14/02/2019 - 13:50

عن مصداقية الاستطلاعات وكيف يتغلب الـ1 على الـ13

في ظل غياب وسائل إعلام مقتدرة وقادرة على إجراء استطلاعات رأي، كما تفعل الجرائد والمواقع وشبكات التلفزة الإسرائيلية كل اثنين وخميس، واحتكار الأحزاب نتائج استطلاعات الرأي التي تجريها الأحزاب العربية لنفسها ولأغراضها الداخلية الخاصة والتي تتمثل أساسا بعملية التفاوض الجارية

عن مصداقية الاستطلاعات وكيف يتغلب الـ1 على الـ13

في ظل غياب وسائل إعلام مقتدرة وقادرة على إجراء استطلاعات رأي، كما تفعل الجرائد والمواقع وشبكات التلفزة الإسرائيلية كل اثنين وخميس، واحتكار الأحزاب نتائج استطلاعات الرأي التي تجريها الأحزاب العربية لنفسها ولأغراضها الداخلية الخاصة والتي تتمثل أساسا بعملية التفاوض الجارية بينها، يبقى المواطن العربي ضحية للمعلومات المجزوءة والمغلوطة التي توفرها له مراكز الاستطلاعات الإسرائيلية.

ولكي لا نتهم بالتطاول على مهنية مراكز استطلاعات معروفة وذات مصداقية، خاصة من قبل من تطري عليهم تلك الاستطلاعات، نؤكد ما يقوله الخبراء في هذا المجال الذين يعتقدون أنه في سبيل الحصول على نتائج واقعية، يفترض أن يتمتع الحقل الاجتماعي المستطلع بحد أدنى من التجانس والاستجابة للمعايير المشتركة وهو أمر لا ينسحب على المجتمع العربي الذي يتميز بخصائص قومية وثقافة سياسية متمايزة تجعل منه حقل استطلاع مستقل.

هذا الواقع تدركه الشركات التجارية الإسرائيلية التي تجري استطلاعات رأي مستقلة للمجتمع العربي بغية تعزيز تسويق منتجاتها في سوقه، كما سبق أن أدركته الأحزاب الصهيونية، التي كانت تجري مثل تلك الاستطلاعات الخاصة بأشكال ونسب التصويت بين العرب، سعيا منها وراء الأصوات العربية.

الصورة تكتمل عندما يجتمع الخلل المهني الذي تحدثنا عنه مع توجيه سياسي، كما يبدو، ويترجم بتفوق قائمة أحمد طيبي المفترضة على القائمة المشتركة التي تضم ثلاثة أحزاب مركزية وتؤطر التيارات المركزية، كما يحب البعض تسميتها، الإسلامي والقومي والشيوعي، حيث تعطي غالبية تلك الاستطلاعات 7 أعضاء لقائمة الطيبي المفترضة و6 أعضاء للمشتركة أو تتساوى معها أحيانا، بينما تبقى في كل الأحوال تتقدم عليها في ترتيب القوائم.

طبعا، من أوحى بتلك النتائج يدرك أن الاستطلاعات لا تعكس الواقع فقط، بل هي تؤثر وتخلق رأيا عاما، خاصة عندما تتطابق، للوهلة الأولى، نتائج استطلاعات مينا تسيمح مع نتائج استطلاعات كيميل فوكس و"ريشت" مع "كيشت" و"يديعوت" مع "هآرتس" في لعبة تتويج طيبي زعيما للعرب، بعد أن تحقق له التناسب المطلوب بين شعبيته الشخصية وشعبية قائمته الافتراضية، التي أضحت بقدرة قادر القائمة العربية الأكبر.

لقد وضعت استطلاعات الرأي الإسرائيلية قائمة طيبي المفترضة ندا لمركبات القائمة المشتركة مجتمعة، وحولت مناورته من حالة "خروج على الإجماع" و"شق لوحدة الصف" إلى "خطوة ذكية"، بات حتى بعض شركائه السابقين في القائمة المشتركة يحسدونه عليها ويسعون ولو متأخرا لتقليدها، وهو ما تمثل بإعلان الجبهة والإسلامية، مؤخرا، عن استعدادهما لخوض الانتخابات بشكل مستقل.

لقد بات واضحا للجميع، الآن، أن إرادة نسبة الحسم هي العامل الموحد والمفرق في ذات الوقت، فهي التي فرقت الأحزاب العربية عندما كانت منخفضة وهي التي وحدتها بارتفاعها، ولو لم تطري استطلاعات الرأي على قائمة طيبي المفترضة لعاد صاغرا إلى حضن المشتركة، كذلك فإن نتائج الاستطلاعات الخاصة هي التي تقف وراء تصريحات الجبهة والإسلامية الجنوبية بالإعلان عن استعدادهما لخوض الانتخابات بشكل مستقل.

أي "إرادة شعب" تلك التي يضرب بها عرض الحائط أول ما يتأكد لحزب أو قائد ما أنه يتجاوز نسبة الحسم، فيتحول بين ليلة وضحاها من ضامن للوحدة الوطنية إلى مقلد للـ"منشق عليها" وربما ساع للتحالف معه، ثم كيف تتسق مشاركة الإسلامية الجنوبية في الوفد المشترك الذي التقى إردوغان، وكيف تتفق مشاركة محمد بركة، ولو كرئيس للجنة المتابعة، في مؤتمر حركة طيبي، مع التوجه الذي يتهمه بشق الإجماع والخروج على "إرادة شعب".    

 

التعليقات