10/12/2020 - 20:22

انشقاق ساعر وانتقال الانتخابات إلى مربع اليمين

سنضطر في كل مرة إلى النبش في الظاهر من أرشيفهم العسكري، ونحن نعرف أن المخفي أعظم، لنحصي كم قتلوا من الفلسطينيين والعرب، ومن اغتالوا من القادة والرموز، وعلى أية جبهات وفي أي مواقع، إلا إذا هونوا المهمة علينا مثلما فعل

انشقاق ساعر وانتقال الانتخابات إلى مربع اليمين

أنهى انشقاق غدعون ساعر عن الليكود وإعلانه التنافس على رئاسة الحكومة أمام بنيامين نتنياهو، الانقسام التقليدي الذي ميز الساحة السياسية الإسرائيلية بين يمين ويسار أو يسار - وسط، متوجًا بذلك عملية بعثرة الأوراق التي ابتدأت مؤخرًا بتصدر حزب الجنرالات المسمى "كاحول لافان" المنازلة الانتخابية واحتلاله مكان حزب العمل المتآكل، وتوالت باستنكاف أفيغدور ليبرمان عن الانضمام إلى حكومة برئاسة نتنياهو، ليُدخل الساحة السياسية الإسرائيلية في أزمة فشلت في إخراجها منها ثلاث جولات انتخابية خلال عام، حتى الآن.

وعشية انتخابات رابعة قريبة وفي غمرة انتظار الجنرال المناوب - غادي أيزنكوت، وتحالف لبيد- بينيت المنتظر، فاجأ خصم نتنياهو اللدود من داخل الليكود، غدعون ساعر، الساحة السياسية الإسرائيلية بانشقاقه معلنًا ولادة زعيم جديد للمعسكر الذي كان يسمى "معسكر السلام" وصار يسمى المعسكر المناوئ لنتنياهو، ويمتد من القائمة المشتركة وحتى ليبرمان.

لم يكد يفرح بينيت بنتائج استطلاعات الرأي التي توجته منافسًا لنتنياهو، وقبل أن يدب الارتباك في القائمة المشتركة، وتدخل في عملية المفاضلة الصعبة بين اليمين ويمين اليمين، وقبل أن يجف حبر مقال محلل الشؤون العربية في "هآرتس"، تسفي برئيل، تحت عنوان "غانتس القادم يدعى أيزنكوت"، في إشارة الى انضمام قائد الأركان الرابع للمعركة الرابعة ضد نتنياهو، جاء هبوط ساعر المفاجئ إلى ميدان المنازلة ليضع الأمور في نصابها الصحيح، وهو أن المعركة تدور بين الليكود والليكود. بمعنى أن هناك ليكود بزعامة نتنياهو تصطف خلفه الأحزاب الحريدية الممثلة بـ"شاس" و"يهدوت هتوراه"، وهناك ليكود بزعامة ساعر يلتف حوله حزب الجنرالات وحزب لبيد وحزب بينيت وحزب ليبرمان وميرتس وحتى القائمة المشتركة ، بدعوى إسقاط نتنياهو.

هي رابع انتخابات تجري تحت شعار واحد فقط هو إسقاط نتنياهو بعد تحييد كافة الشعارات السياسية والاجتماعية الأخرى عن معركتها، واجتماع مركبات المجتمع الإسرائيلي الرئيسية حول قواسم مشتركة قوامها الضم والتطبيع وخطة ترامب و"قانون القومية".

وبهذا المعنى، فإن الصراع السياسي في إسرائيل يدور، بتعبير الصحافي غدعون ليفي، داخل اليمين دون أي علاقة بالموضوع لليسار، الذي يستطيع أن يتظاهر، ويحتج، ويتوحد وينقسم، وينضم للحكومة أو يقاطعها، ويحلم بحزب يهودي عربي أو يتوج جنرالًا آخر ولكنه خارج لعبة الكبار... كما يقول غدعون ليفي، الذي يختم مقاله بالقول إن إسرائيل ستختار بلا شك رئيس حكومة يميني، بغض النظر إذا كان نتنياهو أو بينيت أو ساعر، فقد حان وقت الحقيقة وهي أن إسرائيل دولة أبرتهايد، هذا ما أوصلها إليه آباء الرجس والصهيونية.

هي معركة تدور في قطاع اليمين ولذلك تتأرجح فيها "ميرتس" على الرغم من أنها عززت صفوفها بجنرال احتياط، ولن يعبر فيها حزب العمل - الامتداد التاريخي للحزب (مباي) الذي أسس الدولة - نسبة الحسم لأنه "يساري"، ويعرب 0.7% من المصوتين اليهود عن استعدادهم للتصويت لقائمة قائمة يهودية - عربية.

لقد نجت لعبة التدوير التي مر بها المجتمع الإسرائيلي منذ مقتل رابين، وتعززت في العقد الأخير الذي حكم فيه نتنياهو من تحويل المعارك الانتخابية إلى لعبة عسكر وحرامية، ينتصر فيها الحرامي كلما ازداد العسكر، ووضعتنا نحن الفلسطينيين في الداخل أمام خيار يزداد صعوبة، كلما أضيف جنرال آخر إلى المعسكر.

سنضطر في كل مرة إلى النبش في الظاهر من أرشيفهم العسكري، ونحن نعرف أن المخفي أعظم، لنحصي كم قتلوا من الفلسطينيين والعرب، ومن اغتالوا من القادة والرموز، وعلى أية جبهات وفي أي مواقع، إلا إذا هونوا المهمة علينا مثلما فعل غانتس في الانتخابات الأخيرة، عندما شغل عداد القتل على الهواء مباشرة، ليفاخر بجرائمه في حرب "الجرف الصامد" على غزة وتحويلها إلى أصوات في رصيده الانتخابي.

التعليقات