05/04/2019 - 10:20

غواصة مصرية؟

دعونا نتوقف لحظة ونفكر، ماذا تعني موافقة بيبي نتنياهو على بيع غواصة ألمانية لمصر؟ ماذا يعني أخذ موافقة بيبي وجهازه الأمني من قبل ألمانيا لبيع الغواصة لمصر؟ وماذا لو اعترض على هذا؟ هل يعني حرمان مصر من الغواصة؟

غواصة مصرية؟

دعونا نتوقف لحظة ونفكر، ماذا تعني موافقة بيبي نتنياهو على بيع غواصة ألمانية لمصر؟ ماذا يعني أخذ موافقة بيبي وجهازه الأمني من قبل ألمانيا لبيع الغواصة لمصر؟ وماذا لو اعترض على هذا؟ هل يعني حرمان مصر من الغواصة؟ وما دام قد وافق فما هو الثمن؟ بعيدًا عن الأرباح المالية التي يجري الحديث عنها من خلال الأسهم المالية فهناك جانب أمني أهم بكثير في هذا الموضوع.        

طلب ألمانيا موافقة إسرائيلية لبيع غواصة إلى مصر، يعني أن الغواصة تحت الرقابة الألمانية وبتنسيق مع إسرائيل، ويعني أن الغواصة ليست حرة تماما حتى لو كان يشغلها مصريون، مع الاختلاف الجوهري إلا أن هذا يذكر بالصواريخ الألمانية التي كانت بحوزة مصر عام 1967 التي تبين أنها كانت صورية أكثر منها أسلحة حقيقية.

وإذا كانت الصواريخ عام 1967 مغشوشة وغير فعالة في وقت حاجتها فلا شك أن هناك تكنولوجيا متقدمة بيد الألمان الذين صنعوها تمكنهم من السيطرة على الغواصة من بعيد في اللحظة التي يرون ضرورة إلى هذا، مثلا في حالة قيام هذه الغواصة بعمل غير مرضٍ للألمان.

هذا يعني أن هذه الأسلحة لا تشكل أي معضلة بالنسبة للجيش الإسرائيلي، بل وقد تكون تحت رقابة إسرائيلية كذلك من خلال التكنولوجيا الدقيقة، وإلا ماذا تعني الموافقة الإسرائيلية على صفقة غواصة أو غيرها.

في إسرائيل لا يعتمدون على هذا أو ذاك من الرؤساء أو الملوك العرب، فهم يفكرون بشكل إستراتيجي، أي أن الرئيس مهما كان صديقا ومتعاونا فقد ينقلب في لحظة ما وتتحول هذه الأسلحة المتقدمة بيد آخرين قد يكونون معادين أو متشددين تجاه إسرائيل.     

قضية الغواصة والسماح ببيعها إلى مصر تظهر مدى النفوذ الإسرائيلي لدى مصادر القوة على صعيد العالم.

لسنا بحاجة للتأكيد على النفوذ في أميركا، فدونالد ترامب متطرف أكثر من بيبي نتنياهو ويزاود عليه، وقريبا  سيعلن صفقته التي لا تلبي الحد الأقل من الأدنى من حقوق الفلسطينيين، أما إعلانه الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان فهي هدية مرتبة قبيل الانتخابات، وتشكل دعما معنويا لبيبي نتنياهو لتظهر مدى قوته ونفوذه وعظمته، وخصوصًا أن هذا سبقه نقل السفارة الأميركية إلى القدس، واستخدام النفوذ الأميركي لدى دول أخرى للاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة لإسرائيل، حيث بدأت دول أخرى في مسعى للاعتراف بها، وهذا سيتبعه اعتراف بالجولان كذلك.          

في هذه الأجواء الكرنفالية لم يبق بوتين زعيم القوة العسكرية الثانية أو الثالثة والثاني وحتى الأول في الحضور والتحركات الدولية، فقد هبّ لمساعدة بيبي من خلال استعادة رفات الجندي المفقود باوميل.

لا بد من التأكيد هنا على حق كل أسرة فقدت ابنها في الحرب أن يستعاد إلى أحضانها وأن تعرف أن له قبرًا، هذه مشاعر إنسانية ليس لأحد أن يزاود فيها، لكن وبهذه المناسبة سحق للمواطن العربي أن يتساءل: أليس للجنود العرب المفقودين من يسأل عنهم؟ أليس من حق أهالي المفقودين العرب المدفونين في مقابر الأرقام أن يستعادوا ويدفنوا في أوطانهم وأن يعرف ذووهم أن لهم قبورًا يزورونها؟ 

نترك هذه القضية الحساسة جانبًا، فالدعم الحقيقي لنتنياهو من قبل بوتين ليس في هذه القضية التي يجري استغلال توقيتها انتخابيًا، فدعم بوتين الحقيقي هو في كون صواريخ إس 300 أو إس 400 التي صدع رؤوس العالم فيها على أرض سورية، لا تعمل ولن تعمل أبدًا عندما يدخل الطيران الإسرائيلي ويقصف العمق السوري.

هناك اتفاق واضح بين بوتين ونتنياهو على محاربة الوجود الإيراني وذراعه حزب الله في سورية، وهذا مقابل بقاء نظام الأسد والتعاون الأمني والمخابراتي، وهذا يجري برضى تام وتنسيق مع الأسد.

حتى إسقاط الطائرة الروسية ومقتل ستة عشر ضابطا كانوا على متنها لم تؤثر على العلاقة العميقة والإستراتيجية بين النظام الروسي والنظام في إسرائيل، فالعلاقة الروسية الإسرائيلية أعمق من أن يهزّها مقتل ستة عشر عسكريا روسيًا، هناك علاقات أمنية سرية وطيدة بين الطرفين. 

هناك علاقات في مجال التكنولوجيا الدقيقة التي تعتبر إسرائيل دولة متقدمة فيها، هناك تعاون خفي في هذا المجال.

إضافة إلى أن الأقوياء يحترمون الأقوياء، بوتين يحترم بيبي نتنياهو الذي ما انفك يطالبه باستعادة جثمان جندي إسرائيلي مفقود منذ سبعة وثلاثين عاما، بينما هو يعرف ما يدور في سجون سورية، ويعرف القبور الجماعية، ويعرف الدرك الأسفل الذي وصل إليه النظام، ولهذا فهو يعطيه حجمه الحقيقي الذي يستحقه، حجم ذلك اللاهث وراء الكرسي حتى لو كان الثمن إبادة لشعبه، إضافة لدعم الدول العظمى لبيبي نتنياهو، فهناك الدعم العربي الرسمي من خلال إقامة علاقات سرية وعلنية معه.

رغم كل الفضائح المالية المتعلقة بنتنياهو وأسرته والتي كان بإمكانها أن تطيّر أي زعيم من مكانه، فما زال عامل الأمن هو الأساس، ولهذا ما زال محافظا على تفوقه في شعبيته عندما يقارن بين الآخرين، وأما البدائل التي تطرح للجمهور، فهي تطرح تقليدًا لليكود من خلال التهديد والوعيد للفلسطينيين، والعمل على مواصلة شرذمتهم لتأكيد وضمان حرمانهم من حقوقهم.

اقرأ/ي أيضًا | جهاز الأمن ضد أمننا

 

التعليقات