12/04/2019 - 11:05

ثقب أسود...

هنيئا للعلماء من دول عدة، أولئك الذين نجحوا بالتقاط صورة لثقب أسود في إحدى المجرات البعيدة جدا، ويقدّرون بعد الثقب عن أرضنا بحوالي 5,500 مليون سنة ضوئية،

ثقب أسود...

شمس الشّموسة...

هنيئا للعلماء من دول عدة، أولئك الذين نجحوا بالتقاط صورة لثقب أسود في إحدى المجرات البعيدة جدا، ويقدّرون بعد الثقب عن أرضنا بحوالي 55 مليون سنة ضوئية، أما حجم هذا الثقب فيقدر بـ6.5 مليار مرة من حجم شمسنا التي غنى لها سيّد درويش، "طلعت يا محلى نورها شمس الشموسة". 

هذا الإنجاز العلمي يثبت نظرية النسبية التي أطلقها أينشتاين قبل حوالي مائة عام، والثقب الأسود كما يقول العلماء يبتلع الكواكب التي تنهار وتنضب قوّتها الذاتية، وجاذبيته قادرة على امتصاص الضوء، صورة تثير الأسئلة الوجودية العلمية والفلسفية، وتثير السؤال الإنساني أولا أين نحن من هذا الكون؟ كذلك تثير سؤالا خاصا بنا نحن العرب، أين نحن من هذه الكشوفات؟

هنيئا للعلماء من أي بلاد كانوا، أولئك الذين يحاولون تفكيك ألغاز الكون والوجود بدافع المعرفة.   

في الوقت ذاته فإن مركبة الفضاء الإسرائيلية (بريشيت) اقتربت من القمر ليلة الخميس، ونقلت صوراً قريبة جداً من سطحه، وحاولت أن تهبط عليه، ولكنها تحطّمت.

(بريشيت) هو اسم مستوحى من الكلمة الأولى في التوراة (في البدء)، ورغم تحطّم المركبة، إلا أنه إنجاز كبير يسجّل للصناعة الإسرائيلية، هذا الإنجاز العلمي الكبير يقول إن العلم وليس أي شيء آخر هو ما يجعل من شعب ما أقوى من شعوب أخرى، هذا يعني أن الكيف هو الأهم وليس الكم، وأن العلم يقرر قوة الدول والأمم ومصائرها، هذا يعني أنه بقدر ما تستثمر الدول في العلم والتعليم والأبحاث العلمية، تضمن لنفسها حاضرًا ومستقبلا أفضل وأكثر رفاهية وتفوّقًا عسكريا على أعدائها، وترغم الشعوب والأمم على احترامها.

الناتو العربي...

من ناحية أخرى، أعلنت مصر انسحابها مما يسمى (الناتو العربي)، المزمع تأسيسه في مواجهة ما يسمى الخطر الإيراني، وهو حلف أمريكي يهدف إلى تدمير أي قوة في المنطقة وإضعافها بهدف الإبقاء على التفوق الإسرائيلي، وهو حلف المحور السني في مواجهة إيران، بمبادرة "خليفة المؤمنين السّنة" دونالد ترامب، ويبدو أن السيسي شمّ رائحة جعلته يعلن انسحابه، ألا وهي رائحة "صفقة القرن" التي يدور الحديث عنها، يبدو أن السيسي بانسحابه هذا يحتج على  فكرة توطين الفلسطينيين في سيناء، لأنه يعرف أن هذا ما سيرفضه الشعب المصري الذي لن يقبل التفريط بأرضه لحساب "صفقة القرن"، وخصوصًا أنه لا يوجد أي خلاف تاريخي على سيناء بملكية وسيادة مصرية منذ آلاف السنين، ولن يستطيع أن يجد تأويلا مثلما حدث لجزر تيران وصنافير في البحر الأحمر التي بيعت للسعودية.

كذلك ربما أن عبد الفتاح السيسي يحتج بهذا على فضحه في قضية شراء الغواصة الألمانية، التي احتاجت إلى موافقة بيبي نتنياهو قبل بيعها من ألمانيا إلى مصر، هذا أمر مقلق بالفعل، ويزرع عدم ثقة بين الجندي المصري وسلاحه وعتاده وغواصته التي سيكون في بطنها في أعماق البحار، وسوف يطارده هاجس بأن روحه متعلقة بضابط إسرائيلي ما يجلس في مكان ما في تل أبيب، أو في مكان ما تحت سطح البحر الأحمر أو المتوسط.

 سودان المجد...              

ناور المشير عمر البشير كثيراً، وأصرّ على البقاء في السلطة رغم مرور ثلاثين عامًا على مكوثه في سدة الحكم، جلب على السودان خلالها فقراً وكوارث كثيرة، منها انفصال جنوب السودان بعد حرب أهلية دامية، ثم الحرب الأهلية في دار فور، التي اتهم على إثرها بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية، وصار مطلوباً للعدالة الدولية.

انقلبت الجيش السوداني عليه بقيادة أقرب الناس إليه، وأعلن الجيش بقيادة الضابط عوض بن عوف، عن مرحلة انتقالية لمدة سنتين، يدير البلادَ خلالها مجلسٌ عسكري.

لا يستطيع أحد أن يعرف ما الذي يعنيه استلام الجيش للسلطة لمدة سنتين كفترة انتقالية، فالتجارب غير مشجعة،في نهايات الستينيات والسبعينات من القرن الماضي وقعت انقلابات كثيرة في العالم العربي، جلبت ضباطًا إلى الحكم مثل القذافي في ليبيا وجعفر النميري في السودان وعلي عبد الله الصالح في اليمن وحافظ الأسد في سورية وأحمد حسن البكر في العراق وغيرهم، في تلك الأيام  تفاءل العرب خيراً بالوجوه الشابة الجديدة، ولكن وبعد مرور عقود في سدة الحكم، رأينا ما يعرفه الجميع، وهذا ما يجعلنا نتريث، فنحن لا نعرف بالضبط إلى أين ممكن أن تصل الأمور، فأهداف الشعب السوداني من الانتفاضة ما زالت منقوصة، والشعب الذي خرج ثائرا مسالما يتعرض الآن لحملة إسكات من خلال قوانين الطوارئ وحظر التجول، إلا أن إزاحة بوتفليقة في الجزائر وإرغامه على الاستقالة تحت وطأة المظاهرات، والمظاهرات ضد البشير التي مهّدت للانقلاب، هي براهين أخرى بأن الربيع العربي لم يمت، وبأنه يلتقط الأنفاس، لكنه عائد لا محالة، ليستمر في عملية تاريخية قد تطول أو تقصر، ولكنها ستؤدي في النهاية إلى خروج الأمة العربية من ثقبها الأسود إلى شمس الحرية.

اقرأ/ي أيضًا | غواصة مصرية؟

 

التعليقات