28/09/2019 - 08:08

تجميد صفقة القرن

تجميد خطة ترامب، أو تأجيل الإعلان عنها، من شأنه أن يكون الشيء الوحيد الإيجابي الناجم عن الانتخابات الإسرائيلية التي جرت أصلًا في مسعى من رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، للفرار من ملفاته القضائية.

تجميد صفقة القرن

تمخضت الانتخابات الإسرائيلية قبل أقل من أسبوع عن تكريس حالة عجز أي من المعسكرين الرئيسيين في دولة الاحتلال، معسكر بنيامين نتنياهو ومعسكر الجنرال بيني غانتس، عن تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة في ظل موازين القوى البرلمانية من جهة واتساع الفجوة بين المعسكرين من جهة أخرى.

ويبدو بحسب ما رشح أخيرًا من تعثر جلسة مفاوضات لتشكيل حكومة وحدة وطنية أن إسرائيل ستتجه قريبًا نحو انتخابات ثالثة في أقل من عامين، وهو ما يبدو الخيار الذي يفضّله نتنياهو أملًا في تغيير موازين القوى، لكن بعد استنزاف قوة خصومه وتحميلهم مسؤولية فشل مساعي تشكيل حكومة وحدة وطنية صهيونية.

المهم أنه بموازاة نحو مائة يوم مقبلة من المفاوضات العبثية وألاعيب تشكيل الحكومة، أن الإدارة الأميركية تتجه الآن نحو تأجيل إعلان خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المعروفة بـ"صفقة القرن" (خطة الإملاءات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية) بسبب عدم اليقين في هوية الحكومة المقبلة في تل أبيب، من جهة ولانشغال ترامب قريبًا بمحاولات ومساعي الإطاحة به من البيت الأبيض.

هذه المهلة ليست كافية بطبيعة الحال لتغيير جوهري وإستراتيجي في الموقف الفلسطيني العام، لكنها يمكن أن تمنح السلطة الفلسطينية في رام الله، وسلطة حماس في قطاع غزة، فرصة حقيقية لإطلاق تحرك فلسطيني جديد، على المستوى الداخلي باتجاه زرع بذور للمصالحة الوطنية ووقف حالة الانقسام التي يهدد استمرارها بتصفية القضية الفلسطينية كقضية شعب يسعى للحرية والاستقلال واختزالها إلى قضية وصراع سلطتين، محليتين، لا تملك أي منهما سيادة حقيقية على "أرضها" من أجل البقاء في السلطة مهما كان الثمن.

تجميد خطة ترامب، أو تأجيل الإعلان عنها، من شأنه أن يكون الشيء الوحيد الإيجابي الناجم عن الانتخابات الإسرائيلية التي جرت أصلًا في مسعى من رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، للفرار من ملفاته القضائية. لكن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال، أن خطر تصفية القضية الفلسطينية قد زال كليًا، وإنما ينبغي استغلال فترة "التجميد" هذه لضخ الدماء والروح من جديد في شتى أماكن التواجد الفلسطيني، في الوطن والمهجر، للضغط على سلطتي رام الله والقطاع لإطلاق مبادرة جديدة وحقيقية لتوحيد الكلمة الفلسطينية، والالتفاف حول موقف واضح وموحد ضد استمرار الاحتلال وضد مخططات التصفية المقبلة ووضع الاستراتيجية اللازمة لذلك.

التعليقات