17/12/2020 - 23:37

تعليقًا على انتخابات لجنة المتابعة

أعتقد أن إعادة انتخاب الأخ محمد بركة في الأيام القادمة رئيسًا للجنة المتابعة مجدّدًا هو انتخاب موفق لشخص مناسب في زمن يتطلب تجربته ورصيده.

تعليقًا على انتخابات لجنة المتابعة

أعتقد أن إعادة انتخاب الأخ محمد بركة في الأيام القادمة رئيسًا للجنة المتابعة مجدّدًا هو انتخاب موفق لشخص مناسب في زمن يتطلب تجربته ورصيده.

ورغم المأخذ على المسار في كل ما يتعلق بالشفافية الجماهيرية المطلوبة، إلا أنّ امتناع الأحزاب عن تقديم مرشحين أو مرشحات من قبلها فيه نوع من التوافق على متابعة المشروع الطموح الذي جاء به، وحدّت من وتيرته تعقيدات الوضع وتعقيدات تركيبة المتابعة ووضعيتها، التي تقع أوّلا على عاتق الأحزاب والحركات السياسية، كما عطّل عام كورونا من الوتيرة وحدّ من الاندفاعة، خاصّة في الحملة الشعبية لمواجهة منظومة الجريمة ومن يقف وراءها.

رغم المسؤولية الكبرى لمركبات المتابعة إلا أن للرئيس هامشَ عملٍ قياديٍّ هامًّا جدًا، وهو المساحة ما بين التعاطي مع التوافق بحدّه الأدنى وبين اعتماده كأساس لرفع سقف العمل السياسي والتنظيم الوطني ولإطلاق المبادرات الجماهيرية على تنوعها والمساعي لتعزيز بناء المؤسسة المرجعية الأهم والكيانيّة الوحيدة لجماهير شعبنا الفلسطيني في الداخل، وبالذات في مرحلة يزداد منسوب التعويل على دور الجماهير العربية الفلسطينية في الداخل في مجمل القضية الفلسطينية، وهذا أحد أكبر إنجازات هذه الجماهير على مسار أوسلو التجزيئي الذي نصّ على تهميش هذا الجزء من الشعب الفلسطيني واعتباره خارج القضية الفلسطينية، بل اعتباره قضية إسرائيلية داخلية.

تواجه جماهير شعبنا تحدّيات غير مسبوقة ليس بمفهوم النقاش والاختلافات والخلافات السياسية ضمن السياق المجمع عليه، بل تواجه مؤشرات لشرخ جوهري نرى تجليات له في المستوى التمثيلي للقائمة المشتركة، لكنَّ مصدره ليس هناك، وإنّما في طبيعة التحوّلات التي تعصف بالنخب الفلسطينية في الداخل وعلى محور العلاقة مع إسرائيل والعلاقة مع قضية فلسطين وتنعكس على مجمل الحياة السياسية وتنظيميتها.

كما أنّ ما يجري مؤخرا لا يشكّل خطرا على القائمة المشتركة فحسب، وإنّما على لجنة المتابعة ككل، وطالما لم يتطور العمل والبنية التنظيمية للمتابعة، فهناك ما يؤشر إلى تشقّقات في الإجماع الوطني المتوافق عليه، الذي تسير عليه جماهير شعبنا في مسيرتها الكفاحية التي تُجاوز من الزمن العقود سبعة، وحصريًا منذ اتساع نطاق التعددية الوطنية التي قامت لجنة المتابعة على أساسها قبل أربعة عقود.

تحتاج المتابعة إلى كل مركباتها ودون أيّة استثناءات، وتحتاج إلى محورية دور الأحزاب والحركات السياسية، لكن هناك قطاعات واسعة تنتمي إلى الثقافة الوطنية لكن ليس إلى تنظيماتها، لتجد تعبيرا عنها في حراكات شبابية وحقوقية ونسوية وثقافية، يُمثّل تشكّلها نقطة قوة لصالح الكل الوطني على تعدّديّته. وتحتاج لجنة المتابعة إلى هذه التشكّلات الناشئة، وبالذات إعادة الاعتبار للعلاقة مع جيل الشباب الذي يميّز علاقته بها الغربة وعدم الشفافية وتزعزع الثقة.

هناك حاجة إلى ضبط التوازنات بين المنحى البرلماني والمطلبي - الخدماتي (البلدي) والشعبي، إن لجنة المتابعة هي ناظم عمل الجماهير العربية الفلسطينية وبهذا المفهوم، فهي ليست ملك مركباتها بل ملك الجماهير بكاملها، ومن هنا أعتقد أنّ إعادة الاعتبار للعلاقة بالناس هي شأن جوهري وهذا يتطلب ليس أن تقوم المتابعة بما لا تستطيع القيام به، إنّما يتطلب شفافية عالية وعلاقة مباشرة بالناس والتحاور معها بأشكال مختلفة والاستفادة من الطاقات الهائلة المكمونة فيها.

تحدٍّ جوهري وغير مسبوق هو في انعكاس العلاقات الإسرائيلية المتسارعة مع أنظمة التطبيع العربية، على حساب محورية القضية الفلسطينية وحقوق شعبنا. ويشكّل إضعاف القوة السياسية للجماهير العربية في الداخل مسارًا ضمن استبعاد قضية فلسطين وتهميشها، وتنعكس هذه العلاقات الإقليمية في مساع للأنظمة العربية المطبّعة على خلق أذرع لها بين ظهرانينا، وذلك ليس بمفهوم العمالة وإنّما من خلال خلق بنى لمصالح تدفع بها إسرائيل في سعيها الدائم للقضاء على الروح الكفاحية والمناعة الوطنية لهذا الجمهور وتفك الارتباط بين مكوّنات الشعب الفلسطيني.

من شأن لجنة المتابعة أن تستحدث أُطرا حوارية تشاورية أو بنيوية تستقطب القوى المعنية بالإسهام وتوفّر لها المجال في ذلك. كما أعتقد أنّ من الضروري أن تقوم رئاسة المتابعة بإنشاء هيئة واسعة لدراسة السياسات وآفاق التعاطي معها، وبناء سياسات بعيدة المدى تؤثر على جدول أعمالها الداخلي وأعمال جماهير شعبنا وعلى جدول الأعمال الإسرائيلي والدولي في ما يتعلق بهذا الجزء من الشعب الفلسطيني، وبالتأكيد على جدول الأعمال الفلسطيني الواسع.

حين نكون على شفير هاوية الأزمة، ففي وضعيتنا لا نستطيع اعتبار السقوط في الهاوية خيارا، بل دورنا جميعا مدّ أيادينا لتجاوزها والانطلاق قدما. ولذلك فإنّ كل النخب القائمة وكل الغيورين والغيورات على هذا الشعب مطالبين ومطالبات بالمشاركة في هذه المهمة، ولجنة المتابعة مطالبة بتوفير الأجواء لذلك. ليست لجنة المتابعة هيئة إضافية بل الهيئة التي تكون وضعية جماهير شعبنا من دونها مختلفة تماما عن وجودها، إنّها الهيئة التي بها يصبح هذه الجماهير كيانا منظما.

أتمنى للأخ محمد بركة النجاح في المهام الصعبة والتحديات الكبرى، فهو صاحب التجربة الغنية والمؤتمن على تحريك وقيادة العمل، ويستطيع الاعتماد على تجارب كثيرة تسانده في هذه المهمة. مهمتنا جميعا.

التعليقات