21/06/2019 - 15:58

تلفيق الاغتصابات للفلسطينيين كتعزيز لصورتهم النمطية بالثقافة الصهيونية

أثارت محاولة تلفيق تهمة اغتصاب الطفلة (7سنوات) من المستوطنة الحريدية "موديعين عليت"، للعامل الفلسطيني محمود قطوسة، وما رافقها من حملة تشنيع وتحريض ضد العرب الفلسطينيين، ردود فعل غاضبة في الشارع العربي الفلسطيني على جانبي الخط الأخضر،

تلفيق الاغتصابات للفلسطينيين كتعزيز لصورتهم النمطية بالثقافة الصهيونية

أثارت محاولة تلفيق تهمة اغتصاب الطفلة (7سنوات) من المستوطنة الحريدية "موديعين عليت"، للعامل الفلسطيني محمود قطوسة، وما رافقها من حملة تشنيع وتحريض ضد العرب الفلسطينيين، ردود فعل غاضبة في الشارع العربي الفلسطيني على جانبي الخط الأخضر، وأعادت إلى الأذهان قضايا مشابهة قضى فيها فلسطينيون عشرات السنوات خلف القضبان، فقط لأن "البروفيل" الذي بنته الشرطة للمتهمين المحتملين يتطابق مع الصورة النمطية للعربي الفلسطيني في الثقافة الصهيونية.

ويتبين أنه في هكذا حالات، ومنها حالة قطوسة الأخيرة، تتطابق مصلحة الشرطة الإسرائيلية الواقعة تحت ضغط الرأي العام بإظهار نجاحها في الانتهاء من الملف و"القبض على الجاني" بالسرعة المطلوبة، مع مصلحة المجتمع العنصري الاستعلائي في إلقاء كل قذارته على الآخر العربي الفلسطيني، من جهة، ومصلحة المؤسسة الإسرائيلية في توظيف الحدث للتحريض على الفلسطينيين وتوظيف الحدث لإثبات ما قاله عنهم مناحيم بيغن من أنهم "حيوانات آدمية" يدبون على اثنتين.

في قضية اغتصاب وقتل الفتى داني كاتس من حيفا التي وقعت عام 1983، واستغلت حينها في تحريض واسع النطاق على فلسطينيي الداخل، وجرى إدانة خمسة مواطنين عرب من سخنين ووادي سلامة قضوا 34 عاما في السجن ظلما وبهتانا، كشفت نتائج التقرير الذي أعدته نائبة المستشار القضائي في حينه، يهوديت كارب، التي كلفت من قبل وزير القضاء، دافيد ليبائي، بفحص الموضوع بعد عشر سنوات على القضية، عن قيام الشرطة بإخفاء مواد عن المحكمة والمحامين بينها تحقيق "الشاباك"، الذي توخى فحص فيما إذا كانت جريمة القتل قد تمت على خلفية قومية، وهو ما قررته المحكمة في النهاية.

محققو "الشاباك" كانوا قد نفوا أن تكون الجريمة قد وقعت على خلفية قومية، وشككوا في اعترافات المتهمين مؤكدين أنه انتزعت منهم بالقوة، واعتقد غالبيتهم ببراءة المتهمين، في حين أن المحامين الذين علموا بأمر هذا التحقيق من موكليهم، حاولوا إقناع المحكمة عبثا بذلك، إلا أن الأخيرة أخذت برأي الشرطة.

التقرير كشف أيضا عن إخفاء الشرطة لإجراء فحص بوليغراف (جهاز كشف الكذب) أجري لأربعة من المتهمين، والتستر على نتائجه التي بينت أن الأربعة وجدوا يكذبون فيما يتعلق بطريقة القتل "الخنق"، فيما أظهر الجهاز صدق ثلاثة منهم بشكل واضح عندما أنكروا عملية القتل.

التقرير أشار إلى أنه رغم عدم اعتماد فحص بوليغراف كدليل في المحاكم الإسرائيلية، إلا أن الوزن النوعي الذي تشكله تلك الفحوصات من شأنها أن تقوض صدقية الاعترافات، كما أشار إلى حقيقة عدم وجود أي دليل موضوعي يؤيد الاعترافات.

 كما بيّن وجود فجوات جديّة بين الاعترافات وبين الموجودات في ساحة الجريمة، حيث قال بعض المتهمين إن الفتى مات نتيجة الضربات، بينما قال البعض الآخر إنهم أغلقوا فمه وأنفه حتى توقف عن التنفس، وأشار، أيضا، إلى أن الاعترافات تغيرت مع تقدم التحقيق وأنه رغم "تمثيل الجريمة" من قبل المتهمين، فإنهم لم ينجحوا في اقتياد المحققين إلى الحبل الذي استعملوه في القتل، أو موجودات أخرى مثل الدفتر الذي كان بحوزة الفتى عندما خرج من بيته.

وفي قضية سليمان العبيد من رهط، والذي حكم عليه بالسجن المؤبد وقضى 27 عاما بتهمة اغتصاب وقتل الفتاة حنيت كيكوس في مدينة بئر السبع عام 1993، وشكلت حيزا واسعا للتحريض على عرب الجنوب والفلسطينيين عموما، اعتمدت الشرطة، أيضا، على شهادة المتهم التي جبيت منه بالقوة واعترتها الكثير من الثغرات، ولم تجد قبولا حتى من قبل عائلة الضحية التي أعربت عن عدم ثقتها بتحقيق الشرطة، وظلت تطالب حتى النهاية بالبحث عن قاتل ابنتها الحقيقي وتقديمه للمحاكمة، وفي هذا السياق قال الوالد إنهم أمسكوا ببدوي- فلاح أمي لا يعرف القراءة والكتابة، كان مخمورا في الليلة التي وقعت فيها الجريمة، وحاكوا له ملف قتل.

بالمقابل، لم يتم إيجاد أي دليل يربط بين العبيد والأمكنة المحتملة لوقوع جريمة القتل وهي "حرش هنسية" ومزبلة "دودائيم" وبئر الصرف التي وجدت فيه الجثة لاحقا، ناهيك عن أن العبيد أدلى في اعترافه بخمس روايات مختلفة تتناقض الواحدة مع الأخرى، مما يؤكد أنه كان مخمورا ليلتها وأن قدرته على أن يكون شاهدا وأن يتذكر تفاصيل هي قدرة محدودة جدا.

ولم تكلف الشرطة نفسها عناء إجراء فحص بسيط لقياس نسبة الكحول في جسمه، كما لم يتم فحص سيارة "السوبارو" التابعة له والتي يفترض أنه أقل بها الضحية للتأكد من وجود آثار من ثيابها على مقاعدها، كذلك لم تقم بإجراء فحص بصمات لسروالها الداخلي الذي وجده والدها على بعد 500 متر من جثتها، بغية التأكد من أن العبيد هو الذي اغتصبها وقام بخلع ثيابها لهذا الغرض، وليس شخصا آخر.

بموازاة ذلك، فإن الفحص الذي أجري للجثة لم يؤكد أنها خنقت أو ضربت من قبل العبيد، هذا ناهيك عن أن العثور على الجثة في "بئر تصريف" وليس في "مزبلة دودائيم" كما ورد في إفادته، قد قوض اعترافه من أساسه.

ذات الثغرات والتناقضات تظهر في قضية قطوسة، التي كلما سبغت بالطابع الأيديولوجي المعادي والمحرض على العرب الفلسطينيين، كلما بات من الصعب على الشرطة النزول عن شجرتها، مثلما رأينا في قضايا سابقة التي جرى استعمالها كذخيرة حية في المعركة السياسية متعددة الأهداف على الشعب الفلسطيني.

التعليقات