28/09/2018 - 13:01

"العمّال" البريطاني يهيئ لمرحلة جديدة ضد إسرائيل

لا يبدو قرار حزب العمّال البريطاني القاضي بحظر بيع الأسلحة إلى إسرائيل بسبب سياسات الاحتلال وانتهاكات حقوق الإنسان بحق الشعب الفلسطيني، كأي قرار عادي مناصر للفلسطينيين في الخارج أو كأي إنجاز يصب في تحقيق أهداف حملة المقاطعة

لا يبدو قرار حزب العمّال البريطاني القاضي بحظر بيع الأسلحة إلى إسرائيل بسبب سياسات الاحتلال وانتهاكات حقوق الإنسان بحق الشعب الفلسطيني، كأي قرار عادي مناصر للفلسطينيين في الخارج أو كأي إنجاز يصب في تحقيق أهداف حملة مقاطعة إسرائيل وفرض العقوبات عليها وسحب الاستثمارات منها (BDS). معظم ما اعتدنا عليه من إنجازات دوليّة تُحاصر نظام الفصل العنصري الاستعماري في فلسطين كان على صعيد شعبي ومؤسسات وشركات وشخصيّات ثقافيّة بارزة أعلنت عن مقاطعتها لإسرائيل. لكن القرار الأخير الذي أُخذ بأغلبية تامة وبحضور واسع لمنتسبي حزب العمّال، متعلّق بمستوى حكومي رسمي.

تكمن أهمية القرار أنه في حال فاز حزب العمّال البريطاني في الانتخابات القادمة وصعد للحكم؛ ستلتزم الحكومة البريطانيّة بوقف كل معاهدات بيع الأسلحة المبرمة مع إسرائيل، ووقف تصدير السلاح من بريطانيا لإسرائيل. هذا لا يعني أن إسرائيل ستدخل حينها في أزمة تسليح، فهي تربطها معاهدات عديدة مع دول أخرى أبرزها الولايات المتّحدة المزود الرئيس لها، كما أن إسرائيل دولة مصنّعة ومصدّرة للسلاح، وبدأت تكتسح سوق الأسلحة في العقود الأخيرة خصوصًا في أماكن انسحبت منها دول أوروبيّة بسبب سجّلات انتهاكات حقوق الإنسان لعدد من الأنظمة حول العالم لتصبح إسرائيل مزوّدة السلاح لأنظمة القمع والاضّطهاد في أفريقيا وآسيا وأميركا الجنوبيّة.

هذه الخطوة التاريخيّة وأهميتها، تذكرنا بخطوة شبيهة أخرى اتخذها البرلمان الإيرلندي من شهر تموز/ يوليو الماضي، بحظر كافة المنتوجات من المستوطنات الإسرائيليّة في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة عام 1967، الأمر الذي يفتح الباب أمام خطوات شبيهة في دول أخرى مستقبلًا، خصوصًا في ما يتعلّق بحظر السلاح بعدما أن اتخذت عدّة بلديات في إسبانيا وإيطاليا قرارات شبيهة بتلك التي اتّخذها العمّال البريطاني، وهو ما يهيئ الأرضيّة للانتقال بهذه القرارات إلى مستوى حكومي.

هذا يحيلنا إلى مسألة أهمية العمل مع الأحزاب السياسيّة المركزيّة في أوروبا وغير أوروبا، ففي نهاية المطاف الأحزاب من ستحكم وتُشكّل الحكومات وتضع السياسات وتسن القوانين، ونظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا بدأ بالانهيار بعد أن واجه قرارات بعزله ومقاطعته على مستوى حكومات العالم. طبعًا هذا لم يكن ليحصل لولا العمل الشعبي والمؤسساتي ودور العديد من الشخصيّات الناشطة، وفي هذا حقق الفلسطينيين العديد من الإنجازات، ولعل المرحلة القادمة يجب أن تنتقل بثقلها بالعمل والتأثير داخل الأحزاب السياسيّة بشكل خاص.

لقرار العمّال البريطاني أهمية في قضيتين إضافيتين؛ أولًا أن القرار جاء بعد صفعة تلقّاها زعيم الحزب جيرمي كوربين مطلع الشهر الجاري، داخل حزبه، الذي تبنّى تعريفات العداء للسامية التي يدعيها ما يُسمى "التحالف الدولي لذكرى المحرقة"، بعد حملة شرسة ضد كوربين مدعومة إسرائيليًا بسبب تصرح سابق له قال فيه إن دولة إسرائيل التي تسببت بتهجير غالبية الشعب الفلسطيني وقتله ونهب أراضيه، "مشروع عنصري".

يأتي قرار حظر السلاح داخل العمّال البريطاني كأفضل رد للصفعة التي تلقّاها كوربين المناصر للفلسطينيين في تحررهم من الاحتلال، بعد أن حاولوا محاصرة تأيده بورقة العداء للساميّة. ولعل مشهد مئات الأعلام الفلسطينيّة التي حملها أعضاء الحزب في اجتماعهم الأخير أفضل رد على ذلك.

أمّا الأهمية الثانية، تتعلق بالمدى البعيد حول دور بريطانيا التاريخي في استعمار فلسطين ومسؤوليتها المباشرة في إقامة دولة إسرائيل على أراضي الفلسطينيين ودورها في حصول النكبة عام 1948. رمزية قرار العمّال البريطاني يجب أن تبقي مطلب اعتراف بريطانيا بدورها التاريخي في النكبة واستعمار فلسطين واعتذارها عن ذلك، أمرًا مطروحًا في النقاش العام والخطاب السياسي.

 

التعليقات