27/06/2019 - 16:19

بعد تغيير اسم "نتسيرت عليت".. عودة إلى تسمية "الشيكون"!

تكمن فرادة حالة الناصرة - نتسيرت عليت، في كونها استمرار للصراع على الأرض حتى بعد نجاح الصهيونية في إقامة دولتها فوقها، وتندرج ضمن مفهومها الاستيطاني "الداعي للسيطرة على الأرض شبرا شبرا وطرد العرب منها".

بعد تغيير اسم

تزامن تخلي "نتسيرت عليت" عن اسمها العربي (الناصرة العليا) الذي سطت عليه ضمن سطوها على آلاف الدونمات التابعة للمدينة ومحيطها المجاور، مع عمليات التحريض والترهيب العنصرية ضد "طلائع" الساكنين العرب في العفولة، والتي يقودها رئيس البلدية ونائبه وتستهدف منع تدفق "سيل" السكان العرب إلى المدينة التي شهدت مؤخرا حركة عمرانية واسعة، حصيلتها عرض مئات الشقق السكنية وقطع الأرض المخصصة للبناء للبيع.

السطو على الأسماء وتحويرها أو تهويدها هي ركن أساسي في الإستراتيجية الصهيونية، التي تسعى إلى السطو على جغرافية وتاريخ هذه البلاد، ويندرج في هذا الإطار الإبقاء على أسماء المدن الرئيسية للبلاد، وهي بغالبتها مدن تاريخية، مثل حيفا ويافا وعكا وصفد واللد والرملة وطبرية وبيسان، ومحاولة ربطها بالتاريخ اليهودي، إلى جانب إطلاق أسماء القرى الفلسطينية المهجرة، بعد تحويرها وتهويدها، على القرى والمستوطنات اليهودية التي أقيمت على أراضيها بعد تدمير مواقعها الأصلية، وبالنظر إلى محيطنا القريب يمكن أن نشير إلى "تسيبوري"، "سجرة"، "حطيم"، "عين دور" و"عفولة"، وصولا إلى مستوطنة "حيران" التي تخطط إسرائيل لإقامتها على أراضي أم الحيران في النقب.

إلا أن السيطرة على اسم بلدة فلسطينية عامرة والاستيطان على أراضيها وصولا إلى خلق حيز مديني واحد كما هو حال الناصرة ونتسيرت عليت، هو حالة غير مألوفة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، علما بأن اليهود سكنوا قبل 1948 في غالبية المدن الفلسطينية، فيما أقامت المنظمات الصهيونية ضواحي استيطانية بعضها ابتلع المدينة الفلسطينية لاحقا، مثلما حدث في "يافا تل أبيب"، أو هو في طريقه إلى ابتلاعها مثلما هو حاصل في القدس.

وتكمن فرادة حالة الناصرة - نتسيرت عليت، في كونها استمرار للصراع على الأرض حتى بعد نجاح الصهيونية في إقامة دولتها فوقها، وتندرج ضمن مفهومها الاستيطاني "الداعي للسيطرة على الأرض شبرا شبرا وطرد العرب منها".

 وإذا كان مخطط إقامة "نتسيرت عليت" الذي جاء مع غيرها من المستوطنات مثل "كرمئيل"، قد جاء لتبديد مخاوف بن غوريون من أخطار "الجليل العربي" المستقبلية، فإن النتيجة التي تطل اليوم من وراء تغيير اسم المدينة بعد أكثر من 60 عاما على إقامتها، تؤكد فشل محاولة زرع إسفين استيطاني في قلب هذا التجمع السكاني العربي الفلسطيني، والسطو على اسم "المدينة" العربية ضمن مخطط ابتلاعها وتحويلها إلى مجرد ضاحية من ضواحيها أو بلدة قديمة في إطار المدينة اليهودية الحديثة.

لقد انقلب السحر على الساحر، وتحولت "نتسيرت عليت" إلى مجرد "شيكون" أو "شيكون اليهود"، كما كان يسميها أهل الناصرة، من "شيكونات" الناصرة الكبرى، حي من أحيائها أو  ضاحية من ضواحيها، وأصبح الاسم الذي أريد له أن يحتوي الضاحية العربية، يعزز من احتواء الناصرة العربية للضاحية اليهودية، ولذلك تطلب تغييره.

 إلا أن الساعين إلى تغيير الاسم، بادعاء تمييز "نتسيرت عليت" عن الناصرة، فاتهم أن تغيير الاسم لن يغير من واقع تضاؤل "نتسيرت عليت" أمام تعاظم الناصرة الكبرى، وأن تحول المدينة التي يشكل العرب اليوم 30% من سكانها إلى مدينة يهودية عربية هي مسألة وقت فقط.

أما اقتراحي لأهل الناصرة ومحيطها، فهو العودة لاستخدام مصطلح "الشيكون"، على الأقل إلى حين التعود على الاسم الجديد "نوف هجليل".

وعودة إلى العفولة التي أقيمت على أراضي بلدة "الفولة" الفلسطينية الذين تم تهجيرهم قبل نكبة 1948، فإن عودة المواطنين العرب للسكن فيها هي ليست ممارسة لحقهم الطبيعي في السكن في كافة أنحاء وطنهم وكسر أسوار الجيتوات التي تريد إسرائيل حبسهم داخلها فقط، بل هو استمرار للدور الأساسي الذي يلعبوه في حياة ومرافق المدينة التجارية التي يشكلون أحد أعمدتها الاقتصادية المركزية. 

 

التعليقات