16/09/2018 - 16:23

سلوكيات القيادة في الانتخابات المحلية مقابل القضايا الوطنية

بيانات نارية ونقاشات صاخبة تعج بها صفحات شبكة التواصل الاجتماعي. الكل شريك فيها والكل يدلي بدوله، وتتراوح النقاشات بين عرض وطرح للإنجازات وعدمها، وبين نشر الفضائح والإشاعات أو التعليق القبلي البحت الخالي من حجج الإقناع.

سلوكيات القيادة في الانتخابات المحلية مقابل القضايا الوطنية

*تفشل القيادة أو تنجح إذا أرادت، الانتخابات البلدية في رهط مثالا


بيانات نارية ونقاشات صاخبة تعج بها صفحات شبكة التواصل الاجتماعي. الكل شريك فيها والكل يدلي بدوله، وتتراوح النقاشات بين عرض وطرح للإنجازات وعدمها، وبين نشر الفضائح والإشاعات أو التعليق القبلي البحت الخالي من حجج الإقناع.

ويعود المشاهد لحروب "الواتس آب " بين أنصار القوائم الانتخابية المختلفة في نوستالجيا المشهد إلى أقل من عشر سنوات فقط "حروب الملصقات الانتخابية" في الحيز المشترك والمرافق العامة في البلدات العربية ما قبل "ثورة" التواصل الاجتماعي، وكأن شيئا لم يتغير.

كيف نجح نفس القياديون الذين اشتكوا سابقا من عدم تفاعل الجمهور مع قضايا الأرض والمسكن، والذي ظهر في المشاركة الهزيلة بمعظم الأنشطة الوطنية في السنوات الخمس الماضية، في النقب عامة وفي مدينة رهط العربية ذات الـ70 ألف مواطن خاصة، والتي رعتها القيادة نفسها، إلى تحويل عشرات آلاف من الأهالي العرب في مدينة رهط إلى نشطاء التواصل الاجتماعي  بين ليلة وضحاها؟ وعند مراجعة المشاهد المتعلقة بهذا السؤال تطرح العديد من السيناريوهات.

حجة الخطاب الوطني وبعده عن احتياجات الشارع العربي

في تاريخ 14.1.2015 قُتل الشاب سامي الجعار برصاص الشرطة الإسرائيلية، وشارك نحو 15 ألف عربي في جنازته، وأثناء تشييع جثمان الشهيد الجعار اعتدت الشرطة على المشيعين فاستشهد الشاب سامي الزيادنة. وشهدت مدينة رهط مواجهات مستمرة مع الشرطة الإسرائيلية ومشاحنات وتوترات على مدار أسابيع.

لعبت القيادة المحلية في مدينة رهط في معظمها دور الوسيط بين الشرطة والأهالي، وحين مراجعة الحالة نستذكر انقلاب بعض القياديين على الشارع العربي واختيار طرف الشرطة الإسرائيلية، ومثالا على ذلك اتهم أحد القياديين في رهط الشباب الغاضب على استشهاد سامي الجعار وسامي الزيادنة بأنهم "حرامية أسلاك كهرباء"، بالإضافة لذلك تعهدت بلدية رهط ببناء نصب تذكاري للشهيد سامي الجعار ولم تفعل، كما استضافت الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، منظمة لقاء بينه وبين والد الشهيد الجعار ليعده بمعاقبة القاتل، ولكن خلال زيارة أخرى لريفلين إلى رهط طلب والد الشهيد الجعار مقابلة ريفلين الذي لم يلتزم بوعده، فمنعته قيادات من رهط من المشاركة والحضور.

وهنا، بدلا من تسخير الثورة الشبابية واختيار جهة الإجماع الشعبي والجمهور، اتجهت القيادة إلى تخدير الشارع وابتلاع غضبه.

الخطاب النسبي - القبلي يستخدم الدين ويتحول المتدين إلى قومي

يتضاعف النشاط السياسي والجماهيري، بطبيعة الحال، لدى القوائم التي تنافس في الانتخابات المحلية بحكم التحدي، ولكن عند مقارنة النشاط العام للقوائم المنافسة خلال الفترة الرئاسية الكاملة بالنشاط المرحلي في فترة الانتخابات تكون المفارقة مخيفة، وتشير إلى أن المعادلة هي الربح لا العمل السياسي، ويظهر هذا بشكل عملي في الهجوم الشرس الموجه على أساس قومي لحركات دينية وقبلية مرشحة للمجلس البلدي في رهط على إدارة البلدية الحالية بعد تصريحات وزير الإسكان، يوآف غالانت، خلال افتتاح نادي الغدير الرياضي في رهط قبل أسابيع قليلة.

جاء الأمر غريبا على الكثيرين من أهالي رهط الذين تابعوا الكثير من الشخصيات الإسرائيلية التي تقوم بممارسات وتفوهات عنصرية أكبر بكثير من تصريح الوزير غالانت، خلال استضافتها في المدينة على مدار السنوات الخمس الماضية، دون أن يحرك أحد ساكنا، ويذكر منهم رئيس بلدية بئر السبع ووزيرة الثقافة الإسرائيلية، ميري ريغيف، والقائد العام للشرطة، روني ألشيخ.

بالإضافة لذلك يستميت المرشح في الدعوة لانتخابه ويعتمد على خطاب مرن غير مؤدلج كي يكون بإمكانه قولبته، وحتى في الحركات الإيديولوجية وغير العائلية يتم استخدام الخطاب العائلي حتى استنفاذه والخطاب الديني حتى زوال فاعليته في الدعوة إلى القائمة الانتخابية.

وفي الممارسة أيضا يذكر استخدام قائمة بلدية مرجعيتها قبلية لمواد إعلامية تتعلق بهدم مسجد في رهط لتجريم حركة دينية منافسة في الانتخابات البلدية.

مناكفات شخصية لا برامج انتخابية واضحة

تعتمد معظم القوائم الانتخابية على "بروباغندا" موجهة تحرك الوازع القبلي في الجيل الشاب، ويتحول الفوز والخسارة في الانتخابات المحلية إلى نصر قبلي وعشائري، ويلغي تجييش الخطاب العشائري ومحاصصة الحيز العام مفهوم التنافس الإيجابي، فالتنافس لا يعتمد على برامج انتخابية أو مشاريع مطروحة حيث لم يصدر أي مرشح بلدي حتى اليوم برنامجا انتخابيا حقيقيا في مدينة بهذا الحجم، وفي الممارسة يصدر الأسلوب ظواهر مضحكة ومبكية في نفس الوقت، منها: انتشار فيديو على شبكة التواصل الاجتماعية لمرشح عائلي خلال مناسبة عائلية يعد فيها أن من لا يصوت له هذه المرة ستتم مقاطعته عشائريا واجتماعيا، "من لا يصوت لنا لن نزوره في الأعياد والأعراس أو الأحزان".

وفي الختام، فإن التوجه لحالة رهط في النقب بشكل خاص هو متابعة للنقاش الاجتماعي المستعر على صفحات التواصل الاجتماعي في هذه الأثناء، وبالرغم من وجود تفاوت بين هذا النموذج وحالات أخرى في البلدات العربية التي تختلف في الحالة المدنية والتركيبة الاجتماعية، فإنه ما زال بالإمكان إيجاد الكثير من أوجه التشابه بين نموذج مدينة رهط وبلدات عربية أخرى في النقب وسائر البلاد.

التعليقات