذلك القول لعائلات الأسرى إن حماس والمقاومة لا تزال على وعدها من أنها ستحقق لهم الوعد، وأن وجود شاليط في أيدي المقاومة هو بمثابة بارقة أمل في إطلاق سراح المئات من أبنائهم.

قمة شرم الشيخ لم تحقق للفلسطينيين سوى تعميق الهوة والانقسام بينهم، والوعود التي أطلقها أولمرت وعود فارغة، ولن يقدم شيئاً سوى القتل، والدمار والاستمرار في الاحتلال، وما قمة شرم الشيخ الا وهم بدده التسجيل الصوتي لشاليت، وكذب أولمرت وحكومته. وعلى رغم الآلام، والشرخ الذي أصاب الفلسطينيين عليهم التمسك بالدعوة التي أطلقها الرئيس مبارك، ولتكن قضية الأسرى الفلسطينيين المدخل الحقيقي لجسر الهوة بينهم من خلال التمسك بالثوابت الوطنية والبدء في حوار يشمل الكل الفلسطيني.

التعليقات