30/09/2020 - 09:58

غيض من فيض أسرار "المعهد البيولوجي"

منذ بدء تفشي فيروس كورونا، عاد اسم "المعهد البيولوجي" في نِس تسيونا (وسط إسرائيل) إلى واجهة الأنباء، ارتباطًا بجهودٍ يقوم بها ترمي إلى إيجاد لقاح ضد الفيروس.

غيض من فيض أسرار

حريديون (أ ب)

منذ بدء تفشي فيروس كورونا، عاد اسم "المعهد البيولوجي" في نِس تسيونا (وسط إسرائيل) إلى واجهة الأنباء، ارتباطًا بجهودٍ يقوم بها ترمي إلى إيجاد لقاح ضد الفيروس.

وهذا المعهد هو إحدى المؤسّسات الأشدّ سريةً في إسرائيل، غير أن بعض الأبحاث التي جرت فيه، خصوصًا المتعلقة بجوانب طبية، سبق أن حظيت بإشهار، وهو يتبع مباشرة لرئاسة الحكومة وليس لوزارة الصحة، كما أن المسؤولية عن أمن المعلومات فيه وحراسته تقع على عاتق المسؤول عن الأمن في المؤسسة الأمنية.

بحسب مصادر إسرائيلية متطابقة، كانت الخشية من كشف الأبحاث السرّية التي تجري في المعهد أحد أسباب الحظر الشامل الذي فرضه المسؤول عن الأمن وجهاز الأمن العام، الشاباك، بتأييد من المحكمة، على نشر أي نبأ بشأن محاكمة البروفيسور أبراهام ماركوس كلينبرغ، الذي كان نائب المدير العام في المعهد.

وكلينبرغ، المتخصص في علم الأوبئة، اعتقل عام 1983 ودِين بتهمة التجسّس لمصلحة الاتحاد السوفييتي.

وتفيد تقارير إعلامية أجنبية بأنه جرت في المعهد أيضًا أبحاث تتيح لإسرائيل إمكان تطوير أسلحة كيماوية، وسموم مختلفة. ويحضرني موضوع السموم، وهو غيض من فيض أسرار المعهد، وكذلك عمليات التسميم الإسرائيلية، في مناسبة ذكرى مرور عقدين على الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي اندلعت في مثل هذه الأيام عام 2000، وثمّة من يعتقد أنها انتهت بوفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في تشرين الثاني/ نوفمبر 2004. وفي حينه، ثارت شكوكٌ بأن وفاته نجمت عن عملية تسميم قامت بها دولة الاحتلال التي ما انفكّت تنفي ذلك.

ولكن وفق ما كتب الخبير الإسرائيلي في الشؤون الأمنية، يوسي ميلمان، في سياق مقالةٍ نشرها في صحيفة هآرتس، بعد نحو شهرين من تلك الوفاة، فإن البنية التحتية العلمية في إسرائيل، والقدرات التي لديها في مجال الأبحاث البيولوجية، والخبرة العملانية، والتاريخ الطويل من عمليات الاغتيال، وسابقة محاولة اغتيال رئيس المكتب السياسي (السابق) لحركة حماس، خالد مشعل، في أيلول/ سبتمبر 1997؛ ذلك كله فجّر موجة شائعاتٍ في مركزها الشبهات بأن عرفات أيضًا سقط ضحية عملية تسميم إسرائيلية.

ومما قاله هذا الخبير، فيما يمكن أن نعدّه بمثابة إلماح واضح: "برغم أن الأطباء الفرنسيين استبعدوا إمكان أن تكون وفاة عرفات نتيجة تسميم، فليس سرًّا أن إسرائيل سعت، طوال سنوات، إلى تصفية رئيس منظمة التحرير، وأن اقتراحاتٍ بهذا الشأن بُحثت في أروقة المؤسسة الأمنية وأجهزة الاستخبارات منذ حرب حزيران/ يونيو 1967".

في تلك المقالة، أورد ميلمان ما وصفه بأنه أول تعقيب علني من داني ياتوم، الذي كان رئيسًا لجهاز المخابرات، الموساد، إبّان محاولة الاغتيال تلك، حيال الاعتبارات التي وجهت مخطّطي محاولة تسميم مشعل، قائلًا: "اعتقدنا أن استخدام السم هو الأسلوب الأفضل، واستبعدنا سلفًا اقتراحات تنفيذ عمليةٍ مدوّية، لأنه في إثر عملية صاخبة لإطلاق نيران ستكون هناك جثة مع ثقب في الرأس، وحينها يعلم الجميع أن هذه عملية اغتيال، ويشرعون بالتحقيق وطرح الأسئلة غير الضرورية.

أردنا تنفيذ عمليةٍ صامتةٍ لا تُحرج الأردنيين. واعتقدنا أيضًا أن الأسلوب المُقرّر يتيح لنا إيقاف العملية في اللحظة الأخيرة إن كان ثمّة ضرورة لذلك؛ إذ ينبغي دومًا أن نأخذ بالحسبان أن هناك رجالًا في الميدان، وأن شيئًا ما يمكن أن يتشوّش، وحينها إن كان هؤلاء الرجال مسلحين فالوضع قد يتعقد. وبموجب الأسلوب الذي تم اختياره للعملية، لم يكن الرجال مسلحين".

وفي الوقت عينه، لفت إلى أنه، في تقدير أحد الخبراء، كان السم تركيبة من ديجوكسين الذي هو دواء لأمراض القلب، ولكنه إذا أعطي بحقنة عالية يتسبب بتشويش وتيرة ضخّات القلب وبالموت.

سبقت محاولة الاغتيال هذه شكوكٌ حول عملية تسميم قام بها الموساد للقيادي المؤسس في الجبهة الشعبية الراحل وديع حداد في برلين في سبعينيات القرن الفائت، وما زال تعتيم الرقابة عليها وعلى غيرها مُطلقًا.

التعليقات