29/06/2019 - 08:25

تطبيع زائل..

لن تخدع مؤتمرات التطبيع وابتساماته الصفراء شعوبا عانت وجاعت وتحملت الويلات من أنظمة القمع والسوء في انتظار المعركة. ستبقى الشعوب إذا، وسيزول التطبيع وزيفه وابتساماته الصفراء، ولن تقايَض فلسطين بمليارات يريدها جاريد كوشنير من أنظمة التطبيع ثمنا لفلسطين

تطبيع زائل..

مهما احتفى الإسرائيليون ووسائل إعلامهم بورشة التطبيع في المنامة، إلا أنهم يدركون، وفي أوج حفلات التطبيع، و"الأحاديث العفوية بين المسؤولين ورجال الأعمال العرب وبين رجال الأعمال والصحافيين الإسرائيليين" بحسب توصيف لمراسلة هآرتس لما دار في أروقة ورشة البحرين، أن ذلك لن يغير شيئا في حقيقة راسخة بأن تطبيع الأنظمة مهما علت وتيرته لن يفضي إلى سلام بين إسرائيل والعرب.

هذا الكلام ليس استنتاجاً فذا، ولا هو تنظير، بل ببساطة حقيقة اعترف بها رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بعظمة لسانه كما يقولون. ففي خطاب له أمام الكنيست في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر2017، قال نتنياهو حرفيا: "الشعوب العربية والرأي العام العربي تعرضوا على مدار سنين طويلة لعملية غسل دماغ وتشويه لصورة إسرائيل إلى درجة بات وكأن هناك حاجة لإزالة طبقات جيولوجية من الوعي العربي لتحسين صورة إسرائيل، وللوصول إلى سلام بين الشعوب".  

ويعني هذا بكل بساطة، أن دولة الاحتلال، على الرغم من سعيها ومن ثم احتفائها بكل مشهد تطبيع رسمي، ومفاخرتها به، تدرك أن كل هذا التطبيع لن يفيدها ما دامت الشعوب العربية والرأي العام العربي متمسكا بقضيته الأولى، قضية فلسطين.

يمكن للأنظمة وتوابعها، ومن يسير في دربها، أن يمضي في "قلع شرش الحياء" وهو يحاول أدلجة التطبيع والتغني بفوائده، لكن ذلك لن يغير شيئا في الموقف الشعبي العفوي والقومي للشعوب العربية من قضية فلسطين، ومن كونها قضية العرب الأولى، حتى لو عانت هذه الشعوب يوميا من قبضة أنظمة القمع والاستبداد.

اعتراف نتنياهو بالفجوة بين مواقف الحكام وشعوبهم، دليل على أن الأمة العربية بشعوبها، رغم أوضاعها قادرة على التصدي لكل اعتداء أجنبي، ولكل مستعمر مهما طال بقاؤه ومهما علا شأنه، ولا سيما في ساحة الوعي والذاكرة القومية والوطنية التي تأبى أن تمحو من خلاياها وطنا اسمه فلسطين.

لن تحل "فلسطين الجديدة" في الوعي الزائف الذي يعتبر نتنياهو تشكيله شرطا لإحقاق السلام، محل فلسطين التاريخية بشمالها وجنوبها وشرقها وغربها. ولن تخدع مؤتمرات التطبيع وابتساماته الصفراء شعوبا عانت وجاعت وتحملت الويلات من أنظمة القمع والسوء في انتظار المعركة. ستبقى الشعوب إذا، وسيزول التطبيع وزيفه وابتساماته الصفراء، ولن تقايَض فلسطين بمليارات يريدها جاريد كوشنير من أنظمة التطبيع ثمنا لفلسطين.     

التعليقات