21/09/2019 - 07:53

الاحتلال باق

من دون موقف فلسطيني شعبي وحدوي مقاوم، يُدفِّع الاحتلال ثمنا باهظا، فلن يتغيّر شيء على الأرض، بدلا من إطلاق تصريحات تتمنى أن ينتخب الإسرائيليون قيادة تنشد السلام، فيعفون الطرف الفلسطيني والعربي من واجب مقاومة الاحتلال

الاحتلال باق

بغض النظر عما ستؤول إليه ألاعيب المفاوضات والائتلاف في دولة الاحتلال بين المعسكرين الضدين: معسكر اليمين بقيادة بنيامين نتنياهو، ومعسكر اليمين "الناعم" المؤيد للجنرال بيني غانتس، وسواء تشكّلت حكومة يمين جديدة بغض النظر عن تركيبتها، أم اضطرت دولة الاحتلال للذهاب إلى انتخابات ثالثة في أقل من عامين، فإن الاحتلال بممارساته وجرائمه وموبقاته، سيبقى جاثما على صدر الشعب الفلسطيني، مثلما سيواصل الاستيطان قضم مزيد من الأراضي الفلسطينية والسورية في الجولان السوري المحتل.

الانتخابات الإسرائيلية ونتائجها، أظهرت أمرا واحدا أكيدا، أن المجتمع الإسرائيلي كله وأكثر من 70 في المائة من أفراده، قد تمترس في اليمين الاستيطاني بشقيه، اليمين الاستيطاني الديني الخلاصي، واليمين الاستيطاني الأمني، من دون أي بصيص أمل بظهور قائد إسرائيلي جديد، قادر على تحدي العقيدة السياسية التي فرضها اليمين الجديد، الذي مثّله نتنياهو في ولايته الأخيرة، بالخروج نهائيا عن مسارات التسوية مع الفلسطينيين عل أساس حل الدولتين.

هذا يفضي في ظل برلمان إسرائيلي (الكنيست) يوجد فيه أكثر من 80 نائبا يمينيا، على الأقل، من أصل 120 نائبا، إلى وجوب استخلاص العبر عربيا وفلسطينيا، ووقف أي تعويل أو آمال، على تغيير يأتي من داخل إسرائيل نفسها، من دون حراك عربي أو فلسطيني مدعوم بزخم دولي.

ولعله من المفيد التذكير أن أول بوادر التغيير في إسرائيل، على مستوى التصريح بداية، عند عقد مؤتمر مدريد الدولي، كان بفعل الضغط الأميركي تحت إدارة جورج بوش الأب، مدفوعا بالتزاماته للدول العربية بعد عاصفة الصحراء، من جهة، وبفعل الضغط الذي ولّدته الانتفاضة الفلسطينية الأولى، على دولة الاحتلال أولاً كما على الدول العربية والمجتمع الدولي لاحقاً، من جهة أخرى.

يقود هذا التذكير إلى تكريس الحقيقة البسيطة أنه من دون موقف فلسطيني شعبي وحدوي مقاوم، يُدفِّع الاحتلال ثمنا باهظا، فلن يتغيّر شيء على الأرض، بدلا من إطلاق تصريحات تتمنى أن ينتخب الإسرائيليون قيادة تنشد السلام، فيعفون الطرف الفلسطيني والعربي من واجب مقاومة الاحتلال.

لن يتراجع الاحتلال قيد أنملة عن أي "مكسب" أو "إنجاز" تسنّى له تحقيقه على مر العقدين الأخيرين في ظل اتفاق أوسلو. ولن يتراجع اليمين الإسرائيلي عن تنمية أحلام وآمال بأن يقبل العرب في نهاية المطاف بالوقائع المفروضة على الأرض، ما دام بعض العرب يهللون لإسرائيل والمصالح الأمنية المشتركة معها.

التعليقات